الأحد، 27 ديسمبر 2015

كلمة "مشغول" .. بين الحقيقة والخدعة

الحمدلله رب المغارب والمشارق، والصلاة والسلام على سيد الخلائق.. وعلى الآل والأصحاب، ومن سار على نهجهم إلى درب الجنان ذات الأكواب والسرر والنمارق.. الله أخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم، وحسِّن أخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم.. وارحمني يوم اقف بين يديك.
"مشغول" .. كلمة لطالما نرددها لنقنع بها الضمير بأننا أُناس مكافحون في الحياة، ليس الكل.. ولكن الغالب من شباب عصرنا ما إن يتعرض إلى بعض الضغوط في حياته حتى أصبح يجد سهولة في سرد الأعذار التي يمنع بها نفسه من الوصول إلى النجاح.. وأولها كلمة "مشغول، ماعندي وقت".
فلتتوقف عزيزي الشاب عند فحوى هذه الكلمة التي تحب أن تكررها على ضميرك كي يصدقك.. واسأل نفسك سؤالاً واحداً: " فيمَ يمضي وقتك؟" على الرغم من كون الشباب "مشغولين" فأنت لا تجد الفئة الناجحة منهم الا قلة.. أما البقية فإنهم ينجرفون في سيل الأعذار، لا أحد يحب الفشل.. لا أحد يحب أن يحدث نفسه بصراحة بأنه عجز وقصَّر في أمر ما وليس لأنه مشغول.
ولنعطي مزيداً من التشخيص لهذه الظاهرة.. فنجد أن الشاب قد يضع - مع حسن الظن بالشاب- العديد من الأهداف ليحققها.. فقد لا يكون موفقاً في تحقيقها جميعاً لكن المثير في الأمر بأنه يضع العذر "مشغول" أمام الهدف الأول في حياته!! فماذا ستقول أيها الشاب للأهداف الأخرى؟! إن من مفاسد هذا الزمن أن يجعلنا نغرق في توافه الحياة و هوامشها و ننسى أهدافنا الأولى... مشاريع وضعناها لأنفسنا في المقدمة، ولكن ما أن ضَعُفت هممنا.. وخارت قوانا.
ضع اولوياتك.. ما هي القيمة التي تريد أن تضيفها إلى المجتمع؟! أثر يبقى ويدل عليك.. ولعلي ارى أن أضرب الأمثلة على نفسي لأني طبقت هذا الكلام على شخصي أولاً، وضعت عدة أهداف لقيمتي في الحياة... أولها بأن احمل رسالة أخلاقيةً إلى العالم، لذلك فأنا أبحث كثيراً في كتب تزكية النفس ومعرفة عيوبها ودسائسها.. فأنا كي احمل تلك الرسالة فعلي أن أتمثلها أولا، برنامج "Believe  " في مدينة شباب 2030 المعني بغرس الأخلاقيات في نفوس القادة من أهم برامجي السنوية.. أقول بأنني أعزم المشاركة في كل سنة، ولكني لا أضمنها حتى قبل اسبوع من بدايته بسبب كثرة المدخلات على الحياة.. ولكنني أنجو أخيراً وأشارك بكل حماس.
في ميدان العمل، أحاول خلق التغيير في الروتين.. أنا قليل الشكوى من ضغط العمل، فأنا دائماً أجد طرقاً أخرى لأقوم بأعمالي بشكل أسرع من غيري، ليس من باب التفوق عليهم.. بل هو حافز للنفس، ساعدتني وظيفتي على ضبط الوقت والاهتمام بتفاصيله.. يأتي الزواج ففيه معشر الشباب اصناف وأشكال، ولكنني دائما أفكر فيما يمكنني إعطاؤه للطرف الآخر أكثر من تفكيري فيما أريد أن أحصل عليه.
في خِضمِّ تجبرتي البسيطة في ميدان العمل التطوعي فأنا اعمل على تأليف كتابٍ في هذا الشأن اسميته "فمن تطوع خيراً"، وقد انتهيت من كتابته فعلاً.. فجمعت بذلك حب العمل التطوعي وحب الكتابة، ولم اشأ أن استخدم وسائل أخرى لنشر أفكاري ك "الفيديو" وخلاف ذلك، لا لعيب فيه بل احتراماً للتخصص.. فأنا مؤمن بأن على المرأ أن يكون الأفضل في مجاله وأن يعرف شيئاً من كل شيء، لا أن يرغب في أن يكون الأفضل في كل شيء.
قضية فلسطين تشغل بالي وتفكيري، وأحاول بقدر ما استطيع – مع تقصيري في ذلك – أن اظهر التضامن مع اخواني، وأن اقرأ في تفاصيل القضية وتاريخ المنطقة منذ القدم.. ارغب في عمل مشروع يحسِّن وضعي المادي وهذا ما بأدت فيه فعلا بفضل الله تعالى بالإضافة إلى دراستي الجامعية.
نتيجةً لكل تلك الأهداف.. فقد توقفت عن "التمثيل" ، فهو الجانب الأقل أهمية من كل ما سبق.. فحُق لي بأن أقول كلمة "مشغول"، لاحظ عزيزي الشاب بأنني قلت كلمة "مشغول" عن الهدف الخامس في حياتي.. فراقب نفسك وحدد أولوياتك، واعرف متى تقول تلك الكلمة في مكانها بدون خداع للضمير.. اعاننا الله وإياكم لوضع بصمة في هذه الحياة.

محمد حسن يوسف

الأحد، 15 نوفمبر 2015

استثمر في ذاتك

الحمدلله غافر الذنوب سِتِّير.. والصلاة والسلام على السراج المنير، وعلى الآل والأصحاب ومن على نهجهم يسير، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسِّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم.. واحشرني مع الصالحين من عبادك على درب الجنان ونعم المصير.

تتباين الآراء حول أوقاتنا كلما اختلفت اعمارنا.. فالصغير تبدو اهتمامته كثيرة ومتناثرة، أما كبراؤنا فيفضلون التركيز على أشياء قليلة.. ولكنها أهم، تلك هي سنة الحياة.. فالإنسان كلما كبر في السن يبدأ في الإستغناء عن الأشياء التي ظن في السابق أنها كانت مهمة.. ربما لأن الزمن والعمر قد تجاوزها من ناحية، او ربما كان اعتقاده آنذاك بأن تلك الأشياء مهمة اصبح مجرد وهم من ناحية أخرى... لا يمكننا بأي حال من الأحوال مناقشة الأشياء التي كان يفعلها الإنسان وتطاول عليه عمره فأصبح لا يستطيع فعلها كالأنشطة البدنية والقدرة على السهر، بل هنا اسلط الضوء على اكتشافنا لضياع أوقاتنا... تركيزنا على أشياء كانت توهمنا بأنها مهمة، ولم تكن كذلك.

يبدأ الإنسان بتحليل اوقاته اليومية لمناقشة ذلك الأمر.. فتبدو له ساعاته الضائعة التي لا يبذل فيها مجهوداً يُذكر، سنجد نسبة الساعات اليومية الضائعة ليست بالقليلة... دائماً ما نشكوا لغيرنا بأننا "مشغولون" و "مرهقون"، فتجلس لتسأله المزيد لتتعرف على كيفية استخدامه للوقت.. فتتفاجأ بأنه يتذمر لمجرد التذمر... وأن المجهود الذي يبذله لا يتعدى به إلى أي مرحلة في الحياة، مع الأخذ بعين الإعتبار ساعات النوم.. بل إني سمعت أحدهم يقول:" أنا نائم، إذاً انا مشغول". في السابق كان الذهاب للخلاء - اعزكم الله - يأخذ وقتاً ليس بيسير... فوصل الخبر عن أحد العلماء أنه كان لا يضيع ذلك الوقت الا ويقضيه في تأليف الرسائل المفيدة للناس، كان جدي رحمه الله يرجع من المناوبة الليلة في عمله.. ويأخذ معه بعض المأكولات والمقليات ليبيعها على الموظفين في الصباح ليساعده المدخول البسيط في سد بعض المصاريف.. ذلك عندما يكون وقتك في يدك، يتحكم به عقلك.. لا نزواتك وشهواتك، اولئك الذين يضبطون اوقاتهم هم الأكثر فاعليةً وتأثيراً في المجتمع.. أما من هم دون ذلك فيدخلون في دائرة الخمول والتسويف، وبذلك تضيع الرسالة التي من أجلها خلق الله سبحانه الإنسان... فيدخل حينها في دائرة الإستبدال ( إن تتولوا يستبدل قوما غيركم).

الموارد المالية عند "الشباب" محدودة المصدر.. لكن الكثير منها يُصرف على اشياء جانبية ليست ذات قيمة، يغيب عن جيلنا الحالي كيفية تدبير الأمور ووضعها في نصابها السليم.. الأهم فالمهم فالأقل أهمية، لا يُفهم من كلامي أن يبخل الإنسان على نفسه ويحرم ذاته.. فالله يحب رؤية أثر النعمة على العبد (وأما بنعمة ربك فحدِّث).. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم".الآية والحديث ليسا متناقضين.. بل هما متكاملين، ادعو هنا لاستخدام العقل في إدارة المال وعدم الإنجرار وراء العواطف والنزوات (ماركات، سيارة، تلفون).. فقد يأتي زمان تحتاج فيه إلى المال، ولا تستطيع الإتيان به.. فاجعل لنفسك قاعدة تنهاك عن الجري واللهث وراء كل جديد (أوَ كلما اشتهيت اشتريت ؟!).

عندما تتكلم عن ذاتك وماتملك من مهارات ومجهودات تضيف إلى الحياة قيمةً جديدة.. فكِّر في الوسيلة بشكل عميق سواء كانت تلك الوسيلة جمعية او مؤسسة او اي كيان كان، إن لم يساعدك ذلك الكيان على الوصول لأهدافك (مع الأخذ بالإعتبار اهداف الكيان والمصلحة العامة) فانسحب فوراً... فالأوقات ليست مجالاً للتضحية في سبيل أمر لا يهمني كشخص ابحث عن الإضافة في الحياة، وإلا سأقع في بئر يحتوي كل الزائدين على هذه الأرض.. زيادة جسمانية لا اكثر ( إن لم تزد شيئاً في الدنيا فاعلم أنك زائدٌ عليها).. الكثير من الأشخاص يربط قيمته بقيمة الكيان الذي يحتويه، يجب أن تكون نظرتنا أبعد وأعمق من ذلك، كي لا تذهب مجهوداتنا وتضحياتنا في الإتجاه الخطأ.
تحليل الأوقات بدقة أمر ثقيلٌ على النفس... تدبير النقد و وضع كل أمرٍ في محله أمر يعاكس النزوة البشرية، ولكن اعلم.. بأنك ما دمت تسير عكس رغباتك وشهواتك فأنت في الطريق الصحيح فلا تبتئس بالتعب والإرهاق.. بل ادفع بنفسك نحو علو الإنطلاق، إن لم تتعب وأنت شاب.. فمتى ستتعب؟! ماهو دورك في الحياة إزاء كثرة تذمرك؟!  إذا نسقت وقتك بشكل جيد فستتفاجأ بكم الأشياء التي اصبحت قادرا على القيام بها... ليس لأنك تفرغت لها، بل لأنك تخلصت من مضيعات الأوقات.. وركزت على ما هو أهم... ف "استثمر في ذاتك"، لأن العمر لا ينتظر.

محمد حسن يوسف




السبت، 7 نوفمبر 2015

إنما الدنيا كفاح

الحمدلله الخالق الجبار، والصلاة والسلام على سيِّد المصطفين الأخيار... وعلى الآل والأصحاب، ومن على نهجهم إلى الجنان أكمل المسار، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسِّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم.. واحشرني مع عبادك الأبرار.

المتفحِّص في أوقات هذا الجيل من الشباب قد يصل إلى نتيجة ذات منظور صحيح.. وهي أن معظم الشباب "يدَّعي" الإرهاق والتعب، في حقيقة الأمر فإن الواقع لا يترجم ذلك.. فنحن نستهلك كثيراً من مخيلتنا في الأحلام الكبيرة، لكننا لا نقوم بشيء مختلف.. لا نقوم بأفعال كبيرة تؤتي ثمارها في نهاية الطريق توزاي في مستواها تلك الأحلام، فنقع في السلسلة المظلمة (تسويف، تأجيل، تكاسل، استحالة وقوع الأحلام).

" كيف تخترق لك العوائد وأنت لم تخرق من نفسك العوائد"... كيف تطلب من الزمن أن يحقق لك أحلاماً تستوجب منك أفعالاً مختلفة، لكنك لم تشأ الا البقاء في "المنطقة المريحة"، تسير في روتين جامد وتتوقع أن يحقق لك نتائج مبهرة، كثيراً ما نفكر بخلق معطيات جديدة ونجعل ذلك شرطاً لبداية السعي نحو أحلامنا.. ولكننا لا نريد أن نستغل مواردنا وإمكانياتنا، قد لا نسعى إلى معرفتها أصلاً.. ولكننا "نخدع الضمير" بأن الظروف حولنا ليست مهيئة.. وننسى أن كل مافي الأمر أن نفكر نحن بطريقة مختلفة.. باستخدام نفس المعطيات ربما، فكِّر.

" وصحبة استاذ و طول زمان".. من الشروط التي وضعها الإمام الشافعي رحمه الله في كيفية طلب العلم بطريقة صحيحة، قد لا تتهيأ الفرصة لجميع الشباب أن يكونوا بصحبة اساتذة... لكن العيب كل العيب أن يخلق الشاب حوله بيئة تصفق له وتطبل وتبارك له أفعاله.. هنا يأتي دور الأستاذ في التوجيه والنص والإنتقاد انتقاداً موضوعياً، فإن لم يكن فصديقٌ مخلصٌ يوجه للخير... ابحث واسأل عن المتخصصين واطلب النصح والعون والتقييم.. ولا تعتمد على ذاتك في كل شي، فالمرأ " قليل بنفسه كثيرٌ بإخوانه".

" و طول زمان".. وما أدراك ما طول الزمان، إن ابرز ملامح المشاريع العظيمة هي أنها "تأخذ وقتاً" لتتحقق.. لتنضج، في هذا الوقت يسطر المرأ خلاله التضحيات تلو التضحيات على حساب نفسه وأهله.. تمر على "الفتى" فترات طويلة، لا ينام الا بعد منتصف الليل.. ويبدأ اليوم باكراً حتى تقول له والدته معاتبةً: "عطنا من وقتك خمس دقايق". يعتقد "الفتى" بأن العيش على هذا الرتم يجلب السعادة، ناهيك عن فترة الصيف التي تتحول فيها سيارة "الفتى" إلى خزانة للملابس.. ويتحول البيت فيها إلى مكان للنوم فقط (فندق).... ابحث عن كتاب "صبر العلماء" للشيخ عبدالفتاح بوغدة رحمه الله لكي ترى بأم عينك كيف صبر العظماء ليكونوا كذلك... وتستصغر انجازاتك (الكبيرة) في عينيك. 

لا تسعى إلى أن يلتفت البشر إلى حالك.. هلّا عملت بصمت؟! مالنا وقد احببنا أن نشارك البشر في كل شيء وفي كل إنجاز .. ؟! وكأننا صنعنا "قنبلةً ذريةً" بإنجاز ربما يكون بسيطاً ؟! حافظ على هدوئك.. وامضِ في طريقك، في هذا الزمن لم يعد الإعتداد بإنجاز واحد "غير فريد" من نوعه أمراً إيجابياً.. بل الدور هنا على الشباب تعزيز الإنجاز بآخر اكثر عمقاً وتأثيرا، ولكن الشاب لا يلتفت لذلك لرغبته الجامحة في الانتشار والتسويق للذات على حساب الإنجاز نفسه، "اصمت..ودَع انجازك يتكلم، فقد مللنا كلام الأشخاص".  


 محمد حسن يوسف

الخميس، 5 نوفمبر 2015

بين المكاره والشهوات


الحمدلله رب المشرقَين ورب المغربين.. والصلاة  والسلام على جدِّ الحسنين وسيِّد الثقلين، وعلى الآل والأصحاب ومن اقتفى اثرهم مادام ضياء النيِّرين.. اللهم أخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم، وحسِّن أخلاقي بالحلم.. واجعلني من اصحاب السعادة في الدارين.

كل منهجية على هذه الأرض مرتبطة بأفعال وأقوال.. فإذا قلت بأنك "مسلم" فإن عليك إلتزام خطٍ معينٍ في التفكير والفعل، وهكذا مع "العلماني" و "المسيحي" او أي منهجية فكرية.. ما يعنينا هو "المنهجية الإسلامية" في ماذا يترتب عليك فعله إذا (نفخت صدرك) بقولك بأنك "مسلم"، وتنسى بأن عليك أحكام وواجبات.. لنشخِّص معا ماهي تلك الأحكام وطبيعتها.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " حُفَّت الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات". بمعنى أن التعليمات التي وضعها الإسلام والتي بدورها ستوصلك إلى رحمة الله وجنته سوف تكون بعكس ماترغب به نفسك البشرية، ويعتمد صلاحك وتقواك اولاً وأخيراً على مدى قدرتك في ضبط ذاتك وجعل الحياة في يدك لا في قلبك... هنا استذكر "الإمام البوصيري – رحمه الله" عندما ألّف في بردته قائلاً: " والنفس كالطفل.. إن تتركه شب على حب الرضاع، وإن تفطمه ينفطم". وهذا وصف دقيق وحثٌ خفي على ضرورة التحكم في زمام النفس لكي يتسنّى لك تطبيق أحكام الإسلام.. وإلا كانت نفسك التي بين جنبيك رهن الإنفلات.

يقول أصحاب الحِكم بأن "أصحاب الأخلاق في تعب مستمر". ويشمل هذا الكلام أصحاب التدين والمبادئ.. تلك المبادئ التي تحتاج إلى مصابرة ومجاهدة وبحث عن بيئة صالحة تساعد على الإستمرار في هذا الدرب، لو نظرنا بدقة إلا هذا الحديث "أشد الناس ابتلاءً هم الأنبياء، فالأمثل فالأمثل" سنجد بأن الأمثل من الناس سادوا على غيرهم في الفضل بسبب قدرتهم على إدارة ذاتهم بعد قالوا بأنهم "مسلمون" فالتزموا بالأحكام والأخلاق قولاً وعملاً.

ومن هنا يبرز الفرق بين مناهج متعددة "كالليبرالية" الذين يدعوا بعضهم إلى أن الإيمان جزءٌ يخص القلب، وأنه لا تعارض في اختلاف الأقوال مع الأفعال وبين الإسلام.. بل إن بعضهم ألحد رافضاً  الإيمان لأنه يقيد الإنسان من الإستمتاع بالملذات بغض النظر ما إذا كانت تتماشى مع تعليمات الإسلام أم لا، فلنتذكر بأن "النار حُفَّت بالشهوات" .. أي أن الأشياء التي تدور داخل نفسك وتجعل الدنيا في قلبك.. ويظهر لك الإستمتاع بها ولو بشكل مؤقت ستجعلك على طريق الهلاك.

كونك "مسلماً" فذلك يجعلك تستقبل الاوامر الإلهية بشكل تعبُّدي... لا تسأل لماذا فرض الله أربع ركعات في الظهر وركعتين في الفجر، بل تطبق وتسلِّم بالأمر.. وتصابر نفسك على الإستمرار في هذا النهج، كثيراً منا لا يتقبل الحكم الإلهي إذا كان ضد تصرفاته المعتادة... وتبيَّن له أن ما كان يفعله هو خطأٌ ويتوجب عليه تعديل مساره وقد يكلفه ذلك الخطأ كفّارةً او ما شابه من العواقب، وهنا يأتي التواضع في جنب الله والإنكسار والإنقياد لأوامره  سبحانه.. فهل سيفرِض على عباده ما يشُق عليهم ؟! بالطبع لا.. ومن هنا أيضاً لا تبرز كثيراً أهمية معرفتنا بالحكمة من مشروعية أمر ما، فأنت مادمت عبداً لله عليك أن تطيع وتخضع.. سواءً علمت الحكمة من الأمر أم لا، راجع نفسك وعلاقتها مع باريها...  فالدنيا لا تساوي عند الله "جناح بعوضة"، فما بالك بنفسك؟! أنت المحتاج للطاعة والخضوع والرضوخ للمولى سبحانه، ولا يضره جل جلاله اعراضك واعتزازك بذاتك بغرور.

## أحب الخوض في الزوايا المظلمة التي لا يحبذ الناس الحديث عنها.

محمد حسن يوسف

الاثنين، 2 نوفمبر 2015

"المتدين" في المجتمع

الحمدلله الرحيم الودود، والصلاة والسلام على من سُمّي بأحمد ومحمود..وعلى الآل والأصحاب، ومن سار على نهجهم بالرحمات مولانا يجود.. اللهم أخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم، وزدني من بركات العلم، وحسّن أخلاقي بالحلم، وأدخلني دون سابقة عذاب في جنات الخلود.

إن الإسلام "كدين" سماوي لا ينزل على الأرض لينظم علاقة الإنسان بربه من خلال التشريعات والعبادات فقط.. بل باعتباره نظاماً شاملاً ينظم الفوضى في حياة الإنسان لإنه إذا تُرك لعبادة "هواه" من دون الله فسيفعل ما يريد متى ما يريد كيفما يريد، وهنا يخرج المجتمع بتسميات "مغلوطة"  شيئاً ما.. فيصنف الناس بعضهم ببعض الأصناف مثل "متدين" و "غير متدين"... ليس العيب في التسمية بحد ذاتها وإنما في تعريفنا لها ومحل استخدامها.

من عيوب تلك التسميات بأنه قد يحُول "المتدين" إن جاز التعبير بين غير المتدين والدين نفسه، فيحتكر الدين ويظن بأنه نزل له وحده.. فينغرس فيه سوء الظن وتتولد عنده الإقصائية و التصنيف في كل شيء.. كما أنه سيتولد لديه شعور زائف وهو "العلو" على غيره من المسلمين بظنه بأنه أفضل منهم، وهذه صورة من صور الفوضى التي تدور رحاها داخل النفس البشرية التي تحتاج إلى تزكية النفس لترتيبها من جراء تلك الفوضى الهدّامة.

لابد من تفصيل في "سلوك المتدين" الحقيقي النافع لنفسه ومجتمعه... إن سلوك المتدين يكمن في حضور الحلقات و الجماعات في المساجد والتزام في الواجبات وطلب العلم من اعتقاد وعبادات و تزكية نفس، تكون المساجد او الحلقات بمختلف اماكنها مراكز لتلقي المعلومات... ويكون التطبيق في الحياة العامة مع الأهل والعمل والدراسة ومختلف الأوساط الحياتية، إضافة على ذلك أن للمتدين أورادٌ خاصة في القراءة والحفظ.. وهي فرصة لا تتأتّى للجميع، بل لمن سعى لها (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا).

المغالطة التي اود أن أُشير لها بأننا في مجتمعنا ننظر لبعض الأفعال البسيطة "الطبيعية" على أنها أفعال عظيمة... كرجل "يصلي" على جانب الطريق، فنضخم من شأنه مع العلم بأنه تجب عليه الصلاة مادامت الشروط تتوفر فيه وفي المكان الذي هو فيه... العبادات بشكل عام، الأخلاق... فالشخص الغير متدين مطالب بالتحلي بالأخلاق، فهل "الحياء" حِكر على صنف من البشر دون غيرهم؟! ام هو واجب على "المرأة" وحرام على "الرجل" ؟! وهل الصدق والأمانة وحسن التعامل (دون إقصائية) أمرٌ للمتدينين فقط؟ لا يقول عاقلٌ بهذا.. فإذا انتشر مفهوم الأخلاق وتطبيقها لدى الجميع هنا تبرز تخصصات الناس كلٌ في تخصصه ومجاله، فالإنسان "العادي" يستفيد من "المتدين" في أمور معينة.. بل هي من واجبات "المتدين" تجاه مجتمعه وأولها العمل بما يتعلمه... ونقل الرسائل المفيدة لمجتمعه، والعكس صحيح... فالإنسان "العادي" سيُفيد "المتدين" في مجاله، فيقع في المجتمع بما يُعرف بالتكافل الإجتماعي... وأنه ليس لفئة من المجتمع الفضل على فئة اخرى، ليست هناك حواجز تُعيق المتدين من تعمير وطنه وارضه.. وتنفِّر الإنسان البسيط من دينه،فنصل جميعا إلى الله.

ملاحظة:الدعاء في اول كل مقال هو لي بالدرجة الأولى، فأنا بحاجته.

محمد حسن يوسف   



الجمعة، 30 أكتوبر 2015

وقفة..في خلوة

الحمدلله رب الأنام، والصلاة والسلام على مصباح الظلام النبي الهُمام، وعلى الآل والأصحاب ومن سار على نهجهم إلى الجنان خير مقام... اللهم أخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم، وحسٍّن أخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، ويسٍّر لي كل عسير بفضلك.

حينما يخلو الإنسان مع نفسه تنهمل عليه الخواطر والأفكار من كل حدب وصوب.. منها ما يتحول إلى قرارات يرغب الإنسان ان يبقيها في إطار الخلوة حتى تكون سراً من أسراره، وإما أن يختار طريق العلن فيجاهر بأفعاله سواءً الخيرة كانت أم الشريرة.. هل في تلك الخلوة من القرارات ما تتغير به حياتنا بشكل كلي؟! لنراجع تلك الخلوات التي ارتقت بها الأنفس دون غيرها... فلننظر إلى "سعد بن معاذ" رضي الله عنه، لماذا يهتز له عرش الرحمن لوفاته وهو الذي لم يمضِ على إسلامه سوى بضع سنين ؟! ما هو مستوى المعلومات الدينية التي يمتلكها "سعد" في زمانه ولا نمتلكها نحن؟! إنها أفعال الخلوة ... قرارات اتخذها فارتقى بها.

لنحط رحالنا عند رجل آخر قرر في خلوته أن يذكر الله – خاليا – ففاضت عيناه ، خلوة جسدية فليس معه أحد ... وخلوة معنوية فليس في قلبه أحد سوى مولاه، فاستحق بذلك أن يكون من السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله، صدق ابن عطاء السكندري بقوله: " ما نفع القلب مثل عزلة، يدخل بها ميدان فكرة" . تلك هي الخلوة الناجحة..تدفع صاحبها بالأفكار والخواطر النافعة الناجعة ... فيعلو بها ويسمو بالقرارات الخالدة.

لا تخلو تلك الخلوات من مخاطر..فمن الخلوات اسباب الإنتكاسات، إذا كان صاحبها مطيعاً لخواطر السوء...فتخنقه خنقاً حتى لا يخلو بنفسه الا وقد فكر في معصية الخالق، فإن معصية الله سبحانه يزيد لمعانها وجمالها الدنيوي خاصةً عند الخلوة .. او كما نسميها "الفراغ"، الذي قال عنه الإمام الشافعي رحمه الله واصفاً له بأنه "مفسدة للمرأ أي مفسدة" ... وقال عنه الغزالي في كتابه "جدد حياتك" بقوله: الاستفادة من وقت الفراغ تكون بالقضاء عليه .. لا باستغلاله بعد ان يوجد". في الخلوة يكون الإنسان اضعف ما يكون في مقابلة أفكار السوء، قد يأمر الناس بالمعروف وهو يقوم بالمنكر ( كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وكنت أنهاكم عن المنكر و آتيه)..فيستحق بذلك الخلود مع الأشرار في قعر النار.

مما سبق تبرز لنا أهمية الخلوة..تلك الفترة الزمنية التي يجلس الإنسان فيها مع نفسه، يمايز بين أفكاره، يتخذ قرارته، يشحذ الهمم..ويخرج طاقات نفسه، يقيمها تقييما متجردا دقيقاً، يضع الحدود أمامه ضد الأفكار الهدامة..والسلوكيات المقيتة، لا يستسلم إذا برز منه الضعف..فكلنا يضعف وقت الخلوة ويخطئ...العيب ان نستمر في أخطائنا ونغمس أنفسنا في شرور خلوتنا، ونظهر أمام الخلق بشيء يخدع ضمائرنا..وكأننا أُناس مثاليين، تعلونا الطيبة والسماحة..وفي قلوبنا سواد يبرز في الخلوة، يخطئ الإنسان نتيجة الضعف وليس التناقض..ومعالجة ذلك الضعف تتم في الخلوة، فلنتوقف عند خلواتنا ... ففيها الإرتقاء إلى اعلى الدرجات، وفيها يكمن اصل الإنتكاسات.


محمد حسن يوسف  

شاب.." بدون هوية"

الحمدلله العظيم رب الأرباب.. والصلاة والسلام على عبده المختار الأوّاب، وعلى الآل والأصحاب.. ومن سار على نهجهم ومن للرب أناب، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسِّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم..واغفر لي ولكل عاصٍ بك اعتصم وإليك رجع وتاب.

"شاب بدون هوية" .. عنوان يدمي القلب ويثير الحسرة في النفوس، ربما نحتاج لطرح هذا الموضوع من وجهة نظر شبابية (من الشباب وإليهم) لنشخّص هذا المرض.. نستوعبه ونتلمس آثاره، نضع أمامنا تصوراً لمستقبل طريقنا إذا استمر الجهل فينا.. أُعطيك إياها من الأخير عزيزي القارئ، ماهو مدى اعتزاز شباب اليوم بوطنهم، بدينهم، بهويتهم التي ورثوها على جهالة؟!

 نحن لا نعتز بديننا ليس لأننا لا ننتمي إليه .. بل لأننا لا نعرفه، مجرد خطوط عريضة.. تشريعات بسيطة لا نسعى نحن إلى الإستزادة منها، ننسى بأن تلك التشريعات هي طريقة حياة.. سلوك نعيش به في كل مناحي حياتنا، نأخذ منه ما نريد لنرضي الضمائر.. ونرد منه ما ترفضه نفوسنا، وكأن تلك التشريعات ملابس نشتري منها ما يتوافق مع مقاساتنا وأهوائنا.

إن كان عذر الشباب اليوم بأن تلك التشريعات من الصعب الوصول إليها من قبل الجميع إلا من رحم الله، فما ذنب الثقافة الإسلامية من تلك الجهالة التي نعيشها ؟! ما هو مدى رغبتنا في دراسة التاريخ الإسلامي إلى جانب العلوم التي ندرسها من أجل تعزيز هويتنا؟! اعتقد بأن اجابات تلك الأسئلة بعيدة عن واقعنا حتماً.. كم من شاب إذا سألته عن قدوته أجاب: " قدوتي..اكيد الرسول صلى الله عليه وسلم". اخرج لنا ورقة خالية يا عزيزي واكتب لي ماذا تعرف عن نبيك!!! واخبرني بجهودك في التعرف عليه وعلى شمائله وصفاته !!! ستجدون في إجاباته ما يصدق كلامي، نحن بعيدون عن الواقع، هذا مثال بسيط.

ليس من المعقول أن يكون الناس كلهم "علماء دين" .. ليس هذا ما ادعو إليه، ولكنني اتكلم عن "هوية" ، ما هو دينك؟! وما هو وطنك؟! وما علاقة الإثنين ببعضهما؟! ستجد في الكتب والتاريخ ما يثلج صدرك.. ويملؤه عزاً وفخراً، حتى تستطيع بعدها من تمثيل هويتك أمام الملأ من غير أبناء جلدتك (كونوا دعاة إلى الله وانتم صامتون.. قالوا: كيف؟! قال: " بأخلاقكم") .. بهويتكم تعلِّمون الناس من تكونون، أما إذا خسرنا هويتنا.. فنحن قابلون لاكتساب ثقافات الأمم الأخرى بخيرها وشرها وهذا هو الواقع (حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) .. ووصف "جحر الضب" هنا وصف دقيق لما نعانيه من ضياع الهوية والتقليد للغير لشدة ضيقه ولرداءته.. فالأمر إليك، إليك أن تنطلق في رحاب ثقافتك الواسعة، أو ان تضيق على نفسك فتدخل في "جحر الضب" .


محمد حسن يوسف  

الخميس، 29 أكتوبر 2015

"الهوية" .. كما يجب أن تكون

الحمدلله العظيم المهيمن.. والصلاة والسلام على ذو القلب الرحيم اللّيِّن، وعلى الآل والأصحاب.. ومن سار على نهجهم في طريق الحق البيِّن، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم..وأكرمني بنور الفهم..وحسِّن أخلاقي بالحلم..وزدني من بركات العلم..وافتح علي من ابواب فضلك.

في مدخل مهم نحو اكتشاف "الهوية" التي يجب على كل شاب أن يتحلى بها..يجب علينا إعادة ترتيب العقل والفكر، كالذي يرتب الرفوف في منزله..فيحذف ملفاته القديمة التي لا حاجة له فيها، يزيل الغبار المتراكم عبر الزمن..فيضع على تلك الرفوف ملفاتٍ جديدة، بطريقة منظمة تساعده على فهم نفسه من جديد.. فهم سبب وجوده، وإلى أين المصير، وماهي الوسيلة الصحيحة الموصلة إلى الهدف.

عندما نلقي نظرة في الحضارات التي أقامتها البشرية منذ زمن بعيد (فنقبوا في البلاد هل من محيص)...ابتداءً من حضارة ما بين النهرين، إلى قوم عاد (إرم ذات العماد) و قوم ثمود (فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا)، انتقالا إلى زمن آخر جاءت فيه حضارة الإغريق والرومان وفارس ومصر حتى العرب في جاهليتهم.. سترى النعرات بالإفتخار والإعتزاز بالنفس، مما مهَّد الطريق لهلاك تلك الأمم كما كان قارون يقول عن ماله (إنما أوتيته على علم).. فكان جزاؤه (فخسفنا به وبداره الأرض)، هذه طريق تلك الحضارات البائدة.. أما العرب بعد الإسلام فقد انصهرت فيهم العديد من الحضارات.. فهذا خباب بن الأرت من بلاد الرافدين، وصهيب الرومي من الحضارة البيزنطية، وسلمان الفارسي، وماريا القبطية المصرية، وبلال من أرض الحبشة... انصهروا تحت القيم والأخلاق وحسن الأعتقاد، فأول ما تضعه في رفوفك عزيزي القارئ هو اعتزازك وافتخارك بأنك "مسلم".

(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون)، كل جهاز يصنعه البشر يضعون داخل غلافه بما يعرف ب "الكتلوج" ليوضح طريقة الإستخدام..فهل تتصور أن الله قد تركك بدون كتاب يبين لك كيفية ممارسة حياتك وتقييدك بتعليمات يجب عليك أن تلتزم بها ؟! أم أنك تريد ممارسة اعتقادك بقلبك وتظن بأن ذلك أمرٌ كافٍ .. إذا كان اعتزازك بأنك "مسلم" فيجب أن تجعل ذلك الإعتزاز كاملا، لا أن تأخذ من الدين ما يناسب مقاسك و يوافق هوى نفسك.. من تلك التعليمات ما يغرز فيك التواضع والإنكسار للخالق، لأنه منها ما لا يظهر لك الحكمة من مشروعيته... فتفعله انكسار منك تجاه الرب الخالق، ذلك ما تقتضيه عبوديتك، وكفى بها اعتزازاً أن تكون عبوديتك وانكسارك لله سبحانه.. بدون أن تتفضَّل على الإله بشيء من عملك من عبادات ومعاملات وأخلاق، لأنه هو الذي وفقك لها أصلا، هذا المبدأ سيغرز في نفسك التواضع مع الغير.. والرحمة وخفض الجناح لإخوانك وشركائك في المجتمع.


ملاحظة جانبية: المتدين يزيد في جهده واندفاعه نحو الدين..فيطلب العلم ويحضر الدروس ويقرأ الكتب المتخصصة، أما الكلام اعلاه فيجب على كل من يرتضي لنفسه الإسلام والاعتزاز به أن يقوم بتلك التعليمات.


مدخل آخر في تشكيل هوية الشاب وهو "الوطن".. فقد سلكنا في مبدأ كلامنا الطريق نحو الحضارات.. وأرضنا "البحرين" ليست بفقيرة في هذا الجانب، فكيف انصهر "البحريني" في تلك الثقافة الإسلامية.. ثقافة التحول والتساوي مع كل الحضارات؟! ستجد ما يسرك حتما... بينما النبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه فقال لهم: " سيطلع عليكم من هاهنا خير أهل المشرق، فقام عمر فتوجه نحوهم فلقي ثلاثة عشر راكبا (وفد قبيلة عبدالقيس، من البحرين!!)، فبشرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم عنهم، فلما رأوه صلى الله عليه وسلم رموا أنفسهم من ركبانهم...وأخذوا يده الشريفة يقبلونها، تأخر عنهم "الأشج" الذي جمع امتعتهم..وغيَّر ثيابه وتزيَّن، وذهب يمشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبّل يده.. فقربه النبي صلى الله عليه وسلم منه وقال له: " إن فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله """ الحلم والأناة """.

هكذا بدأ انصهار حضارة هوية " البحريني" بهوية "المسلم" تحت راية الإعتقاد والعبادات والأخلاق منذ زمن ليس بيسير، فهيا لنتجول في واحة الأخلاق... لننهل منها ما يشكل الواجهة الظاهرة لهويتنا، ليس ذلك فحسب...بل هي سر بقائنا (فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا)، اجعل رفوف هويتك مستعدة لاستقبال "الحياء" .. فهو خلقٌ يجعلك حذراً ويبعدك عن عمل القبائح من الأمور، هو خلقٌ ليس خاصاً بالمرأة فقط.. هو زينة للرجل والمرأة، بل أنه يسقط من عيني الرجل إذ أنه لا يستحي (إن لم تستحَ فاصنع ما شئت)، لنمر على "التواضع" الذي يجعلك تظن بأنك دون ما تصنع.. ليدفعك لبذل المزيد والمزيد من الجهد لتبلغك أهدافك، ولا تتفضَّل على أحد .. و أجمل التواضع هو تواضعك لمولاك، فإن تواضعت له رفعك .. وإن تكبرت فإنه يعلوك جل جلاله، وسيُعلي خلقه عليك وإن ارتفع مقدار جهدك، ضع "الحِلم" من أولوياتك .. فهو سيد الأخلاق، استر على عباد الله وتجاهل زلاتهم .. يستر الله عليك زلاتك وعيوبك، عامل الناس بود واحترام مهما كانت مشاعرك الخاصة تجاههم.

  ازدادت رفوف "الهوية" لمعاناً .. لكن هناك ما ينقصها، اجعل العمل الجاد جزءً لا ينفك عن هويتك الساعية إلى البناء والتطوير والتحسين ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)، اجعل الصبر والمثابرة اموراً من صميم طريقة عملك (العمل والدراسة) ... (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم)، فالأمر تنافسي، ومادام ذلك التنافس لا يتعارض مع ما وضعته على "رفوف" هويتك فامضِ إليه مسرعاً، لكن لا تغرق في التنافس المادي وتنسى مولاك و الواجبات التي أصبحت هويتك تحتم عليك فعلها من بر للوالدين وصلة للرحم والاستزادة قدر الإمكان من الطاعات والاستمرار على ذلك... فقليل دائمٌ خير من كثير منقطع، ولا تنسَ بأن تلك "الهوية" التي على رفوفك هي هوية تنافسية على طرازٍ عالٍ (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) (وإذا سألتم فاسألوه الفردوس الأعلى) .. يتنافس المتنافسون للوصول إلى ربهم ولمرضاته.

# مراجعة : أصبحت رفوف "هويتك" كالتالي : اعتزاز بالإسلام، تقبُّل تعالميه وأحكامه، اتسلح بالأخلاق في تعاملي مع مولاي و خالقي ومع الناس، تتذكر منشأ حضارتك وكيف انصهرت مع حضارة الإسلام.. وعلى ماذا انصهرت، هويتك تدفعنك للعمل لا للكسل.. وحب الإرتفاع لا البقاء في القاع، في "رفوف" هويتك لا مجال هنالك للمتقاعسين، الجُهّال.. كيف أصبح الآن شكل " رفوفك"؟!


محمد حسن يوسف 

الاثنين، 28 سبتمبر 2015

لماذا انت ؟!! افهمها

الحمدلله العظيم الستّير.. والصلاة والسلام على السراج المنير، وعلى الآل والصحب الكرام.. ومن سار على درب الجنان ونعم المصير، اللهم اخرجني من ظلمات الوهم.. واكرمني بنور الفهم.. وحسٍّن اخلاقي بالحلم.. وافتح علي من بركات العلم.. واقمني على طريق الوصول إليك.

رحلة الفكرة في ذهن الإنسان تنتقل من مرحلة إلى اخرى حتى تخرج على شكل سلوك ظاهر امام العيان.. تبدأ بالخاطرة تأتي في ذهنه واردة، تدخل بدون استئذان، قد تكون خيّرة.. وقد تكون غير ذلك، لا يمكن للإنسان ان يختار من تلك الخواطر ما يريد ان يتعرض له.. وما يريد ان يتجنبه، لذلك كانت هذه الآية: ( وإن تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله) ثقيلة على انفس الصحابة حتى جاءهم الفرج ( لا يكلف الله نفساً الا وسعها) ، بعدها تتحول الخاطرة إلى نية.. وهي اختيار الفرد وعزمه على القيام بأمر ما من تلك الخواطر التي تعرض لها، يقوم بعدها بتهيأة الظروف قدر الإمكان .. مع وجود العزم تتحول النية إلى سلوك ظاهر.

كل المراحل عدا السلوك هي مراحل مخفية بستر الله ورحمته على عبيده .. ولضمان بقاء الود بينهم، فلو انكشف حجاب الستر عن خواطرنا و نوايانا لم يبقَ معنا حبيب ولا صديق.. لكنها قاعدة من طرف واحد، بمعنى ان الله سبحانه وتعالى هو الذي وضع هذا النظام.. وقد يخرقه في اي لحظة ( لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون)، فيقوم جل جلاله بكشف ستر العبد لِأُناس مخصوصين .. لهدف ما، قد يظهر الله لك اخطاء بعض البشر.. تناقضهم.. (مراكز ضعفهم).. حقيقة شخصياتهم.. ولكن فكّر وأمعن في التفكير، لماذا أنت بالذات انكشف لك الغطاء ؟!!!

اول شعور يتوجب عليك ان تتحلى به هو شعورك بالرحمة تجاه هذا المسكين الذي تبيَّن لك ضعفه في جانب معين ولا تفشي سره.. فإذا فعلت كنت قد اطعت خواطرك الشيطانية، وظهرت في شخصيتك نقاط ضعف ربما لم تكن موجودة.. وقد يعافي الله المبتلى بكشف الستر عنه ويزيل ضعفه ويصحح خطأه.. وتبقى انت على عيبك، بعض العيوب مهلكة، وقد تكون مزمنة.

لا يجب عليك ان توجد شعور الكراهية في نفسك تجاه أي إنسان بقولك " ما اشتهي فلان" .. نعلم بأن الأرواح جنود مجندة فتتفق احيانا وتختلف احيانا اخرى ، لكن علينا ان لا ننفلت في استجابتنا لخواطر السوء.. ونتذكر بأنه قد يكون هناك أُناس في مكان ما يكرهوننا بدون سبب فكيف ستكون ردة فعلك تجاه من يكرهونك؟! هل سترضى بنفس الكلام المسيء الذي توجهه انت علناً؟! مالذي يضمن لك ثبات شعورك على هذا النحو؟! فمادامت الأفكار تتقلب.. كذا المشارع تتغير (وابغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما)، يأتي هنا الشعور بالإحترام الذي يجب ان تعطيه لكل شخص.. احترامك لذوات الآخرين علامة على احترامك لذاتك.

نتيجة للتفاعل بين جنود إبليس والنفس البشرية الأمّارة بالسوء يظهر ضعف الإنسان اذا تجرّد من معيَّة الله سبحانه.. فيُخطئ، مهما قام الإنسان بتصرفاتٍ مثالية امام العيان سيُخطئ، لا اعتبر ذلك تناقضاً.. بل هو ضعف في جانب ما في شخصية الإنسان، فإذا تكشف لك امر أحدهم وضعفه فانتبه.. اجلس مع نفسك جلسة المنتقد المتفحص في ذات نفسك بشكل متجرد من العاطفة، ولا تجلس على كرسي قاضي القضاة فتحكم على البشر كما تريد.. وبما تمليه عليك خواطرك السيئة ، فقد يبتليك الله بمواقف ضعفك .. فلا تجد من يعينك، بل هناك من يتفرغ للحكم عليك.

طردك لخواطر السوء.. وامتناعك عن الاستسلام لنوايا النفس الخبيثة لك به اجر و ثواب ( من هم بسيئة ولم يفعلها كتب الله له بها حسنة )، كلنا نسعى لنكون الأفضل على مستوى تحقيق الذات او على مستوى الشخصية.. لكن لنتذكر ، اخطاؤنا ليست تناقضاً.. بل هي ظواهر ضعف، فإذا ظهر لك ضعف إنسان .. اجلس مراراً وتكراراً مع ذاتك، قيمها .. حذرها .. إذا حصنت نفسك من تلك الأخطاء عندها فقط ستفهم الرسالة الإلهية الموجهة إليك مفادها " كل شيء يحدث لسبب ما، فلن تتعرض لرؤية اسرار الغير بدون هدف ، فكر ... لماذا انت ؟! " فإذا وجدت عيب نفسك فلن تكره أحداً، وستجد العذر لأخطاء البشر وزلاتهم .. وسترحمهم إذا انتفى العذر، ولك الاختيار.

من الحكم العطائية :

# ربما اطلعك (الله) على غيب ملكوته .. وحجب عنك الاستشراف على اسرار العباد.
# من اطلع على اسرار العباد لم يتخلق بالرحمة الإلهية .. كان اطلاعه فتنة عليه، وسببا في جر الوبال إليه.
# تشوفك إلى ما بطن فيك من العيوب خيرٌ من تشوفك إلى ما حجب عنك من العيوب.

محمد حسن يوسف



  



الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

الدورات التدريبية .. و "خللك إيجابي " !!!

الحمدلله الكريم الغفور، والصلاة والسلام على خير عبدٍ شكور .. وعلى الآل والأصحاب، ومن سار على نهجهم إلى يوم النشور .. اللهم اخرجني من ظلمات الوهم، واكرمني بنور الفهم، وحسِّن اخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، وافتح علي ابواب لطفك ورحمتك.

ازداد الحديث حول البرامج والدورات التدريبية المختصة بتطوير الذات وتحسين الأداء البشري بصفة عامة من عدة زوايا مختلفة، احدى تلك الزوايا هي السخرية والإزدراء من كلمة "خلك إيجابي" .. زاد الأمر عن حدّه، كثرة التنظير في تلك البرامج والدورات وعدم ملامستها للواقع بصفة مباشرة اسباب يراها المستصغرين من شأن تلك الدورات ليبرروا كلامهم وهجومهم ... فمن يتحمل مسؤولية ذلك ؟! الدورة .. الحضور .. مبدأ التنظير بشكل عام ؟!

إن التنظير مهما استخدمناه بشكل سيء فنحن بحاجته، فهو يعتبر انطلاقة لكل عمل ونجاح لكل خطة .. فكيف توضع الخطط والاستراتيجيات بدون كلام وتنظير قائم على معلومات ؟! لنأخذ جولة سريعة تبين لنا كيفية تطبيق مبدأ التنظير في دولنا بدون تعيين .. اذا طرأ أمر ما يتم تشكيل لجنة ( بحث، مناقشة، طرح حلول، الخ ) وكل ذلك تنظير في تنظير ... فإذا جئنا على ارض الواقع نجد بأنه لا شيء قد تم فعلاً، على مستوى الأفراد ... كم من الأفكار كتبناها وناقشناها وتحمسنا لها، ولم يمنع من وقوعها على ارض الواقع إلا الكسل والتقاعس ؟!!! سلوكياتنا كأفراد ستنعكس بشكل طبيعي على اداء دولنا، الخلل في تطبيق المبدأ وليس المبدأ نفسه.

يا من تزدري الدورات التدريبية وتحرض الناس على عدم الذهاب لها .. اعلم، بأن تطبيق اي قواعد نظرية طُرحت في تلك الدورات هو من شأنك أنت، إذا اردت أن تغير من حالك وتحقق احلامك فلن يقوم أحد بذلك عنك ..ليس لمجرد أن قال احدهم " خللك إيجابي " أو اقام دورة تدريبية اعجبتك اي أنه سوف يغير حياتك حاضرا ومستقبلا ... من الطبيعي أن يكون التأثر بالدورات التدريبية متفاوتاً بين مشارك وآخر، لكن انتبه .. انت من يحدد في أي دورة تشارك، انت من يحدد مدى الاستفادة المسبقة من الدورة، انت من يحدد ما إذا كان مستقبلك سيتغير بعد هذه الدورة ام لا وكيف سيكون ذلك .. الخلل ليس في الدورة، بل هو في اختياراتك .. آرائك .. شخصيتك، لكننا في عصر لا نحب فيه اتهام انفسنا، وما اسهل اتهام الآخرين و وضع الشماعات لأسباب فشلنا.

جزء ليس بيسير من التغيير يكون بهداية الله سبحانه للعبد، مما يجعلنا نطلب الهداية منه على الدوام ... ولكننا باستمرار نختار تطوير ذاتنا وصقل شخصيتنا بين فترة واخرى .. ولا نترك التنظير والتدريب لخلل في التطبيق، يقول الله سبحانه :" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر". قد يكون التطبيق هو عكس المبدأ ... لكن هل لأحدهم أن يترك الصلاة لأنه لا يطبق بالشكل السليم المبدأ الرباني؟؟! لا بالطبع، " خلك إيجابي" .. تعني أنك تنتقد ذاتك، وتغير عيوبك، وتحاول قلب المعطيات والظروف من حولك إلى الأفضل .. بشعور داخلي يجعلك تؤمن بالإيجابية وأن الأوضاع ستتغير، وليس مجرد كلام وابتسامة تظهر على الوجه ... انت من يختار إذا كانت " خللك إيجابي " سلوك وثقافة .. او مجرد كلام .

محمد حسن  يوسف 


الأحد، 30 أغسطس 2015

بليف - 2015

لكل حدث يمر في حياتنا لابد من جلسة تقييم مع الذات، تلملم فيها من الافكار الشتات .. فإن لم يكن فما حافظنا على القيم والأخلاق وحسن الصفات، وسنقول بعدها: " يا حسرة على ضياع الأوقات"، أن تحصل على فرص تدريبية .. وتتعلم وتتعلم .. ذلك ليس بدليل على حيازتك للخبرات، لابد من مقياس .. فماذا استفدنا؟! وماذا حملنا من القيم والسمات ؟!

هذه تجاربي اضعها لأقيم بها نفسي (رحم الله من اهدى إليّ عيوبي) .. واشارك فيها غيري (المؤمن مرآة أخيه) ،  برنامج "بليف – 2015 " حمل العديد من التفاصيل المختلفة عن كل عام ... احببت أن انقلها بأسلوبي الخاص، انا إنسان منفتح على الكثير من الرياضات سواءً كانت على مستوى الكرة او التنس او العاب القوى ... ومنها استطعت اكتشاف ذاتي، إن للسنن الكونية قوانين تخص النجاح تنطبق على الرياضة وغيرها، وما علينا سوى اكتشاف تلك القوانين أينما كانت ... فالحكمة ضالة المؤمن.

اختيار القائد :

كما أن للقائد مهاماً يؤديها في المجموعة حسب موقعه .. فإن لاختياره بعض المبررات النفسية الدالة على شخصيته من جهة، ومعرفته  بأعضاء المجموعة وما سيقومون به من جهة أخرى، فنجد أن فرق كرة القدم مهما اختلفت الأسماء وتنوعت مميزاتها الدفاعية والهجومية ... فإن اغلب المدربين يفضلون ان يكون حامل شارة القيادة لاعباً في منتصف الملعب، او لاعباً في خط الدفاع او حتى حارس المرمى ... والقلة منهم يعتمدون على المهاجم،فلماذا؟! انظر للعوامل التالية فستعرف :

# يعرف القائد كل صغيرة وكبيرة عن فريقه، وينظر لعملية اداء الفريق بصورة مختلفة عن اللاعب العادي.
# سهولة اكتشاف الخلل من موقعه،وسرعة توجيه اللاعبين في الفريق لضرورة التصحيح.
# قريب من معظم اللاعبين، يستطيع أن يقوم برفع الروح المعنوية من خلال كلامه معهم في وقت بسيط.
# التأكد باستمرار بأن كل اللاعبين يقومون بواجبهم على اعلى مستوى.

مما سبق يتبين لنا ما يلي :

# القائد في المجموعة "البليفية" يكون تركيزه مرتفع في كل حين..يراقب كل اعضاء المجموعة ويصحح المسار، لا يتجاهل الأخطاء وكأن الأمر لا يعنيه .. يشد من أزر مجموعته ويهيئهم لما هو قادم لكي يستعدوا له .. يبادر في حل المشاكل بين الأعضاء.

الجلسات النظرية..الإخلاص في التعلُّم :

في كرة القدم .. التمرين بالكرة ليس كل شيء، بل هناك جلسات نظرية يتم من خلالها شرح الأخطاء ، الخطط ، المهارات .. الخ ، التنظير أساس كل شيء .. حتى في كرة القدم.



مما سبق يتبين لنا التالي :

إن لم تكسر نفسك وتجلس لتتعلم فلن تتطور...قد تجعل منك الألعاب والأنشطة الجماعية إنساناً سعيداً، لكن ما مدى استفادتك من هذه الألعاب والأنشطة؟! هذا هو الأهم .. من التعليقات التي لا احبذها في وجود المحاضرات هي : ( ملل ، يوم كئيب ) ... نحتاج إلى الأنشطة للتغير، عزيزي الطالب .. لسنا في روضة للأطفال لنعطيك الألعاب التي تسر خاطرك بدون ان تتعلم شيئاً جديداً مؤثراً، عليك ان تكسر نفسك من الداخل وتستفيد من كل ما يدور حولك، غيرك يتمنى هذه الفرصة ... انا شخصياً كنت اتمنى أن اكون مكان الطلاب لأستفيد واتعلم اكثر.


تنوع الأفكار والمحاولات:

ما يعجبني حقاً في كرة السلة هو ضرورة ابتكار خطط هجومية ودفاعية باستمرار، اكثر من أي لعبة اخرى بغية الوصول إلى السلة بطرق مختلفة وغير مُكتشفة قدر الإمكان.


مما سبق يتبين لنا التالي :
دائماً ... دائماً ، هناك طرق افضل لفعل الأشياء .. انطلقوا من قاعدة افكار عريضة، ولا تضعوا أنفسكم في عنق زجاجة ، اسبحوا في بحر الخيال ففيه من الأفكار ما يغنيكم، كثيراً ما نقول بأنه ليس للإبداع حدود .. فإذا جلسنا نفكر فلا نتحرك الا في مساحة صغيرة محدودة !!


نقطة تحول:

في عالم التنس الأرضي .. قد يظهر أحدهم بمستوى خيالي يقهر المنافس،ولكن مع الصبر والتركيز قد تأتي نقطة تحول تنقلب فيها الأمور فيصبح اللاعب "الخيالي" كالحمل الوديع ويخسر المباراة مع مرور الوقت بسبب :
# الإرتخاء الذهني وعدم الإنتباه .
# ظهور نقاط ضعف مع مرور الوقت لم تكن موجودة .
# ارتكاب الأخطاء مما يعزز ثقة اللاعب الآخر في نفسه .
# مع الصبر والمثابرة من اللاعب الآخر ..تنقلب الأمور،تنقلب بسرعة رهيبة لا تصدق.
# الخوف من المكسب يغير مجرى المباريات.


- لاعب تنس يرتكب خطأ فادحاً بلمس الشبك عن طريق الخطأ في الأشواط الحاسمة وكان متقدما في النتيجة مما أثّر عليه ذهنياً وخسر المباراة فيما بعد .

مما سبق يتبين لنا التالي :

مهما مررت من مراحل في أي منافسة، لا ترتخي حتى تنتهي...لا تفرح بالتفاصيل وانت لم تنجز العمل بصفته الكاملة، تمتع بقلب قوي وشخصية قوية تمكنك من الوصول إلى خط النهاية بسلام وبعد ان ينجز الفريق مهمته .. ليس قبل ذلك،فمن يدري متى ستكون نقطة التحول تلك ...وبعدها يصعب التدارك ، وتنفلت الأمور ... وهذا ما حدث بعد العرض الإبداعي حيث ظهرت الأخطاء، وبان الإرتخاء الذهني... "فطارت" الدرجات.

خط النهاية .. المعركة الحاسمة :

في الجري على مسافات متوسطة، يقوم العداؤون بعمل خطط معينة.. منهم من يريد ان يقوم بدور الأرنب فيقود السباق من بدايته إلى نهايته منعاً لفرص المفاجأة ... ومنهم من يحب ان يتربص فيبقى في المركز الرابع او الخامس ليس ببعيد عن المقدمة من اجل ادخار الجهد والإنقضاض على المقدمة في اللحظة المناسبة والحرجة فلا يمكن لمن خلفه تدارك الوضع واللحاق به، بين الخطتين عامل مشترك وهو "" الركض بأقصى سرعة في اللفة الأخيرة"" .


- خسارة العدّاء المغربي "هشام الكروج" للميدالية الذهبية بعد قيادته للسباق منذ البداية .. خسر في "اللفة الأخيرة" . 

مما سبق يتبين لنا التالي:

خط النهاية، معركة تتطلب بذل اقصى الجهود ... وتبذل فيها كل التضحيات الجسدية والذهنية،فلماذا التراخي عند خط النهاية ؟؟؟!! هل رأيت خطة العدّاء الأرنب الذي اراد أن يقود السباق .. هل تعتقد بأنه بمأمن من الخسارة؟! لا .. لا تتراخى حتى يُقال لك بأن السباق قد انتهى..."فريق رُقيّ" كسب معركة "اللفة الأخيرة" بعدم ارتكاب الأخطاء والسير بثبات وتصاعد، نقطة التحول قد تكون بالقرب من خط النهاية.

الجندي المجهول:

هناك لاعب في كرة القدم ، محور الفريق...يقطع هجمات الخصوم... يغطي تقدم الأظهرة...أحيانا يسمح له المدرب بالتقدم وتسجيل الأهداف، بعد كل تلك المهام الحساسة هو معروف في الوسط الرياضي بلقب "الجندي المجهول" .


مما سبق يتبين لنا التالي :

قيمتك الحقيقية بما تضيفه للفريق وليس ما يعرفه الطلبة عنك، كل ما عليك فعله أن تظهر بشخصيتك وتقوم بمهامك...الإنجاز هو معيارك الأول وما يجب عليك أن تصب تركيزك عليه وليس شيئاً آخر، انتهبوا لجنودكم المجهولين ... اعطوهم حقهم واشكروهم.

التصرف تحت الضغوط

يقول الكثير من محللي لعبة التنس ان المهارات بين المصنفين تكاد تكون متقاربة إلى حد كبير، لكن الفارق بين المصنف الأول على العالم والمصنف الأربعين على العالم هو حسن التصرف تحت الضغط .. وذلك دلالة على ارتفاع مستوى الانتباه والتركيز ، و وجود عامل الثقة بالنفس يجعله يتخطى اللحظات الصعبة


- " اندريه اغاسي " .. لاعب تنس امريكي يخشاه خصومه بسبب قوته الذهنية التي تجعله يحسن التصرف ويعود في المباراة في حال تخلفه في النتيجة.  

مما سبق يتبين لنا التالي

كل إنسان معرض  لضغوطات مختلفة، لكن الفارق بين إنسان و آخر هو عملية المحافظة على التركيز وعدم التسليم بالتأثر العاطفي...عليك ان تتصرف بهدوء وحكمة في كل امورك، ولا تفرح بإنجازاتك ... في المنافسة مع الآخرين مادام هناك احتمال لخسارتك فسوف تخسر .. تحمل الضغط والهدوء سيجعلك مستعداً لاستغلال الفرصة متى ما سنحت لك.


محمد حسن يوسف

الاثنين، 24 أغسطس 2015

ولا يزالون مختلفين (2)

الحمدلله هو أهل الحمد والشكر ، والصلاة والسلام على النبي الخاتم كثير الذِكر .. وعلى الآل والأصحاب ، ومن تبعهم إلى طريق الجنان عند المليك المُتقدر .. اللهم أخرجني من ظلمات الوهم ، وأكرمني بنور الفهم ، وحسِّن أخلاقي بالحلم .. وسدد وبارك في افعالي واقوالي.

من الاختلاف ما يؤدي إلى الشقاق والفرقة كما أنه يؤدي إلى حالة من التناغم والإنسجام إذا ما وُجد التفاهم و وُجدت الوحدة، تكون الوحدة بالإلتفاف حول الشعارات العامة لتعمير الأرض والحق والعدل والعيش بسلام لجميع أفراد و طوائف المجتمع .. لكننا لا نعيش في عالم مثالي بشكل او بآخر، فأسأل نفسي: هل نعيش في عصر التمثيليات القومية المذهبية؟! ام أننا لا نريد اقتحام زوايا مظلمة و مواضيع محرمةً الخوض في تفاصيلها؟! فصرنا نناقش مسألة الاختلاف بين المذاهب والعقائد بشكل سطحي .. فندعو ل "صلاة موحدة" وكأن المشكلة في الصلاة وفيها يكمن الحل.

للنناقش بعض ابعاد المشكلة بشكل اعمق بقليل مما يمارسه السطحيون في بلادي، فهيا بنا لِنمر على شركة الإتصالات الكبيرة في البحرين فتصلنا معلومة مفادها "بأن 100% من موظفيها من "طائفة واحدة" في فترة التسعينات"، تعالوا إلى بعض وزارات الدولة التي صارت تعرف بوجود تيارات معينة بفضل وجود مسؤولين طائفيين متحيّزين، عندما كنت طالباً في جامعة البحرين سمعت أحد النشطاء الطلابيين يقول:" انا إذا اجوف اسم (مب عدل) بيدش الجمعية –الطلابية- ما اقبل". لنعترف أن هناك عقليات متفشية في مجتمعنا بهذه النوعية "الجاهلية" .

اعترافنا بوجود الاختلاف سبيلنا لحل الموضوع، لنعترف بأن مذاهبنا وإن اشتركت في خطوط عريضة إلّا أنها تسير في خطوط متوازية لا تلتقي مع امتدادها، مجرد وجود الاختلاف ليس جريمة تعاقَب عليها البشرية جمعاء، لن يكون بإمكانك أن تجعل الناس قائمين على مذهب واحد .. كل ما عليك أن تُقرَّ بوجود كل المذاهب والثقافات، وان تتعامل معها بعيداً عن الحقد والحسد والبغض .. بل وحتى بدون حساسية زائدة، بل باحترام وتآخٍ وحفظ لكل ذي حقٍ حقه. 

إن الإنسجام والتناغم يحدث بين الطوائف على اسس من توحد الاحتياجات، فالكل يرغب في تحصيل العلم .. وإيجاد الوظيفة وسبيل العيش .. والتأثير في المجتمع ببصمة إيجابية في كل الميادين، والحق في ذلك للجميع .. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، فالله سبحانه لا يحابي الكسالى .. المتذمرين .. الجُهّال .. المتقاعسين، ويكافئ المجتهدين المثابرين على ما يبذلونه، هذا هو ميدان التفاضل، امّا بالتحيز الأعمى -"خل ربعنا يستفيدون"- وبقاء هاجس من الخوف في التعامل مع اشخاص من طوائف اخرى والتصرف في المناصب والمراكز القيادية مهما كان مستواها وكأنها حِكر على طائفتي فلن نبني بذلك أي وطن ... بل وكأننا نسير في طريق "الجاهلية الحديثة" ، ولن تنفعنا لا "صلاة موحدة" ولا غيرها من "التمثيليات" التي يعرف الناس بأنها ليست طريق الوحدة الحقيقية .. الوحدة تطبيق عملي في واقع الحياة قبل كل شيء.  

محمد حسن يوسف


الأحد، 23 أغسطس 2015

ولا يزالون مختلفين (1)

الحمدلله العظيم المتعال .. خلق الأرض وثبتها بالرواسي الجبال ، والصلاة والسلام على النبي الهادي الأمين ، والآل الطاهرين ، والأصحاب المكرمين .. ومن تبعهم بحسن الأقوال والفعال، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم ، وحسِّن أخلاقي بالحلم، و زدني من بركات العلم... واغنني بفضلك عن من سواك .

يخلق الله في عالم الأرواح ما يتآلف ويختلف .. الألفة بين الناس ترسيخ للمحبة والمودة ، والإختلاف سنة كونية لا مناص منها ( ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم ) ، ستجد أن من الأرواح من يتآلف مع بعضها البعض دون سبب ... وتنفر من بعضها بدون سبب ، تجد نفسك أن أحدهم قد دخل حجرات قلبك وعمّرها بالحب .. ولم يتسنى لك معرفة السبب ، وقد تلفظ أحدهم من حياتك كما تلفظ الطعام الذي لا تريده من فمك من شدة الكراهية .. قد يكون ذلك بدون سبب حقيقي.

الأحوال تتغير ، والحبيب قد يصبح عدواً( أحبب حبيبك هوناً ما ،عسى أن يكون بغيضك يوماً ما)... فكيف نتعامل مع هذا المتغير إن حدث ؟! هو حديث ثقيل على النفس .. فهل جربت أن تجبر نفسك على أن تتكيف وتتصرف بحكمة في ظل هذا الموقف ؟! اعلم عزيزي القارئ أن الله سبحانه وتعالى كما أمرك بالعدل حتى في القريبين منك (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) فهو سبحانه قد وضح لك جانباً آخر بقوله تعالى: ( ولا يجرمنكم شنئان قوم على ان لا تعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى ) ... إذا خاصمت أحدهم أو فارقته لأي سبب ، فهل ترغب أن يُدار حولك حديث لا تحبه .. فتتناقله ألسنة الناس زوراً وبهتاناً عنك ؟!

إن لم تشأ أن تكون في هذا الموقف فاعدل .. اعدل مع خصومك قبل رفقائك ، اعدل مع من يكرهك قبل من يحبك ، اتأمل أحوال خصوماتنا في هذا الزمن وأقول: " مالذي يميزنا عن المنافقين ؟! أليس الفجور في الخصومة دلالة على الحقد والحسد والبغضاء المضمرة ؟! " .. ألا إن العدل مع الخصومة مدعاة لخروجك من أي موقف ولو كان سلبياً بقلب سليم ، مهما دعاك الغيظ لأن تقول في خصومك ما تمليه عليك نفسك فلا تطعها وتقع في خصال النفاق .

المرء كلما ألبس قلبه لباس الرفق بالناس .. وعمّر قلبه بالتواضع ، زاد تركيزه على تقييم ذاته تقييما واقعياً اكثر من أي شيء .. و زاد ميله لميزان العدل ، فيعرف مقدار ذات اليمين وذات الشمال .. سلبياته وإيجابياته ، فإذا وقع في عداوة هانت ردات فعله ، يقول في نفسه : " قد لا يحبني كل الناس فهذا أمر وارد ، وقد يطيع البعض خواطر السوء في انفسهم فيخوضون في اسمي و يلوثون سمعتي بناءً على عداوتهم معي .. لكنني لا أبادل الناس بالمثل ، بل بالتي هي أحسن" . فاختر لنفسك ما تريد أن تكون صورتك عليه ، لن يرضى عنك الجميع .. فإما أن تكون عادلاً  سمحاً ، عن عيوب الناس غافراً متعذراً ، أو أن تكون عدواً باغضاً .. ذو قلب مُعتل ، تحقد وتبغض وتكذب ، فتكون منافقاً دون علم .. تذكر ، لا يجب على الناس أن يكونوا سواءً في كل شيء .. متحابين على كل شيء (ولا يزالون مختلفين ولذلك خلقهم ) .

محمد حسن يوسف