الاثنين، 3 أكتوبر 2016

أصلاً عادي.. الا هندي


الحمدلله العلي القدير، والصلاة والسلام على السراج المنير، وعلى الآل والأصحاب ومن على نهجهم يسير، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم.. وادخلنا الجنان برحمتك.. ذلك الفوز الكبير.

وقف سائقٌ آسيوي لسألني عن الطريق بعد إذ ضلّه، وكانت بجواره في المقعد الأمامي امرأةٌ عجوز، التفتت إلي قائلةً:"ويييي!!! ريال!!". وغطت وجهها عني ثم أكملت سؤالها عن الطريق، ضحكت بعد الموقف وقلت لنفسي:" يعني ذي الي يمج مب ريال مثلاً؟!". ظهرت على مجتمعنا العديد من التصرفات التي تستهين بها البنت بحدود شرعها وحجابها ومن ضمنها الاستهانة بقدر الحجاب خاصةً في حضرة الأجانب الآسيويين بقولها:" عادي.. الا هندي!!". فأصبح "الهندي" اليوم يضع يده على بعض البنات في مشغل الخياطة ليضع المقاييس لملابسهن، وبعضهن يضعن حجابهن أمام العمالة الوافدة بحجة واهية بقولهن: " الا هندي!!".

استعرض هنا الفرق بين الخجل والحياء بشكل سريع ومقتضب، وهو أن الخجل يعرفه علماء الاجتماع ب"الشعور بانتقاص الذات يؤدي إلى المساهمة في عدم الوصول إلى الأهداف"، أما الحياء وهو الشاهد في موضوعنا فيعرفونه بأنه "خلقٌ نبيل.. يمنع من ارتكاب المعيب من الأشياء لا سيما المحرمة منها شرعاً، ويمنع ارتكاب الأمور التي تخرِم مروءة الإنسان"، لذلك.. فمن البلاغة أن نقول للإنسان إذا وجدنا منه عملاً قبيحاً منافياً للآداب العامة والشرعية بقولنا:" اما تستحي؟!". وهنا نوجه الكلام لسلوكيات الشابات اللواتي نزعن الحياء من قلوبهن قبل أن يتم التهاون في حدود الله بهذا الشكل الصارخ المقيت.

لا أدري هل أكون قاسياً بكلماتي تلك أم لا.. ولكن المتأمل في السلوكيات العامة للشابات للواتي يعوّل عليهن المجتمع في أن يكنّ "مدرسةً إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق" يرى بوضوح جلي الخلل الفكري وغياب الوازع الديني لديهن.. متعللين بأسباب واهية غير واقعية ربما يكون الغرض منها هو تحميل الغير مسؤولية أفعالهن الخادشة للحياء، حياء الذات أولاً ومن ثم حياء المجتمع، عزيزتي الشابة... إن الله سبحانه قد جعل الحياء زينة تمتاز بها المرأة عن غيرها، وتبلغ بهذا الخلق النبيل ما لا يبلغ به الرجل... فإن كانت المرأة تتمتع بخلقٍ ينهاها عن فعل الحرام والعيب فأي مجتمع نرتجي منه أن يكون في المستقبل ؟! راقبي الله عز وجل في تصرفاتك ولا تطيعي غرور نفسك وشقوتها، فأنتي بالحياء أجمل.. وبالطاعة والانصياع لأوامر الله سبحانه أجمل وأكمل.

مدح الله سبحانه وتعالى في كتابه امرأةً ذهبت إلى موسى عليه السلام لتقول له:" إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا".. ولكنه سبحانه لفت النظر لنا لفتةً كريمةً بقوله جل في علاه قبل ذلك:" فجاءته احداهما تمشي على استحياء". وحاشاه سبحانه وتعالى أن يلفت انتباهنا إلى هذه اللفتة عبثاً، ولكن السؤال هنا: هل غلبت تلك المرأة نبي الله موسى عليه السلام بحيائها وهو من هو.. نبي الله و أحد أولو العزم من الرسل عليهم السلام؟ مشت تلك السيدة أمامه فلم يعجبه ذلك لأن الهواء كان يحرك ثوبها  فقال لها عليه السلام:" كوني ورائي، فإذا اجتنبتي الطريق فاحذفي لي بحصاة اعلم بها كيف الطريق لأتهدى إليه". الحياء خلقٌ عام.. ليس لذات المرأة فحسب، بل ما اجمل الرجل إذ يستحي من فعل الحرام والمعيب والقبيح من الأفعال، وما أرى الرجال قد اختصوا النساء بالحياء الا للهروب من المسؤولية الأخلاقية التي يجب على الجنسين أن يتحملانها، فالرجل العاف الغاض لبصره الحيي هو انسانٌ ذو خلقٍ رفيع... أسأل الله أن أكون انا وأنتم واخواتنا من أصحاب الأخلاق الرفيعة لننال بذلك منازلاً عليّة في جنات الفردوس مع قصور أعمالنا بفضل الله ورحمته (اقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً).



#همسة: إذا سألك في الهندسة قلت:" اسألوا أهل الاختصاص". وإذا سألوك في الطب قلت:" لا اعرف.. اذهبوا إلى الأطباء". وإذا سألوك عن السياسية قلت:" ما لي وللسياسة!! لست من أهلها." وإذا سألوك عن حكمٍ في الشريعة ألّفت.. وتفلسفت.. وانطلق لسانك وعلى شرع الله سبحانه تجرأت، ولم تقل "لا أعلم.. فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". استعد.. لأنك مسؤول من ربك عن هذا، فما جوابك ؟!



محمد حسن يوسف