الجمعة، 22 سبتمبر 2017

ان لم تفعل.. فلا تتزوج !!


للوهلة الأولى وأنا أفكر في كتابة هذه السطور أحدث نفسي قائلاً: لست أهلاً للحديث عن هذا الموضوع، فهناك المختصين في هذا الشأن.. فأجد اصابعي تُقدِمُ ثم تُحجِم، ثم أقول لنفسي تارةً أخرى: ما أنا إلا شابٌ اكتب ما أراه، وادعو الآخرين ليرونه، فإن رأوا ما رأيت اتفقوا معي، وإن رأوا غير ذلك صحّحوا لي، فكلنا اخوانٌ كحزمة عودٍ يستقوي بعضنا بالآخر، كما أنني أرى بأن المبادر الأول في شأن الزواج هو ذلك كالشاب.. فوجب لي أن أتوجه لك ببعض الكلمات التي من شأنها تصحيح فكرك إذا اختلّ، وتعديل مسارك إذا ضلّ.. لأن المسألة ليست مجرد رغبة تبديها لأهلك بقولك "دوروا لي مره" ويُقضى بذلك الأمر.

عزيزي الشاب، إن مشروع الزواج أمره مختلفٌ تماماً عن بقية المشاريع التي ستقوم بها في حياتك، ذلك معلوم ... ولكن العديد من الشباب يدخل في خضم هذا الأمر بدون استشعارٍ لهذه الأهمية، وأول خطوات هذا الاستشعار أن تعرف حقوقك وواجباتك التي حددها لك الشارع بنصوصه، وحددتها لك أحوال المروءة والشهامة والرجولة، فلا تفرض على المرأة ما لا يجب عليها وتُقصّر انت فيما أمرك الله سبحانه به، فاذهب إلى شيخ دينٍ تأخذ منه الوصايا والأمور التي تجب عليك كزوج، وما الذي يجب عليها كزوجة، وأن تفرق بين ما تفعله المرأة رغبةً في كسب رضاك ولمنزلتك في قلبها وبين ما يجب عليها فعله كونها زوجة، لتنقي نفسك وذهنك من العادات والتقاليد التي لا تتوافق مع الشرع ولا تتواءم مع عصرنا الحاضر، إن لم تفعل.. فلا تتزوج.

اختلف ترتيب هذه النقطة مع ما قبلها بالنسبة لك عزيزي الشاب أم لا، فلا ضير في ذلك.. أسأل نفسك في عزلة ذهنية خالصة، ما هي مواصفات زوجتك المستقبلية؟ لا تكن سطحياً إلى حدٍ كبير في إيجاد أجوبةٍ أوليةٍ عن الشكل الخارجي، فالزواج أمره مختلفٌ تماماً عن شراء السيارة، إذا سألك أهلك عن تلك المواصفات فأجب عن الأطباع.. الأخلاق.. طريقة التفكير.. وعرض مواصفاتك انت ليتم البحث عن ما يلائمها خارج البيت (إن كان الزواج تقليدياً بطبيعة الحال)، من حقك ان تسأل عن الشكل وأن تراه .. فهذه من الأشياء البديهية التي لا تغيب عن عقل عامّي بسيط، ولكن إن نظرت إلى الشكل بدون تمعّن لما سبق فأنت (اسمح لي على هذه الكلمة) مجرد ابله، فإذا ما تقدمت وخطبت تلك الفتاة كن واضحاً معها في ما تريد منها وتتوقعه.. ذلك سيجعل الطرف الآخر في حالة استقرار ذهني، وستقوم هي بالمقابل بعرض امنياتها عن زوجها المستقبلي وما يناسب أفكارها.. وبعد ذلك يمكنك أخذ القرار النهائي براحة تامة، فإن لم تفعل.. فلا تقم بكسر الخواطر بجهالة وحمق وتتزوج من فتاة لا تناسبك، ثم تجعلها تعيش الموت وهي فوق الأرض.

"الرجال قوّامون على النساء".. أعطاك الله سبحانه القوامة، ولكنه وضعك موضع المسؤول (كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته)، تلك المسؤولية تستوجب استعدادك للتخلي عن بعض العادات عند انتقالك إلى مرحلة الزواج، ولا ضير في ذلك.. ولا أجد من يتفاخر أمام أصدقائه بأنه لم يغيّر من عاداته من أجل أن يُقال عنه "ريّال" أي مساس بالنضج وتحمل المسؤولية، بل هو الطيش والغرور.. يولد المرء ذكراً، وتُكتسب الرجولة بعد ذلك، فإن كنت ستتصرف بما لا يقتضيه الشرع.. ولا تقتضيه مكارم الأخلاق والمروءة فراجع نفسك، فتوقيعك لعقد الزواج لا يعني بأنك استملكت المرأة.. بعضهم يقول في مجلس العقد في صيغة القبول "بإمساك بمعروف" وهو لا يحيط بالمعروف بشيء.. فإن اردت خوض غمار هذه الحياة الجديدة فلا تفعل ذلك بغير الجدية التامة والدعاء بالتسديد والرشاد وبذل الأسباب الصحيحة.. فإن لم يكن الأمر كذلك بالنسبة لك فاترك البنت عند أهلها معززةً مكرمة "واقعد انت عند امك".



ملاحظة: قد تبذل الأسباب الصحيحة لزواج صحيح.. ولكن إذا أراد الله سبحانه في علمه أن تعيش تجربةً فاشلة فستعيشها رغماً عنك، فلله الأمر من قبل ومن بعد.



محمد حسن

الخميس، 21 سبتمبر 2017

أمراض غير عضوية


نقف كثيرًا عند بعض الحواجز الحياتية متوهمين بأنه لا يمكننا العبور، ولا يمكننا التكيف والإنتاج والابداع.. انطلق في مقالي عبر حالة الكثير من الموظفين في دائرتي التي اعمل بها في يوم "السبت" تحديداً، فهو يوم خاص يتراكم فيه العمل بسبب إجازة نهاية الأسبوع "الجمعة"، فأجد الكثير من الزملاء يأتي ثقيلاً إلى الدائرة ويرغب في المساواة بينه وبين الموظفين الذي يأخذون اجازةً في يوم السبت، اسأل أحدهم سؤالاً مبطناً: "جم سنة صار لك على هالحال؟" فوجدت أن الإجابات تتصاعد ابتداءً من الرقم 10 إلى ال 30 سنة. أقول: بالرغم من كل تلك السنين.. ألم تتكيّف على هذا الوضع؟ إلى متى سيظل حالك التعيس؟ أم أن مواجهة العالم والرغبة في تغيير النظام من حولك اسهل من تغيير طباعك؟

إن الوصول إلى مستويات الحضارات المتقدمة كان بسبب خرق العوائد والخروج من منطقة الراحة، ذلك لأن الإنسان الحضاري يرغب في سلك مسلكٍ يمكنه من خلاله تحسين طرق العيش والبحث عن ظروفٍ وبيئةٍ تجعله انساناً منتجاً لا مجرد ثرثارٍ متزمت، فما المانع إن غيّر الفرد من عاداته واكتسب عاداتٍ جديدة نافعة؟ إن المرء في سبيله لوضع الخطة السليمة يجب عليه إن يخصص من وقته لتعويد النفس على فعل أشياء لم يكن يعملها.. وهو متيقنٌ بأن تلك العادات الجديدة أكثر نفعاً ونجاعةً وتأثيراً، اكتب أفعالك اليومية بشكل عام.. وحدد منها ما يقربك إلى أهدافك الفعلية من ناحية، ومن ناحية أخرى الأفعال التي تلقي بك إلى طريق الثرثرة والتقلبات النفسية المزاجية التي بحاجة إلى مراجعة وجودها والوقت الذي تستنزفه في كل ذلك.

أنا هنا لا ارسل الرسائل إلى ذلك الموظف التقليدي العادي، بل حتى إلى ذلك الطالب الجامعي المتذمر، والشاب الذي على أوضاعه متحسر، لأن الظروف وُجدت ليتم التغلب عليها لا لأن يتم تحييد النفس من خلالها.. قد يكون الكلام إيجابياً أكثر من اللازم، ولكنني أسعد أيما سعادةٍ عندما أكون تحت الضغط.. ويلهمني ربي جل جلاله المخرج من تلك الظروف، ولا أشعر بالخجل لأن الظروف جعلتني أقوم ببعض الأمور مجبراً، بل انا سعيدٌ لأنني استطعت تكييف نفسي وتجاوز الأمر.. ليس معنى ذلك بأنني لن اواجه لحظات الضغط والضعف والحيرة  مجدداً، ولكنها ظروف ستكون مختلفة لتصنع منك انساناً مختلفاً، ارقى وانفع لنفسك وأهلك وأمتك، فلك الخيار.. اختيارك إذا ما كان سلبياً فأرجو منك أن تعتزل العالم، فلسنا بحاجة إلى صانعي "النكد" و ضحايا "الكسل".

محمد حسن يوسف


الجمعة، 8 سبتمبر 2017

زوايا الأفكار المظلمة


يتحيّر الشاب منا حيال قضية معينة (دينية، اجتماعية، ثقافية) وذلك نتيجة تضارب الأفكار، أفكارٌ تدور في الرأس بلا ترتيب ولا نظام ولا تنقيح، يسعى للوصول إلى عين الحقيقة التي يبتغيها الجميع، في ظل وجود فئة كبيرة تعارض رأيه من حيث المبدأ فإن ذلك الشاب يقرر التزام الصمت تجاه تعبيره عن فكرته، وربما كان ذلك الصمت مؤقتاً.. فإذا انفجر الشاب وهو يعبر عن قناعاته وكأنها حقيقة قطعية يكون من الصعب إقناعه بعكس ذلك.

توارد الخواطر والأفكار في نفس الشاب يجعله عرضةً لأسئلة كثيرة يجب أن يجد حل اللغز فيها، الخطورة في الأمر تكمن في الوصول إلى إجاباتٍ خاطئة، عندها سيرسم الشاب لنفسه جسراً من الوهم ليعبر من خلاله إلى الحقيقة (التي في رأسه)، وسيبدأ في جمع الكتب والمراجع التي يستسقي منها المعلومات المساندة لوجهة نظره، فيصبح وقد تغير حاله إلى أسيرٍ للمعلومة لا باحثاً عن الحقيقة، وشتّان بين الإثنين.. فالأول تتكون لديه غريزة البحث عن المعلومة المناسبة التي بمقدوره أن يسكبها في القالب الصلب الذي وضع نفسه فيه، أما الآخر فهو متجدد منفتح.. إذا أشكل عليه أمرٌ ما لا يتركه حتى يستفحل، بل يرده إلى أهله حتى يحيط بالموضوع بجميع جوانبه من غير تحيّز أو تمايز، وبدون تعصبٍ أو عُجب.

لكي نصل إلى تلك المرحلة النهائية يجب علينا أن نقتحم زاويا الأفكار المظلمة بنور البحث المنفتح، والذي لا يتأتّى بالقراءة فقط.. بل بمناقشة الأفكار مع الأقران والخبراء والمختصين، وعدم الخوف بسبب وجهة نظر الأغلبية الذين قد يعارضونك إذا ما عبّرت عن رأيك، فلا ضير إن صححت انت مسارهم نحو الحقيقة فذلك ما تبغون، وإما أن يقنعوك هم بفكرتهم فيعتدل مسارك.. وذلك أيضاً ما تبغون، فلا تحبس رأيك الخاص إن كنت في مجلسٍ أو على مواقع التواصل الاجتماعي، اجعل ذلك جزءًا من تقييمك لذاتك.

هناك جانب آخر لا يجب أن تغفل عنه وهو جانب "الحرية المسؤولة"، فإن تمتعت بحريتك في طرح ما تريد وما لا يجرؤ الآخرون على طرحه، فلا يضيق صدرك أبداً إذا عارضك أحدهم، كونك قد استطعت حل الألغاز في رأسك لا يعني بأن الإجابات صحيحة بالضرورة، فلا تُصعِّر خدك للناس وتعتقد بأنك إنسانٌ خارج منطقة النقد، إن افكارنا مهما اختلفت اعمارنا قابلة للتنقيح والتصويب والتقييم، ونتيجةً لتدافع الأفكار من شخصٍ إلى آخر تتبلور الفكرة، وقد يساعدك أحدهم بفكرته لينضج عقلك وتأتي بفكرة أخرى.. وهذا هو جوهر الحرية المسؤولة، لا الحرية "الغبية" التي تخرج من ظلمة الأفكار إلى ظلمة الإجابة الخاطئة، تخيّل معي إن حدث ذلك بسبب غرور نفسك ما الذي سيحدث بعدها.. هو أنك ستُسيّر حياتك بشكل خاطئ، وستصنع لذاتك ذاتاً مشوهةً، فإذا ناقضت نفسك تكبرت، وإن تكشّفت أمامك الحقيقة تمردت، وظننت بأنك تحسن صنعاً !!

محمد حسن