السبت، 26 نوفمبر 2016

علماء الدين والشباب

الحمدلله الرب على عباده المتفضِّل.. بنزول القرآن الكتاب الأكمل، والصلاة والسلام على النبي من عباده الأمثل.. وعلى الآل والأصحاب، ومن سار على نهجهم في سبيل الله الظاهر لكل متأمّل، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم، حسِّن أخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، والطريق إليك ربي فسهِّل.
ذهب نور النبوة بعد انتقال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، وبقي ميراثه يشعُّ في الآفاق، ليس ذلك الميراث الذي نعرفه من الدنانير والدراهم.. بل هو العلم (إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ولكن ورّثوا العلم)، والعلماء هم ورثة الأنبياء.. الذي ينقلون ويوضحون ويفسرون ويجتهدون في استنباط الأحكام من الكتاب الكريم ومن السنة النبوية، فكيف تكون علاقتنا بهم نحن معشر الشباب؟ إن المتأمل في حال العلاقة بين الشباب وعلماء الدين لا تخلو في زمننا هذا من بعض الشوائب، تلك الشوائب لابد للطرفين من السعي لبعضهما البعض من أجل تشخيصها واستئصالها حتى يعيش المجتمع على شرعة الله سبحانه في كل الظروف والأحوال.. فإن لم يقم الشاب بواجبه تجاه التقرّب من عالم الدين عاش تائهاً ضالّاً، وأن لم يقم عالم الدين بواجبه فلينتظر ثورة على الدين نفسه.
هل الدين علم؟!:
الكثير من الشباب بل وحتى من هم أعلى عمراً وشأناً في الحياة الدنيا يقول: "الإسلام شيء، والاجتهادات الإسلامية والفكر الإسلامي المطروح شيء آخر، فلا حرج من عدم الالتزام بالفتاوى التي يصدرها المشايخ، باستطاعتك أن تقرأ الكتب بنفسك وتستنبط منها ما تراه يناسبك." أقول: لنبحث أولاً سؤال هذه الفقرة "هل الدين علم؟!"، يقول الله سبحانه وتعالى في سورة العنكبوت:" بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ"، ويقول سبحانه:" هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ۖ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ۗ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يقولون آمنّا..."، ويقول سبحانه:" إنما يخشى اللهَ من عبادِهِ العلماءُ"، وضّح القرآن الكريم أن هذا الدين هو علم، كما أنه وضّح أن من يتبع المتشابه من القرآن المقتحم بجهله ابتغاء تأويله سيقع في الفتنة.. تلك الفتنة التي تجعلك تشعر بأن أهلٌ للبحث والاستنباط وانت فاقد لشروطه، الفتنة التي تجعلك عزيزي الشاب تقتحم مجالاً ليس بمجالك.. وكأن الدين بالنسبة لك (ليس من باب التعميم) مجرد بعض الأحكام التي يجب أن تفصّلها كالثوب على جسدك، نعم.. أنك تقع ذلك باقتحام تخصص لست له بأهل، إن السبب الأول الذي أظنه لحدوث الفجوة بين الشباب وعلماء الدين هو عدم احترام التخصص، اتحدث هنا عن جانب الشباب.. من السهل أن تبحث في الشبكة العنكبوتية عن حكم فقهي وترى ما يناسبك وتفعله دون الرجوع إلى عالم الدين، ولكنك لا تستطيع أن تبحث في الشبكة عن علاجٍ لمرضٍ ما دون الرجوع إلى أهل الاختصاص في الطب، لا يمكن للدولة أن تبني الجسور دون الرجوع إلى أهل الاختصاص من المهندسين، لا يمكنك بناء استراتيجية اقتصادية دون الرجوع إلى الاقتصاديين، إنهم (علماء الدين) أهل التخصص الذين بمقدورهم تفكيك الأمور بمعايير صحيحة منضبطة بمنهج قرآني وصنعة حديثية رصينة، ولو كان لنا أن نفعل ما نشاء بالعلوم دون الرجوع إلى أهل الاختصاص لانتفت حاجة الناس للناس، ولوقعنا في التطبيق الخاطئ نتيجة عدم الالمام التام بالتخصص (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون).. نحن نحترم التخصصات الأخرى، ولكننا في الدين بالذات تأتينا الجرأة على التعدي والاجتهاد و(التفلسف) إن صح التعبير.
الشباب والشبهات:
قد يقول أحدهم:" تخرج علينا في وسائل الإعلام الكثير من الفتاوى الجريئة والغريبة، فنرى التناقض الكبير بين أسلوب حياتنا الذي نعيشه وبين تلك الأحكام، فأحدهم يُنكر الحجاب ويقول:" هو للتفرقة بين الأمة والحرة، ولا حجاب في الإسلام". ومنهم من يقول:" للخاطب في النظرة الشرعية أن يرى الفتاة التي يريد خطبتها (لم يعقد عليها) بدون حجاب، الشمس تجري والأرض متوقفة.. ومن لم يؤمن بذلك فهو كافر بالله سبحانه، تقبيل الفتاة الأجنبية من "اللمم" الذي يعفو الله عنه". كل تلك الفتاوى الغريبة العجيبة ليست بالأشياء السرية المخابراتية... بل هي في وسائل الإعلام ومنتشرة بين الشباب والشابات.. فماذا عسانا أن نفعل؟!
إن قلة ظهور المشايخ أصحاب المناهج المنضبطة في وسائل الإتصال الجماهيرية يُحدث فجوة كبيرة بينهم وبين الشباب، ويعطي ذلك المجال للرويبضة (التافه يتكلم في أمر العامة)، أصحاب المناهج المختلّة الذين يسترزقون بالدين.. وهم موجودون في كل زمان قديمٍ أو حديث، وهنا يكون الشباب بين مطرقة الجهل بالحكم وسندان الفتاوى الخارجة عن منهج العقل، فكيف السبيل للوصول إلى بر الأمان؟ في الجانب الآخر تكبّر الكثير من الشباب على سؤال المشايخ والبحث بصدق وبطريقة صحيحة سليمة والاعتماد على الذات (القاصرة الجاهلة) جعل الشاب يغوص في أحكام غير صحيحة.. فإذا عرف بعدم صحتها صُعب أمر الرجوع، فالاعتراف بالحق ثقيل على النفس ولا تتسع صدور الكثيرين له.
إن الله عز وجلّ كفل لك الوصول إلى الحق مادمت تسير في المنهج الصحيح وهو البحث مع سؤال أهل الاختصاص (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبُلنا)، والتمتع بالتواضع وحسن الخلق والانكسار، كما يجب عليك الانصياع والانقياد لأوامر الله بما أنك آمنت به وبشرعته (سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)، فما كتبه عليك هو خيرٌ لك في دينك ودنياك وآخرتك وإن لم يعجبك (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم)، وقد يكون ما تحبه وتهواه نفسك وتدفعك إليه هو ما يخالف أوامر الله (وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، المسألة ليست بفعل الأفعال وفقد وكسب الأشياء.. بل هي الطريقة التي تدين بها الله سبحانه وتعالى عليه، وإن العيش هو عيش الآخرة، بعد النظر منجاة.. والسطحية مَهلَكَة.
محمد حسن يوسف

السبت، 12 نوفمبر 2016

البحريني كسووول


الحمدلله المنعم ذي الجلال، والصلاة والسلام على من حوى خير الخصال.. وعلى الآل والصحب الكرام ومن تبعهم بإحسانٍ ماستمرت الأجيال، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسِّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم.. وحقق لي كل ما اصبو إليه من أحلامٍ وآمال.

قد ننظر لواقعنا نظرة متشائمة تجعلنا نعيش في دوّامة سوداء، إعصار اسودٌ يموج بنا يمنة ويسرة، فما إن حدثت نفسك بالأحلام والآمال حتى يحدثك شيطانك بعوائق الطرق وسوء العواقب، فتبدأ تبحث عن "أعذار" للانسحاب.. وربما بحث عن أطرافٍ أخرى لِتُحملّها المسؤولية كالبيت أو الأصدقاء أو المجتمع، من خلال رؤيتي للمجتمع وما يفرزه لنا من هذه النوعية البشرية وقلت لنفسي: " هل البحريني فعلاً إنسان كسول ؟!" قمت بعمل تصويتٍ على تطبيق "تويتر" للتواصل الاجتماعي فكانت نسبة الذين أجابوا ب "نعم" هي 60% من مجمل الأصوات.

نحن أمام واقعٍ شبابي نحتاج تشخيصه لِنعرف من المتسبب فيه، ومن يقع على عاتقه رفع حالة الشباب المعنوية إلى مراتب عالية بالتفاؤل والعمل بدون كلل أو ملل، وهنا في البداية اتناول جانب الشاب نفسه فأقول: إن الشاب البحريني شاب بعيد الأمل قليل العمل، فالخطوات الحالية التي نتّخذها في حياتنا الآنية لا تتناسب مع الهدف البعيد – إن وُجِد -، لازلنا عاجزين إلى حد كبير من رسم خطط استراتيجية قصيرة المدى فضلاً عن تلك البعيدة، ليس ما ذكرته سابقاً من باب التعميم.. فالتعميم خطأٌ علمي، لكن واقع الحال في الغالب كذلك.. ويتحدد مصير الأقلية بالأكثرية وإن كنا نشعر بأن بصيصاً من النور يشُعّ من الأقلية ( قالوا:" أنهلك وفينا الصالحون؟!" قال صلى الله عليه وسلم: "نعم، إذا كثُر الخبث").  

نظرة الشاب نفسه للواقع نظرة تشاؤمية إلى حدٍ كبير، إننا عندما نحب أن نتكلم بصراحةٍ مع أنفسنا نعني فقط بأن ننتقدها ونجلِدها جلداً لإرضاء ضميرنا ولو بشكل مؤقت، لكنني اعتبر بأنه من الضرورة بمكان أن ينظر الإنسان لذاته ولنفسه بأنه ليس كسولاً، بأنه قادرٌ على الإنجاز والعطاء وبذل الغالي والنفيس لتحقيق الأهداف، رفع الشاب لروحه المعنوية عاملٌ مهم كي لا نبقى مستسلمين منتظرين للغيمة الممطرة حتى تأتي بالفرج، آن الأوان للاعتماد على الشاب البحريني كطاقة منتجة، ولكن ذلك يبدأ من الشاب نفسه.. ليس ذلك الشاب الذي يظن بأن (الهندي، الأجنبي) سيقفان حاجزاً أمامه في سبيل تحقيق ذاته، بل ذلك الشاب الذي إذا اكتشف عيباً فيه طوّر منه، لسنا كُسالى.. إلا إذا استسلمنا، وعند ذلك سنُقنِع أنفسنا بأن ذلك هو الواقع.

دعوني أعود قليلاً عند عبارة "بعيد الأمل قليل العمل"، يغلُب علينا الاندفاع والحماس والرغبة في الوصول إلى أهدافنا البعيدة، ولكن تلك الرغبة تفتقد فينا إلى العديد من الأمور منها: 1- عدم المحافظة على الوتيرة اللازمة في العمل لتحقيق الهدف، فنحن نبرُد ونكسُل مع قلة الصبر. 2- نجهل عاملاً مهماً في قيام الحضارات وتطورها وازدهارها وهو عامل "الزمن".. انظر إلى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى عندما يوصي طالبه فيقول:

أخي لن تنال العلم إلا بستة       سآتيك عنها مخبرا ببيان

ذكاء وحرص واصطبار وبلغة      وصحبة أستاذ وطول زمان

فكيف لك عزيزي الشاب أن تضع مشروع حياتك وآمالك، وتريد الوصول إليه في وقت وجيز؟! إن المشاريع العظيمة والأهداف الكبيرة تأخذ وقتاً، إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل مشروعاً عظيماً يضم الأرض كلها، فلما كان يحدّث أصحابه عن غزو الروم والفرس كانوا يتعجبون ويقولون:" أوَ كائنٌ ذلك يا رسول الله؟ فيقول صلى الله عليه وسلم:" نعم، ولكنكم قومٌ تستعجلون".

عندما ترسم عزيزي الشاب خارطة الطريق للوصول إلى اهدافك.. احرص على أن تكون خطتك علاوةً أنها تسير في وتيرة واحدة، أن تكون مرنة قدر الإمكان، والمرونة في الخطط تستوجب التواضع وكسر النفس للتعلم ونيل الخبرات، ليس ذلك فحسب، بل إن في تنويع مصادر المعرفة أثر كبير في تشكيل شخصية الفرد، فمن المهم أن يكون عندك شيءٌ من كل شيء، التعلم وتهذيب النفس من شأنه أن يفتح ذهنك على هذا العالم أكثر فأكثر، وجعلك شغوفاً توّاقاً للأفضل والأكمل، على أن تعي بأن اكتساب المعلومات بكثرة بدون منهجيّة وشخصية مرسومة الملامح لن ينفعك في شيء.. والمقصود هنا بالمنهجية أعني بها الطريقة التي تستفيد بها من تلك المعلومات بعد أن تكتسبها، وليس بأن تحجر عقلك عن بعض العلوم وتتجه لبعضها الآخر، إن المنهجية تحميك من الضلال والتشتت، والجهل يطوقك فلا تتحرك بحرية وكأنك مرتبط به لا تحيد عنه، أما المنهجية فتحرر من الطوق وتحميك من شتات اكتساب المعلومات.

عزيزي الشاب: الله تعالى يمنُّ عليك أن رزقك هذه المرحلة من عمرك (ثم جعل من بعد ضعفٍ قوة). سيأتيك يومٌ تُسأل عن هذه القوة (وعن شبابه فيما أبلاه). فاستعد الآن لما هو آت، وإن وعد الله حق، وما أنت بمُعجِزه سبحانه.

محمد حسن يوسف

الاثنين، 3 أكتوبر 2016

أصلاً عادي.. الا هندي


الحمدلله العلي القدير، والصلاة والسلام على السراج المنير، وعلى الآل والأصحاب ومن على نهجهم يسير، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم.. وادخلنا الجنان برحمتك.. ذلك الفوز الكبير.

وقف سائقٌ آسيوي لسألني عن الطريق بعد إذ ضلّه، وكانت بجواره في المقعد الأمامي امرأةٌ عجوز، التفتت إلي قائلةً:"ويييي!!! ريال!!". وغطت وجهها عني ثم أكملت سؤالها عن الطريق، ضحكت بعد الموقف وقلت لنفسي:" يعني ذي الي يمج مب ريال مثلاً؟!". ظهرت على مجتمعنا العديد من التصرفات التي تستهين بها البنت بحدود شرعها وحجابها ومن ضمنها الاستهانة بقدر الحجاب خاصةً في حضرة الأجانب الآسيويين بقولها:" عادي.. الا هندي!!". فأصبح "الهندي" اليوم يضع يده على بعض البنات في مشغل الخياطة ليضع المقاييس لملابسهن، وبعضهن يضعن حجابهن أمام العمالة الوافدة بحجة واهية بقولهن: " الا هندي!!".

استعرض هنا الفرق بين الخجل والحياء بشكل سريع ومقتضب، وهو أن الخجل يعرفه علماء الاجتماع ب"الشعور بانتقاص الذات يؤدي إلى المساهمة في عدم الوصول إلى الأهداف"، أما الحياء وهو الشاهد في موضوعنا فيعرفونه بأنه "خلقٌ نبيل.. يمنع من ارتكاب المعيب من الأشياء لا سيما المحرمة منها شرعاً، ويمنع ارتكاب الأمور التي تخرِم مروءة الإنسان"، لذلك.. فمن البلاغة أن نقول للإنسان إذا وجدنا منه عملاً قبيحاً منافياً للآداب العامة والشرعية بقولنا:" اما تستحي؟!". وهنا نوجه الكلام لسلوكيات الشابات اللواتي نزعن الحياء من قلوبهن قبل أن يتم التهاون في حدود الله بهذا الشكل الصارخ المقيت.

لا أدري هل أكون قاسياً بكلماتي تلك أم لا.. ولكن المتأمل في السلوكيات العامة للشابات للواتي يعوّل عليهن المجتمع في أن يكنّ "مدرسةً إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق" يرى بوضوح جلي الخلل الفكري وغياب الوازع الديني لديهن.. متعللين بأسباب واهية غير واقعية ربما يكون الغرض منها هو تحميل الغير مسؤولية أفعالهن الخادشة للحياء، حياء الذات أولاً ومن ثم حياء المجتمع، عزيزتي الشابة... إن الله سبحانه قد جعل الحياء زينة تمتاز بها المرأة عن غيرها، وتبلغ بهذا الخلق النبيل ما لا يبلغ به الرجل... فإن كانت المرأة تتمتع بخلقٍ ينهاها عن فعل الحرام والعيب فأي مجتمع نرتجي منه أن يكون في المستقبل ؟! راقبي الله عز وجل في تصرفاتك ولا تطيعي غرور نفسك وشقوتها، فأنتي بالحياء أجمل.. وبالطاعة والانصياع لأوامر الله سبحانه أجمل وأكمل.

مدح الله سبحانه وتعالى في كتابه امرأةً ذهبت إلى موسى عليه السلام لتقول له:" إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا".. ولكنه سبحانه لفت النظر لنا لفتةً كريمةً بقوله جل في علاه قبل ذلك:" فجاءته احداهما تمشي على استحياء". وحاشاه سبحانه وتعالى أن يلفت انتباهنا إلى هذه اللفتة عبثاً، ولكن السؤال هنا: هل غلبت تلك المرأة نبي الله موسى عليه السلام بحيائها وهو من هو.. نبي الله و أحد أولو العزم من الرسل عليهم السلام؟ مشت تلك السيدة أمامه فلم يعجبه ذلك لأن الهواء كان يحرك ثوبها  فقال لها عليه السلام:" كوني ورائي، فإذا اجتنبتي الطريق فاحذفي لي بحصاة اعلم بها كيف الطريق لأتهدى إليه". الحياء خلقٌ عام.. ليس لذات المرأة فحسب، بل ما اجمل الرجل إذ يستحي من فعل الحرام والمعيب والقبيح من الأفعال، وما أرى الرجال قد اختصوا النساء بالحياء الا للهروب من المسؤولية الأخلاقية التي يجب على الجنسين أن يتحملانها، فالرجل العاف الغاض لبصره الحيي هو انسانٌ ذو خلقٍ رفيع... أسأل الله أن أكون انا وأنتم واخواتنا من أصحاب الأخلاق الرفيعة لننال بذلك منازلاً عليّة في جنات الفردوس مع قصور أعمالنا بفضل الله ورحمته (اقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً).



#همسة: إذا سألك في الهندسة قلت:" اسألوا أهل الاختصاص". وإذا سألوك في الطب قلت:" لا اعرف.. اذهبوا إلى الأطباء". وإذا سألوك عن السياسية قلت:" ما لي وللسياسة!! لست من أهلها." وإذا سألوك عن حكمٍ في الشريعة ألّفت.. وتفلسفت.. وانطلق لسانك وعلى شرع الله سبحانه تجرأت، ولم تقل "لا أعلم.. فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". استعد.. لأنك مسؤول من ربك عن هذا، فما جوابك ؟!



محمد حسن يوسف

الجمعة، 30 سبتمبر 2016

أول سنة جامعة؟ ... حياك (2)


الحمدلله الكريم الوهاب، والصلاة والسلام على خير خلق الله الأوّاب، وعلى الآل والأصحاب الأحباب، ومن سار على نهجهم من ذوي الألباب، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم، واحشرنا يارب في جناتك مع احبابنا والملائكة يدخلون علينا من كل باب.

كنت قد كتبت مقالاً بعنوان "أول سنة جامعة؟..حياك" كان الغرض منه تنبيه إخواننا واخواتنا الذي سيدخلون معترك الدراسة الجامعية فيما ينبغي عليهم أن يفكروا فيه ويفعلوه، وهذا رابط المقال:


إنني وقد خصصت مقالاً لتلك الفئة من الطلبة لما وجدته من الأهمية بكان أن يتم توجيه تلك الفئة، اطلق علينا العالم المتقدم في الغرب اسم "العالم النامي"، ولكننا في الحقيقة "عالم نايم".. ذلك لأن شبابنا اصبح مكتفياً بدور المتلقي الغير صانع للواقع الذي يريده، نريد أن ندرس في أي تخصص ترمينا الجامعة به.. نريد أن ننجح بأي طريقة.. نعمل في أي وظيفة.. تمضي حياتنا بأي إنجازات تُذكر حتى نموت، ليس هذا تعميماً.. ولكن الأُمم لا تنتصر بالقلة من الناس ("قالوا: أنهلك وفينا الصالحون؟! قال صلى الله عليه وسلم :"نعم، إذا كثُر الخبث").

من هنا، أحببت أن يكون مقالي هذا عملياً أكثر، وتحليلياً بشكلٍ يجعل الطالب/ة على بصيرة فيما يريد أن يفعله وينجزه خلال فترة دراسته الجامعية، تذكر أنك قبل كل شيء عماد هذا الوطن وصانع التأثير وإن تأخّر وقتك.. وأفضل ما تقوي به نفسك ووطنك بعد توطيد علاقتك بالله سبحانه وتعالى هو تفوقك العلمي، هناك أُناس يتخرجون من الدراسة الجامعية فارغي المحتوى.. قد أُجبروا على دراسة تخصص لا يحبونه، أو ربما كان مستوى أهدافهم بسيطاً ولا يريدون رفع مستوى انجازهم بما لا يتناسب مع الهدف وهو (اهم شيء أنجح)، نريد خريجاً جامعياً معتبراً وليس كما نقول في لهجتنا العامية " خربوطة".

الخطة وما أدراك ما الخطة، عامل مهم في توزيع الجهد والطاقة الذهنية في عقل الطالب/ة، خاصةً أولئك الطلبة العارفين بطبيعة المواد التي يدرسونها والأساتذة الذين يُشرفون على تدريسهم، الخطة تقيّد الرتم الذي يجب عليه أن تسير وفق نظامه بدون افراط ولا تفريط، الخطة تجعلك تصل إلى مرحلة الامتحانات النهائية وانت تفكر في الحصول على درجة الامتياز لا درجة النجاح والمرور من المادة، ليست مادة واحدة فحسب.. بل أن الخطة تجعلك تدير جهودك بالنسبة لجميع المواد، تقوم هذه الخطة على اجابتك على هذه الأسئلة:

1- ماهي المتطلبات العامة التي يجب أن اتحلى بها في مجال تخصصي؟

2- ماهي طريقة الامتحانات وطريقة وضع مواعيدها؟

3- ماهي طاقتي الذاتية في الإنتاج؟ ماهي عيوبي الذاتية الشخصية التي يجب علي أن اتغلب عليها؟

إن الجامعة هي مكان لتقويم الذات سواءً على المستوى العلمي أو على المستوى الشخصي، بادر بتقويم خطتك وذاتك باستمرار، هناك – دائماً – مجالٌ مفتوح لترتيب الأوراق الشخصية والتطور والتحسن خاصةً في الجوانب الشخصية.

وجود الجهد والتعب المضني في سبيل الوصول إلى الهدف أمرٌ لا مفر منه، لا أريد أن اجعل الطريق مفروشاً أمامك بالورود، ولكنه في ذات الوقت ليس مملوءً بالأشواك.. اعتبر دراستك الجامعية مشروعاً ذاتياً تريد أن تصل به إلى مراحل متقدمة في المستقبل.. لذلك أريد أن أقول لك بأن المشاريع الكبيرة تأخذ وقتاً لتظهر على أرض الواقع، فلا تقلق من عملية تعبك أثناء الدراسة ومتى تظهر نتيجة ذلك التعب.. فسوف تتعب على أي حال، بناءُ الذات أمرٌ متعب سواءً كان ذلك على المستوى الدراسي أو العلمي وحتى على مستوى الذات بالتخلص من العيوب واكتساب المهارات حتى تصل إلى طريقك البعيد.. إنه بعيد، ولكنك إذا تحديت نفسك ثم وصلت إلى هدف ستشعر بالسعادة في تحقيق ذاتك.

تجربة شخصية:

أدرس حالياً في الجامعة الأهلية (تخصص علاقات عامة واعلام)، وسألت نفسي تلك الأسئلة لبناء خطة دراسية كفيلة لإيصالي لهدفي، والبقاء على وتيرة ثابتة طوال الفصل الدراسي.. وكانت اجاباتي كالتالي:



1- ماهي المتطلبات العامة التي يجب أن اتحلى بها في مجال تخصصي؟

طالب الإعلام عليه أن يكون طالباً موسوعي القراءة، عليه أن يتعرف على مختلف التخصصات ومختلف الأسماء العلمية البارزة لتشكيل مخزون معرفي لبناء رجل علاقات عامة واعلامي ناجح.

2- ماهي طريقة الامتحانات وطريقة وضع مواعيدها؟

في نهاية كل شهر يتم الاتفاق مع دكتور المادة حول موعد الامتحان، وتكون الأسئلة مقالية عن المنهج الدراسي، وبعض الدكاترة يفضلون أسئلة الفهم.. والاجابة بالمجمل مقالية.

3- ماهي طاقتي الذاتية في الإنتاج؟ ماهي عيوبي الذاتية الشخصية التي يجب علي أن اتغلب عليها؟

املك من الصبر الذي يدفعني للجلوس طويلاً أمام الجهاز المحمول (اللابتوب) لأنجز ما أريد إنجازه، غير أنني لا أجيد لبقاء على وتيرة واحدة لفترة طويلة في الدراسة.. فأنا أحب تغير الجو العام بين الفترة والأخرى.. كما أنني بحاجة للتدرب على كتابة الأجوبة المقالية الطويلة في البيت قبل الوصول إلى موعد الامتحان.

النتيجة: خطتي الدراسية جعلتني متوازن القوة بين جميع المواد، واحرص على أن انال الدرجات العليا في جميع الاختبارات، كما أنني اصل في نهاية الفصل الدراسي إلى مرحلة من الرضى النفسي تجعلني أنال قسطاً من الراحة قبل الامتحانات النهائية بدون أن اشعر بضغوطها، لعلمي أن الضغوط النفسية تحجب العقل من استحضار المعلومات.. واستحضار المعلومات مهمٌ جداً ثناء الإجابة على الأسئلة المقالية.. كما أن المخزون المعرفي هو عاملٌ حاسمٌ في مساعدة الطالب عندما تغيب المعلومة الرئيسية عن ذهنه.

النتيجة بالدرجات: اعمل لتكون خريجاً معتبراً لا لتنال الدرجات الجامعية بالأرقام فقط.. اجعلها في علم الغيب وافعل ما يجب عليك فعله... حظاً موفقاً.

محمد حسن يوسف


الخميس، 29 سبتمبر 2016

تمللنا من "خللك إيجابي" !!!

الحمدلله الكريم المنعم، والصلاة والسلام على النبي الخاتم، وعلى الآل والصحب ذوي الأخلاق والمكارم.. اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم.. وافتح علي أبواب الرحمة والمغفرة.

كنت قد رأيت قبل سنتين في مدينة شباب 2030 شاباً يطوف الأنحاء بكرة اسفنجية صغيرة.. رُسمت عليها ابتسامة، يطوف بها ذلك الشاب قائلاً: "خللك إيجابي". قلت لنفسي: هل هذا ما نريده فعلاً من تلك الكلمة؟! هل الابتسامة وحدها تعطينا دافعاً إيجابياً نُجابه به هموم الدنيا العظيمة ونهزِم بها الصراعات من حولنا؟! لا أُنكر بأن الابتسامة لها دور ليس بالهيّن في خلق جو من الإيجابية.. فذاك رجل الأمن الذي يعمل في المجمع التجاري "ستي سنتر" ميّزه الناس عن غيره بابتسامته التي لا تكاد تفارقه، ولكن هل هي كافية؟

إن العرض السطحي لكلمة "خللك إيجابي" دون تناول حيثيّاتها وما هو المطلوب من الإنسان أن يقوم به لكي يصل إلى مستوى الإيجابية عرّض المفهوم للكثير من التقليل والبعد عن الواقعية، كما أن الوسط التدريبي في مجال تنمية الذات وإدارتها ابتُليَ بمجموعة من المدربين الذي يقدمون السلع التدريبية الضحلة ليُشعروا الناس بأنهم قد تطوروا واصبحوا في حالٍ أفضل.. وهم في الحقيقة يتاجرون بالكلام ويبيعون الوهم، مما جعل فئة كبيرة من الشباب يشعرون بالسلبية لمجرد أنهم يرون احداً يتحدث بإيجابية.. أو يأمرهم بالنظر إلى الأمور نظرة خير لا تلك النظرة المتطيرة المتشائمة، كم أصبحنا نتعامل مع أي حدث بسخرية سوداء ظاهرها الضحك وباطنها التشاؤم والانزعاج.

إن الإيجابية طبعٌ نحتاجه في زماننا.. ففي خضم هذه الصراعات داخل النفس البشرية وحولها، ووسط احداث ليس بيدنا تغييرها وتحديد مصيرنا، يبدو لنا تعلقنا بالله سبحانه وتعالى عاملاً ضروريا لينتشلنا من وحل الحيرة والحزن، وأن الامور المقدرة في تدبير الخالق جل في علاه فوق تصور العبد الذليل.. ومن هنا تأتي الدافعية للعمل وبذل الاسباب التي خلقنا الله سبحانه وتعالى للقيام بها (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم)، وغيرها من الأحاديث التي تحثنا على العمل وبذل المزيد من الجهد.. ولا يمكن أن تندفع للعمل الا لأنك شخصٌ إيجابي، فهذا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل ..... ". وقوله صلى الله عليه وسلم:" المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ... ". في المقابل نجد أن الإسلام قد نهى عن الطيرة والتشاؤم، فما بال المتشائمين قد جعلوا هذا السلوك طبعاً وأصلاً في مجتمعنا؟!

هذه نقطة الفصل.. فالنظرة الإيجابية طبعٌ من الأطباعٌ النبيلة، الذي يكون فيه صاحبه هادئ النفس والعقل، مبتعداً عن مكدرات الحياة، مقبلاً على الأسباب اقبالاً يجعله يعمر الدنيا بأمر ربه سبحانه، أما المتشائم فإن عقله لضيق.. وحياته لقصيرة وإن طالت، فالنظر إلى الأمور بنظرة المتشائم العاجز عن تغيير واقعه وصراعاته مع ذاته أمرٌ لا ينبغي على الشاب الطموح ان يتحلى به، وقد نجد بعضهم يتشاءم من كل شيء حوله.. ولا يرغب في أن تنتقد ذاته بواقعية وصراحة وتجرّد، لأنه يحب لعب دور الضحية والوصول إلى أهدافٍ عظيمة بدون جهد وتعب.. الإيجابية لا تعني أنك ستصل إلى أهدافك بشكل أسهل، بل ستساعدك على الاستمتاع والرضا النفسي في طريقك للوصول إلى أهدافك، ستُلقي لك الحياة المصاعب والمتاعب في طريقك.. فتلك سُنّة كونية (لا تحسب المجد تمرٌ أنت آكله، لن تبلُغ المجد حتى تلعق الصبر)، اغلب الصعاب والمتاعب بالإيجابية.. ولا تثقل كاهلك بالسلبية، فتلك حيلة العاجز.


محمد حسن يوسف

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

أول سنة جامعة؟ .. حياك


السلام عليكم... هذي موضوع مخصص حق الي توهم داششين الجامعة، حاب اعطيهم بعض النصايح الي ارجو منهم ان يطبقونها علشان دراستهم وعلشان حياتهم بشكل عام عقب ما يتخرجون، هذي الوقت بيمشي بتقزر الدراسة.. لكن في فرق بين ان يكون الواحد "خريج" وان يكون "خربوطة"، الفرق بينهم ان في واحد استغل وقته صح في الأشياء الي اتفيده.. فيوم تخرج صارت شخصيته قوية وثقته في نفسه عالية، وانسان قبل كل شيء قوي علمياً.

أولاً: الحضور على الوقت.

- في المدرسة بيصيح الجرس وبتدش الصف، بمعنى في احد يراقب لك الوقت.. لكن في الجامعة لازم اتراقب نفسك بنفسك، اذا المحاضرة تبتدي الساعة وحدة الظهر مثلاً.. فالمفترض (وبغض النظر عن السلوك العام) انك اتكون في السكشن قبل ذي الوقت، واتقيم روحك وتتقيد وتنضبط، اذا علمت روحك على هالنظام في الوقت بتنضبط باقي الأمور في حياتك بهالخصوص.

ثانياً: التواضع.

- والي يسلمك/ج، تعال الجامعة علشان تتعلم وتكسر نفسك واتهذبها، مو علشان اتراوينا انك احسن واحد في الدنيا، لا تيلس اتطالع الجامعة واتقيم كل شيء فيها من دكاترة وطلاب ومواد وتنسى نفسك.

ثالثاً: المكتبة.

- المكتبة مو مكان مسوينه علشان اتراجع فيه حق الامتحانات واتسوي  الاسايمنتات او اذا الدكتور طلب منك مرجع، او ترقد فيها بس... عود نفسك على سلوك انك اتروح المكتبة وتقره وتتثقف، كسلوك.. عود روحك في وقت البريك ان اتروح وتاخذ كتاب وتقره وتطلع.

رابعاً: الخطة.

- يفرق وايد بين طالب وطالب وجود خطة يحطها للدراسة.. واتكون هالخطة مناسبة لشخصية الطالب.. يعني مو الخطة "المثالية"، كل الي عليك ان اتسويه اهو تقييم ذاتي لشخصيتك.. واتسوي خطة دراسية ذاتية اتناسب شخصيتك وظروفك، المقياس بيكون في درجاتك.. قيّم درجاتك وعدل من نفسك.

خامساً: شغل ووناسة.

- في ناس في الجامعة بس اتحب تدرس وتدرس وتدرس، وفي ناس اتحب اتشارك في الفعاليات واتسوي الأنشطة حتى لو اثر على دراستها، حاول تجمع بين الاثنين وعط افضلية للدراسة.. الأنشطة بتقوي من مهاراتك وشخصيتك وبتخليك ذكي اجتماعياً الى حد ما، والدراسة اهي الهدف الأساسي من وجودك في الجامعة.. لا اتفرط في الأنشطة، بس قدّم الدراسة عليها.

سادساً: مافي شي بدون تعب.

- لا تتشكى وتتحلطم من التعب ومن الضغط.. خاصة انت/ي بو سنة ثالثة ورابعة الي المفروض تعودتوا على الضغط، اذا مضغوط عدل في خطتك الدراسية.. وعدّل في شخصيتك.. واترك عنك/ج التنهوص والتحلطم الي ما بيغيير شيء، مافي مشروع في الحياة بيصير بدون تعب.. مافي هدف عود في الحياة بيصير بمجهودات بسيطة.

سابعاً: الناس المشجعة.

- ابتعد عن الناس المثبطة للهمم.. ودور ناس اتشجعك، ولا تنسه اتشجع نفسك واتكافأها من وقت لي وقت علشان اتجدد نفسيتك.. احذر الناس الي تتحلطم بكثرة وماعندها لا شغلة ولا مشغلة الا الحجي.

هاي النقاط الي عندي، تقدر اتضيف انت وانتي نقاط نستفيد منها كلنا كطلاب جامعيين ناجحين على المستوى الدراسي والشخصي، علشان انكون "خريجين" مو "خربوطيين".. وعذراً على الاطالة.

محمد حسن يوسف

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016

هل أنا مجنون ؟!


اسأل نفسي أحياناً.. هل أنا مجنون؟! اراجع نفسي إذ أراني قد بدت مني بعض الأفعال التي تُبدي للناس غير الذي أعنيه وأقصده، ولكن الناس لا تتفهم في الغالب في ما يقوم به الشخص لإرضاء ذاته، خاصةً تلك التصرفات التي لا تنعكس عليهم لا بالضرر ولا بالنفع.. ولكن تلك هي عادة البشر، لا يتركونك وشأنك.. ويريدون ان ينصّبوا أنفسهم قضاةً عليك، ويتدخلون في ما هو شأنك بينك وبين نفسك.

قد يضع الله سبحانه وتعالى الطاقة في شخصٍ ما دون بغيره.. فتجده قليل النوم، كثير النشاط والحركة حتى في حال خلوته.. تجده إذا سكن الناس لا يفتر أن يسكت بالكلام أو بالفعل والحركة، تلك هبات ربانية.. والناس في ذلك أشكال وأحوال، تجدني أسهر الليالي واتوعّد النوم في اليوم التالي.. ولا أنال منه الا القدر اليسير، إني لأعمل طوال أيّام الأسبوع عدا الجمعة.. فإذا جاء يوم الجمعة وكنت قد توعدته بالنوم لا أنام.

كاتب هذه السطور يراه الكثير مجنوناً، بل وحتى هو نفسه قد يرى في نفسه ذلك في بعض المواقف، رأيت نفسي ذات يومٍ قد التوى كاحل قدمي وانتفخ... وقد دُعيت للعب الكرة بعد يومين، وقد علمت أن قدمي لن تبرأ قبل ذلك، ولم يكن من السهل بمكان المشي على كاحل منتفخ.. ولكنني لبست جورباً من شأنه أن يشد قدمي شداً لا يجعلني أتألم، كل ذلك من أجل كرة.. فلما رجعت إلى البيت قلت لنفسي:" يالي من مجنون؟!"

عندما كان الفتى يعمل في مستشفى السلمانية.. أظهر قدراتٍ ليست بالهينة في ادخال البيانات، كان يحاول أن يجد طرقاً مختلفة تجعله ينهي عمله بأسرع وقت.. وكانت تلك الطاقة الدفينة فيه عاملاً مساعداً حاسماً، وقد كان الموظفون يطلقون عليه لقب "السريع" فقد كانت سرعته توازي سرعة ثلاثة من الموظفين، حتى مرت به زميلته في العمل وهو يكتب بسرعة وقوة قائلةً:" بالعدال على الكيبورد لا تكسره". أعود إلى المنزل فأسأل نفسي:" هل أنا مجنون؟!"

إذ جلس الفتى في عمله منهمكاً فإنه لا يجلس في هدوء وسكون.. هو دائم الحديث والغناء أحياناً، تجده يؤلف بعض الكلمات والألحان من كيسه، حتى أنه أُصيب بالتهاب في الركبة (نتيجة كثرة الحركة وضعف العضلات وثقل الوزن)..إنه بشكل أو بآخر يحاول الخروج من حالة الهدوء والسكون.. فإذا مكث فيها خمُل وكسل، لكن الناس لا تفهم ذلك.. وتحب أن تصنف نفسها إلى مجانين وعقلاء، إن الفتى لا يكتفي بمتابعة رياضةٍ واحدة.. بل يتابع مختلف الرياضات الجماعية والفردية من أجل تحليلها واستخلاص ما ينمي بها ذاته.

عزيزي القارئ، السعادة مسؤوليتك وحدك.. فلكي تحققها في ذاتك وفي حياتك فعليك أولاً أن لا تربطها بحدثٍ او بشيءٍ خارجٍ عن ارادتك، لكننا في زمنٍ ألقينا فيه مسؤولية الوصول إلى السعادة على غيرنا.. وتحقيق ذواتنا إلى من هم مختلفون عنا، علينا أن نفعل الأشياء التي تزرع في أنفسنا السعادة والطمأنينة.. فإذا فعلناها سنندفع إلى الحياة بالرغبة في العطاء أكثر فأكثر، عبّر أن الأشياء التي تجعلك سعيداً مادامت تلك الأشياء داخل منظومتك الدينية والأخلاقية والمجتمعية، لست مجنوناً.. لكنني سعيد، ومن رماني بالجنون قلت له:" وما لذة العيش الا للمجانين".



محمد حسن يوسف


السبت، 6 أغسطس 2016

خلق..طموح..مشاركة


الحمدلله الكريم الوهاب.. والصلاة والسلام على من بعثه ربه بأمّ الكتاب، وعلى الآل والأصحاب أولي النهى والألباب، ومن سار على نهجهم ودخلوا رضوان الله بلا عتاب.. اللهم أكرمني بنور الفهم، وأخرجني من ظلمات الوهم، وحسّن أخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، واغفر لمن جاءك عاصياً و أناب.

في خِضمّ هذه الحياة.. نستدرك وضع الشباب وسط هذه الأمواج العاتية من الأفكار والمعلومات والخواطر التي ترد على أذهانهم، وكما هو معلومٌ فمنها صالح ومنها دون ذلك، فلهذا لا ينبغي للشاب ان يخوض الغمار في معمعة الحياة بدون توافر الأسلحة الدفاعية.. الكفيلة بتحصين العقول والقلوب في آن واحد، لعل الله سبحانه وتعالى يوصل ذلك الشاب بقلب وعقل سليمين إلى طريق الحقيقة الواضحة.. إن هذه الأسلحة من شأنها ان تعزز دور الشاب في بناء نفسه فكرياً وثقافياً وعلمياً.

حسن الخلق.. يكاد هذا الأمر أن يبلُغ بصاحبه أعلى المراتب الفكرية وربما كان صاحبه أقل علما وفكراً وتجربة، ذلك لأن حسن الخلق يزرع انكسار القلب والذات في مواجهة الحقيقة بدون تكبر أو تعالٍ عليها، فالشباب في زمننا أضحى واضعاً قالباً صلباً في رأسه.. ولا يريد أن يُدخل فيه من المعلومات والتجارب إلا ما يوافق هواه ومزاجه، لذلك ستستغرب وجود العديد من الشباب المثقفين بمعنى الكم الهائل الذي يحملونه من المعلومات.. لكنه صبّها في مجرىً واحد، حسن الخلق يجعلك تحب وتسعى لأهل العلم والمتخصصين لتنال من معلوماتهم، فالحضارة الإسلامية لم تقدم نموذجاً علمياً من فراغ، فالعلماء الذين يتمتعون بحسن الخلق يتمتعون بميزة تبادل المعلومات والاستفادة من خبرات العلماء الآخرين.

اقرأ.. ثم اقرأ.. ثم اقرأ، لا تمل من القراءة حتى تمل هي منك، فهي تنقلك من عالم إلى عالم وانت جالس في عالمك، ولكن.. ماذا تقرأ؟؟ الكثير من الشباب ينكب على قراءة الكتب الضعيفة الغير مفيدة أو تلك الكتب التي لا تتحدى عقليتهم وفكرهم.. فلا تساهم في نضجٍ فكري على المدى القصير.. لهذا تجد الكثير من الشباب يمارسون العمل التطوعي لصقل شخصيتهم وخبرتهم في الحياة وكتشاف ذواتهم، ولو أنهم خلطوا القراءة بالعمل اليسير لكان خيراً لهم، فذك يفتح ذهن الشاب بشكل أكبر، وتتشكل شخصيته وأهدافه بطريقة تجعل من الشاب ذو شخصية قوية مثقفة ممزوجة بحسن الخلق.

من الدلائل على حسن الخلق وتواضع النفس أن يسعى الإنسان بالسؤال (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، ولو أن الإنسان استفرد برأيه بما يعرفه دون سؤال أهل الذكر أو "أهل الاختصاص" إن صح التعبير لفسدت الأرض.. ولضاعت علوم ومعارف بسبب أخذ الجهّال دور العلماء لاكتفائهم بما في رؤوسهم من علم ضحل، ولا شك بأن من سعى السعي الأكيد وراء أهل الاختصاص سيصل إلى المبتغى الأكيد، فإن توقف أمام قيدٍ ما.. سعى لكسر هذا القيد بالطرق العلمية السليمة السديدة لا بالعنترة والجهل والاندفاع الغير محسوب.

يكره الشاب (أو ربما يغفل) عن صنع محيط به يرشده ويطلعه على عيوبه، فتجده يتغافل عن عيب فيه لمجرد أن أحدهم مدحه وذكره بأجمل الصفات، وذلك طريق للاغترار بالنفس.. لطالما كنت أقيّم نفسي فيما كان يجب علي فعله ولم أفعل... وفيما قلته ولم يكن يجب علي قوله، وذلك أمر لا يطّلع عليه منتقدوك أو مادحوك بقدر الدقة التي تتحلى بها انت استناداً لمعرفتك بنفسك حق المعرفة، فلا يغرّنّك مدحٌ ينسيك عيبك فتطغى فيه، واجعل من انتقادات غيرك طريقاً لنجاحك.. فأنت بها تقوى وتسمو، فما أحوجك لها.

حاول بين الفترة والأخرى عرض أفكارك ومعلوماتك وتجاربك على الملأ، ليس من باب الاستعراض والفخر بأنك تملك ما لا يمتلكه غيرك، بل من أجل أن تقارن نفسك بمن حولك فتفتح المجال لنفسك لتتقبل الخبرات والمعلومات من مصادر مختلفة أكثر، فذلك يعكس التواضع في شخصيتك، كم من إنجازات العرب والمسلمين العلمية كانت نتيجة لتواضعهم وانفتاحهم على الحضارات المختلفة لا سيما الحضارة اليونانية.. الفكرة تدعم الفكرة، والمعلومة تشد عضُد أختها فتتكون شخصية الشاب بأفضل الطرق.. معلومات رصينة دقيقة، وشخصية قوية طموحة خلوقة، وعليه تُبنى أجيال طموحة منجزة غير مغترة لإنجاز دنيوي، لأنها "عتبات" لإنجاز حضاري وأُخروي.



محمد حسن يوسف 

الجمعة، 3 يونيو 2016

شباب الإسلام.. الاعتقاد والعلم


الحمدلله العليم الحكيم، الستار على عباده الغفور الحليم.. والصلاة والسلام على من وصفه ربه سبحانه:" بالمؤمنين رؤوف رحيم"، وعلى الآل والأصحاب ومن سار على ذلك النهج القويم، اللهم أكرمني بنور الفهم، وأخرجني من ظلمات الوهم، وحسّن أخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، وافتح علي أبواب رحمتك.

كثيراً ما تختلط على الشاب في عصرنا الزاوية التي يجب عليه ان ينظر إلى الإسلام منها، فيحتار يمنة ويسرة عله يجد الجواب المبين، ولا جواب.. لأن القضايا أو إن صح التعبير "الإشكالات" التي ترد في عقل الشاب تقع في "زاوية مظلمة"، بمعنى أن المحيط الخارجي للشاب يرفض الدخول أو الخوض في خضم هذه النقاشات الفكرية، أو ربما يُحجِم الشاب عن السؤال بحجة أنه يريد الوصول إلى الحقيقة بنفسه.. بمخزونه المعرفي – البسيط – الذي اكتسبه من هذا الكتاب أو ذاك، من معلومة طائرة ضلت طريقها فوصلت إليه من دون نظر أو تمحيص... فما هو الحل؟!

الخلط في المفاهيم:

استعرضت عدداً من "الشبهات" التي يطرحها الشباب بين الفترة والأخرى حول وسائل التواصل الاجتماعي فوجدت أن سبب الطرح يكمن في عدم الدراية ببعض المفاهيم، فالشاب يعتقد بأنه باعتقاده الدين الصحيح في قلبه أصبح بمقدوره أن يطلع على الكتب، ويستنبط الأحكام بناءً على الشبهات أياً كان مصدرها، ويحدد موقفه دون الرجوع إلى اهل الاختصاص. هنا أوجه كلامي إلى الشاب قائلاً: إن الإسلام الذي تفخر بالانتساب له يتكون من اعتقادات، أخلاق، علوم الشريعة.. وضع مائة خط تحت كلمة "علوم الشريعة"، فهي علم قائمٌ بذاته.. والمقصود هنا بالعلم هي منهجية العلماء الأجلاّء في البحث والتمحيص لإخراج الأحكام، في العقيدة والفقه والحديث وغيرها من العلوم، إرث كبير تركه أولئك العلماء على مدى أربعة عشر قرناً.

 ذلك الإرث جعل علماء اليوم قادرين على إجابة  "تساؤلاتك" و "شبهاتك" (فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، فلا تكن كالذي يبحث عن نص في القرآن الكريم أو معلومة من السنة النبوية فيعُضّها لأنها وافقت شبهته (الذين جعلوا القرآن عضين)، فيبقى ما قطعته من الإسلام في فمك.. وتظن بأنه هو كل شيء!! وتظن بأنك باقتحامك لهذا العلم بطريقة "حمقاء" مرضية لغرور النفس قد تصل إلى الحكم الصحيح!! إنه دور الأخلاق هنا.. فالأخلاق تدفعك إلى كسر النفس والتواضع والتوجه إلى أهل العلم لتنهل من خيرهم بدلاً من الاعتداد بالنفس.

ها أنت عزيزي الشاب إذا جهلت في تخصص ما هرعت إلى أهل الاختصاص لتأخذ الإجابة السليمة الوافية.. أما في شأن دينك وهو أمر يخص حياتك وما بعدها، فأنت عاجز لتبحث عن الحقيقة، ذات يوم أخذت صديقاً لي إلى حلقة ندرس فيها شيئاً من الفقه.. وكان هذا الصديق جدلياً بامتياز ولا يحب الاعتراف بخطئه، فلما دخلت علينا مسألة مسح الأذن في الوضوء (وهي مسألة دقيقة جدا تناولناها بكثير من التفصيل)، فتح عينيه مستغرباً وقال بعد الدرس:" شنو ذي، اكتشفت إني ماعرف شيء!!"

نعم.. كل علم إذا كنت تسمع عنه من بعيد قد تتكون لديك صورة ليست بالدقيقة، ولكن إذا نزلت في الميدان لتتعرف على هذا العلم ستجد أن معلوماتك الذاتية بعيدة كل البعد عن الصحة.. بل ستكتشف بأن ذاتك ليست بذلك القدر الذي تستطيع من خلاله اصدار الأحكام والإفتاء للنفس، وكأنك تريد أن تصبح أحكام الإسلام كالقالب الذي يتشكل كما يريده هواك.. فتوظف النصوص القرآنية في غير محلها، فهذه علامة فتنة.. بل إن اكثر الفتن اليوم هذه بدايتها.   

أدعو كل شاب/ة أصحاب شبهات ومسائل ذهنية عالقة إلى التصريح وسؤال "أهل الذكر" وأهل الاختصاص، فأمر دينك ينبغي أن تحرص عليه أكثر من أي أمر آخر.. يمكنك أن تصل إلى الله تعالى اعتقاداً بعدة أمور.. لكن أحكام الله سبحانه التي حولها العلماء إلى علم من أجل ديموميتها والحفاظ عليها من التحريف والخلط والتزييف، عليك أن تبني جسور العلاقات مع اهل العلم (الاختصاص) ، فكلما بحثت بنفسك عن معلومات يزينها لك عقلك ذو المخزون المعرفي (البسيط) فستصل إلى التناقض.. ليس لأن التناقض موجود أصلاً، وإنما لعلمك القاصر وعدم إحاطتك بجميع الأمور... وعدم فهمك، للسير على الخطوات الصحيح أنت بحاجة على حسن الخلق والتواضع.

محمد حسن يوسف

الأربعاء، 11 مايو 2016

عليك أن تختار


الحمد لله المنعم الستّار.. مكوِّر الليل على النهار، والصلاة والسلام على سيد الثقلين المختار، وعلى الآل والأصحاب من مهاجرينٍ وأنصار، ومن سار على نهجهم إلى درب العِليّين الأبرار، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم، وحسِّن أخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، واجعلني ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

يُولد الإنسان منّا على وجه لم يختر منه أياً من المقادير من حوله، فلم يكون لنا الخيار في الوطن الذي نعيش فيه، ولم نختر والدينا، لوننا، مجتمعنا، بل وحتى ديننا (فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، ولكن.. هل هناك أشياء بإمكان الإنسان أن يختارها؟ أشياءٌ تحدد مصير حياته الدنيوية والأُخروية؟ نعم.. ليس ذلك فحسب، فالأشياء التي علينا اختيارها يجب أن تتم بدقة متناهية.. بعيدة عن شحنات الهوى ووسوسات شياطين الإنس والجن.

الدين:

يالي من متناقض، فقد قلت بأن الدين من الأشياء التي لم نخترها.. وذكرت نصاً استشهد به (فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، ولكني هنا انظر إلى النص الشريف كاملاً: "ما من مولود الا ويولد بالفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه". ولم يقل صلى الله عليه وسلم "أو يأسلمانه" لأن الفطرة التي وُلد عليها الإنسان ستقوده حتماً إلى الإسلام ما إن استخدم آلة عقله بالشكل السليم، وهنا تأتي المعضلة العظمى.. فالمسلم بحسب علمه بدين الفطرة ينقسم إلى أقسام: الأول عالم بالدين، ضليع في علوم الشريعة المختلفة من فقه وحديث وعقيدة وما ينبثق من كل أولئك من علوم تم تنقيحها وتداولها على أُسس منهجية علمية طوال 1400 سنة مضت، والثاني هو العاميّ الذي يكتفي بمعرفة الضروري من دينه الذي يستطيع من خلاله أن يُسيّر شؤون حياته، أما الثالث فهو عنده من المعلومات ما هو أكثر من العاميّ، لكنه غير منضبط بالمنهجية العلمية التي يتمتع بها العالم من جهة، ومن جهة أخرى غير مؤسسٍ على تزكية النفس التي لا تنفك اكتساب العلم في الأهمية (ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة)، فيقع في المحظور لظنه بأنه فوق العاميّ.. ولنا في سامريّ بني إسرائيل عبرة عندما قال لموسى عليه السلام: "بصرتُ بما لم يبصروا به"، فأمرهم بعد ذلك بعبادة العجل، ولنا في عمرو بن لحيي الخزاعي الذي جرجر الأصنام إلى جزيرة العرب وجعلهم يعبدونها من دون الله سبحانه، إنها ذات النظرية (بصرتُ بما لم يبصروا به)، هنا عزيزي المسلم.. إن لم يكن منهجك علمياً سليماً مقوماً بتزكية النفس والأخلاق، ولم ترجع إلى أهل الذكر عند وجود المعضلات والشبهات لاعتقادك بقدرتك الذاتية على المواجهة باكتساب معلومات هنا وهناك.. فاعلم أن العاميّ أفضل منك.. وبالذات ذلك العاميّ الذي سأل عن الصلاة والصيام والزكاة النبيَ صلى الله وعليه سلم وعلق على تلك الإجابات قائلاً:" والله لا أزيد على هذا لا أنقص". فقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم:" أفلح إن صدق". فهو مطمئن الإيمان عارف بالعبادات، أما أنت فستصبح مثيراً للشبهات إن لم تكن مصنعاً لها، وستتبع هواك لحلها لأنك لا ترجع إلى أهل الذكر.. احذر، فإن ذلك بداية كل فتنة.. وأساس الفكر المندس في ذهن كل مفتون.

مصادر المعرفة:

وهنا أوصيك بعد أن حددت طريقة اكتسابك للمعلومات وما الذي تريده منها أن تنوع من مصادر المعرفة لديك.. فالخير ليس من باب واحد، وما دمت تتمتع بوجود أرضية صلبة متينة من المنهج العلمي الصحيح والأخلاق الرصينة فلا خوف عليك، حاول أن تناقش أفكارك العلمية وما يدور في ذهنك.. فليس ما تكتسبه من علوم قد يكون صحيحا مطلقاً، فالنقاش والمحاورة يعطيانك تنقيح تلك الأفكار، فإذا ظلت في داخلك سيكبر عندك الشعور بصحتها، وأما إذا بحت بها وقبلت النقاش حولها ستستطيع تنقيحها وتصويبها واكتساب المعلومات الصحيحة بدلاً من الخاطئة إن وجدت، سيساعدك على ذلك وجود التواضع وكسر النفس، وتذكر.. أن كلمة (يزكيهم) جاءت قبل (ويعلمهم الكتاب والحكمة).

الأصدقاء:

احرص على وجود أصدقاء نصوحين صادقين، يرشدونك الى الخير وإن قلت ساعات لقياهم.. فإن المرء على دين خليله، أو كما قيل فإن كل قرين بالمقارن يقتدي، هناك المعارف الذين ترميهم لك الحياة.. فاختر منهم الأفضل لتصاحبه، اختره بعناية بدون مجاملة.. فإن فعلت فأنت الخاسر، لأن أصدقاء السوء ليس من يؤثر في سلوك أخيه فحسب.. بل من يمتص طاقات وقدرات صديقه لخدمة أغراضه الشخصية بدون منفعة حقيقية دائمة، وكما قال الأولون من أهلنا على الطريقة الشعبية (الربع .. ياخذون منك ماتخذ)، أي ما استطاعوا أن يأخذوه منك فسيفعلون.

المعلم:

سواءً كان كاتباً، خطيباً، شيخاً.. عليك أن تسعى جاهداً نحو من يعلمك الخير، ولا تخجل من جهلك، فالاعتراف بالجهل يوصلك إلى حقيقة العلم، أما إدّعاء العلم فيوصلك إلى حقيقة الجهل، وقد دأب الملوك والخلفاء على دفع أولادهم ليتعلموا علوم الشريعة والتربية واللغة، ولنا في "هارون الرشيد" الخليفة العباسي المجيد عبرة، ولنا في "آق شمس الدين" مثالاً عظيماً في أثر المربي في إخراج جيل عامرٍ بالعلم والتقوى، كما هو الحال لأسد الدين "شيركوه".. فهذان الرجلان أخرجا لنا "محمد الفاتح" والناصر "صلاح الدين الأيوبي"، وهما من هما غنيان عن التعريف.

في خِضم حياة مليئة باختيارات الزمن، عليك أن تختار.. ما تصل به حياتك الدنيوية إلى بر الأمان، دون شكوك مهلكة، ودون أفكار بائسة عارضة، فلتكن معتنياً باختياراتك.

محمد حسن يوسف

الجمعة، 15 أبريل 2016

سقوط بغداد ( 9 أبريل 2003م)


الحمدلله الكريم المنان، رب الإنس والجان.. والصلاة والسلام على سيد الثقلين من نسل عدنان، وعلى الآل والأصحاب.. ومن سار على الدرب إلى أعلى الجنان، اللهم أكرمني بنور الفهم، وأخرجني من ظلمات الوهم، وحسِّن أخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، وافتح علي أبواب رحمتك.

مازالت تلك الذكرى في ذهني وفي مخيلتي، تلك الأيام التي كنت أجرُّ فيها كتبي خارجاً من المدرسة الإعدادية في عراد راجعاً إلى البيت لأفتح التلفاز.. وعيني تترقب شريط الأخبار، أخبار الحرب الغاشمة على العراق وأهله.. دعك من كلمة "الحرب" وتوقف عند كلمة "العراق"، أرض الأنبياء.. فنوح عليه السلام مر من هناك، وإبراهيم عليه السلام أُلقي في النار هناك، ويونس بن متّى عليه السلام أرض نينوى شاهدةٌ على وجوده، أرض الحضارات.. فسومر وبابل وغيرهم شهداء على عراقة العراق، وأي حرب عليه فهي ليست حرباً خالصة خاصة به.. بل يتأثر بها كل عربي خالص ينبض قلبه بحب إخوانه.

كنت أقضي ساعات طوال.. اترقب شريط الأخبار لأنتظر خبر مقتل جندي أمريكي، أو اسقاط مروحية غازية، أو أي ضربة يتأذى بها العدو، لم أكن أفهم ماذا يعني تجاوز الأمريكان للبصرة.. ووصولهم إلى كربلاء.. والإنزال في منطقة الشمال واحتلالهم المطار.. وظهور الرئيس العراقي في الأعظمية والرسائل التي يتضمنها ذلك الظهور، ولم أكتب المقال لأتحدث عن كل ذلك، فالمكتبات مليئة به وإن كنا لا نقرأ، كل ما وقفت أمامه متعجباً غاضباً هو ذلك العلم الأمريكي الذي ارتفع في وسط بغداد معلناً سقوط النظام، ما زاد من استغرابي هو تلك المشاعر المتناقضة بين سعيد وحزين من الناس، فكنت أقول:" هل أنا الغبي لحزني،أم هم الحمقى لتعطيلهم عقولهم؟!" فطرت أبحث عن كلمة "سقوط بغداد" في قاموس الشبكة العنكبوتية فوصلت إلى نتيجة غريبة.. وهي أن التاريخ يعيد نفسه، فمن يريد أن ينال من العروبة فالعراق طريقه، وفمن يريد النيل من الإسلام فالقدس طريقه، والأغرب أن بعض الروايات في التوراة تخبر بأن تحرير القدس يبدأ من العراق.. فلا يجب عليك أن تتذكر فلسطين – إن تذكرتها – ولا تذكر العراق بدعوة صادقة أن يُعلي الله شأنه ليعود رائداً بالعقول التي يحتويها، بمقدراته التي ليس يملكها أحد، بأن يخرج من أزماته عالياً شامخاً كما عاد وخرج من أزمات مماثلة، ألم تسمعوا بهولاكو الطاغية و تيمورلنك كيف عاثوا في العراق فساداً ودمروه وأخّروه عصوراً مضت؟ولكنه عاد من جديد.. والتاريخ مليء بالقصص والحكايات عن أزمات العراق.

تلك القصص لم يضعها التاريخ لنستأنس بوجودها، فهي عبرة وعظة لمن كان له عقل وفكر، فهاهو القرآن يخبرنا بعد ذكر هلاك قوم نوح عليه السلام وعاد وثمود وقوم سدوم في سورة القمر بقوله تعالى: "ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدًّكِر"، وقوله سبحانه:" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها" ، إن لله سنناً في الكون واقعة لا محالة، فالأمة التي لا تستفيق من صدماتها تستحق الأخرى والتي بعدها، ولن يغير الله من أحوالنا ما لم نغير نحن من تفاصيل قصتنا "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيرا ما بأنفسهم، ولتكن تلك السقطات دافعاً لنهوضنا لا مدعاة لرقادنا.

كنت أنا وأخي "يوسف" نسمع أغنية "منصورة بغداد" أثناء الحرب وما بعدها من صفحات المقاومة الباسلة كجزءٍ من تضامن بسيط مع إخواننا، فلم نكن نقدر على القيام بفعل ذلك المصري الذي أبقى أبناءه الأربعة وذهب يقاتل في العراق.. ولم نكن من المتطوعين العرب الذي قاتلوا حتى آخر رمق من الحرب، منهم من استشهد في الخنادق، ومنهم من انضم إلى المقاومة، ومنهم ومنهم الكثير من لم يستطع الا التفاعل بقلبه فقط، جلست حزيناً بعد الاحتلال، فقلت في نفسي:" حزنت لأمر العراق الذي راح في ثلاثة أسابيع، ماذا لو عشت ذلك اليوم، اليوم الذي (طارت) فيه سيناء المصرية والجولان السورية والضفة الغربية بما فيها القدس الفلسطينية في ستة أيام؟! بالتأكيد كنت سأبكي.. هل مازال ذلك اليوم في أذهاننا؟ أم أننا نسينا؟"

محمد حسن يوسف


الأربعاء، 24 فبراير 2016

الشاب المسؤول


الحمدلله العظيم المنعم، والصلاة والسلام على خير خلقه النبي الخاتم... وعلى الآل والأصحاب أولي الأخلاق والمكارم... اللهم أخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم، وحسن أخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، واجعلني من أهل العزائم.

المتمعن في إعادة ظهور "الشاب المسؤول" على سطح حياتنا من جديد بهذا الشكل المثير للإهتمام يجعل من الأمر مثار حديث واسع وأخاذ، ففي الحديث عن الأجهزة الحكومية المترهلة بحكم ارتفاع معدلات السن العاملة فيها فقد أصبحت ظاهرة تولي الشباب للمسؤوليات كالنور الذي تغلغل في حصون الظلام الحالكة.

إن للشباب مع المسؤوليات حكايات وحكايات مع تولي المراكز والمسؤوليات، فها هو " أسامة بن زيد" رضي الله عنه يقود جيوش المسلمين في مقابلة الروم بوجود كبار الصحابة رضوان الله عليهم في ركبه، وها هو "معاوية بن يزيد بن معاوية بن ابي سفيان" يتنازل عن حكم بني أمية بعد وفاة أبيه وعمره لم يبلغ العشرين ربيعاً بعد، بعيداً عن ذلك وعلى سبيل المثال.. فأعلى منصب بشري على الإطلاق هو تشريف الرب سبحانه وتعالى للعبد بأن يكون نبياً، وهذا الشرف يكون للعقل الذي بلغ مستوى النضج.. فيكون ذلك في سن الثلاثين والأربعين غالباً، أما نبي الله "إبراهيم عليه السلام" فقد كسر القواعد، تقول الروايات بأن سيدنا إبراهيم عليه السلام قد ألقي في النار وعمره لم يتجاوز السادسة عشر.. وقد علم القاصي والداني الحجج التي ألقاها ذلك الفتى على قومه "" سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم"".

مما سبق.. نبحث في عمق مسؤوليات شباب زمننا الحاضر، لنعلم ما يلزم من كون "الشاب المسؤول" مسؤولاً ناجحاً، أتحدث بشكل مبسط عن العقلية التي يجب ان تتوفر في الشاب لربما ساقه الزمن لمركز ما، والمسؤوليات كثيرة وتكاد تكون في كل مكان.. في البيت، العمل، الدراسة.. المركز لا أعني به بالضرورة منصباً دنيوياً، فهذه المراكز الدنيوية تجئ وتروح.. وقد يهبها الله لعباده لحكم نجهلها "لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون".

عزيزي الشاب.. إن الخير والشر ظاهرين بينين، والله سبحانه وهبنا العقل للتمييز بينهما وزرع فينا تلك النفس البشرية الأمارة بالسوء، وبين لنا كما حدث مع أبينا آدم عليه السلام دورنا تجاه هذه الأرض.. ودور الشيطان اللعين في غواية البشر، كل ما علينا هو أن نستمر في إدارة ذواتنا نحو القيم والأخلاق.. بعيداً عن همزات الشياطين، تلك هي مهمتنا الرئيسية.. أصعب مسؤولية على عاتق كل إنسان في أي مركز كان " قل آمنت بالله ثم استقم "... الالتزام بالمنظومة القيمة مع الأهل، الجامعة، العمل.. أي بيئة سيكون فيها هذا الشاب لهو قمة الإحساس بالمسؤولية.

تبدو "المسؤولية" ظاهرة في حياة الشاب عندما يسعى بأن يكون رقم {1} بالنسبة لوالديه، فهو كالخادم بين أيديهم، يفهم احتياجاتهم قبل أن يبوحا بها، من المعلوم أن الوالدين يعبران بمحبتهما للأولاد بشكل متساو قدر الإمكان.. لكن التقسيم الحقيقي للمحبة يكمن في مدى بر الأولاد بوالديهم، فلا يستوي الابن البار بالابن المهمل، فبالرغم من وجود غرفة للإثنين من غرفات قلب الأم والأب.. إلا أن الغرفة الكبيرة والنصيب الأوفر سيكون من نصيب الابن البار بلا شك، فيا سعد من سخره الله لقضاء حوائج والديه، عزيزي الشاب.. مسؤولياتك في الحياة تبدأ من تحت قدمي والديك، أتمنى أن تعي ذلك.

عزيزي الطالب الجامعي، تكمن المسؤولية على عاتقك في فترة الدراسة كونها ستصقل شخصيتك بشكل كبير إن أعطيتها حقها، ما يشعرني بالغثيان على سبيل المثال ما يقوم به بعض الشباب من انتقاد كل شيء يخص الجامعة.. ويرغب في تغيير كل شيء فيها سوى عاداته المرتكزة على الإهمال واللاوعي، ينتقد دكتور المادة.. ولا يفكر في طريقة دراسته لكي يحسن من وضعه، الجامعة هي اللبنة الأولى لإخراج شاب قادر على مواجهة الحياة مهنياً ومعرفياً، والوعي بذلك يجعل من الشاب متنوعاً في مصادر معارفه.. ثابتاً راسخاً رافعاً رأسه راغباً في التطور باستمرار، قد يرى البعض أنني أتكلم بشكل مثالي عما ينبغي أن يكون عليه الوضع.. المشكلة بأننا لا نركز على ما يتوجب علينا كشباب أن نقوم به، ننسى مسؤولياتنا ونلقي باللوم على أي جهة أخرى.. ومن ذلك تبرز لنا الشخصية الساخطة على المجتمع.. المثبطة للهمم.. المبرزة لكل نقطة سوداء، وما أكثر من يقوم بهذا الدور الرخيص.

بعد تأسيس الشخصية من الناحية العلمية والمعرفية والمهنية... يأتي التفكير في مسؤولية الشاب تجاه مجتمعه، قد يكون طرح هذا الجانب تقليدياً... لكن انتبه أيها الشاب، فخير الناس انفعهم للناس، والسعي وراء حاجة أخيك أفضل من الاعتكاف في المسجد، من هنا ينبغي على الشاب نشر ما يملكه من خبرات واكتساب المزيد منها من أجل النهضة باتجاهات شباب اليوم.. وبالتالي النهضة بالوطن والأمة بشكل عام، ما أحوجنا لتقديم نماذج شبابية للعالم كما كان أسلافنا يقدمون في مجال العلم والتنمية.. موضوع كهذا يجب أن يكون كالهم لجميع أطياف المجتمع، ولكن هموم الدنيا المادية طاغية على كل هم.

هذه نظرتي للمسؤولية.. فهي ليست متعلقة بمنصب أو مركز تحصل عليه، فذلك المركز قد يهبه الله لمن ليس أهلاً له، ويبعد عنه من يستحق ... كما أن الدنيا لا تبرز الا ما هو مبرزٌ لوصفي الدني، نظرتي للمسؤولية ترتكز على ما ذكرت من حرص على الالتزام بمنظومة قيمة يستمر فيها الإنسان دون ضعف... ترسيخ لمسؤولية الفرد تجاه والديه واسرته، توضيح لمسؤولية الشاب في تأسيس ذاته معرفياً ومن ناحية الزيادة في الخبرات قدر المستطاع في سبيل نهضة المجتمع والوطن والأمة، أما تلك المراكز الدنيوية.. فهي صورة للمسؤولية، وليست روحها.

 
محمد حسن يوسف