الأحد، 30 أغسطس 2015

بليف - 2015

لكل حدث يمر في حياتنا لابد من جلسة تقييم مع الذات، تلملم فيها من الافكار الشتات .. فإن لم يكن فما حافظنا على القيم والأخلاق وحسن الصفات، وسنقول بعدها: " يا حسرة على ضياع الأوقات"، أن تحصل على فرص تدريبية .. وتتعلم وتتعلم .. ذلك ليس بدليل على حيازتك للخبرات، لابد من مقياس .. فماذا استفدنا؟! وماذا حملنا من القيم والسمات ؟!

هذه تجاربي اضعها لأقيم بها نفسي (رحم الله من اهدى إليّ عيوبي) .. واشارك فيها غيري (المؤمن مرآة أخيه) ،  برنامج "بليف – 2015 " حمل العديد من التفاصيل المختلفة عن كل عام ... احببت أن انقلها بأسلوبي الخاص، انا إنسان منفتح على الكثير من الرياضات سواءً كانت على مستوى الكرة او التنس او العاب القوى ... ومنها استطعت اكتشاف ذاتي، إن للسنن الكونية قوانين تخص النجاح تنطبق على الرياضة وغيرها، وما علينا سوى اكتشاف تلك القوانين أينما كانت ... فالحكمة ضالة المؤمن.

اختيار القائد :

كما أن للقائد مهاماً يؤديها في المجموعة حسب موقعه .. فإن لاختياره بعض المبررات النفسية الدالة على شخصيته من جهة، ومعرفته  بأعضاء المجموعة وما سيقومون به من جهة أخرى، فنجد أن فرق كرة القدم مهما اختلفت الأسماء وتنوعت مميزاتها الدفاعية والهجومية ... فإن اغلب المدربين يفضلون ان يكون حامل شارة القيادة لاعباً في منتصف الملعب، او لاعباً في خط الدفاع او حتى حارس المرمى ... والقلة منهم يعتمدون على المهاجم،فلماذا؟! انظر للعوامل التالية فستعرف :

# يعرف القائد كل صغيرة وكبيرة عن فريقه، وينظر لعملية اداء الفريق بصورة مختلفة عن اللاعب العادي.
# سهولة اكتشاف الخلل من موقعه،وسرعة توجيه اللاعبين في الفريق لضرورة التصحيح.
# قريب من معظم اللاعبين، يستطيع أن يقوم برفع الروح المعنوية من خلال كلامه معهم في وقت بسيط.
# التأكد باستمرار بأن كل اللاعبين يقومون بواجبهم على اعلى مستوى.

مما سبق يتبين لنا ما يلي :

# القائد في المجموعة "البليفية" يكون تركيزه مرتفع في كل حين..يراقب كل اعضاء المجموعة ويصحح المسار، لا يتجاهل الأخطاء وكأن الأمر لا يعنيه .. يشد من أزر مجموعته ويهيئهم لما هو قادم لكي يستعدوا له .. يبادر في حل المشاكل بين الأعضاء.

الجلسات النظرية..الإخلاص في التعلُّم :

في كرة القدم .. التمرين بالكرة ليس كل شيء، بل هناك جلسات نظرية يتم من خلالها شرح الأخطاء ، الخطط ، المهارات .. الخ ، التنظير أساس كل شيء .. حتى في كرة القدم.



مما سبق يتبين لنا التالي :

إن لم تكسر نفسك وتجلس لتتعلم فلن تتطور...قد تجعل منك الألعاب والأنشطة الجماعية إنساناً سعيداً، لكن ما مدى استفادتك من هذه الألعاب والأنشطة؟! هذا هو الأهم .. من التعليقات التي لا احبذها في وجود المحاضرات هي : ( ملل ، يوم كئيب ) ... نحتاج إلى الأنشطة للتغير، عزيزي الطالب .. لسنا في روضة للأطفال لنعطيك الألعاب التي تسر خاطرك بدون ان تتعلم شيئاً جديداً مؤثراً، عليك ان تكسر نفسك من الداخل وتستفيد من كل ما يدور حولك، غيرك يتمنى هذه الفرصة ... انا شخصياً كنت اتمنى أن اكون مكان الطلاب لأستفيد واتعلم اكثر.


تنوع الأفكار والمحاولات:

ما يعجبني حقاً في كرة السلة هو ضرورة ابتكار خطط هجومية ودفاعية باستمرار، اكثر من أي لعبة اخرى بغية الوصول إلى السلة بطرق مختلفة وغير مُكتشفة قدر الإمكان.


مما سبق يتبين لنا التالي :
دائماً ... دائماً ، هناك طرق افضل لفعل الأشياء .. انطلقوا من قاعدة افكار عريضة، ولا تضعوا أنفسكم في عنق زجاجة ، اسبحوا في بحر الخيال ففيه من الأفكار ما يغنيكم، كثيراً ما نقول بأنه ليس للإبداع حدود .. فإذا جلسنا نفكر فلا نتحرك الا في مساحة صغيرة محدودة !!


نقطة تحول:

في عالم التنس الأرضي .. قد يظهر أحدهم بمستوى خيالي يقهر المنافس،ولكن مع الصبر والتركيز قد تأتي نقطة تحول تنقلب فيها الأمور فيصبح اللاعب "الخيالي" كالحمل الوديع ويخسر المباراة مع مرور الوقت بسبب :
# الإرتخاء الذهني وعدم الإنتباه .
# ظهور نقاط ضعف مع مرور الوقت لم تكن موجودة .
# ارتكاب الأخطاء مما يعزز ثقة اللاعب الآخر في نفسه .
# مع الصبر والمثابرة من اللاعب الآخر ..تنقلب الأمور،تنقلب بسرعة رهيبة لا تصدق.
# الخوف من المكسب يغير مجرى المباريات.


- لاعب تنس يرتكب خطأ فادحاً بلمس الشبك عن طريق الخطأ في الأشواط الحاسمة وكان متقدما في النتيجة مما أثّر عليه ذهنياً وخسر المباراة فيما بعد .

مما سبق يتبين لنا التالي :

مهما مررت من مراحل في أي منافسة، لا ترتخي حتى تنتهي...لا تفرح بالتفاصيل وانت لم تنجز العمل بصفته الكاملة، تمتع بقلب قوي وشخصية قوية تمكنك من الوصول إلى خط النهاية بسلام وبعد ان ينجز الفريق مهمته .. ليس قبل ذلك،فمن يدري متى ستكون نقطة التحول تلك ...وبعدها يصعب التدارك ، وتنفلت الأمور ... وهذا ما حدث بعد العرض الإبداعي حيث ظهرت الأخطاء، وبان الإرتخاء الذهني... "فطارت" الدرجات.

خط النهاية .. المعركة الحاسمة :

في الجري على مسافات متوسطة، يقوم العداؤون بعمل خطط معينة.. منهم من يريد ان يقوم بدور الأرنب فيقود السباق من بدايته إلى نهايته منعاً لفرص المفاجأة ... ومنهم من يحب ان يتربص فيبقى في المركز الرابع او الخامس ليس ببعيد عن المقدمة من اجل ادخار الجهد والإنقضاض على المقدمة في اللحظة المناسبة والحرجة فلا يمكن لمن خلفه تدارك الوضع واللحاق به، بين الخطتين عامل مشترك وهو "" الركض بأقصى سرعة في اللفة الأخيرة"" .


- خسارة العدّاء المغربي "هشام الكروج" للميدالية الذهبية بعد قيادته للسباق منذ البداية .. خسر في "اللفة الأخيرة" . 

مما سبق يتبين لنا التالي:

خط النهاية، معركة تتطلب بذل اقصى الجهود ... وتبذل فيها كل التضحيات الجسدية والذهنية،فلماذا التراخي عند خط النهاية ؟؟؟!! هل رأيت خطة العدّاء الأرنب الذي اراد أن يقود السباق .. هل تعتقد بأنه بمأمن من الخسارة؟! لا .. لا تتراخى حتى يُقال لك بأن السباق قد انتهى..."فريق رُقيّ" كسب معركة "اللفة الأخيرة" بعدم ارتكاب الأخطاء والسير بثبات وتصاعد، نقطة التحول قد تكون بالقرب من خط النهاية.

الجندي المجهول:

هناك لاعب في كرة القدم ، محور الفريق...يقطع هجمات الخصوم... يغطي تقدم الأظهرة...أحيانا يسمح له المدرب بالتقدم وتسجيل الأهداف، بعد كل تلك المهام الحساسة هو معروف في الوسط الرياضي بلقب "الجندي المجهول" .


مما سبق يتبين لنا التالي :

قيمتك الحقيقية بما تضيفه للفريق وليس ما يعرفه الطلبة عنك، كل ما عليك فعله أن تظهر بشخصيتك وتقوم بمهامك...الإنجاز هو معيارك الأول وما يجب عليك أن تصب تركيزك عليه وليس شيئاً آخر، انتهبوا لجنودكم المجهولين ... اعطوهم حقهم واشكروهم.

التصرف تحت الضغوط

يقول الكثير من محللي لعبة التنس ان المهارات بين المصنفين تكاد تكون متقاربة إلى حد كبير، لكن الفارق بين المصنف الأول على العالم والمصنف الأربعين على العالم هو حسن التصرف تحت الضغط .. وذلك دلالة على ارتفاع مستوى الانتباه والتركيز ، و وجود عامل الثقة بالنفس يجعله يتخطى اللحظات الصعبة


- " اندريه اغاسي " .. لاعب تنس امريكي يخشاه خصومه بسبب قوته الذهنية التي تجعله يحسن التصرف ويعود في المباراة في حال تخلفه في النتيجة.  

مما سبق يتبين لنا التالي

كل إنسان معرض  لضغوطات مختلفة، لكن الفارق بين إنسان و آخر هو عملية المحافظة على التركيز وعدم التسليم بالتأثر العاطفي...عليك ان تتصرف بهدوء وحكمة في كل امورك، ولا تفرح بإنجازاتك ... في المنافسة مع الآخرين مادام هناك احتمال لخسارتك فسوف تخسر .. تحمل الضغط والهدوء سيجعلك مستعداً لاستغلال الفرصة متى ما سنحت لك.


محمد حسن يوسف

الاثنين، 24 أغسطس 2015

ولا يزالون مختلفين (2)

الحمدلله هو أهل الحمد والشكر ، والصلاة والسلام على النبي الخاتم كثير الذِكر .. وعلى الآل والأصحاب ، ومن تبعهم إلى طريق الجنان عند المليك المُتقدر .. اللهم أخرجني من ظلمات الوهم ، وأكرمني بنور الفهم ، وحسِّن أخلاقي بالحلم .. وسدد وبارك في افعالي واقوالي.

من الاختلاف ما يؤدي إلى الشقاق والفرقة كما أنه يؤدي إلى حالة من التناغم والإنسجام إذا ما وُجد التفاهم و وُجدت الوحدة، تكون الوحدة بالإلتفاف حول الشعارات العامة لتعمير الأرض والحق والعدل والعيش بسلام لجميع أفراد و طوائف المجتمع .. لكننا لا نعيش في عالم مثالي بشكل او بآخر، فأسأل نفسي: هل نعيش في عصر التمثيليات القومية المذهبية؟! ام أننا لا نريد اقتحام زوايا مظلمة و مواضيع محرمةً الخوض في تفاصيلها؟! فصرنا نناقش مسألة الاختلاف بين المذاهب والعقائد بشكل سطحي .. فندعو ل "صلاة موحدة" وكأن المشكلة في الصلاة وفيها يكمن الحل.

للنناقش بعض ابعاد المشكلة بشكل اعمق بقليل مما يمارسه السطحيون في بلادي، فهيا بنا لِنمر على شركة الإتصالات الكبيرة في البحرين فتصلنا معلومة مفادها "بأن 100% من موظفيها من "طائفة واحدة" في فترة التسعينات"، تعالوا إلى بعض وزارات الدولة التي صارت تعرف بوجود تيارات معينة بفضل وجود مسؤولين طائفيين متحيّزين، عندما كنت طالباً في جامعة البحرين سمعت أحد النشطاء الطلابيين يقول:" انا إذا اجوف اسم (مب عدل) بيدش الجمعية –الطلابية- ما اقبل". لنعترف أن هناك عقليات متفشية في مجتمعنا بهذه النوعية "الجاهلية" .

اعترافنا بوجود الاختلاف سبيلنا لحل الموضوع، لنعترف بأن مذاهبنا وإن اشتركت في خطوط عريضة إلّا أنها تسير في خطوط متوازية لا تلتقي مع امتدادها، مجرد وجود الاختلاف ليس جريمة تعاقَب عليها البشرية جمعاء، لن يكون بإمكانك أن تجعل الناس قائمين على مذهب واحد .. كل ما عليك أن تُقرَّ بوجود كل المذاهب والثقافات، وان تتعامل معها بعيداً عن الحقد والحسد والبغض .. بل وحتى بدون حساسية زائدة، بل باحترام وتآخٍ وحفظ لكل ذي حقٍ حقه. 

إن الإنسجام والتناغم يحدث بين الطوائف على اسس من توحد الاحتياجات، فالكل يرغب في تحصيل العلم .. وإيجاد الوظيفة وسبيل العيش .. والتأثير في المجتمع ببصمة إيجابية في كل الميادين، والحق في ذلك للجميع .. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، فالله سبحانه لا يحابي الكسالى .. المتذمرين .. الجُهّال .. المتقاعسين، ويكافئ المجتهدين المثابرين على ما يبذلونه، هذا هو ميدان التفاضل، امّا بالتحيز الأعمى -"خل ربعنا يستفيدون"- وبقاء هاجس من الخوف في التعامل مع اشخاص من طوائف اخرى والتصرف في المناصب والمراكز القيادية مهما كان مستواها وكأنها حِكر على طائفتي فلن نبني بذلك أي وطن ... بل وكأننا نسير في طريق "الجاهلية الحديثة" ، ولن تنفعنا لا "صلاة موحدة" ولا غيرها من "التمثيليات" التي يعرف الناس بأنها ليست طريق الوحدة الحقيقية .. الوحدة تطبيق عملي في واقع الحياة قبل كل شيء.  

محمد حسن يوسف


الأحد، 23 أغسطس 2015

ولا يزالون مختلفين (1)

الحمدلله العظيم المتعال .. خلق الأرض وثبتها بالرواسي الجبال ، والصلاة والسلام على النبي الهادي الأمين ، والآل الطاهرين ، والأصحاب المكرمين .. ومن تبعهم بحسن الأقوال والفعال، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم ، وحسِّن أخلاقي بالحلم، و زدني من بركات العلم... واغنني بفضلك عن من سواك .

يخلق الله في عالم الأرواح ما يتآلف ويختلف .. الألفة بين الناس ترسيخ للمحبة والمودة ، والإختلاف سنة كونية لا مناص منها ( ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم ) ، ستجد أن من الأرواح من يتآلف مع بعضها البعض دون سبب ... وتنفر من بعضها بدون سبب ، تجد نفسك أن أحدهم قد دخل حجرات قلبك وعمّرها بالحب .. ولم يتسنى لك معرفة السبب ، وقد تلفظ أحدهم من حياتك كما تلفظ الطعام الذي لا تريده من فمك من شدة الكراهية .. قد يكون ذلك بدون سبب حقيقي.

الأحوال تتغير ، والحبيب قد يصبح عدواً( أحبب حبيبك هوناً ما ،عسى أن يكون بغيضك يوماً ما)... فكيف نتعامل مع هذا المتغير إن حدث ؟! هو حديث ثقيل على النفس .. فهل جربت أن تجبر نفسك على أن تتكيف وتتصرف بحكمة في ظل هذا الموقف ؟! اعلم عزيزي القارئ أن الله سبحانه وتعالى كما أمرك بالعدل حتى في القريبين منك (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) فهو سبحانه قد وضح لك جانباً آخر بقوله تعالى: ( ولا يجرمنكم شنئان قوم على ان لا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى ) ... إذا خاصمت أحدهم أو فارقته لأي سبب ، فهل ترغب أن يُدار حولك حديث لا تحبه .. فتتناقله ألسنة الناس زوراً وبهتاناً عنك ؟!

إن لم تشأ أن تكون في هذا الموقف فاعدل .. اعدل مع خصومك قبل رفقائك ، اعدل مع من يكرهك قبل من يحبك ، اتأمل أحوال خصوماتنا في هذا الزمن وأقول: " مالذي يميزنا عن المنافقين ؟! أليس الفجور في الخصومة دلالة على الحقد والحسد والبغضاء المضمرة ؟! " .. ألا إن العدل مع الخصومة مدعاة لخروجك من أي موقف ولو كان سلبياً بقلب سليم ، مهما دعاك الغيظ لأن تقول في خصومك ما تمليه عليك نفسك فلا تطعها وتقع في خصال النفاق .

المرء كلما ألبس قلبه لباس الرفق بالناس .. وعمّر قلبه بالتواضع ، زاد تركيزه على تقييم ذاته تقييما واقعياً اكثر من أي شيء .. و زاد ميله لميزان العدل ، فيعرف مقدار ذات اليمين وذات الشمال .. سلبياته وإيجابياته ، فإذا وقع في عداوة هانت ردات فعله ، يقول في نفسه : " قد لا يحبني كل الناس فهذا أمر وارد ، وقد يطيع البعض خواطر السوء في انفسهم فيخوضون في اسمي و يلوثون سمعتي بناءً على عداوتهم معي .. لكنني لا أبادل الناس بالمثل ، بل بالتي هي أحسن" . فاختر لنفسك ما تريد أن تكون صورتك عليه ، لن يرضى عنك الجميع .. فإما أن تكون عادلاً  سمحاً ، عن عيوب الناس غافراً متعذراً ، أو أن تكون عدواً باغضاً .. ذو قلب مُعتل ، تحقد وتبغض وتكذب ، فتكون منافقاً دون علم .. تذكر ، لا يجب على الناس أن يكونوا سواءً في كل شيء .. متحابين على كل شيء (ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم ) .

محمد حسن يوسف

السبت، 22 أغسطس 2015

بر الوالدين..و جبر الخواطر

الحمدلله الواحد الأحد، والصلاة والسلام على حامل لواء الحمد أحمد .. وعلى الآل والأصحاب، و من على نهجهم سار ولله وحّد .. اللهم أخرجني من ظلمات الوهم ، وأكرمني بنور الفهم ، وأنزل علي من بركات العلم ، وحسّن أخلاقي بالحلم ، وافتح علي من ابواب رحمتك ..

يتقلّب "الوالدان" في طريقة تعاملهما مع أولادهما بحسب الزمن وظروف التربية من جهة .. وحسب احتياجات الوالدين الذاتية من جهة أخرى، فتقوم " الأم " على سبيل المثال بالتعامل مع اولادها بطريقة دكتاتورية أحياناً وتفرض عليهم آراءً محددة غير قابلة للنقاش .. وقد تلبس ثوب الديموقراطية فتترك للأبناء حق اتخاذ القرار ، قد تتخذ أحدهم صديقاً .. تسامره ، تشكي لها حالها وتعبر له عن ما بداخلها ، تطلب المشورة والمعونة ، تنزل إلى مستوى أعمار اولادها فتستمع إلى حكاويهم وهمومهم .. وتحاول معايشتها .

إن قيام " الأم " بهذه الأشياء ينبغي على الإبن التساؤل بينه وبين نفسه .. لماذا تقوم والدتي بتلك الأمور ؟! مالذي يتوجب علي فعله ؟! إن قيام الأم بإعطائك حق الإختيار في قضية ما لا يجب أن يشعرك بأنها ستعطيك حق الإختيار في كل شيء .. فاحترم ذلك ولا تتكبر على رأيها وإن ظهر لك عدم صوابه .

إن اتخذتك كالصديق .. تفضي لك مافي خاطرها ، فاسمع .. قد لا تكون " أمك " قد توقعت منك إعطاءها أي حل لكل مشكلة تواجهها ، هي تريد من يسمعها ويتحمل مسؤولية بعض الأمور معها ولو بالمشاركة في التفكير، اسمعها .. افهمها .. ولا تنسَ بأنك اولاً وأخيراً في دور "الإبن" ، فلا تتكلم بشيء يجرح مقام والديك وإن كان بالمزاح. 

إذا كررت عليك " أمك " بعض الأوامر .. فافهم أنها تريد ان تربيك و تعودك على سلوك معين، فهم سلوك والدتك أثناء التربية عامل يساعدك على جبر خاطرها .. واعلم أن والديك لن يتوقفا عن القيام بإصدار الأوامر ومحاولة تقييم سلوكك و تقويمه ماداما يملكان الفرصة للقيام بذلك .
بر الوالدين لا يكون بالمناوبة .. بل بالفراسة والاستباقية ، كان السابقون إذا تحدثوا عن الجنة يقولون كلٌ في خاطره : " لن يسبقني إلى الجنة أحد " . أن تكون مستعداً لخدمة والديك قد لا يكون ذلك كافياً ... بل عليك أن تكون مسابقا لذلك ، كم أغبط ذاك الشاب الذي يختاره والداه لخدمتهما ... نعم، أن تكون باراً بوالديك بالإستباقية فبها ونعمت .. أما إذا اختارك والداك واستخدماك لبرهما و خدمتهما فأنت " محظووووظ " ، قد يكون ذلك جزءً من التربية الربانية دلالةً على تقصيرك ... ليذكرك بوالديك وتجعلهما في حسبانك.

حاول أن تفهم والديك فهماً دقيقاً، قد يكون سلوكك الظاهري بتقبيل الرأس وحسن الكلام ليس كافياً .. كلما كبرت أنت في السن احتاجا لِأن يفخرا بك ، وكلما كبرا في السن احتاجا ان تبرهما اكثر .. فهم حبك الأول ، واعلم أن جبر الخواطر من أعظم العبادات .. أفلا يكون جبر خاطر والديك أولى من إرضاء هواك ؟!

اللهم ارزقني حسن القول وحسن العمل 

محمد حسن


الجمعة، 14 أغسطس 2015

هل انا مجنون ؟!!

الحمدلله الكريم الوهاب ، مجيب الدعوات غافر التوب شديد العقاب ، يعطي من نعمه الصالح والمقصر ومن تاب .. والصلاة والسلام على خير عباده وحبيبه الأوّاب .. وعلى الآل والأصحاب وكلهم أحباب ، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم ..واكرمني بنور الفهم .. وحسن أخلاقي بالحلم .. وزدني من بركات العلم .. وافتح علي بخير ما عندك، ولا تحرمني بشر ما عندي يا كريم.
بالرغم من عمري الصغير .. لكنني أشعر بأنني اكبر بكثير ، فعلت أشياء طوال حياتي المتواضعة لامني عليها الكثير من الناس القريب منهم والبعيد ، حتى أحسست بأنني مجنون ، فركنت بعدها إلى "الدلاعة" قليلا .. لعلي أحُس بالفرق واكتشف موقفي وطريقة تفكيري :

كرة القدم

# عندما كنت أمارس كرة القدم في المدرسة .. كنت أعود إلى المنزل ب"تركسوت" ممزق جهة الركبتين في كثير من الأحيان نتيجة كثرة السقوط ، وحتى عندما كبرت في السن صرت لا أخشى الإحتكاكات مع الغير وإن كانت مؤلمة جدا .. فتعرضت لكسور ، رضوض ، إلتواءات ... ولكنني سعيد ، فهل أنا مجنون؟!

# لعبت مباراة في كرة القدم بين المغرب والعشاء .. واصبت بتسديدة جاءت على بطني فطرحتني أرضاً من الألم ، وكان علي أن العب مباراة أخرى بعد انتهاء تلك المباراة .. فأكملت المباراة ، ولعبت مباراة أخرى .. فهل أنا مجنون ؟!

# أُصبت بالتواء في كاحل القدم ، ولكن هناك مباراةً قد حدد موعدها مسبقاً .. وصادفت يومين بعد اصابتي ، فلعبت المباراة .. ولم اتمكن بعدها من المشي بسهولة لأن قدمي قد "انتفخت" !!

# استمتعت بلعب الكرة ... جزء كبير من شخصيتي استلهمته من لعب الكرة .

العمل التطوعي
# تعرضت للإرهاق في إحدى المخيمات الربيعية وكنت حينها قائد مجموعة .. ولم أصل إلى فراشي الا بمساعدة الطلاب ، واضطررت بعدها بيوم لكي ألعب كرة الطائرة مع مجموعتي لأساعدها في حصد النقاط .. رآني حينها "راشد المضاحكة" وقال : انت مينون !!

# فتح علي باب الرزق وحصلت على أول وظيفة ، فسألوني : " هل عندك ارتباطات؟! متى سيكون بامكانك أن تلتزم بالعمل ؟" فقلت : "لين يخلص المخيم" .

# اعظم المواقف التطوعية في حياتي هي تلك التي قلت فيها " لا" لمنصب ، مركز ، تشويه سمعة ، ضرب الناس ببعضهم .

# في صيف 2013 ، كان برنامجي اليومي كالتالي .. عمل ، دورة تدريبية ، مدينة الشباب ، استعداد لمسرحية ... فجلست معي والدتي موبخة ومعاتبة و توجهني لضرورة مراعاة صحتي خشية الوقوع في وحل الإرهاق ، فاعتذرت عن الدورة التدريبية وعن المسرحية ، كانت والدتي تلحظ التقلصات العضلية التي أصاب بها عندما توقظني لصلاة الفجر .. واخشى الصراخ منها لكي لا يستيقظ اخي الصغير من نومه .

الوظيفة
# كانوا يطلبون مني البقاء في مناوبتين متتاليتين وأقبل .
# لا أغيب عن العمل الا لمرض مرهق .. (الزكام والكححة) هاي مو أمراض .
# لا هدوء في العمل .. حركة دائمة .

منوعات
# إذا أحببت شيئا ما ، فإن كل شيء أملكه يكون على المحك .. من أجل ما أحب .

# أصبت بخلع في الكتف ، وركبت سيارة الإسعاف .. ولم يعلم اهلي بالأمر حتى عدت إلى البيت.

# كنت أمشي من "جامعة البحرين – مدينة عيسى " إلى المحطة الرئيسية للنقل العام عندما انتهي باكرا من المحاضرات لأنه لم تتوفر لدي سيارة .

# في مسابقة "بيتكم بيتنا" ، كان بحوزتي مبلغاً جيدا جدا سيساعد الفريق ... فطلبت مني والدتي أن اعطيها بعض المال هي في حاجته ، فأعطيتها المال كله الذي جمعته للمسابقة ... وانتظرت نزول الراتب ، واخذت نصفه للمسابقة ، بعد المسابقة .. لم ألمس راتبي الشهري لمدة شهرين ، لأن الأموال التي صرفتها قد أرجعها الله .
# اضطررت في الكثير من الأحيان في الذهاب إلى العمل في سيارة دون مكيف ، خارج السيارة أبرد من داخلها .

سؤال : هل هذا الجيل " دليع " .. أم انا المجنون ؟! إن كنت أنا المجنون .. فأنا استمتع بجنوني .. فلن أعيش الا حياةً واحدة .

محمد حسن يوسف



الأربعاء، 12 أغسطس 2015

تغيير الذات..درب الناجحين


الحمدلله الرحيم الرحمن ، المتفضل على عباده الكريم المنان .. والصلاة والسلام على خير ولد آدم من نسل عدنان ، وعلى الآل والأصحاب ، ومن سار على دربهم وسلك طريق الأمان .. اللهم أخرجني من ظلمات الوهم ، وأكرمني بنور الفهم ، وحسن أخلاقي بالحلم ، وزدني من بركات العلم ، وافتح علي طريق الجنان بالإحسان .. والطف بي عند مروري بسلاسل الإمتحان.

يقولون : " من الصعب أن تقنع إنساناً بأن يكون شخصاً آخر ". فالشاب عندما يتبلور في بيئة معينة محددة يتشكل فكره وتتحدد شخصيته في قالب واحد عادةً ما يكون صلباً جدا، عزيزي الشاب .. إن الحياة لا تثبت على حال ، وكل مرحلة ولها متطلبات ، فهل ستخبرني بأنك ستواجه كل حال بذات واحدة ؟! بشخصية واحدة ؟! بمهارات محدودة يمنعك من اكتساب المزيد منها الخجل واستنقاص الذات والاتكال على الغير .. وبالتالي الرغبة في البقاء داخل منطقة الراحة ؟!

كما أن الإنسان إذا لم تتجدد أفكاره ولم يتطور يصبح عرضة للهلاك والإنقراض كسلفه الدايناصور .. فإن الذات إذا لم تتجدد وتتفاعل بمعطيات المرحلة فإنها تتعرض للتهميش والتجاهل من الغير، فنصبح بلا فاعلية حقيقية في مجتمعنا .. وهذا ما يتعارض مع أصل من أصول وجودنا في هذه الحياة ( إني جاعلٌ في الأرض خليفة ) .. قد تعطي بعض الهوامش القليل من الفوائد ، لكن الذات التي لا تتطور ستكون زائدة في المجتمع، والزيادة في الشيء نقصان ( إن لم تزد شيئا في الدنيا فاعلم أنك زائدٌ عليها) .. فمالحل ؟! كيف نزيد من قابليتنا للتغيير ؟!

لكي يقتنع الإنسان بضرورة أن يتغير لابد له من التمتع بالتواضع .. فهو يجعله يرى نفسه دون ما يصنع، وينظر للآخرين على أنهم افضل منه، وينقش في ذاته بحثاً عن عيوبه .. فتلين نفسه، ويطيب قلبه، ويستقبل المعلومات الجديدة ويكتسب المهارات المتنوعة بطيب نفس دون تكبر وتعالٍ .. و دونما استنقاص لنجاحات الآخرين، فيُقِر بفضل غيره .. ويرغب بأن يكون مثلهم ناجحاً.

هل وضعت نفسك على حبل "نشر الغسيل" لتنتقد ذاتك بتجرد وبدون عاطفة ؟! إذا كنت قد فعلت ذلك فتلك خطوة جريئة فعلاً، فالناس لا يحبون نقد ذواتهم، بل يعطون لأنفسهم اشارات يظنون بأنها إيجابية ليبقوا في منطقة الراحة .. وبالتالي عدم التغيير والفعالية في الحياة، حلل ذاتك .. ماهي أحلامك؟! ماذا تملك وماذا تحتاج ؟! ماهي المهارات التي تحتاجها ؟! ماهي الصفات التي تريد اكتسابها ؟! ماهي السمات في شخصيتك إن بقيت على حالها فإنها ستضرك ؟!ّ كن صريحاً مع نفسك ولا تنافقها و تخدع ضميرك ، فإن ذلك لن يحرك من حالك ... ولا يغيب عن ذهنك سؤال من حولك (أهلك،أصدقائك،أهل التخصص والخبرة) مستنداً على تواضعك الذي سيجعلك تتقبل آراءهم بكل سرور .. قد يكون طريق التغيير أحيانا مقرونا بوضعك تحت الضغوط والتحديات، انتبه .. إن لم تتغير تحت الضغط نحو الأفضل فمتى تتغير؟!!!  

اعلم عزيزي الشاب .. بأن الله يسير لعباده من الأحداث والأشخاص والأشياء مما يجعل بعض الظروف من حولك تكون نقاط تحول في ذاتك، يبقى المعيار هو درجة تفاعلك واستجابتك لتلك الظروف .. فتتبين من خلال تلك الاستجابة مدى التغيير الحادث في ذاتك ... أنت من تختار طريقك، إما إلى التغيير وعمارة الأرض ووضع البصمة .. أو العيش عيش الكثيرين في تلك الحياة ، لا أثر ولا خبر ، مستسلمين لظروف الحياة ، أُناس "عاديين" سيسألهم الله عن ما حباهم الله به من نِعم .. فلا جواب.  
 
محمد حسن يوسف