الخميس، 2 نوفمبر 2017

الرياء.. حيث لا يراك أحد


في سطوري هذه أحاول تناول الموضوع من وجهة نظر لا يلتفت إليها كثيرون، اعلم أن الموضوع قد قُتل كتابةً ومناقشةً وكيلاً للاتهامات يمنةً ويسرة، واعلم أن الحكم على نوايا الآخرين ليس من شأن الإنسان قاصر النظرة والعلم، ولكن.. دعك من الآخرين، لننظر إلى أنفسنا.. فمن سخّر نفسه ليحكم على نوايا الآخرين يُستدل بذلك على فراغٍ في نفسه وجهالة، كل ما سبق قد أُشبع كلامًا.. فما الجديد؟!

دعنا أولا نقف عند مصطلح الرياء لنصل إلى فكرتنا بوضوح، الرياء هو" أي (طاعة) يقوم بها الإنسان من أجل أن ينال استحسان الآخرين"، فلا يدخل في هذا التعريف العادات اليومية التي يقوم بها الإنسان من الاهتمام بمظهره وهندامه وسلوكه العام الذي يراعي الفرد فيه المجتمع، نجد بعد ذلك أن الرياء قد يختلط بعمل الإنسان.. فقد يتداخل مع جزءٍ من الطاعة، وقد يسيطر عليها كلها.. فيحبط العمل ويذهب هباءً منثورًا، ولكن.. دعنا نتفكر في نوعٍ من الرياء، خطير وفتاك.. يلحق بك ربما بعد عملك المخلص، وتكمن خطورة هذا النوع من الرياء هي أنك قمت بتلك الطاعة "وحدك" بعيدًا عن أعين الآخرين.

يتوجه الفرد منّا إلى عمل الطاعات وخدمة المجتمع بالإعمال التطوعية المتنوعة بتوفيق من الله عز وجلّ، ولكن ذلك لا يعني بأن ذلك الفرد اصبح بمعزلٍ عن امراض النفس، فإذا لم يتم تقديره كما يجب قام يُحدِّث نفسه قائلاً:" انا من فعلت كذا وكذا وكذا، لماذا لا يتم تقديري بالشكل اللائق؟! لماذا لا يقدمني الناس في مجالسهم وأحاديثهم ويعطوني قدرًا من الاهتمام الذي استحقه كناشط اجتماعي وشبابي؟! لماذا تتجه تلك البقعة المضيئة إلى من لا يستحقون ؟! أقوم بإنتاج الكثير خدمةً للمجتمع فأين التكريم الذي استحقه؟! ، ومثل تلك الأسئلة كثيرة.. ومداخل السوء على نفسك البشرية لا تنقطع.. وكلما تفاعلت مع خواطر السوء كان الأثر سريعًا على تصرفاتك، فتحبط اعمالك التي فعلتها بإخلاصٍ وتفانٍ لأنك خالطتها برياءٍ وعجب، وتنسى أنك لم تفعل ما فعلت الا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى.

تنظيف الملابس قد يأخذ وقتًا، كما أن بعض البقع يصعب ازالتها ويعسُر، فلا تكن ملابسك انظف من قلبك، وانظر في حالك واشغل عقلك بالتطور والتحسن لما في ذلك الأثر البليغ على نفسك وفكرك، فإن انشغلت بنيتك عن نوايا غيرك صغرت في عينك فكرة التحدث عن الرياء الا ما تخاف أن يخالط نفسك منه، واطرد خواطر السوء إن دفعتك على كشف حقيقة اعمالك إلى الناس بغرض نيل استحسانهم، صحح نيتك باستمرار لعلك تسلم، إن صلُح قلبك صلُح سائر جسدك، فإن لم تفعل فلا تأمن سهام الناس التي لن تصدق صدقك في عبوديّتك، لأن القلب إناء النية.. والإناء ينضح بما فيه.

محمد حسن يوسف