الأربعاء، 29 يناير 2014

سنتجاوز هذا معا


عدت الى البيت ذات ليلة ، حاملا ذراعا مصابا .. كنت مرتاحا الى حد كبير لما وصل اليه امرنا ، لكنني انظر الى ذلك الذراع فأراه مرتعشا خائفا ... العضلات مترهلة .. العروق متوهجة، والدم لا يكاد يصل الى الاصابع المتنملة ، اقول له اواسيه : لا عليك يا ذراعي العزيز ..سنتجاوز هذا الامر معا . فيقول : لازلت خائفا ،فهذا الوضع جديد بالنسبة لي ، لم اتصور يوما ان امر بهذه المرحلة . فقلت : تستطيع اخذ قسط من الراحة ، فاليد اليسرى ستقوم بمسؤولياتك ريثما تعود اليك قوتك .

يقول الذراع: كيف ستستطيع تناول الطعام ؟! فأقول : اتناوله بالملعقة بيدي اليسرى .. فيرد علي في تهكم و سخرية : ارى الملعقة ترتجف في يدك !! فهل ستقوم اليد اليسرى بشيء لا استطيع القيام به ؟؟! فقلت : لا عليك ، لا اريد ان اسبب لك الألم .. ربما كثرة الحركة تجدد وتحرك فيك اوجاعك ، كن مرتاحا .. فأنت تحتاج الى الكثير حتى تعود اليك قوتك المعهودة . يقول: كيف ستستطيع تغيير ملابسك ؟! انني ارى والدتك تنظر اليك بعين تملأها الحسرة كلما رأتك وقد غيرت ملابسك بيد واحدة !! اقول : لا عليك ،انت في اجازة نقاهة .. الذراع الأيسر عضيدك ومساعدك الذي لم و لن يخونك .. انه مخلص ايما اخلاص ،انه يحس بك ويلتمس لك العذر.. يقول : كيف ستستطيع قيادة السيارة ؟! لقد كنت اقوم بعدة مهام ، فأنا الذي ادور المحرك وانا الذي اشغل السيارة ، وانا الذي اشغل المسجل لك .. فأقول : لا عليك .. سنتجاوز هذا الامر معا ، فاليد اليسرى تقوم بكل ذلك الآن ... استطيع تحريكها في السيارة بأي طريقة احب .. فقط اريدك يا ذراعي العزيز ان تتخلى عن مخاوفك وان تستعيد قواك .. يقول : انين الألم لا يفارقني ، انه يؤرقني .. لا استطيع الحراك ، سأحرمك من كرة القدم التي احببتها ، سأحرمك من حرية الحركة ، سأحرمك وسأحرمك من امور كثيرة .. فأقول : لا عليك .. اعتن انت بشؤون نفسك ، العروق بحاجة الى ما يعيدها الى هدوئها ، كل ذلك سنعوضه معا لاحقا .. حافظ على هدوئك ، كثرة القلق والأنين منك لا يعود لي ايجابا ، انا في حالة نفسية ممتازة .. ما اطلبه منك ذراعي العزيز ان تعود كما كنت .. بسرعة .

يقول الذراع المسكين : انا حزين جدا ، انني اراك وقد استبدلتني في كل امور حياتك .. وكأنك قد استغنيت عن خدماتي . فأقول : من اوهمك بذلك ؟! انت حصني الحصين .. انت ساعدي المتين .. انت ذراعي اليمين .. عندما ذهبت الى الجامعة لتقديم الامتحان للقبول ، احترت كيف اكتب !! الم تشمر انت عن رباطك وطلبت ان تقوم انت بتلك المهمة الصعبة.. فقال : نعم ، انا من اجاب عن تلك الاسئلة . اقول : هذه ثالث مدونة اكتبها .. فهل سأستطيع ان اكتبها بدون مجهود منك ؟! فقال : لا .. قلت : هل رأيتني يوما ارتاح في نومي وانا  على غير جنبك ؟! . فقال : لا .. فقلت : اذا هيا ارجع الى قواك ونجني من نومي المتقطع ، درب الدراسة قد بدأ .. ولا استطيع قطع المشوار من دونك .. لا تكن هزيلا ضعيفا ، فنحن لها معا .. لا عليك يا ذراعي العزيز ، سنتجاوز الامر معا .

محمد حسن يوسف

الاثنين، 27 يناير 2014

"كوبي بيست"


الحمدلله الكريم العلي ، المتين رب العرش القوي...والصلاة والسلام على اكرم الخلق السخي ، خاتم الرسل الكريم التقي ، الهي .. ان رجائي لا ينقطع عنك وان عصيتك ، كما ان خوفي لا يزايلني وان اطعتك ..كيف اخيب وانت املي؟! ام كيف اهان وعليك متكلي ؟!

لو نظرت الى حالنا نحن المسلمين والعرب تحديدا ... تجد اننا من افضل الامم !! نعم .. لا تستغرب عزيزي القارئ ، فنحن من افضل الأمم في وضع الايجابيات والسلبيات لأمر ما .. في وضع الحلول والاستراتيجيات .. في اقامة المؤتمرات والصرف عليها لنتكلم ونثرثر على بعضنا البعض ، في وضع النظريات التي لا تنتهي حتى وقعنا في مطب خطير .. ( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ) ، نسينا امرا مهما وبالغ الاهمية وهو ان معيار قيام الحضارات الدائمة هو العمل .. (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ) ، فهل لأهرامات مصر ان تقوم هكذا بتلك الخصائص العمرانية الخيالية بدون تخطيط وعمل مجتمعين ؟!! ماذا عن تاج محل في الهند .. !! ماذا عن مكة المكرمة ... ذلك المكان الجاف الذي لم يكن يسكنه احد .. العمل هو العلامة الفارقة ، والمتأمل في حال جيلنا جيل الشباب لا يجد مساحة كبيرة من التفاؤل ، على الرغم من الانجازات التي يقوم بعض شبابنا بها الا انني اقوم هنا بالانتقاد للفئة الاكبر ..( قالوا : انهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم اذا كثر الخبث ) ...

ظاهرة اعتبرها خطيرة ، هي ظاهرة ال "كوبي بيست" في وسائل التواصل الاجتماعي ... لا امانع "الكوبي بيست" من حيث المبدأ ( الحكمة ضالة المؤمن ، انا وجدها فهو احق الناس بها ) ، لكنني اتكلم هنا عن اناس ينقلون الحكم والمواعظ ولا يطبقونها في واقعهم الشخصي ...  متناسين ان العلم والحكمة اذا صاروا عند انسان يصبح محل مسؤولية عن كل ذلك ، يقول ابن رسلان في الزبد ( وعالم بعلمه لم يعملن ** معذب من قبل عباد الوثن ) .. نعم ، فالذي ينقل لنا بقوله : ان تشعل شمعة خير لك من ان تلعن الظلام .. من باب اولى ان يقف هو عن السخط والتذمر ،وان ينشر ثقافة التغيير ويبدأها من نفسه التي بين جنبيه .. والذي يقول: كن انت التغيير الذي تريده في العالم .. وهو لم يتخلص بعد من اطباعه وسلوكياته ، بعض الخصال السيئة تحتاج الكثير من الوقت لاصلاحها .. قد تصل الى سنوات ، فكيف لنا ان نتصدر وسائل التواصل الاجتماعي وواقعنا غير مطابق لما نقول ، ماذا نتصور من شباب عايش افكاره الشيطانية سنين عديدة.. ويظن انه ينصح الناس ويقوم بعمل جيد ، لكن وبال ذلك يكون عليه اذا كبر في السن ، فهو سيلحق حتما بركب كبار القوم الذين سبق ذكرهم في الفقرة الاولى ، سيفتتن بالاماكن التي سيتقيدها والمناصب التي سيشغلها  ... سيضع لنا النظريات والحلول والنتائج .. عندما تسمعه تظن ان البحرين بخير ، لكنها ليست كذلك مادام هذا النوع من البشر هو الطاغي والمتفشي في المجتمع .

في لحظة ما .. يتجرد الممثل المسرحي من كل شيء في نهاية العرض ( الاكسسوارات،الملابس،الشخصية) .. بمعنى ان قناعه الذي ارتداه خلال العرض سيسقط مع انتهاء العرض الوهمي .. وستظهر الشخصية الحقيقية بعدها ، كذلك الحياة .. انت فقط عليك ان تختار الدور الذي تريد ان تعيشه في الحياة ... لكن مع نهاية العرض "الموت" ستظهر شخصيتك الحقيقية ، وستظهر افعالك التي ملأت بها وعاء قلبك .. ستتجرد من "الكوبي بيست" بمختلف انواعه اذا كان في غير مرضاة الله .. ( العلم ما كانت الخشية معه ، والا فهو عليك ) ، ستتجرد من ال " برودكستات" الطويلة التي تنقلها ان لم تزرع تلك الكتابات تغييرا ايجابيا في سلوكك وتنقي بها قلبك .. لتكون جاهزا لملاقاة ربك فيسألك وتجيب ،فان كان قلبك فارغا ... فهل من جواب !! ؟

 

محمد حسن يوسف

 

الأحد، 26 يناير 2014

سبحانه ... قدر ولطف


اليوم باغير شوي الطريقة ، باكتب البلوق بالعامية .. وانتوا قيموا اذا كان هلون احسن او بالفصحى احسن  ... ههههه .

امس طحت طيحة في الجسرة ... ما كانت طيحة قوية لكن وضع يدي اليمين كان حده غلط ، كانت وايد مفرودة على جدام .. يالله ،قدر الله وما شاء فعل ، صادتني من قبل اصابات اقوى .. مرة طلع من برطمي دم .. ومرة طققة يات في ويهي .. ومرة في بطني .. وكنت دايما اقنع روحي اني اقدر اقوم في نفس الوقت ، وفعلا هالشيء كان يصير ... بس امس ، كنت اظن اني اقدر اقوم .. بس يوم تحسست مكان يدي اليمين وجفتها مو في مكانها خفت .. بس الحمدلله ، هالخوف خلاني اسوي شيء زين .. اني اطلب الاسعاف وما خليت احد غير الاسعاف يلمسني ، لأن اعرف ان هالنوع من الاصابات .. غلطة وحدة ممكن اتكلفني وايد ، وانا مابي الموضوع يطول واهلي يخافون خصوصا امي .

يه الاسعاف .. وسألني : ظهرك يعورك ؟! قلت له :لا .. قال:عيل انقلب .. قلت له :مابي ههههه لين حسيت انهم ما يقدرون يشيلوني الا اذا انقلبت .. انقلبت بصعوبة ؟،وصرخت صرخة من الالم ..ماذكر اني صرخت مثلها في حياتي .. حتى يوم انكسر صبع ريلي ما صرخت هالصرخة ، في السيارة .. ضربني بنج ، يدي اليمين نمملت ، سألته اي مستشفى قال لي بنروح السلمانية .. يوم نزلنا من السيارة حاولت اعرف اي مبنى احنا ؟! .. تميت اطالع البيبان لأن عليها ستيكرات بيض وفيها الكود ( شغلي القديم علشان جذي اعرف هالمعلومة) .. تميت لي الاشعة منبطح ، تالي مارتحت .. عدلت روحي وقعدت ،ابي اجوف "الواتساب" واطمن الناس ... كنت عبالي بس فريق "سما" الي يدرون ... الا عقب،اجوف محمد الوزان من اليابان مطرش لي مسج ..فاطمة فؤاد، راشد المضاحكة،يوسف بومطيع،طلاب "بليف" كلهم يدرون ويسألون ويبون يتطمنون علي .. تأثرت من هالشيء ، انا ما كنت اظن ان عندي ربع وايد ،بس يوم جفت هالقد ناس تسأل عني طمنتهم وقلت لهم ان عمار معاي .. بس ماقدرت اخش دمعتي #بو_دمعة ، هاي من نعم الله علي ولله الحمد .. ان الله سخر لي ناس يساعدوني وقت ضعفي .

يوم ياو الدكاترة حق يرجعون يدي مكانها  .. يقول لي واحد :انبطح ، قلت له :لا اتيودني..بانبطح شوي شوي ،انا مو دليع بس صج يدي اتعورني .. يوم انبطحت ،غطييييت في سباااااااات عمييييق ..ولا ادري بهم شلون رجعوا يدي ، وهاي بعد من نعم الله علي .. قمت من النوم الا عمار يقول لي:بس خلاص.. قلت له:شلون بس خلاص .؟! قال اي بس بيخلصون اجازتك واحنا ماشيين .. هههه الموقف غريب شوي ، بس اهم شي اني ابي اطلع من هالمكان بسرعة .. تخيلوا ، ناس مرقدة في الممر .. جننه قاعدين في ملجأ ، حده مأساة الوضع .. زين حصلت لي مكان ارقد فيه .

رجعت البيت ، امي وابوي ناطريني .. ويدي مربوطة ، ههههه وقعدت اشرح الموضوع .. وتشعبت وايد ، تحجيت عن سما والفعاليات الي اشتركوا فيها ومن اهما ومن متى صاروا .. كله من سؤال امي:شموديك اهناك ؟! بس احسن .. اتجوفني امي ويدي مربوطة احسن من اتجوفني راقد على سرير المستشفى ، سبحان الله .. قدر ولطف .

اليوم ، نزلت علي قائمة الممنوعات .. لا اتسوق سيارة،لا تلعب كورة،لا اتشيل شيء ثقيل،لا ولا ولا ولا ... انا ما انظر حق هالشيء ان حريتي تقيدت ، لأن وضي يتحتم علي اني التزم شوي في بعض القيود لين اصير احسن ..ولأن الامور اصلا كانت ممكن اتكون اسوء لا ما حطيت يدي .. ممكن راسي يصير فيه شيء او ويهي .. الحمدلله على كل حال ،واليد اليسرى ما شالله وايد متعاونة مع المتعورة اليمنى .. تاكل عنها،اتشيل عنها،تكتب البلوقات اكثر شيء عنها ... الحمدلله قايمة بالدور .

اشكر كل من وقف معاي في ضعفي .. "لقد كنتم في النائبات كثير" ، مابي اقول لكم اردها لكم في الافراح .. بس ابي اقول لكم ان شالله اتجوفون جزه عملكم في الآخرة مضاعف مرات ومرات .

باكتب اسمي باليد اليسار.. تستاهل الواحد يشكرها ههههه ويشكر الله على النعمة

محمد حسن يوسف

الجمعة، 17 يناير 2014

الشيخ محمد عبدالوهاب المحمود ( الخوف من الله ، جامع الزامل)


الحمدلله الذي خلق فسوى .. وقدر فهدى .. سبحانه وتعالى،اعد جنات الخلد لمن آمن واتقى ..واعد النار للعاصين تتلظى ..(واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى) ، واشهد ان اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان سيدنا محمدا عبد الله ورسوله...اللهم صل وسلم وزد وسلم وزد وبارك عليه وعلى الانبياء .. وعلى الآل والتابعين ومن تبعهم باحسان الى  يوم الدين ، اما بعد فيا عباد الله .. (يا ايها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ان وعد الله حق..فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) .. اللهم ارحمنا يوم الوعيد ،واجعلنا من المتقين في ذلك اليوم يارب العبيد ..

امة الاسلام ..الدنيا فتانة ،والشيطان خداع وغرور ..والنفس تشتهي،واهل السوء يزينون الحرام ..وكلهم اجتمعوا عليك ايها الضعيف .. الدنيا،والنفس التي بين جنبيك والشيطان الذي يجري في دمائك كمجرى الدم في العروق ،واهل السوء .. من قريب ومن بعيد،كلهم اجتمعوا عليك ليفتنوك ويضلوك .. ويدخلوك جهنم ، ثم يلعنوك .. فكيف النجاة من شرهم و غوايتهم ؟! ان هذه فتن خلقها الله تعالى وسمح بها..امتحانا للعباد ، فلولا حكمته سبحانه وتعالى و امره ما خلق الشيطان اصلا ... لكن شاءت حكمته ان يخلق الشيطان والنفس القابلة للفتنة .. واهل سوء يتحركون من انس وجان ، فتن خلقها الله امتحانا لنا ... وامرنا الله بالجهاد والمجاهدة ( وجاهدوا في الله حق جهاده ) ، فمن اجل الله سبحانه وتعالى نبذل كل جهد ليرضى عنا سبحانه وتعالى بعد ذلك (ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ، وان اعظم ما يدفع عنك ويدفعك انت عن المعاصي والآثام الخوف من الله سبحانه وتعالى .. هو صمام الامان..هو النجاة ..هو الذي يبعدك عن الحرام والمعاصي ، ما عصى من عصى الا لقلة الخوف من الله .. ما ترك الطاعة من ترك الا لقلة الخوف من الله .. فالخوف من الله حياة القلوب، فأي قلب غادره الخوف من الله الا خرب !! ( وضل سعيهم في الحياة الدنيا) .. لا يكون الخوف من الله سبحانه وتعالى الا بالايمان والمعرفة ، اتعرف من الله ؟! اتعرف ما صفاته ؟ اتعرف اذا غضب ماذا يكون ؟! المعرفة بالله سبحانه وبصفاته ..هي التي تنمي عندك شجرة الخوف من الله عز وجل..فتعرف انه العزيز ، القهار ، الجبار، المنتقم ، ذو البطش الشديد .. وتعرف انه هذه الدنيا بما فيها من اعاصير وبراكين و زلازل ... وفيضانات انما هذا شيء من غضبه ،والآخرة..وعذاب القبر ، واهوال الحشر .. والنار ومافيها  ،كل ذلك من غضبه ..نعم، فالله سبحانه وتعالى يحذر عباده منه جل جلاله ... اسمعوا الآيات ،والقوا لها السمع وافتحوا لها القلوب .. يقول سبحانه : ( واعلموا ان الله يعلم مافي انفسكم فاحذروه ) .. اياك ان تبيت في نفسك السوء وتصر على النيات الآثمة ، ويقول في سورة آل عمران في آيتين : ( ويحذركم الله نفسه .. والى الله المصير ) .. آية والله تكفي لمن القى لها القلب .. (ويحذركم الله نفسه والى الله المصير ) ، وين بتروح؟! .. اين ستذهب ؟! الى الله المصير ، فلذلك يقول الرسول عليه الصلاة  والسلام في حديث رهيب : ما منكم من احد الا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم .. وينظر اشمل منه فلا يرى الا ما قدم ..وينظر بين يديه فلا يرى الا النار ، فاتقوا النار ولو بشق تمرة . هذا الموقف الرهيب (ويحذركم الله نفسه والى الله المصير) ... وبعدها  : ( ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد ) اي من رأفته بالعباد حذركم ،وايضا يحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد حتى لا يصل الانسان الى القنوط .. ويلطف الله عليه الله ايضا رؤوف بالعباد ، ويقول سبحانه : ( و اياي فارهبون) .. تحذيرات عظيمة ، الله العزيز ذو البطش المنتقم الجبار .. مالك الملك،الذي اذا غضب لا يقوم لغضبه شيء، ان الخوف من الله تعالى امان من عقابه وعصمة من عقابه ، فمن خاف الله تعالى سلم .. اما سمعتم الله يقول:( انا نخاف من ربنا يوم عبوسا قمطريرا) .. هذا كان حال المؤمنين ، فماذا كانت النتيجة ؟! ماذا كانت نتيجة خوفهم الحقيقي في الدنيا  ؟! ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ، ولقاهم نضرة وسرورا ، وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) .. ما شاء الله ، لا اجمع على عبدي خوفين ولا امنين ، ان امنني في الدنيا اخفته في الآخرة .. وان خافني في الدنيا امنته في الآخرة (حديث قدسي) .. فلذلك خافوا من الله فتركوا المعاصي ، تركوا الشرك..تركوا السحر ..تركوا القتل ..تركوا الربا .. تركوا الزنا .. ان الزناة لتشتعل وجوههم نارا يوم القيامة .. تركوا الخمر،فشارب الخمر ملعون..ولن يشربها في الجنة اذا ما تاب ، تركوا العقوق .. تركوا المعاصي خوفا من الله سبحانه وتعالى ،( يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء،لمن الملك اليوم .. لله الواحد القهار ) .. ينفعك جاهك؟! .. ينفعك مالك ؟ّ! .. ينفعك اصحابك ؟! كلن يقول : نفسي نفسي .. انت وعملك يابن آدم ، نفعتك شهواتك ؟! .. اين الشهوات ، لحظة وتذهب ويبقى عارها وذلها .. يقول سبحانه عن اهل الجنة : ( قالوا انا كنا في اهلنا مشفقين ، فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) .. الله اكبر ، اهل الجنة يقولون كنا في الدنيا نخاف .. انخاف انقول هالكلمة ، نأكل هالدرهم ، نخاف نفعل هذا الفعل .. لأنه يغضب الله  ..  ويمكن ناس اتقول لك: سو ما عليه ، ان الله غفور رحيم ..( يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريم ) .. في ناس يغرونك بالله ،  يقول لك ان الله غفور رحيم ..سو و افعل ، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول لعائشة رضي الله عنها : يا عائشة ..اياكي ومحقرات الذنوب ، فان لها من الله طالبا. ان محقرات الذنوب تجتمع عليك يا عبد الله فتهلكك .. لا تستهين ،بعض الناس يهونون المعاصي ... هؤلاء صحبتهم سم ، قد تصاحب الانسان يقول لك: معليه سو .. شدعوة الله بيعذبك على هالشيء ،ان الله غفور رحيم !! ويسهل ويفتح لك ابواب الحرام .. احذر منه فانه اشد من السم  ، انما عليك بالصادقين الذين يحذرونك ويخوفونك وينبهونك .. حتى تنال الامن يوم القيامة ، (ان الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة واجر كبير ) ...تنتظرك ايها الخائف من الله مغفرة واجر كبير ، فلذلك عينان لا تمسهما النار ... عين بكت من خشية الله ، اسأل نفسك .. يا عبد الله ، يا اخي ..واسأل نفسي قبلكم ،متى بكيتم من خشية الله؟! رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ..في اي ليلة؟! في اي نهار؟! في اي موقف .. ذكرت الله مخلصا،خائفا،او محبا مشتاقا فبكت عيناك؟! ابشر فانك في ظل عرش الرحمن .. ان النار تقول يا مؤمن جز – مر بسرعة – فان نورك اطفأ ناري .. من نور المؤمن ،الله اكبر .. اللهم اجعلنا من المشرقين .. الخاضعين لجلالك يارب العالمين .. توبوا الى الله واستغفروه ، فانه غفور رحيم ويا فوز المستغفرين ..

 

الخطبة الثانية :

الحمدلله حمدا عظيما .. والشكر له شكرا كثيرا ، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له .. واشهد ان نبينا محمدا عبدالله ورسوله ، ارسله الله للعالمين بشيرا ونذيرا .. اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله واصحابه واتباعه الى يوم الدين..وسلام الله على المرسلين ، امة الاسلام ، اذا كننا نشتكي من الذنوب والمعاصي ..ونقول مالذي يردع انفسنا عنها ..فان المعاصي لذيذة ، وتشتهيها النفس لأنها ذلة عاجلة ومغرية ، والدنيا حلوة خضرة ... مالذي يردعك ؟ الخوف من الله ، فأحيي الخوف في قلبك .. وازرعه في قلوب عيالك واهلك ..وذكر به اخوانك ،ذكرهم بلقاء الله ..ذكرهم بما اعد الله للخائفين ، (ولمن خاف مقام ربه جنتان ) .. ( واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المئوى ) .. وعد الله لا يتخلف ، يقال له : ادخل يا ولي الله ... الجنة وهالجنة لك ..لماذا؟ لأنك خفت الله ولم تأكل حراما ، اذا  دعتك امرأة ذات منصب وجمال فقل اني اخاف الله .. لأنك خفت الله وما تركت الصلاة ، خفت الله وزكيت اديت الذي عليك ... فالخوف من الله نجاة ، والخوف من الله يعينك على الصراط المستقيم ، يقول عليه الصلاة والسلام : من خاف ادلج ،ومن ادلج بلغ المنزل .. الا ان سلعة الله غالية ، الا ان سلعة الله هي الجنة . وفي آية في سورة الرحمن هذه السورة عروس القرآن ، هذه الآية هزت قلوب المؤمنين .. وهي قول الله :_سنفرغ لكم ايها الثقلان)  وجدوا فيها خوفا عظيما .. وتهديدا بليغا ، سنفرغ لكما ايها الثقلان ايها الانس والجن ..سنفرغ لحسابكم ، الله اكبر .. يا قوم ، اين خوف الله من قلوبنا ، اين خوف الله في قلوبنا ، يوم يتلون لنا الحرام والمعاصي فيزجرنا الخوف ، يوم ان تثقل علينا الطاعات والصلوات والعبادات  .. فيأتي الخوف ليدفعك لتفعلها ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما امره الله ،يعلم الله نبيه ان يقول : (قل اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) .. (من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه ، وذلك الفوز المبين ) .. يرضىى الله عن ام المؤمنين عائشة تقول:تفقدت رسول الله ليلة ، تقول..اين رسول الله  .. (ظلام،ماعندهم مصابيح ولا شيء) .. فأخذت اتلمس اين رسول الله ؟! فوقعت يدي على بطن رجله وهو ساجد ، واسمعه يقول في دعائه .. ( يناجي ربه في هالسجود) : اعوذ برضاك من سخطك .. وبمعافاتك من عقوبتك.. واعوذ بك منك،لا احصي ثناءا عليك انت كما اثنيت على نفسك .هكذا يناجي ربه ... الذي يقول:انا اخشاكم لله واتقاكم له ، ما ارق قلبه صلى الله عليه وسلم لأنه اعرف الناس بالله .. انما يخشى الله من عباده العلماء، فالعلماء اشد الناس خشية .. اذا رأيتم رجلا لا يخشى الله فهو جاهل لا يعرف ، لا يعرف العزيز .. المنتقم،الجبار،فلذلك يفعل ما يفعل .. اما اذا تعرف على الله ، يخاف .. يخاف من الله سبحانه وتعالى فلا ستسهل الذنوب ..وان وقع فانه عجل واستعجل بالتوبة،وبادر الى الانابة..يخاف المؤمن،من الذنوب والمعاصي .. يخاف المؤمن من موقفه بين يدي الله يوم القيامة ، اذا سأله ..وكل واحد سيسأله الله ، يخاف المؤمن من مروره على الصراط ، من ينجو ومن يسقط؟! يخاف لا المؤمن يوم تطير الكتب .. فمن يأخذ باليمين ومن يأخذ بالشمال .. يخاف المؤمن ،ان لا تقبل اعماله .. لأنه قد راءا فيها .. او داخله العجب ، يخاف المؤمن من محقرات الذنوب ،ان تجتمع عليه وتهلكه ... يخاف المؤمن من ان يزيغ قلبه ، من يملك قلبه يا اخوان ؟! يخاف المؤمن من سوء الختام .. هل عندك شهادة من الله ان تموت على لا اله الا الله ... كم من اناس ضلوا في آخر اللحظات ، يخاف المؤمن سوء الختام .. يخاف المؤمن اشياء كثيرة ..واذا خاف الله جمع كل هذا الخوف وامنه الله مما يخاف .. اللهم انا نسألك الامان يوم القيامة..وان ترزقنا الخوف منك في الدنيا .. خوفا لا يقنطنا ..وارزقنا رجاءا عظيما يا رب العالمين ، اللهم انا نسألك قلوبا يقظة .. محبة مشفقة ..خاشعة منيبة اليك يارب العالمين..اللهم ابعد عنا الحرام والآثام ..والمعاصي والعصيان ، اللهم انا نسألك رضاك والجنة .. ونعوذ من غضبك وسخطك والنار..اللهم انصر امة الاسلام وارفع رايتها .. واكشف كروب المسلمين ،واعز اخواننا المؤمنين في كل مكان .. وارفع راية المجاهدين .. اللهم اجعل هذا البلد سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين .. اللهم اصلحنا وعيالنا .. واصلح شباب المسلمين واهدهم ، اللهم ابعدهم عن الحرام والمعاصي .. اللهم ارزق عيالنا الصلاح والنجاح .. نجحهم في الدنيا بطاعتك ودراستهم ..ونجحهم في الآخرة في النجاة من النار ، يارب العالمين .. تكملة الدعاء ..  

قال تعالى : ( والعصر ان الانسان لفي خسر .. الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ..

 

الشيخ محمد عبدالوهاب المحمود

خطبة الجمعة ، تاريخ 17 يناير 2014

 

الأربعاء، 8 يناير 2014

هل نحتفل ام لا ؟! #المولد_النبوي


الحمدلله ربنا المعبود .. خالق الكون و موجد الوجود ، والصلاة والسلام على من سمي ب "احمد" و "محمود" ... اللهم ارني الحق حقا وارزقني اتباعه ،وارني الباطل باطلا وارزقني اجتنابه ... الهي،اغنني بتدبيرك لي عن تدبيري .. وباختيارك عن اختياري،اللهم اخرجني من ذل نفسي وطهرني من شكي وشركي قبل حلول رمسي .

عندما كنت طفلا .. كنت اجلس في مسجد جوار المنزل واسمع خال والدتي "حجي معراج بن جاسم المهيزع" رحمه الله تعالى ينشد في المسجد ويتلو المدائح النبوية ،وبعد ذلك يقدم الناس للطعام الذي كان عبارة عن الفواكه .. فقط الفواكه،فلما ذهبت له وابديت اعجابي بما سمعت اجلسني في بيته ،واخرج بعض التسجيلات القديمة التي تحمل نفس الوصف و المعنى وهو مدح الحبيب صلى الله عليه وسلم ، توفي رحمه الله متجاوزا التسعين من عمره ، فلما بلغت اشدي ... استوعبت بأن ما كان يفعله "خالي معراج" رحمه الله هو شكل مبسط جدا من اشكال الاحتفال بالمولد .. هي قضية كثيرا ما تثار في هذا الوقت مع دخول شهر ربيع الاول بمناسبة ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم،لكنها وبرأيي الشخصي تثار بطريقة غريبة حقا .. فهل تستحق هذه القضية الفرعية كل هذا الزخم !!؟ الزخم الذي سببه الذين يكتبون ويطبعون المطويات وينشرونها بشتى الوسائل .. وتخصص خطب الجمعة للتشكيك والتفسيق والتكفير احيانا لمن يقوم بهذا العمل ، مؤمن تماما بأنها قضية هامشية في الدين الى حد كبير وتعطى زخما تنفيريا اكبر من حجمها .. بل وحتى ان شريحة كبيرة من الشباب العوام لا يلتفتون الى كل ذلك بسبب شعورهم بالملل ازاء هذا التناحر،لكنني وقعت في حيرة!!كيف لي وانا ارى "خالي معراج" رحمه الله ذلك الرجل الصالح التقي يصنفه البعض بأنه مشرك ومبتدع وضال بدون ان افكر في الموضوع ؟ هذا شيء لا يمكنني تجاهله على الاطلاق .. ففكرت،لماذا احتفل ..ولماذا لا؟ لماذا لم يفعل الصحابة ذلك؟ ولماذا فعل المتأخرين ؟

ظللت في تلك الحيرة حتى وقعت في حديث للنبي صلى الله عليه وسلم حيث سأل اليهود عن سبب صيامهم في يوم العاشر من محرم فقالوا: هذا يوم نجى الله فيه موسى (عليه السلام) .. فقال صلى الله عليه وسلم: نحن اولى بموسى منكم . بمعنى ، اننا كمسلمين نعتقد بأن موسى عليه السلام نبي مرسل من الله تعالى اولى بأن نشكر الله ونحمده ونفرح بنجاة النبي الكريم موسى ومن معه .. حديث صريح ، بأن الفترات التي تنزل الرحمات الالهية فيها على الناس يجب ان يتذكرها الناس بالشكر والحمد ، ولهذا صام النبي صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم وامر بصيامه ، حتى سيدنا عيسى عليه السلام الذي قال عنه الله سبحانه وتعالى : (ولنجعله آية للناس ورحمة منا) .. لو كان يوم مولده معلوم و مثبت لتعذر وقوع ولادته في فصل الشتاء كما يدعي المسيحييون  لشكر المسلمون ذلك وحمدوا الله وشكروه على هذه النعمة ، واي نعمة اكبر من ان تتنزل الرحمة الالهية على البشر!! اذا اخذناها بهذا القياس .. فوجود النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الارض هو من اعظم الرحمات المتنزلة على البشرية جمعاء .. كيف؟! مثال بسيط جدا ، ذهبت ثويبة جارية عبدالعزى (ابولهب عم النبي صلى الله عليه وسلم) تبشره بقدوم المولود الجديد من بيت آمنة بنت وهب الزهرية .. ففرح فرحا شديدا واعتق ثويبة ، فأصبحت فيما بعد مرضعة النبي صلى الله عليه وسلم ..وارضعت معه عمه حمزة ، اما "ابولهب" الذي توعده الله بالنار فقد ورد بأنه يخفف عنه العذاب يوم الاثنين .. ويسقى بماء مقدار انملة ، لماذا؟! لفرحه الشديد بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ، انظر الى الرحمة الالهية بتجلي وجوده صلى الله عليه وسلم على هذه الارض .. انظر الى حليمة من بني سعد ،عندما اتت الى مكة المكرمة كانت الاتانة – انثى الحمار – ضعيفة هزيلة ،فلما ركبت بالنبي صلى الله عليه وسلم رضيعا اسرعت بها الاتانة ، حتى صرخ عليها قومها ان تريثي يا حليمة .. نعم ، فقد اصبحت سريعة جدا ..اليست هذه من الرحمة الالهية؟! بداية وجوده صلى الله عليه وسلم على هذه البسيطة يعلن انه سيظهر على كل الحضارات في ذلك الوقت..وسيخرج الناس من الظلمات الى النور ، تقول السيدة آمنة بنت وهب :خرج معه ( اثناء ولادة النبي صلى الله عليه وسلم) نور اضاء لي قصور الشام . انطفأت نار المجوس في ذلك اليوم .. وتصدع ايوان كسرى وتكسر علامة ان النبي صلى الله عليه وسلم سيظهر امره على كل تلك البلاد ، التي يطلق عليها في زمننا الحاضر وعلى تعاريفنا باسم "القوى العظمى" .. اليس ذلك من الرحمة الالهية التي توجه الناس من عبادة البشر والصلبان والنيران الى عبادة الواحد الديان ؟!! نعم والله .

لماذا لم يقم الصحابة بالاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم ؟ هذا لأمر بسيط جدا ... عندما اتذكر صديقي "احمد علي الجودر" ، واسترجع الذكريات الجميلة والمواقف الراسخة في الذهن ..واتذكر انه توفي رحمه الله .. احزن وينقبض قلبي بدرجة ما ، عندما اتذكر خالتي "ام جاسم" و جدتي ام والدي "ام حسن" واسترجع الماضي واتوقف بعدها بأن ينقبض بصدري لعلمي بوفاتهم جميعا ، فما بالك بالصحابة الكرام الذي عاصروا اعظم مصيبة من الممكن ان تمر على اي مسلم وهي وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وانتقاله الى الرفيق الاعلى ؟! هل ستقنع سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه .. وهو الذي خارت قواه ولا يتحرك الا بالاقتياد والمساعدة بأن يقيم احتفالا بمناسبة المولد ؟! هل تستطيع ان تقنع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه باقامة المولد وهو الذي فقد صوابه بعد سماع خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وانتقاله الى الرفيق الاعلى؟!..واعتزل الجميع في منزله ؟! ماذا عن سيدنا بلال .. الذي لم تتمالك نفسه قواها بعد ان صعد يرفع الأذان فوقف عند قوله : اشهد ان محمدا رسول الله ،فبكى وابكى الحاضرين .. سيدنا بلال، الذي هاجر من المدينة نهائيا حتى رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يقول: يا بلال،الى متى هذا الجفاء؟! اما آن لك ان تزورنا ؟ ... بربك ، كيف يستطيع اناس عهدهم قريب بوفاة حبيبهم صلى الله عليه وسلم ان يقيموا احتفالا بمولده ، والله لو فعلوا لانقلب الاحتفال بالمولد الى عزاء وبكاء، اما المتأخرين الذين صار عهدهم بانتقال النبي صلى الله عليه وسلم الى الرفيق الاعلى بعيدا صار في قلبهم ذلك الشوق...وصار بوسعهم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعبيرا منهم للشوق والحنين اليه عليه الصلاة والسلام ... من هذه الأيام أيضاً هو يوم الإسراء والمعراج، ففيه أيضاً تقام بعض الامور كالذكر واقامة المأدبات واكرام الناس . 
في ذكر مدحه صلى الله وعليه وسلم وذكر قصة مولده استحضار للرحمة الالهية ، يقول هو عليه الصلاة والسلام عن صيام يوم الاثنين : ذاك يوم فيه ولدت . نستحضر الرحمة الالهية بالذكر والانشاد،استحضار مآثره ومناقبه صلى الله عليه وسلم،وننكر من فعل ما حرم الله ابتغاء الاحتفال بالمولد .. نكرم الناس بحبنا للنبي العدنان صلى الله عليه وسلم ، نتأسى بسيرته .. فلا سبيل امامنا للوصول الى الله الا عبر هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام .. كثير من الناس من هواة تصنيف البشر ، الغرض من التصنيف هو ازالة لحرمة المسلم تمهيدا لسبه وشتمه وقذفه ، وابتعادا عن الكلام بالتي هي احسن مما دعانا ربنا الى التوجه اليه مع المخالفين في الدين .. فتجد ان المسلم يكون رقيقا طيبا مع اصحاب العيون الزرقاء والشعيرات الشقراء .. ولكنه سيف مسلط على اخوانه المسلمين !! الغريب في الامر انه يطلق على الاحتفالات بالاعياد الوطنية بأنها "ايام شكر لله تعالى" .. فاذا جاءت ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم قال :بدعة شركية ... هذا الامر فعلا بات لا يطاق ، فالموضوع هامشي جدا ، ان اردت احتفلت ..وان لم ترد فالامر يرجع اليك ...ليست بتلك القضية المصيرية التي تركس اخاك المسلم في الشرك من اجلها ، زخم زائد في غير حاجة ، في امر طلما كان اجدادنا على مر التاريخ يفعلونه ، فهل كلهم مبتدعة مشركون؟!.... الله الهادي الى سواء السبيل .

محمد حسن يوسف

 

الاثنين، 6 يناير 2014

مسلم .. ولست متدين


الحمدلله رب الناس .. ملك الناس ، والصلاة والسلام على من بعثه ربه لكل الاجناس ، الهي .. ان ظهرت المحاسن مني فبفضلك ولك المنة علي .. وان ظهرت المساوي مني فبعدلك ولك الحجة علي ، ما ألطفك بي مع عظيم جهلي ،وما ارحمك بي مع قبيح فعلي .. اللهم افتح علي ابواب رحمتك.

موضوع شائك ومعقد نوعا ما ، ليس لأنه صعب .. لكننا نتجنب طرحه ونخفي رؤوسنا في التراب ، لكننا اذ نخفي تلك الرؤوس فان سوءاتنا ظاهرة للعيان .. بل ولا يكاد يمر موقف مماثل متكرر الا وانصب الانتقاد على تلك الفئة من البشر ، في هذه السطور اشمل في كلامي اصحاب اللحى الطويلة والقصيرة ... اصحاب الشماغ الاحمر و الابيض او الابيض الخالص .. اصحاب الثياب القصيرة وغيرهم ، من يشتهرون في مجتمعنا باسم "المتدينون" .. ولنأتي على هذا المسمى قليلا ، من وجهة نظري المتواضعة .. فان هذا المصطلح يطلق حصرا على من اتخذ الدين مجالا  للدراسة..وضمنا سيكون فيما بعد مجالا للحياة،كالمهندس .. الطبيب .. المحاسب .. المتدين ، وهناك ايضا تصنيفات اخرى لهذا الاسم ..منهم من يقول بأن المتدين هو الذي يحضر حلقات العلم ويلتزم في كل صغيرة وكبيرة في الدين ، ومنهم من يصل الى درجة سطحية من التدين فيرى ان من طالت لحيته (قليلا) والتزم المسجد فهو متدين ... بالنسبة لي،من المسميات التي كانت تطلق علي وانا في المرحلة الثانوية عندما يقول لي احدهم :"يا المطوع" . احس بأنها كانت كلمة كبيرة علي .. اما الآن ،فأنا افتخر بكوني مسلما قبل كل شيء .. واطلب من ربي ان لا يقبض روحي الا وهو راض عني .. اما تلك المسميات كال"متدين" احس يوما بعد يوم انها تبعدني عن الدين اكثر .. كل ذلك بسبب افعال المتدينين على مختلف اصعدتهم ، انا هنا اقصد التعميم فعلا .. لماذا لا نعمم اخطاءنا على الجميع ؟ بدلا من التهرب منها بحجة "تره مو الكل جذي" فلنحاسب انفسنا ووسطنا الذي نعيش فيه ونغير على قدر استطاعتنا ونفضح المخطئ ونلقى الله بقلب سليم ... وسأركز على هذه النقطة ، يجب علينا ان نصل الى درجة القلب السليم لأنه لا فائدة من اعمالنا ان غلفتها امراض القلب الفتاكة كالعجب،الكبر،الرياء،الاقصائية،التحزب،الكره .. الى غير ذلك .

 عندما كنت ادرس في جامعة البحرين ، كنت اناقش بعض المتدينين ابان قرب الانتخابات بخصوص مجلس الطلبة القادم .. فيأتي احدهم فيقول: اذا كنت من الكلية "الفلانية" اعط صوتك ل "فلان" .. فأقول: لماذا هو دون غيره ؟! .. يقول: لأنه من ربعنا .. احسن من يدش واحد غريب!! سبحان الله .. وهل الامر له علاقة بتلك الرابطة التي بينك وبين صاحبك المتدين ؟؟ هل اصبح الكرسي الذي من شأنه خدمة الطلبة وتسهيل الصعاب امامهم حكرا على فئة من المتدينين دون غيرهم ؟! يأتي متدين آخر يشغر مكانا في احدى الجمعيات الطلابية فيقول: انا اذا اقره اسم "فلان" واعرف انه من الفئة "الفلانية" ما ادخله الجمعية..سبحان الله ، وهل هي جمعية الوالد العزيز  عزيزي المتدين حتى تتحكم فيمن يدخل الجمعية ومن لا يدخل فيها ؟!

يكبر الاخ "المتدين" فيمسك بزمام الدولة ومفاصلها من عدة جوانب .. فتجد وللأسف المكان الذي يشغره ممتلئا بالمتدينين ومن هم على شاكلته ، بل واصبحنا نعرف بعض المؤسسات والوزارات والهيئات الحكومية..بل وحتى الشركات بأسماء بعض الفئات من المتدينين الذي يشكلون السواد الاعظم من الموظفين ، الذين لا يرون الكفاءة في العمل سببا في التوظيف ، بل هو الانتساب الى الجماعة او المذهب .. في التسعينات من القرن الماضي،بلغت نسبة الموظفين من فئة واحدة اكثر من 95% في احدى الشركات التي تمتلك الحكومة اغلب اسهمها ... لماذا؟! لأن المدراء من فئة معينة ، ماذا عن الوزارات .. هناك سبيلان فقط للتوظيف ،احداها ان تكون من فئة معينة وتختلف الفئة  باختلاف الوزارة..او ان تمتلك ورقة رابحة وهي "الواسطة" التي ستقهر التكتل الفئوي داخل الوزارات .. انه منزلق خطير يقع فيه اكثر المتدينين ، انه يضع نفسه في زاوية ويرغمك ان ترى الاسلام من زاويته .. وان رفضت فانه يعلن الحرب عليك على كافة الاصعدة ، وستعاني ضده من الاقصائية البغيضة .. ستحارب في الجزئيات الصغيرة فضلا عن الكليات والقضايا الكبرى.

عندما يتمكن "المتدين" من جهة حكومية تهم مصالح الشعب كلها فانه يقصيك ان لم تكن على منهجه ، ولا يجعلك تتمتع بأبسط حقوقك .. كم من اناس انتقدوا المتدينين بشكل صريح علنا وكان مصيرهم بأنهم حفظوا لهم مكانا (وراء الشمس) .. كم من اناس تمت مضايقتهم في وظيفتهم ونقلهم من قسم لآخر بغرض "تطفيشهم" من وظيفتهم فضلا عن من خسروا وظائفهم فعلا ، انه الكره .. انها الاقصائية البغيضة .

اكثر ما يضحكني حقا .. هو ان اجد في المسجد مطويات وكتيبات تتحدث عن "الشرك واخطاره" ، لماذا؟! هل تظن عزيزي المتدين ان من في المسجد من يقول في سجوده"سبحان ربي الاعلى" ..ويقول:" الله اكبر "..من الممكن ان يكون مشركا ؟! لمصلحة من هذا التشكيك ..؟ ام هو لتكفير فئة معينة من المسلمين ويأتي ذلك في سبيل اقصاء تلك الفئة المعينة دون غيرها ؟! اظن ان ذلك هو الاقرب وما يحصل فعلا على ارض الواقع هو ذلك !!

حضرت ذات يوم درسا في احدى الجوامع ، يقول الشيخ قارئا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد فاشهدوا له بالايمان..ثم يردف قائلا:نعم .. اذا كان الرجل يرتاد المساجد فيجب علينا ان نحافظ على سمعته،ولا نأكل لحمه بالباطل..ونشهد له بالايمان . اقول: ماذا لو كان يصلي ويشتهر بين الناس بالطاعة والعبادة وقلبه مليء بالامراض السالف ذكرها ... كم من حقوق العباد ستضيع ، هل سمعت عن حضارة قامت على حزبية باسم التدين...تدين قائم على الاقصائية،الكره،الكبر،الحكم على الناس بأن مآلهم الى النار وكأنهم دخلوا الجنة خالدين فيها ابدا من غير مساءلة ... تدين يحصر ارزاق الناس ويصعب عليهم حياتهم ، تدين يتحكم في دور العبادة بأسلوب وقح ويتم التآمر والالتفاف على القانون من اجل خطف المساجد لنشر المنهج الفئوي وكأن الدين لفئة دون اخرى ، تدين قائم على الشتم والسب واللعن والتفسيق والتضليل ... تدين قائم على القاء الناس في جهنم بدلا من اجتثاثهم واخذهم الى الجنة ، اذا كان هذا التدين هو عنوان هذا الزمان .. فأحمد الله انني "مسلم..ولست متدين" .
 
محمد حسن يوسف

 

 

الأحد، 5 يناير 2014

سوالف 2013


الحمدلله الرحيم الرؤوف .. الخبير بعباده عطوف ، والصلاة والسلام على من بعثه الله من بين قومه وهو مألوف ، اللهم ارنا سبل الهداية .. وابعد عنا اسباب الغواية ، اللهم اخرجنا من ظلمات الوهم واكرمنا بنور الفهم .. واجعلنا من الراشدين.
ينتقدني البعض بسبب انني ابدأ كل المقالات بهذا الشكل ، يقولون:لماذا تكتب تلك المقدمة في كل مقالاتك وكأنك ستلقي خطبة على الناس وليس مقالا عاديا ؟! .. اقول: استجدي البركة واطلبها من ربي ، فمهما بذلت من مجهودات ولم تصحبك البركة ولا التوفيق فلا ثمرة ولا خير في عملك . وصلتني ايضا بعض التعليقات حول طول المقالات التي اكتبها ، فعلا .. فأنا اتعب كثيرا عندما اكتب المقالات خصوصا تلك التي كتبتها مؤخرا .. احدهم استغرق مني في كتابته خمس ساعات ، واضطرني احدهم الى كتابته خلال يومين .. بعض الافكار تكون مشوشة فعلا وتحتاج الى فتح – توفيق – من الله لكي انطلق فيها وانهيها سريعا،فلك ان تتصور المجهود الذي ابذله وان كنت متمكننا من الموضوع .. علما بأنني اتخيل الموضوع وارسمه في ذهني قبل ان اكتبه بأيام ، ثم اذا كتبته لا يكون مماثلا بعض الاحيان لما تخيلته ..فاعذرني عزيزي القارئ ..

ما يميز هذا العام عن غيره بالنسبة لي هو زيادة الجهد البدني اكثر منه على الجهد الذهني كما كان في العام الماضي ، سأسرد ما مررت به ، وبالله التوفيق .

جائزة بادر :

صحيح ان اساس انطلاق الجائزة كان في عام 2012 ، لكن اغلب فصول تلك الجائزة واهم احداثها كانت في عامنا هذا ، كانت فكرة المشاركة لدينا كفريق "تيرن رايت" ابتداءا من الأخت علياء الجيب .. كانت تظن ان فريق "سما" الفائز في برنامج "محطة الابداع 2012" سيستعين بمشرفيه في هذه الجائزة فأخبرتها بأن "سما" استعانوا بأعضاء جدد في الفريق ، فطرحت علي تشكيل فريق لدخول الجائزة فوافقت وتم تشكيل الفريق منها ومني ومن الاخوة والاخوات راشد المضاحكة،عبدالله فقيهي،احمد التميمي،عمر الكوهجي،عائشة حسن،عائشة بوجيري .. كأسماء ، من افضل الفرق التي شاركت فيها في العمل التطوعي ... كانت فكرة الفريق قائمة على زرع الثقافات الايجابية بين الشباب باستخدام وسائل في التدريب قائمة على الانشطة والالعاب الجماعية ، من تلك الثقافات هي : الالتزام بالوقت،العدل،الايجابية ، الامانة.. وقمنا بعدة انشطة في مركز سلمان الثقافي ومركز الابداع الشبابي ، من الاشياء الطريفة التي كنت اذكرها بما اننا جميعا اعضاء فاعلين في الانشطة الشبابية فيما يخص المؤسسة العامة للشباب والرياضة فمن سيكون مشرف الفريق؟!! كان الاختيار صعبا على ادارة البرنامج ..فهناك سلمان الحسن،عبدالله علي،فاطمة فؤاد،دلال بوجيري وغيرهم .. كلهم لهم علاقات وثيقة بنا قبل بداية الجائزة ،لكنهم اختاروا الاخ محمد بوجيري ليكون مشرفا علينا ... ربما لم يعلموا بأنه "زوج اختي" ، على اية حال .. بدأ المشوار على هذا النحو ، حالت العديد من الظروف الداخلية في الفريق لتعطل بعض الانشطة ولكننا بذلنا مجهودا لا بأس به وكننا راضيين عن انفسنا بشكل كبير .. لما صار وقت العرض النهائي ، ذهبنا مبكرا بعد ان تدربنا مرارا وتكرارا قبلها بأيام .. اعتمدنا على طريقة العرض الرسمية لأنه سيساعدنا اكثر على التحكم بالوقت ،لما صرنا هناك .. دخل علينا اعضاء فريق "سما" ، بعد ان عرفت بعض المعلومات عنهم وعن الفرق المشاركة .. وعن تباين المستوى بين "سما"والآخرين نظرت في اعينهم وقلت في نفسي : اريد عرضا نهائيا بلا اخطاء.قلت ذلك وكأنني لا ازال مشرفا على الفريق .. اقول ذلك لأنني لما كنت مشرفا على هذا الفريق وجاءتني بعض النتائج الاولية في برنامج "محط الابداع2012"  قلت نفس الكلام ... فرجعت بي اللحظات الى ذلك الزمن ، اما بالنسبة لفريقي "تيرن رايت" فكننا نحن الشباب نمزح ونسلي بعضنا ولا نتحدث كثيرا عن موضوع العرض ،وكانت الشابتين لا تقفان عن التعبير عن التوتر الذي اصابهما ، افتقدنا قائدة الفريق الاخت علياء الجيب واضطررت بأن احل مكانها... مما جعلني ارتاح بشكل كبير اثناء العرض ، ان معظم مشرفي الفرق الاخرى المشاركة في الجائزة هم اصدقائي واخواني واخواتي ... فكنت بعد كل فقرة اتبادل معهم النظرات والغمزات والابتسامات ، فكان شيئا يجعلني حينها اشعر بالراحة النفسية . .. طول الفترة بين العرض الختامي وحفل توزيع الجوائز احسست بأن الجائزة تمر بفترة غيبوبة مآلها الى الموت ،  فالعرض كان في شهر فبراير ..وحفل توزيع الجوائز كان في شهر مايو ، لذلك ..لم اشعر بالتحدي او الرغبة في الفوز حتى ، ساهم في ذلك فكرة التصويت للجمهور التي اعتبرها "حرام شرعا" بالرجوع الى رأي العديد من المشايخ ، هم يقولون ان هذه الخدمة التي اعطتك اياه الشركة"الفلانية" وانت تعرف السعر ..فأين الحرمة الشرعية في ذلك ؟! الحرمة في الامر ان الخدمة دخلت في المسابقة فأصبحت "حراما" .. النتائج النهائية،ونظرا للظروف السابق ذكرها لم اعد اترقبها حقا الا في تلك اللحظة .. عندما اعلن في الحفل ان فريق "سما" فاز بالجائزة في الجانب الاجتماعي ، كنت اتوقع ذلك قبل الاعلان ..لكنني بعد الاعلان فرحت لهم من ناحية،ومن ناحية اخرى فضلت لو فزنا نحن في الجانب الآخر من الجائزة وهي الجانب الثقافي .. لكننا – بعكس فريق "سما" كنا نلاقي منافسة شديدة مع الفرق التي كانت معنا في نفس المجال مع شباب لهم باع طويل وخبرة لا يستهان بها في مجال العمل الشبابي ، استطعنا التفوق عليهم والفوز بالجائزة .. اول شعور انتابني بعد فوزنا بالجائزة هي انني قلت:بللل...ما بغينا نفتك؟!! فعلا ، فالبرنامج اخذ وقتا طويلا جدا بالنسبة الى مستواه ... ربما ايضا مستوى الفرق لم يكن بالشكل المطلوب مما ادى الى تراجع مستوى الجائزة التي كانت في نسختها الاولى ، ينفذه موظفون متخمون بالبرامج والفعاليات طوال السنة .. اتمنى منهم تدارك ما فات من السلبيات والضغط على الفرق بشكل اكبر لرفع مستواها .

مهرجان اوال – الدياية طارت :

بدايتي في المسرح كانت مع اعمال مخصصة للأطفال ، فلما بدأت في مسرح الكبار كنت وسط عدد كبير من الممثلين مما يجعل دوري في العمل اقل اهمية .. اما في "الدياية طارت" فكان عدد الممثلين اقل ، وكان الامر يتطلب مني التركيز والتفاعل مع الحدث وقتا طويلا .. ليس الامر بالسهل ، مع التدريب و البروفات استطعت ان اتحسن واتعود على جو مسرح الكبار .. كنت برفقة اصدقائي احمد عبدالغفور،البسام علي،محمد صقر،عبدالله الدرزي،عادل الجوهر .. "الدياية طارت" جرى التحضير لها قبل مهرجان اوال بشهر تقريبا ،وكننا نستعد للعرض الذي سيقام في شهر فبراير .. كما ذكرت سابقا ،العرض النهائي لبرنامج "بادر" كان ايضا في فبراير ،كما قلت..الجهد البدني طغى هذا العام علي فوق كل الجوانب ، وستعرف عزيزي القارئ كم كانت روزنامة العام مكتظة بالاحداث والمشاركات .. مما جعل تجربة "الدياية طارت" فريدة من نوعها بالنسبة لي هو ان دوري في المسرحية كان كوميديا .. بل حتى في بعض المشاهد كان المخرج الفنان عادل الجوهر يطلب مني ان ابالغ في التمثيل الدرامي ليتحول المشهد من درامي الى كوميدي ، كنت اتذكر بعض المسلسلات الدرامية واضحك مع ان المشهد لا يستدعي الضحك ، فقط لأن الممثلين والممثلات كانوا يبالغون في التمثيل ..ظنا منهم انهم سيزيدون من تأثر المشاهدين بالمشهد ، نعم .. لقد كنت اتأثر بتلك المشاهد ، لكن بالضحك فقط .. كان كل ممثل من بروفة الى اخرى يضيف حسا كوميديا جديدا .. لكن في معظم البروفات التي كانت تعتمد على الحركة والتركيز الذهني كنت اقع في بئر الارهاق سريعا ، بسبب ضغط العمل نفسه وضغط الوظيفة وضغط "بادر" .. كنت اسلي نفسي واقول:مهرجان اوال هو عرض واحد فقط ، لن يدوم العناء طويلا .. بالفعل،كان عرضا جميلا ذاك الذي قدمناه في مهرجان اوال ..وحصلنا ك "مسرح البيادر" على عدة مكتسبات فنية واعلامية من المهرجان .. ولكن الروزنامة مازالت مكتظة،اليك المزيد...#في_شغل.

عصابة خربوش:

بعد مشاهدتها لعرض مسرحية "بلاليط" لفرقة مسرح البيادر والذي عرض في صلالة سنة 2012 ،قامت الفنانة "هيفاء حسين" بعرض فكرة عمل مشترك بين شركتها الانتاجية مع فرقتنا المسرحية ... كان التحضير لهذا العمل قد بدأ فعلا في نفس العام ، ولكن متى سيكون العرض ومتى سنبدأ البروفات ؟! نعم .. قد حدد موعد العرض بأنه سيكون في فبراير 2013 ، فعلا ... كان شهرا مزدحما بكل المقاييس ،فقد كان الممثلون يتدربون بين المغرب والعشاء في مسرحية "عصابة خربوش" ،وبعد العشاء يتدربون في مسرحية "الدياية طارت" ، لك ان تتخيل حجم الارهاق الذي أصابهم ... مع العلم ان عرض "عصابة خربوش" امتد الى اسبوع من العروض الصباحية لطلاب المدارس والمسائية للجمهور .. كنت قد اعتذرت عن العمل ابتداءا ، لكنني اقحمت في العمل اقحاما.. لم يكن وجودي له دور اصلا وكان بالامكان الاستغناء عني ، ولكن لاعتبارات اخرى كالصداقة والرغبة في العمل الجماعي ارغمتني على دخول غمار ذلك العمل في ظروف صعبة ... كنت انتظم وقتها في بروفات "الدياية طارت" ، ولما بدأت العروض الصباحية ل "عصابة خربوش" كنت انتهي من العرض واذهب الى العمل ... يا لها من ايام مرهقة ، انتهت على خير ..

 

اداء العمرة..والزيارة الى المدينة المنورة :

مع الانتهاء من ذلك الشهر المزدحم قررت التفرغ لخمسة عشر يوما قضيت معظمها بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ... فعلت ذلك وحيدا ، فعلا كانت رحلة حصلت خلالها على الراحة من جانب .. وظللت ابحث عن بعض المعلومات عن المدينتين الفاضلتين ،وكلما وجدت شيئا جديدا الا وذهبت اتأكد منه .. الا ما يسمى ب "وادي الجن" الذي يقع في المدينة المنورة .. فلم استطع زيارته ، وهو مكان من خصائصه بأنه ضد الجاذبية الارضية .. فاذا سكبت فيه الماء ارتفع الى الاعلى ، واذا مررت فيه بسيارتك فانها لا تسقط ، هكذا قرأت عنه .. وربما بسبب الخوف و الغرابة لم اخض هذه التجربة ، "مقبرة البقيع" .. تضم في ثناياها اثنا عشر الف صحابي ... دون التابعين والعلماء والاخيار من زمننا هذا ،فكلما عرفت شيئا جديدا الا وذهبت الى المقبرة لأتأكد منه .. زرت "البقيع" ثلاث مرات خلال اربعة ايام ، زرت "المساجد السبعة" وهم كما يعرفون بأنهم المراكز القيادية للصحابة ابان غزوة الخندق ، تألمت كثيرا ... ان اقذر محطة رأيتها في الصحراء وانا في طريقي داخل المملكة العربية السعودية لهي ارقى من تلك المراكز القيادية ، هكذا نهتم بآثارنا للأسف .. ولسوف يأتي زمن تزول معه تلك الامثال مع توافر اعداد المسلمين المتزايدة ، تألمت اكثر عندما سألت عن مكان الخندق .. فقال لي السائق:ذاك الرصيف ... الله ، الآثار تزول وتمحى شيئا فشيئا .. زرت "جبل احد" ، قرأت عن "وادي محسر" الذي هلك فيه ابرهة وجنوده .. زرت "قباء" اول مسجد بني في الاسلام ، زرت "مسجد القبلتين" والذي تحول الناس فيه من القبلة الاولى (المسجد الاقصى) الى القبلة الثانية (الكعبة المشرفة) عندما جاءهم الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن القبلة قد تغيرت ... وقد تبين لي فعلا بأن هناك محرابين اثنين في المسجد ، احدهما جهة الشمال والآخرة جهة الجنوب ، فعلا كانت زيارة مليئة بالتفاصيل والزيارات والاحداث .

العمل :

مما يجعلني اذهب الى العمل واعود منه في حالة نفسية جيدة هي انني اغير في طريقة عملي بين فترة واخرى ، لا اشعر بالملل الا قليلا .. لا اجد حرجا من الدخول على المسؤولين في مكاتبهم والمزاح معهم ، صحيح بأن مشاغلهم كثيرة لكنهم في النهاية بشر .. فأذهب الى المسؤول معلقا على لون قميصه على سبيل المثال ، واذهب الى الآخر متسائلا عن المكان الذي سيتوجه الى لتناول الفطور او حتى الغداء ، امازح الموظفين واقلد حركاتهم واصواتهم ... فيما يتعلق بعملي ، فأنا اعمل في قسم الطرود البريدية .. والتحدي الاكبر لي هو انني لا ابقي شيئا من الطرود الصادرة في القسم الى اليوم التالي قدر الامكان .. كنت اوزع الكميات الكبيرة من الطرود بطريقة لا ترهقني فيما بعد عندما اعتزم اغلاقها باشرافي على الرازم الذي يضع الطرود البريدية في الاكياس المخصصة لها ، في شهر يونيو صار التحدي اكبر .. فقد كانت الطرود تنهمر بشكل غير طبيعي .. حتى ان احدهم لا يستطيع السير على الارض دون ان يضع قدمه على احد الطرود ، كننا في قسم الطرود نصدر الى الخارج ما يقارب المائتين من الطرود يوميا .. بالرغم من ذلك ولمدة شهرين متتاليين فان الكميات الكبيرة لا تكاد تقل ..بل تزيد وتزيد ، مما وضع بريد البحرين و الشركة الناقلة الى المطار في وضع لا يحسد عليه ... بالنسبة لي ، فأنا احاول التغيير بما امكنني ربي به .. واحاول ان اتقبل ما لا استطيع تغييره ، واحاول قدر المستطاع ان اشير الى المسؤول بنقاط الصعوبة او النقص لدي .. لكي يكون لديه علم بها ولا يحاسبني فيما بعد ، تقلبي بشكل سريع بين المزاح والجد اثر على علاقتي بالمسؤولين علي .. فعندما اكون في حالة جد وعصبية يظل المسؤول هادئا ، ليس لأنه كذلك بل لأنه لا يعلم اذا ما كنت جادا ام لا ، حتى بعض اصدقائي المقربين لا يستطيعون التمييز حقا .. اقوم احيانا بانتقاد بعض الموظفين الذين يأخذون اجازات مرضية بكثرة بطريقة ساخرة ، اذكر مرة انني قلت لأحدهم : اييييه يا فلان ، الله لا يخفف عليك .. ان شالله يزيد عليك الشغل لين تتعب وتاخذ مرضية يومين الاربعاء والخميس!! .. قلتها مازحا،لكنني ارتحت لأن الرسالة قد وصلت فعلا .. فقد قام الموظف غضبانا علي والموظفون الآخرون يغطون في الضحك ، حتى قال لي المسؤول: قتلته. فقلت : انا الا اتغشمر!! ..وانا اعني كلمتي التي قلتها ساخرا منه .. هكذا ، لي خصائص معينة في التعامل مع كل شيء حولي فيما يخص العمل ..لا احب الروتين واهرب منه ، فان لم استطع فأنا اقوم بالتغيير وسط الروتين ..كل ما يجعل من روحي شيئا متجددا فلن اتوانى في فعله .

 

مدينة الشباب :

تأتي مدينة الشباب هذه العام في ظروف مماثلة ، فأنا موظف منذ تأسيس هذه المدينة في سنة 2010 .. بمعنى ، ان السيارة تتحول الى خزانة صغيرة للملابس .. والمنزل يتحول الى فندق كبير ( للنوم فقط)، كنت وقتها قد رشحت الى فصل في تعلم اللغة الانجليزية من قبل العمل ... لكنني اعتذرت عنه ، وكنت ايضا قد دخلت في غمار تدريبات مسرحية "اسكت ولا كلمة" ولكنني انسحبت منها ايضا بسبب رغبتي في التفرغ لبرنامج "بليف" ، كان الاخ "محمد الوزان" قد لاحظ الارهاق علي .. وطلب مني الراحة والخلود للنوم قبل القدوم الى المدينة الشبابية .. وفي بعض الايام طلب مني ان آتي متأخرا لكي انال قسطا من الراحة لكنني لم افعل ، احاول ان اعطي كل ما لدي للمشارك وان اهتم بالجزئيات قبل الكليات .. والاساسيات قبل الكماليات بالنسبة لشخصياتهم بشكل عام ، لا اعتبر نفسي مشرفا على فريق دون آخر .. فاذا ذهبت لرؤية فريق ما فأنا احاول ان اطور منه بشكل لا يتعدى على خصوصيات اخواني المشرفين واخواتي المشرفات ، مع توافر الوقت الكافي امام الطلبة هذا العام بالنسبة للمشروع والعرض والتقرير مقارنة بالعام الماضي الا ان كثيرا من الطلبة اثر فيهم الضغط النفسي ..وهو ما حاولنا جاهدين بأن نخفف عنهم وان ندفعهم ليقدموا ما لديهم ، كنت طالبا في برنامج "محطة الابداع" في نسخته الاولى وهو ما ساعدني على فهم الطلبة وما يمرون فيه ... كل ما نحتاجه هو ان يثق المشارك فعلا بأننا نفهمه ، في العام الماضي في برنامج محطة الابداع كان على الفرق ان تنهي مشروعها وتسلم التقرير وتستعد للعرض الختامي في اربعة ايام فقط ، بعض الفرق لم تتحمل ذلك الضغط ..اما هذا العام فقد كان الضغط بشكل اقل ومع ذلك نجد ان قدرة هذا الجيل على تحمل الضغط ليس كما يجب ان تكون عليه .. في كل سنة اتعلم شيئا جديدا ، لا اعلم ان كنت استطيع ان اكون مشرفا مجددا العام القادم .. بصراحة ، فكرت مليا في ان اتطوع في مجال آخر في مدينة الشباب غير برنامج "بليف" .. كنت قد صرحت بذلك لبعض اصدقائي بأنني ارغب في التغيير ، لا اظن انني سأفعل ذلك بل سأحاول ان ادخل برنامج "بليف" بروح جديدة ... وان استفيد من عيوبي واحاول ان اغير من نفسي ومن المشاركين قد المستطاع .

بيتكم بيتنا :

كنت قد تلقيت الدعوة لدخول فريق "سما" مجددا من قبل اخواني "عمر العوضي" و "عمار القصاب" ببالغ السعادة ، حتى اني لم عدت الى البيت من بعد تلك الدعوة وانا افكر في الموضوع واتذكر تلك اللحظات التي كننا نتحلق فيها داخل صفنا الازرق في برنامج محطة الابداع .. لكن هذا البرنامج – بيتكم بيتنا – ندخله جميعا لأول مرة في برنامج بهذه الطريقة .. حيث اننا سنشرف على ترميم بيت – بأهله – لمدة شهر كامل ، كان الاخ "عبدالله الدرزي" قد طلب مني العودة الى طاقم مسرحية "اسكت ولا كلمة" للعمل مجددا بعد ان اعتذر الممثل الذي حل مكاني ابتداءا .. وكنت ملتزما بالبروفات يوميا وهو ما اصابني بالارهاق ، عمل+بيتكم بيتنا+مسرحية+عدم اخذ قسط من الراحة بعد مدينة الشباب = ظروف صعبة جدا جدا ، حاولت قدر الامكان ان ابذل جهدا في مساعدة الفريق .. وحاولت ان اضع بصمتي الخاصة ولكنني لم اوفق ، كنت قد مارست كرة السلة عندما كنت صغيرا .. واعرف انه عندما يقوم الهداف بتضييع بعض الرميات لعدم التوفيق فانه يقوم فقط بتمرير الى اصدقاءه دون ان يحاول التصويب ، هذا بالضبط ما تذكرته وقتها .. ما الفائدة في انني اصنع بصمة لي في الفريق وانا غير موفق ؟!!  بعد البرنامج جلست ابحث عن اسباب التوفيق واسباب عدم التوفيق لكي لا تعاودني تلك الحالة مستقبلا ، لسنا اناس مثاليين .. ولكن لا مانع من المحاولة الى الوصول الى المثالية قدر الامكان ، اعرف بأنني لن اصل الى المثالية الكاملة لأنها حق رباني خالص الملكية ، ولكن .. انا هكذا احاول التدقيق في عيوبي وان اطور منها .. مع الزيادة في مسؤوليات الفريق ، ومع زيادة بروفات الحركة في مسرحية "اسكت ولا كلمة" كنت اعود الى المنزل بقوى منهارة ... اذا كان وقت عملي مساءا،فأنا اذهب صباحا الى البيت الذي كننا نشرف عليه..واكثر السؤال واطلب المساعدة من الذين اعرفهم ، اذا اضطررت الى المكوث في العمل وقتا اضافيا فأن دائم المتابعة مع المقاولين بالهاتف .. فعلا،لم افكر يوما ان اجلب شاحنا للهاتف الى مقر عملي قبل ان ادخل هذا البرنامج ..ولكنني احتجت الى ذلك لاحقا لأنني كثيرا ما اتواصل مع اغلب اعضاء الفريق بشكل خاص و متواصل ، في المرحلة الأخيرة ... وجدت ان وتيرة العمل لا تتسارع بل هي ثابتة ، قلت في نفسي : لماذا لا اكلم "عمر العوضي" بشكل خاص لنحل هذه الاشكالية في الفريق؟! ويقوم بتوزيع الادوار بعدها بشكل اكثر دقة؟ ..قلت بعدها: احب امام الناس ان اظهر كما انا ، لا داعي لكي ابني واضع حواجزا بيني وبين اخواني واخواتي اعضاء فريق "سما" .. علي فقط ان اتحدث بما اشعر به ، فعاتبتهم وطالبتهم ببذل المزيد من الجهد .. وقلت في نفسي ، اذا لم اجد تفاعلا فسأدخل على كل عضو في الفريق واسمعه كلاما غليظا ..مما يدفعني الى فعل ذلك هو ضرورة تسارع وتيرة العمل في نهاية البرنامج ، في معظم سباقات السرعة في العاب القوى ستجد ان السرعة الابتدائية لا تكون ضرورية .. المهم هو السرعة النهائية والتي ستحدد مكانك لاحقا ... اضرب الامثال كثيرا بالرياضة ، فذلك جزء من شخصيتي ..مما يدفعني ايضا الى الكلام بشكل معاتب الى اعضاء "سما" هو ثقتي بأنني لن اخطأ في حق احدهم ، ولن اوجه كلاما جارحا او مخلا بالأدب العام .. رأيت لاعبا في كرة اليد يصفع زميله في الوقت المستقطع لكي يطالبه بالتركيز آخر عشر ثوان .. ههههه لن اضرب احدا ولكنني لم ار حرجا من توجيه عتاب شديد اللهجة قليلا .. اكتسبت من هذا البرنامج روحا جديدة في العمل التطوعي ، عندما احتك بأشخاص اصغر مني سنا واكثر عطاءا فأنا ابذل ما بوسعي لكي اتنافس معهم تنافسا شريفا في صالح الفريق ..عندما كنت صغيرا كنت اقدم المساعدات العينية الى الاسر الفقيرة من حليب وطحين وزيت الى غير ذلك من المواد الاساسية ، لكن هذا البرنامج كان ذو طابع مختلف في نفسي ..اتمنى ان تستمر الفكرة كسنة حسنة بين الناس وليس كمسابقة يكون فيها فائز وخاسر ، قد يصل بعض الناس الى الله بنياتهم ما لا يصل به اناس بجوائزهم ..بل ولا اعتبر تلك الجوائز حافزا بأي شكل من الاشكال ، اكبر حافز للمرء في هذا النوع من البرامج هو ان يعود الى البيت ويقرأ في كتب تزكية النفس ليصل بحسن نيته الى مالا يبلغه من هم افضل منه عملا كما يقيمه الناس بنظرة مادية .... اما ارتباطي ب "سما" فأصبح ارتباطا وثيقا ،حتى ان احدهم انتقد الفريق امامي بشكل قاس نوعا ما ثم استدرك قائلا : مسامحة بوحسن. هذه الكلمة تقال لشخص انتقد في شيء يحبه وينتمي له .

زيارة الاحساء :

تخللت هذه الزيارة التي كنت اخطط لها منذ زمن واضعها في حسباني برنامج بيتكم بيتنا .. كنت اسمع كثيرا عن المكانة العلمية للأحساء ولكنني لم اتلمس ذلك بالرغم من زياراتي لتلك المدينة المباركة ، يقول ابن خلدون في مقدمته : البحرين اقليم .. و قصبته – عاصمته-  هجر. وكان يشمل بقوله (البحرين) تلك الجزيرة الصغيرة التي كانت تسمى "اوال" والحقت الى ذلك الاقليم الكبير في القرن الثالث الهجري .. فلا بد من رؤية جوانب مشتركة بين المنطقتين ... كنت قد سمعتهم – اهل الاحساء – يقولون : انتوا اهلنا ..والبلد وحدة . كانوا اطيب من صادفتهم من اهل الخليج واغزرهم كرما وضيافة وطيبة ، يطلقون على الاحساء لقب "ازهر الخليج" لتعدد المدارس الفقهية لكل المذاهب السنية المعتبرة الاربعة ، حتى تبين لي ان اهل البحرين كلهم كانوا يعتنون بنفس المنهج الازهري المتسامح منذ عهد المدارس الاهلية في البحرين .. وحتى ان الشيخ عيسى بن علي آل خليفة ارسل الشيخ قاسم بن مهزع الى الخارج لدراسة هذا المنهج ، وكم قرب آل خليفة علماء الاحساء بسبب منهجهم المتسامح وعلمهم بأن الاحساء هي جامعة علماء البحرين الكبار ..فكانت زيارتي تلك توثيقا مني ومن اصدقائي وتأكيدا على ان مرجعية منهجنا المتسامح القويم لا يمثله الآن سوى الاحساء ..

الختام :

في آخر شهرين العام ، من الله علي وعلى بعض اصدقائي بالذهاب لأداء العمرة وزيارة المدينة المنورة ،كنا انا و "محمد الوزان و راشد المضاحكة و محمد بوجيري" رفقة في هذه السفرة المباركة ... ما اجملها من صحبة ، فقد كانت مليئة بالمواقف المضحكة وبالتفاصيل التي لا تنسى .. من الاشياء التي اتمنى لو ان باستطاعتي ان استنسخها وافعلها مجددا هذا العام مع وجود كل الصحبة الطيبة .

هوامش :

# تخلل هذا العام عدة سفرات منها الى تركيا،الكويت،الرياض ... السفرات التي تخص الامانة العامة لدول مجلس التعاون لا احب ان اذكر تفاصيلها لأن ما حدث فيها ليس كما هو مخطط له.. اهم شيء انا استانست .

# من مظاهر الارهاق .. برنامج بيتكم بيتنا+مدينة الشباب+مسرحية اسكت ولا كلمة+مسرحية العيد(الدياية طارت) .. كل ذلك في شهرين ، مما جعلني اتقلب على فراشي بسبب بعض التقلصات العضلية التي كانت تصيبني قبيل الفجر فأسكت ولا ارغب في الصراخ ، بل احاول ان ادلك قدمي شيئا فشيئا ... عملي الذي يعتمد في كثير من اموره بالقوة الجسدية له اثر كبير .

# من كثرة انشغالي خارج المنزل قالت لي امي يوما: عاد عطنا من وقتك خمس دقايق !! ..

# لا اعلم ما يخبأه القدر لي .. ولكنني اسعى الى سنة اقل هدوءا ونشاطا عن هذه السنة والتركيز على اشياء اقل .

# مما تعلمته .. انني اعرف جيدا نقاط قوتي ونقاط ضعفي – غازي القصيبي رحمه الله .

# حكمة : من علامات اتباع الهوى..المسارعة الى نوافل الخيرات والتكاسل عن القيام بالواجبات ، مرض عانى منه اكثر شباب عصرنا ، فنحن نركز على الكماليات وننسى الأساسيات .

 # اشكر من درسني خلال دراستي في أكاديمية الخليج للطيران واتمنى لهم دوام التوفيق والنجاح .. ( امينة بوعلاي، فجر مفيز، فيصل الكوهجي)...

محمد حسن يوسف