الجمعة، 3 أبريل 2015

بادر

المبادرة إذا أدرنا تعريفها من جانب المتطوع فهي كالتالي : هي القلب النابض لأي فريق تطوعي .. هي القلب النابض في صدر كل متطوع .. هي روح العطاء و سر الإنجاز ، جانب لا يمكن لذي بال مبصر في واقع العمل التطوعي بل وحتى في جوانب أخرى في الحياة الا ويجب عليه أن يتطرق إلى هذا الأمر ، فلا يكون مبتدأ أي عمل تطوعي الا مبادرة .. او ربما بث أحدهم روح المبادرة و ابتعد ، واكمل غيره الطريق ، فلها كل الأهمية وعلينا أن نمحصها و نهتم بها ايما اهتمام .

تخطر على الشاب المتطوع خاطرة في ذهنه تنبهه على أنه يستطيع أن يقوم بشيء حيال أمرٍ ما .. يقوم بعدها الشاب بدراسة الخاطرة بحيث يبحث في الامكانيات المتوفرة ، فيكون في ذهنه خطة بسيطة مرسومة واضحة المعالم ، لكن الشاب على المستوى الفردي لا يأخذ المبادرة في القيام بعمل ما نتيجة لعدة عوامل في تفكيره وذهنه بعيدا عن ما يواجهه حقيقة على ارض الواقع ، منها أن يعتقد بأن خطته – مبادرته – لن تخلو من جوانب سلبية عليه تلافيها ، فإذا اصطدم بالواقع اصابه الخوف .. و وقع عليه من الضغط النفسي مالله به عليم ، فيخشى بعد ذلك من المبادرة أو الرغبة في خوض اي تجربة او مبادرة جديدة .

إضافة على أنه في حقيقة الأمر .. ليست كل فكرة او خاطرة تمر في ذهن الإنسان يجب عليه أن يطبقها كمبادرة ، بل العكس .. بعض المبادرات أو الأفكار يجب حجبها ، تلك تجارب نمر بها في كل فترة ويجب علينا أن نهيئ نفسنا لها كشباب ، وان نتصرف حيال ذلك الأمر بمسؤولية .. غير أن الأفكار حمّالة الأوجه يلزم علينا الدخول في غمار تجربة توضح ما يجب علينا تغييره ، وأن نتعامل مع هذا الموضوع بكل تواضع ولين في النفس .. وبعيداً عن الكبر الزائف .

المجتمع .. اكبر عامل يمنعنا عن القيام بمبادراتنا ، فهو ينتقد كل فكرة جديدة .. فأصبح الشباب المتطوع يقول في أوساطه : " إذا أردت أن تنجح ... فعليك بأن تغلق أذنيك " . يقصد به الأمر أولئك الناس الذين يخبرونك مراراً بأنك لا تستطيع فعل ما تريد ، فكيف نقنع الشاب المتطوع بضرورة غرس روح المبادرة في قلبه وعدم الإكتفاء بتنفيذ مبادرات الغير وأفكارهم و أجندتهم ربما ؟! علينا تأصيل المسالة من عدة جوانب أمام الشاب المتطوع .

"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " حديث شريف . نعم ، ومالذي يجعل المؤمن القوي كذلك سوى مبادراته ؟! انظر إلى الخباب بن المنذر كما ذكرت سالفاً بأنه غير مجرى غزوة بدر بمبادرته .. انظر إلى سلمان الفارسي كيف علم العرب وسن الخنادق في حروبهم ، لو تمعنت في مناقب الإمام علي بن ابي طالب رضي الله عنه لوجدت بأن اغلبها كان قائماً على عامل المبادرة .. أنه شيءٌ بداخلهم .. يحركهم ويدفعهم ، مبادرات حمالات لعدة أوجه ، فلربما فشلت .. لكنهم اندفعوا ولم يترددوا .
عزيزي المتطوع ، إذا استمرت مبادراتك حبيسة للأفكار في ذهنك فقط فإنك ستمضي في الحياة بلا قيمة حقيقية .. قيمتك تقوم فقط على تطبيق مبادرات غيرك ، لكن ماذا عن مبادراتك أنت ؟! ماذا عن ذاتك أنت ؟! ادفع بنفسك إلى تطبيق مبادراتك على أرض الواقع .. جرب .. اعرف ما يلزمك لكي تعدله ولا تعطي لأفكارك القدسية وتظن بأنها ستكون ناجحة بنسبة مطلقة ، فهذا غير ممكن .. فلا يمكن أن تحيط بكل جوانب الفكرة الناجحة لمجرد أنك بدأت في التجربة ( علمت شيئاً وغابت عنك أشياءُ ) .. وهذه طبيعة النفس البشرية ، فالتجربة تحسن من أداء المبادرة وتعدل الجوانب التي يلزم تعديلها .. فلا تيأس ولا يداعي لأن يتغلغل الإحباط إلى نفسك .

في إطلاق مبادراتنا نتكامل مع بعضنا البعض .. قد يطلق احدهم مبادرة واحدة فتكون ناقصة وغير قابلة للتنفيذ ، فإذا حوّرناها واعدنا صياغتها  واطلقنا مبادرات أخرى تتحول إلى مبادرة غير قابلة للتنفيذ إلى فكرة جهنمية ، وبهذه الطريقة حولنا موقف الشاب ( الضعيف ) من موقف المتلقي المستقبل لما يأتيه سواءً كان  مستقبِلاً سلبياً ام إيجابياً .. إلى متطوع مبادرٍ إو إيجابي ، لديه رغبة جامحة في تغيير الواقع الذي يعيشه ، يصنع الفرص من المواقف الميتة ، يوجد الحلول من قلب المشاكل المستعصية ، هنا تكمن حقيقة ذاتك عزيزي المتطوع سواءً كنت عاملاً في فريق تطوعي أو على مستوى حياتك الشخصية .. لا تكتفِ بالإنتقاد و توجيه الملاحظات إلى الآخرين ، بل اعمل واصنع حياتك .. جرب .. لن تفشل الا إذا توقفت عن المحاولة .. فبادر . 


من كتاب " فمن تطوع خيراً .. " 
تأليف : العبد الضعيف 
ملاحظة : استقبل اقتراحاتكم و آرائكم و افكاركم