الخميس، 2 نوفمبر 2017

الرياء.. حيث لا يراك أحد


في سطوري هذه أحاول تناول الموضوع من وجهة نظر لا يلتفت إليها كثيرون، اعلم أن الموضوع قد قُتل كتابةً ومناقشةً وكيلاً للاتهامات يمنةً ويسرة، واعلم أن الحكم على نوايا الآخرين ليس من شأن الإنسان قاصر النظرة والعلم، ولكن.. دعك من الآخرين، لننظر إلى أنفسنا.. فمن سخّر نفسه ليحكم على نوايا الآخرين يُستدل بذلك على فراغٍ في نفسه وجهالة، كل ما سبق قد أُشبع كلامًا.. فما الجديد؟!

دعنا أولا نقف عند مصطلح الرياء لنصل إلى فكرتنا بوضوح، الرياء هو" أي (طاعة) يقوم بها الإنسان من أجل أن ينال استحسان الآخرين"، فلا يدخل في هذا التعريف العادات اليومية التي يقوم بها الإنسان من الاهتمام بمظهره وهندامه وسلوكه العام الذي يراعي الفرد فيه المجتمع، نجد بعد ذلك أن الرياء قد يختلط بعمل الإنسان.. فقد يتداخل مع جزءٍ من الطاعة، وقد يسيطر عليها كلها.. فيحبط العمل ويذهب هباءً منثورًا، ولكن.. دعنا نتفكر في نوعٍ من الرياء، خطير وفتاك.. يلحق بك ربما بعد عملك المخلص، وتكمن خطورة هذا النوع من الرياء هي أنك قمت بتلك الطاعة "وحدك" بعيدًا عن أعين الآخرين.

يتوجه الفرد منّا إلى عمل الطاعات وخدمة المجتمع بالإعمال التطوعية المتنوعة بتوفيق من الله عز وجلّ، ولكن ذلك لا يعني بأن ذلك الفرد اصبح بمعزلٍ عن امراض النفس، فإذا لم يتم تقديره كما يجب قام يُحدِّث نفسه قائلاً:" انا من فعلت كذا وكذا وكذا، لماذا لا يتم تقديري بالشكل اللائق؟! لماذا لا يقدمني الناس في مجالسهم وأحاديثهم ويعطوني قدرًا من الاهتمام الذي استحقه كناشط اجتماعي وشبابي؟! لماذا تتجه تلك البقعة المضيئة إلى من لا يستحقون ؟! أقوم بإنتاج الكثير خدمةً للمجتمع فأين التكريم الذي استحقه؟! ، ومثل تلك الأسئلة كثيرة.. ومداخل السوء على نفسك البشرية لا تنقطع.. وكلما تفاعلت مع خواطر السوء كان الأثر سريعًا على تصرفاتك، فتحبط اعمالك التي فعلتها بإخلاصٍ وتفانٍ لأنك خالطتها برياءٍ وعجب، وتنسى أنك لم تفعل ما فعلت الا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى.

تنظيف الملابس قد يأخذ وقتًا، كما أن بعض البقع يصعب ازالتها ويعسُر، فلا تكن ملابسك انظف من قلبك، وانظر في حالك واشغل عقلك بالتطور والتحسن لما في ذلك الأثر البليغ على نفسك وفكرك، فإن انشغلت بنيتك عن نوايا غيرك صغرت في عينك فكرة التحدث عن الرياء الا ما تخاف أن يخالط نفسك منه، واطرد خواطر السوء إن دفعتك على كشف حقيقة اعمالك إلى الناس بغرض نيل استحسانهم، صحح نيتك باستمرار لعلك تسلم، إن صلُح قلبك صلُح سائر جسدك، فإن لم تفعل فلا تأمن سهام الناس التي لن تصدق صدقك في عبوديّتك، لأن القلب إناء النية.. والإناء ينضح بما فيه.

محمد حسن يوسف


الجمعة، 22 سبتمبر 2017

ان لم تفعل.. فلا تتزوج !!


للوهلة الأولى وأنا أفكر في كتابة هذه السطور أحدث نفسي قائلاً: لست أهلاً للحديث عن هذا الموضوع، فهناك المختصين في هذا الشأن.. فأجد اصابعي تُقدِمُ ثم تُحجِم، ثم أقول لنفسي تارةً أخرى: ما أنا إلا شابٌ اكتب ما أراه، وادعو الآخرين ليرونه، فإن رأوا ما رأيت اتفقوا معي، وإن رأوا غير ذلك صحّحوا لي، فكلنا اخوانٌ كحزمة عودٍ يستقوي بعضنا بالآخر، كما أنني أرى بأن المبادر الأول في شأن الزواج هو ذلك كالشاب.. فوجب لي أن أتوجه لك ببعض الكلمات التي من شأنها تصحيح فكرك إذا اختلّ، وتعديل مسارك إذا ضلّ.. لأن المسألة ليست مجرد رغبة تبديها لأهلك بقولك "دوروا لي مره" ويُقضى بذلك الأمر.

عزيزي الشاب، إن مشروع الزواج أمره مختلفٌ تماماً عن بقية المشاريع التي ستقوم بها في حياتك، ذلك معلوم ... ولكن العديد من الشباب يدخل في خضم هذا الأمر بدون استشعارٍ لهذه الأهمية، وأول خطوات هذا الاستشعار أن تعرف حقوقك وواجباتك التي حددها لك الشارع بنصوصه، وحددتها لك أحوال المروءة والشهامة والرجولة، فلا تفرض على المرأة ما لا يجب عليها وتُقصّر انت فيما أمرك الله سبحانه به، فاذهب إلى شيخ دينٍ تأخذ منه الوصايا والأمور التي تجب عليك كزوج، وما الذي يجب عليها كزوجة، وأن تفرق بين ما تفعله المرأة رغبةً في كسب رضاك ولمنزلتك في قلبها وبين ما يجب عليها فعله كونها زوجة، لتنقي نفسك وذهنك من العادات والتقاليد التي لا تتوافق مع الشرع ولا تتواءم مع عصرنا الحاضر، إن لم تفعل.. فلا تتزوج.

اختلف ترتيب هذه النقطة مع ما قبلها بالنسبة لك عزيزي الشاب أم لا، فلا ضير في ذلك.. أسأل نفسك في عزلة ذهنية خالصة، ما هي مواصفات زوجتك المستقبلية؟ لا تكن سطحياً إلى حدٍ كبير في إيجاد أجوبةٍ أوليةٍ عن الشكل الخارجي، فالزواج أمره مختلفٌ تماماً عن شراء السيارة، إذا سألك أهلك عن تلك المواصفات فأجب عن الأطباع.. الأخلاق.. طريقة التفكير.. وعرض مواصفاتك انت ليتم البحث عن ما يلائمها خارج البيت (إن كان الزواج تقليدياً بطبيعة الحال)، من حقك ان تسأل عن الشكل وأن تراه .. فهذه من الأشياء البديهية التي لا تغيب عن عقل عامّي بسيط، ولكن إن نظرت إلى الشكل بدون تمعّن لما سبق فأنت (اسمح لي على هذه الكلمة) مجرد ابله، فإذا ما تقدمت وخطبت تلك الفتاة كن واضحاً معها في ما تريد منها وتتوقعه.. ذلك سيجعل الطرف الآخر في حالة استقرار ذهني، وستقوم هي بالمقابل بعرض امنياتها عن زوجها المستقبلي وما يناسب أفكارها.. وبعد ذلك يمكنك أخذ القرار النهائي براحة تامة، فإن لم تفعل.. فلا تقم بكسر الخواطر بجهالة وحمق وتتزوج من فتاة لا تناسبك، ثم تجعلها تعيش الموت وهي فوق الأرض.

"الرجال قوّامون على النساء".. أعطاك الله سبحانه القوامة، ولكنه وضعك موضع المسؤول (كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته)، تلك المسؤولية تستوجب استعدادك للتخلي عن بعض العادات عند انتقالك إلى مرحلة الزواج، ولا ضير في ذلك.. ولا أجد من يتفاخر أمام أصدقائه بأنه لم يغيّر من عاداته من أجل أن يُقال عنه "ريّال" أي مساس بالنضج وتحمل المسؤولية، بل هو الطيش والغرور.. يولد المرء ذكراً، وتُكتسب الرجولة بعد ذلك، فإن كنت ستتصرف بما لا يقتضيه الشرع.. ولا تقتضيه مكارم الأخلاق والمروءة فراجع نفسك، فتوقيعك لعقد الزواج لا يعني بأنك استملكت المرأة.. بعضهم يقول في مجلس العقد في صيغة القبول "بإمساك بمعروف" وهو لا يحيط بالمعروف بشيء.. فإن اردت خوض غمار هذه الحياة الجديدة فلا تفعل ذلك بغير الجدية التامة والدعاء بالتسديد والرشاد وبذل الأسباب الصحيحة.. فإن لم يكن الأمر كذلك بالنسبة لك فاترك البنت عند أهلها معززةً مكرمة "واقعد انت عند امك".



ملاحظة: قد تبذل الأسباب الصحيحة لزواج صحيح.. ولكن إذا أراد الله سبحانه في علمه أن تعيش تجربةً فاشلة فستعيشها رغماً عنك، فلله الأمر من قبل ومن بعد.



محمد حسن

الخميس، 21 سبتمبر 2017

أمراض غير عضوية


نقف كثيرًا عند بعض الحواجز الحياتية متوهمين بأنه لا يمكننا العبور، ولا يمكننا التكيف والإنتاج والابداع.. انطلق في مقالي عبر حالة الكثير من الموظفين في دائرتي التي اعمل بها في يوم "السبت" تحديداً، فهو يوم خاص يتراكم فيه العمل بسبب إجازة نهاية الأسبوع "الجمعة"، فأجد الكثير من الزملاء يأتي ثقيلاً إلى الدائرة ويرغب في المساواة بينه وبين الموظفين الذي يأخذون اجازةً في يوم السبت، اسأل أحدهم سؤالاً مبطناً: "جم سنة صار لك على هالحال؟" فوجدت أن الإجابات تتصاعد ابتداءً من الرقم 10 إلى ال 30 سنة. أقول: بالرغم من كل تلك السنين.. ألم تتكيّف على هذا الوضع؟ إلى متى سيظل حالك التعيس؟ أم أن مواجهة العالم والرغبة في تغيير النظام من حولك اسهل من تغيير طباعك؟

إن الوصول إلى مستويات الحضارات المتقدمة كان بسبب خرق العوائد والخروج من منطقة الراحة، ذلك لأن الإنسان الحضاري يرغب في سلك مسلكٍ يمكنه من خلاله تحسين طرق العيش والبحث عن ظروفٍ وبيئةٍ تجعله انساناً منتجاً لا مجرد ثرثارٍ متزمت، فما المانع إن غيّر الفرد من عاداته واكتسب عاداتٍ جديدة نافعة؟ إن المرء في سبيله لوضع الخطة السليمة يجب عليه إن يخصص من وقته لتعويد النفس على فعل أشياء لم يكن يعملها.. وهو متيقنٌ بأن تلك العادات الجديدة أكثر نفعاً ونجاعةً وتأثيراً، اكتب أفعالك اليومية بشكل عام.. وحدد منها ما يقربك إلى أهدافك الفعلية من ناحية، ومن ناحية أخرى الأفعال التي تلقي بك إلى طريق الثرثرة والتقلبات النفسية المزاجية التي بحاجة إلى مراجعة وجودها والوقت الذي تستنزفه في كل ذلك.

أنا هنا لا ارسل الرسائل إلى ذلك الموظف التقليدي العادي، بل حتى إلى ذلك الطالب الجامعي المتذمر، والشاب الذي على أوضاعه متحسر، لأن الظروف وُجدت ليتم التغلب عليها لا لأن يتم تحييد النفس من خلالها.. قد يكون الكلام إيجابياً أكثر من اللازم، ولكنني أسعد أيما سعادةٍ عندما أكون تحت الضغط.. ويلهمني ربي جل جلاله المخرج من تلك الظروف، ولا أشعر بالخجل لأن الظروف جعلتني أقوم ببعض الأمور مجبراً، بل انا سعيدٌ لأنني استطعت تكييف نفسي وتجاوز الأمر.. ليس معنى ذلك بأنني لن اواجه لحظات الضغط والضعف والحيرة  مجدداً، ولكنها ظروف ستكون مختلفة لتصنع منك انساناً مختلفاً، ارقى وانفع لنفسك وأهلك وأمتك، فلك الخيار.. اختيارك إذا ما كان سلبياً فأرجو منك أن تعتزل العالم، فلسنا بحاجة إلى صانعي "النكد" و ضحايا "الكسل".

محمد حسن يوسف


الجمعة، 8 سبتمبر 2017

زوايا الأفكار المظلمة


يتحيّر الشاب منا حيال قضية معينة (دينية، اجتماعية، ثقافية) وذلك نتيجة تضارب الأفكار، أفكارٌ تدور في الرأس بلا ترتيب ولا نظام ولا تنقيح، يسعى للوصول إلى عين الحقيقة التي يبتغيها الجميع، في ظل وجود فئة كبيرة تعارض رأيه من حيث المبدأ فإن ذلك الشاب يقرر التزام الصمت تجاه تعبيره عن فكرته، وربما كان ذلك الصمت مؤقتاً.. فإذا انفجر الشاب وهو يعبر عن قناعاته وكأنها حقيقة قطعية يكون من الصعب إقناعه بعكس ذلك.

توارد الخواطر والأفكار في نفس الشاب يجعله عرضةً لأسئلة كثيرة يجب أن يجد حل اللغز فيها، الخطورة في الأمر تكمن في الوصول إلى إجاباتٍ خاطئة، عندها سيرسم الشاب لنفسه جسراً من الوهم ليعبر من خلاله إلى الحقيقة (التي في رأسه)، وسيبدأ في جمع الكتب والمراجع التي يستسقي منها المعلومات المساندة لوجهة نظره، فيصبح وقد تغير حاله إلى أسيرٍ للمعلومة لا باحثاً عن الحقيقة، وشتّان بين الإثنين.. فالأول تتكون لديه غريزة البحث عن المعلومة المناسبة التي بمقدوره أن يسكبها في القالب الصلب الذي وضع نفسه فيه، أما الآخر فهو متجدد منفتح.. إذا أشكل عليه أمرٌ ما لا يتركه حتى يستفحل، بل يرده إلى أهله حتى يحيط بالموضوع بجميع جوانبه من غير تحيّز أو تمايز، وبدون تعصبٍ أو عُجب.

لكي نصل إلى تلك المرحلة النهائية يجب علينا أن نقتحم زاويا الأفكار المظلمة بنور البحث المنفتح، والذي لا يتأتّى بالقراءة فقط.. بل بمناقشة الأفكار مع الأقران والخبراء والمختصين، وعدم الخوف بسبب وجهة نظر الأغلبية الذين قد يعارضونك إذا ما عبّرت عن رأيك، فلا ضير إن صححت انت مسارهم نحو الحقيقة فذلك ما تبغون، وإما أن يقنعوك هم بفكرتهم فيعتدل مسارك.. وذلك أيضاً ما تبغون، فلا تحبس رأيك الخاص إن كنت في مجلسٍ أو على مواقع التواصل الاجتماعي، اجعل ذلك جزءًا من تقييمك لذاتك.

هناك جانب آخر لا يجب أن تغفل عنه وهو جانب "الحرية المسؤولة"، فإن تمتعت بحريتك في طرح ما تريد وما لا يجرؤ الآخرون على طرحه، فلا يضيق صدرك أبداً إذا عارضك أحدهم، كونك قد استطعت حل الألغاز في رأسك لا يعني بأن الإجابات صحيحة بالضرورة، فلا تُصعِّر خدك للناس وتعتقد بأنك إنسانٌ خارج منطقة النقد، إن افكارنا مهما اختلفت اعمارنا قابلة للتنقيح والتصويب والتقييم، ونتيجةً لتدافع الأفكار من شخصٍ إلى آخر تتبلور الفكرة، وقد يساعدك أحدهم بفكرته لينضج عقلك وتأتي بفكرة أخرى.. وهذا هو جوهر الحرية المسؤولة، لا الحرية "الغبية" التي تخرج من ظلمة الأفكار إلى ظلمة الإجابة الخاطئة، تخيّل معي إن حدث ذلك بسبب غرور نفسك ما الذي سيحدث بعدها.. هو أنك ستُسيّر حياتك بشكل خاطئ، وستصنع لذاتك ذاتاً مشوهةً، فإذا ناقضت نفسك تكبرت، وإن تكشّفت أمامك الحقيقة تمردت، وظننت بأنك تحسن صنعاً !!

محمد حسن

الثلاثاء، 25 يوليو 2017

علم المتكبرين


اصبح الوصول إلى المعرفة من اسهل الأشياء زمننا الحاضر، بل إن التسابق للوصول إل المعلومة صار ضرورةً قصوى وسبباً في سيطرة الدول على بعضها البعض، فكما هو معلومٌ فإن العلم سلاحٌ ذو حدين، فإما أن يكون لك وسيلة لخدمة المجتمع .. وإما أن يكون طوقاً حول رقبتك في يوم الحساب، لذلك فالعبرة هنا هي "فيمَ نفعت بعلمك" وليس "كيف حصلت على هذا العلم".

من هنا وقفت اتأمل حال الشباب الباحث عن الحقيقة باكتساب العلم والمعرفة  (في بعض الأحيان لا تقوم على أساس سليم، وبشكل فرعي مجتزأ عن الأصل) وأقول في نفسي: لماذا تحول ذلك الرجل في قريش من "أبوالحكم" بسبب رجاحة عقله إلى "أبوجهل"؟ فوجدت أن العناد والكِبر والسفاهة قد يقودون صاحب المعلومة إلى غير بر الأمان، هيا بنا إلى سامريّ يوم موسى عليه السلام عندما سُئل عن العجل  ذو الخوار، فقال تعالى على لسانه: "بصُرت بما لم يبصروا به". إنه ذلك الكبر والاعتداد بالنفس الذي يجعل صاحب المعلومة، فبدلاً من أن يكون باحثاً عن الحقيقة متدبراً بعقله تراه  ضالّاً مضلاً، لأنه يظن أنه قد وصل إلى الحقيقة المطلقة.

إن الباحث عن الحقيقة لا ينبغي أن يملأ صدره بالكِبر والاعتداد بالنفس، وكأنه فكّ اسرار الكون كلها بحفنة معلومات بسيطة، بدون سلوك درب التزكية والتنقية من عيوب النفس البشرية، ودون تحصين النفس من الوساوس الشيطانية، والتعلق بالمناهج العلمية الوضعية والابتعاد عن المناهج الربانية.. بطبيعة الحال فإن المناهج التجريبية والتاريخية والوصفية لها دور في الوصول إلى الحقيقة، لكنها ستقف أمام علامة استفهام في نهاية المطاف (والعجز عن درك الإدراك إدراك)، فلا تتسرع في الحكم على وصولك للحقيقة من اكتسابٍ لمعلومات بسيطة.

هنا لحل هذه الإشكالية قد لا يكون كافياً التحلّي بالتواضع لشعورٍ بالجهل، فهذا الشعور وحده لن يفك الشفرات ولن يجيب على علامات الاستفهام التي يضعها الإنسان لنفسه، بل هناك طرق المختصين والعلماء الذين أفنوا حياتهم خلف فك شفرات العلم كلٌ في مجال تخصصه، بشكل أو بآخر فقد فقدت الأمل بظهور أناس موسوعيين علماء في عدة مجالات، ولكنني مؤمنٌ بأن الإنسان يجب عليه أن يتخصص في أمرٍ ما ويبدع فيه، فإذا فعل وكان فذاً في مجاله كان بمقدوره أن يسبح في البحار الأخرى بعد أن يضيق البحر الذي هو فيه، وينطلق بعدها إلى محيط أكبر.

اعلم ذلك.. قد تسعى للمعلومة ولا يسوقها الله لك، وقد يسوقها اختباراً وامتحاناً فينظر كيف تصنع، فلا تتوقف على المعلومة وتتسرع وتبني عليها آرائك، بل تمتع بالتواضع وكسر النفس كي تصل للغاية الحقيقية من اكتسابك لهذا العلم.. ولا تتحول إلى "أبو جهل" ، و "السامري"، و "قارون"، وشبابٌ كُثُرٌ في زمننا ينتفخ سحرهم بأقل علم (وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً).



في أمَسّ الحاجة لدعواتكم

محمد حسن يوسف

الاثنين، 24 يوليو 2017

الاحترام زينة العلاقات


سعت المجموعات الإنسانية إلى صفاتٍ حميدةٍ يقوم عليها أساس الترابط والتلاحم بين المجتمع الإنساني، فالإنسان كائنٌ لا يمكنه العيش بمفرده، لذلك شكّل المجموعات لضمان بقاء الجنس البشري، أبرز ما تترابط به المجتمعات هي تلك الهبة الربانية .. الحب والأُلفة ( لو أنفقت مافي الأرض جميعاً ما ألّفت بين قلوبهم ولكن الله ألّف بينهم)، ولكن .. هل هناك قيم مساعدة للترابط المجتمع؟ هل يتفرد الحب بالأهمية العظمى في ترابط المجتمع .. أم أن هناك معانٍ أخرى تربط الحب بالمجتمع وتقويه؟ أقول نعم، فقد يبدّل الله سبحانه أحوال المحبين فينقلبوا على أعقابهم.. فالأصدقاء بعد لقاءٍ ووصالٍ ينقطعون، والإخوان من أمٍّ وأبٍ يتخاصمون وعن بعضهم يعرضون، والأزواج بعد عشرةٍ يفترقون.. وقد تراهم في الخصومة يفجُرون.

"الاحترام" ظهير الحب، وما إن لازمه في مجتمع ودبّت فيه الخلافات الا تسبب في اجتماع الشمل مرة أخرى، ذلك لما يزرعه الاحترام من مهابة ومراعاة للشخص الآخر، فالله سبحانه كما قال عن المحبة (ولكن الله أّلف بينهم) قال في موضعٍ آخر (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا صواتكم فوق صوت النبي) دلالةً على مراعاة الأشخاص بما يحفظ كرامتهم وحرمتهم وخصوصيتهم، ولا يعني اقتراب الشخص منزلة مني مبرراً يجعلني انتهك تلك الخصوصية أو الحُرمة، وكلما علِم ذلك الشخص أنني توقفت عند حدود حرمته سيزداد نصيبي من قلبه، واذا انتهكت حرمته بقولٍ أو فعلٍ فعلى الاعتذار أن يكون بمستوى الخطأ.. بدون تبرير أو خداع للضمير.

مراعاة الغير في اللفظ  والتعبير لمِن اجمل الصفات، فهذه الأم المسكينة تعطي من وقتها وجهدها في تربية أبنائها.. ولن تشك لحظة بأن أبناءها لا يحبونها، وذلك الأب الذي يضحي بكل وقته وما اوتي من قوة يسخرها لحياة عائلته، لكن "لفظة" في غير محلها قد تجرح، و"أُفٍّ" قد تخرج من فمك في لحظة تذمر وقلة فهم تدل على قلة احترامك لوالديك، وملامح غاضبة، قد يبعدك كل ذلك عن منزلة كنت تصبو إليها اعتماداً على حبك فقط، الاحترام هو ضبط للسلوك (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن) رغم ما يحمله قلبك.. ولكن عليك أن تتحكم بخواطر السوء وتنطق بالأحسن مراعاةً للآخرين.

بين الأصدقاء، يظن المرء بأنه سيد زمانه.. يقول ما يشاء متى ما شاء، أقول: هل تضمن أن يسمعوا منك لفظاً أو يروا منك فعلاً لا يحبونه؟ هل تضمن أن لا يتكرر ذلك في ظل غياب الوعي عن ذهنك؟ فاعلم أن طبقةً سوداء تتشكل شيئاً فشيئاً على قلوب من حولك تجاهك وإن كان صديقك، فالصديق يريد أن يقضي وقته في سعادة وراحة.. ولهذا اختارك، أما أنك اخترت أن لا تغير من طبعك وأن تُسمعه ما يكره.. فجهّز نفسك لأنه سيُسمعك ما تكره، فاحذر أن تمُد حبال الوصل تجاه أصدقائك متذيلةً سكاكينَ تجرحهم بها بقلة احترامك ومراعاتك لهم.

محمد حسن يوسف

الاثنين، 22 مايو 2017

اهزم خجلك.. وانتبه لحيائك


الحمدلله القاهر الظاهر، والصلاة والسلام على نبيه الأمين الطاهر، وعلى  الآل والأصحاب ومن على نهجهم سائر، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وزدني من بركات العلم.. وزيّن أخلاقي بالحلم.. واغفر لعبدٍ كثير الزلّات حائر.

عندما يأتي الشاب/ة إلى البرامج القيادية تتصدر اهتماماته كيفية مخاطبة الجمهور، يقف خلف هذه المهارة رغبته في كيفية التعبير عن نفسه وذاته أمام عدد معين بسيط ، بينما هو كذلك تجده يعبر عن هذا النقص الذي يحتويه بقوله:" استحي أتكلم جدام الناس" . هنا يقع خلط الشاب بين المفاهيم التي لو فرق بينها لعرف كيف يشق الطريق نحو رغبته في تحقيق امنيته واكتساب المهارات اللازمة لذلك.. فهل الحياء والخجل شيءٌ واحد؟ فإذا كانا شيئين مختلفين فكيف أفرّق بينهما؟

إذا وقعت في موقف المُساء له وصار دورك الآن أن تسامح وتغفر ولا تعجّل بالعقوبة وقت غضبك فأنت بحاجة إلى خلق الحِلم، وإذا كنت في حاجة إلى قيمة تجعلك تعطي الغير على حساب نفسك فذلك خُلُق الإيثار.. أما إذا حثّك إبليس متعاوناً مع شرور نفسك البشرية لفعل الخطأ والمعيب أوقفك خُلُق "الحياء"، فالحياء إذاً خُلُقٌ يمنعك من الوقوع في المعيب من الأمور.

 ألم تسمع قول والديك عندما يريانك تقع في العيب والخطأ بقولهم : "ما تستحي على ويهك؟!" ذلك الخوف من الوقوع في المعيب والخطأ شيءٌ محمود ومطلوب.. أورده الله سبحانه وتعالى في كتابه عن وصف المرأة التي أتت إلى موسى عليه السلام بقوله تعالى:" فجاءته احداهما تمشي على استحياء"، وكما ورد عن موسى عليه السلام بقوله لها عندما عزما على المغادرة إلى بيت أبيها بقوله:" سيري خلفي كي لا يصف الهواء جسدك". إنه ذلك الخلق الذي يجعلك تراقب الله سبحانه في خلواتك.. فإذا أخطأت فأنت تتوب بسرعة البرق لأن خوفك وحياءك من خالقك مازال يغمر جوانحك.

فما بال الخجل يقتحم حياتنا ليُزاحم الحياء؟ إنها تلك الصفة التي يُعبر عنها بأنها "شعور باستنقاص في الذات يمنعك من الوصول إلى أهدافك، يأتي الشاب ويحصل على فرصة للحديث أمام الجمهور فيتعثر لسانه، فيكره ذلك الموقف برمته ولا يكرر المحاولة، ويقارن نفسه بالمدربين المحترفين.. يخاف من الشعور بالتوتر في بادئ الأمر وينسب ذلك إلى الحياء، لا.. إنك لترى نفسك دون ما تصنع، وتشعر بدنو النفس نحو الهدف الذي رسمته في مخيلتك، انك تخاف من الخطأ.. ومن لحظات حرجةٍ تخشى نسيانها، وكأنك قد تأكدت من وقوعها، تناسيت ان الإنسان يتعلم من اخطائه اكثر من إنجازاته.

لكي تكتسب تلك المهارات اللازمة لحياتك فعليك كسر باب الخجل والانطلاق نحو ما تصبو إليه نفسك وتنال به مرادك دون أن تجرح حياءك، فالعيب يبقى عيباً سواءً كنت خجولاً أم لا.. ذلك يتجلى من خلال تعاملك مع غيرك خاصةً فيمن يخالفونك في الجنس، الكثير ممن يبدأ بخجل مبالغ.. فإذا به ينزع خجله مع حياءه.. وذلك أمرٌ امقته بشدة ويتعامل معه البعض بضحكات خفيفة، الحياء خُلُق رفيع لا يصله الا من ارتقى قلبه بالإيمان.. هو ليس خلقاً خاصاً بالمرأة، يعجبني الرجل إذ يستحي ولا يتكلم الا بقدر حاجته ، ولا يُطلق ناظره حيث ما وقع عليه بصره، فالخطاب الرباني الموجه لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى:" ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ"، اجد الرجال مطالبين به كذلك، كما أجدهم أولى من غيرهم بغض أبصارهم، نعيش عصرًا انتشرت فيه العلاقات غير الشرعية لانعدام الحياء، الغريب أن الأمر قد بدأ بخجل.. ثم لا حياء، و إذا لم تستحِ "فاصنع ماشئت".

محمد حسن

الأحد، 14 مايو 2017

رتب وقتك في رمضان

أيام معدودات، تهل علينا بالنفحات، فمن اغتنمها حاز الخيرات، ومن غفل عنها استحق الخيبات والحسرات ( شقِيَ عبدٌ أدرك رمضان ولم يُغفر له-حديث شريف).. تلك الأيام إن لم تقابلها بترتيب منضبط مناسب فإنك ستقع في وحل الكسل، وستعود سيرتك الأولى في عيش حياتك، وستكون لقمة سائغة في فم الملهيات من النفس  والناس والإعلام.. فما هي الملامح العامة لهذه الخطة؟

البحث عن مسائل عامة عن الصيام:
بإمكانك تهيئة نفسك بالاطلاع على مقاطع "فيديو" تتحدث عن الصيام وفضائله وأحكامه، قم بتهيأة نفسك علمياً وروحانياً للعبادة التي ستستقبلها.

زيادة الجهد:
في أيام النفحات والبركات من الطبيعي بمكان أن يضاعف المؤمن من الأعمال الصالحة، وحتى العاصي من عباد الله تجده يرجع شيئاً ما إلى ربه، فالأولى بمن أراد ترتيب رمضانه أن يكيّف وقته قبل كل شيء على زيادة الأعمال الصالحة مهما كان موقعه ومهما كانت ظروفه، كن مع القرآن (فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه).. وخصص له الوقت الوفير، خفف أكلك.. فإن الأكل مكسلة عن العبادة، لا تأكل بقدر حاجة الشبع.. بل بقدر ما يقوى به جسمك لتؤدي العبادة.


تطبيقات:
1-    قيّم الأفعال الروتينية التي تقوم بها كل يوم، إذا كانت ضعيفة  فاحذفها وضع مكانها قراءة القرآن سيكون لك نصيب كبير من الوقت، لماذا الأعمال الضعيفة بالذات؟ لأنها تأخذ جل وقتنا نحن الشباب خاصة في هذه الأوقات ( قبل صلاة العصر إلى الفطور، بعد صلاة المغرب، بعد صلاة التراويح، بعد تناول السحور).
2-    الأكل بما يقوي جسمك والاكتفاء به سيُساعدك في العبادة، وسيُقلل ساعات نومك (كلٌ بحسب طبيعة جسمه).
3-    لست مجبراً على عمل "هجومٍ كاسحٍ" على الأكل بعد صلاة المغرب.
4-    ضع مصحفاً "ورقياً" معك، لأن الهاتف فيه ملهيات.. فلا تقربه وقت القراءة الا إذا ضمنت من نفسك أنك تستطيع تجاهل كل شيء في الهاتف، كل شيء.
5-    حذفت الأوقات الضعيفة قبل سنتين، وتمكنت بفضل الله من عمل ختمة في خمسة أيام، وبعدها بسنة تمكنت بفضل الله من ختم القرآن في اربعة أيام.

خدمة الوالدين:
"خيركم خيركم لأهله"، لا تتكاسل في خدمة والديك.. واجعل النية الصالحة تغمر قلبك في كل وقت، جزاؤك عند رب العالمين مرتبط بالنية التي بين جنبيك، فإن كنت ترى نفسك خادماً لأهلك.. نلت الجزاء وخدمك المال والبنون، وإن ضجرت واعتبرت نفسك "مطراش" فستعيش في ضيق الصدر وما لك أجر (إنما الأعمال بالنيات).. إن الوالدين يُرهقان مادياً وجسدياً وذهنياً في رمضان، بالرغم من كل ذلك تجدهم يجتهدون في العبادة اكثر من الأبناء، فلنعتبر من ذلك.


الصلاة:
أما زلت تبحث عن المساجد التي تُصلّى فيها التراويح بعدد ركعاتٍ أقل، وتطمع بعد ذلك أن تدخل الجنة قبل الآخرين، وتنال الدرجات العُليا؟! راجع حساباتك، واجتهد في صلاتك.. هل الذي تنصرف له خيرٌ من الذي تنصرف عنه؟ فاعلم ان صلاتك صلة بينك وبين ربك.. ووسيلة لتخاطب بها ربك كما علمك وهداك (اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، ولا تنسَ وصية النبي صلى الله عليه وسلم لربيعة بن كعب رضي الله عنه عندما طلب من النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة فقال: "اعنّي على نفسك بكثرة السجود" – يعني كثرة الصلاة.

  
تطبيقات:
1-    صلِّ التراويح في عشرين ركعة كما السنة.
2-    لا تنسَ السنن الراتب قبل وبعد الصلاة.. فهي آكد من التراويح.
3-    قيام الليل، ولو بثلاث ركعات تتعود عليها وتزيد.

خدمة المسجد:
اسعَ للمسجد الذي في حيِّك وتفقده، انظر ماذا يحتاج.. كن مبادراً ولا تكن متكاسلاً.


تطبيق:
1-    غالبا ما تحتاج دورات مياه النساء لاهتمام خاص ( علّاقات للعبايات، أدوات تنظيف، تصليحات طفيفة إذا تطلب الأمر).
2-    تنظيف المسجد في رمضان يقع على عاتق شخص صائم، ان استطعت تكوين فريق عمل يساعدك فهذا افضل (مرة واحدة في الاسبوع).
3-    عند انتهائك من الصلاة تفقد قوارير المياه الفارغة، خذ المبادرة في هذا الشأن وجهّز كيساً للقمامة في سيارتك.

الإعلام:
قد يكون الاكتفاء بمتابعة البرامج الدينية على التلفاز او عبر "اليوتيوب" استنزافاً للطاقة، وتحويل الطاقة الذاتية من الفعل والمبادرة إلى التلقي، لاحظ قولي بال "البرامج الدينية".. فما بالك بالمسلسلات والبرامج؟ دور المسلسلات هو صرفك عن الهدف الرئيسي من الاستفادة من هذا الشهر.. والبرامج الدينية إن اسرفت في تتبعها ستستنزف طاقتك، واعلم أن كل شيء يُعرض في الإعلام الحديث يمكنك الرجوع إليه في وقتٍ ما، ستحتاج إلى التلوين والتنويع بين عباداتك.. فلا بأس حينها من الاطلاع على بعض البرامج التي من شأنها أن تطور من نفسك وتعلو بها همتك، لا أن تكرّس وقتك أو جُلّه في المتابعة، تلك هي الفكرة.

الظروف والوقت المتاح:
-        ما بين عملٍ ودراسة جامعية، لن يُتاح لكاتب هذه السطور التواجد في المنزل قبل الثالثة مساءً (على أقل تقدير)، هناك فجوات وفراغات في وقت العمل+ بعد صلاة المغرب+ بعد التراويح كفيلة بأن أُنهي  فيها وردي اليومي من قراءة القرآن الكريم، وإذا زدت فهو خير.
-        مع تقدم الدراسة سيكون الوقت المتاح لها بعد صلاة التراويح.
-        بعد صلاة العصر، راحة.
-        بعد صلاة المغرب، اذهب الى المنزل لعشرين دقيقة، ثم أعود إلى المسجد، او ربما مكثت وحدي مبتعداً عن التلفاز لقراءة وردي اليومي.
-        بعد صلاة التراويح، الوقت مخصص للدراسة، قراءة القرآن، الأكل.
-        قراءة جماعية (مع الزوجة) لكتاب.
-        توزيع وجبات سحور على العمّال.

ملاحظات:
-        راجع نيتك في كل عمل.
-        قلة الإلتزامات تزيد المسؤولية وضرورة استثمار الوقت.
-        خير الأعمال ادومها وإن قلَّت.
-        الخطة يجب ان تتسم بالانضباط، وبقليل من المرونة.


إن كانت لديك خطة أو فكرة، شاركني بها.. لعلني استفيد


محمد حسن

الثلاثاء، 2 مايو 2017

وقفة مع الفشل

الحمدلله العليم بخفايا عباده الخبير، والصلاة والسلام على البشير النذير، وعلى الآل والأصحاب ومن على نهجهم يسير، اللهم اخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم، وحسّن أخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، واجعلني من ذوي الحظ الوفير.

من الأمور التي يحب معشر الشباب من الناجحين في بناء ذواتهم (كما يعتقدون) وتحقيق أهدافهم المرحلية والبعيدة أن يظهروه للملأ من أهل الإعلام الجديد هو سعادتهم عندما يحققون النجاح، أفكارهم التي ألهمتهم للوصول إلى ما هم عليه، فقد وجدوا طريقاً خصباً يجعل الشباب من خلفهم يسيرون إلى طريق النجاح.. فيظن الشاب أن طريقه كذلك سيكون مفروشاً بالورود إذا ما قلد ذلك الشخص المُلهم بالنسبة له، ولكن الحقيقة (قد) تكون مختلفة، فأين هي المعضلة؟

إن الاطلاع على تجارب الآخرين ونجاحاتهم قد يُلهم الشاب/ة إلى حد كبير، المشكلة تكمن في أن الشاب قد يرتقي بحلمه إلى أعلى عليّين، لكنه يصطدم بحقيقة أنه لا أحلام على أرض الواقع ما لم يتعدى الفرد منا منطقة الراحة التي وضع نفسه فيها، لا نجاحات بدون تعب، لا نجاحات بدون أن تصل إلى حقيقة أنه يجب عليك اكتساب مهاراتٍ ما لم تكن لتتوفر عندك (كيف تُخرق لك العوائد وانت لم تخرق من نفسك العوائد)، عندها فقط ستستطيع كسر القالب الذي وضعت نفسك فيه، ذلك القالب الذي أعدك بأنه لن ينكسر في يوم وليلة.. لن تكون نجاحاتك قائمة على الإلهام فقط، بل هي بالتعب والجهد.

من هنا انطلقت إلى حقيقة أن يطرح شباب "الإعلام الجديد" إلى جانب نجاحاتهم وانجازاتهم، تلك اللحظات الصعبة والاخفاقات المتكررة، والزوايا الضيقة التي حُشروا فيها، تلك التحديات التي غيرت من شخصيتهم وجعلتهم يكتسبون أشياء ومهاراتٍ جديدة لم يكونوا ليكتسبوها عندما جلسوا خلف شاشة هاتف ذكي ليكتفوا بالتلقي وبالاستمتاع بتجارب الآخرين دون عمل، استمع إلى مقولة "توماس أديسون" الذي لم نعرف عنه سوى المصباح الكهربائي عندما يقول:" أنا لم أفشل، بل وجدت 10,000 طريقة لا يمكن للمصباح العمل بها". بمعنى أنه حوصر بعدة محاولات فاشلة.. لكنه انطلق من تلك المحاولات الفاشلة لبناء شيءٍ ما، اسمع عن تلك السمفونية التي هزت الدنيا وقتها واسمها "سمفونية القدر" قام بعزفها رجلٌ أصمّ اسمه "بيتهوفن"، تخيل هنا ما هو حجم المحاولات الفاشلة التي من الممكن ان تنهي مشوار ذلك الأصمّ، ولماذا لم ييأس؟

كل ما عليك عزيزي الشاب أن تكتسب العلم والمعرفة، بعد ذلك سينطلق العرق من جسدك.. التعب والقلق والتفكير، التحديات تلوَ التحديات، الحدود التي ستتخطاها باكتساب المعرفة والمهارة "والفشل" سيجعلك تتغلب على نفسك، أما إن كنت ممن يحبون التغاضي عن أسباب فشلك، وعدم التطرق إلى النقاط السوداء فيك سيجعلك تعيش نفس التجربة، وإعادة التجربة مع توقع نتائج مختلفة هو ضرب من الجنون.. لا بأس من استعراض حقيقة اخفاقاتك لتتعلم وتتدارك ما فاتك، لا لتخدع ضميرك بأنك حاولت ولكنك لم تنجح، وبعد ذلك تقف على حافة الطريق والناجحون يمرون أمامك.. ولا تملك أن تلحق بهم، ارجِع إلى نفسك.. استعرض فشلك.. لتنهض بنفسك.


محمد حسن يوسف

الأحد، 23 أبريل 2017

"الإيجابية" بين التطبيق الفعلي والثرثرة


ربما قد تطرقت لهذا الموضوع من قبل من خلال هذه المدونة بعنوان "تمللنا من خللك إيجابي":


ولكنني ربما لم اضع معياراً كافياً لاستعمال هذه الكلمة "إيجابي" بين أوساط الشباب، فمازال البعض يُسرف في استخدام الكلمة ويستهلكها في غير موضعها، حتى وصل الأمر إلى حد "الغثيان" لعلمي أن الشخص المستخدم لهذه الكلمة ما هو الا مثرثر كما يظهر لي، او مسوّق لشخصه لا لفكرته.. وهذا النوع الأخير خطر على مستوى تقديم الدورات في مجال تنمية الذات، فدور مقدم الدورات يتعدى مسألة طرح الشرائح على شاشة العرض، هو مقام للتوجيه والإرشاد والإلهام (كاد المعلم أن يكون رسولاً)، ولذلك وجب من وجهة نظري بيان شعرة معاوية الفاصلة بين كلمة "خللك إيجابي" بين التطبيق الفعلي الصحيح وبين الثرثرة التي تستهلك طاقات الشباب وأوقاتهم، وتُسطّح من فكرهم وتلعب بأحلامهم.

الهدف:

ما اصعب الأمر حينما تُدرك أنك تعيش بلا غاية، بلا حلم، بلا قيمة ترتجيها.. وتبقى مقدراتك، أفكارك، وقتك، وكأنك Alice  في بلاد العجائب عندما احتارت بين الطرق فقال لها الأرنب:"إن لم تعلمي أين تريدين الوصول، فاسلكي أي طريق." إن لم يكن لديك هدف فأنت من ضمن الهوامش في المجتمع، وان لم يكن لديك هدف فاعلم ان مقدراتك وطاقاتك ستكون من ضمن اهدافِ أُناسٍ آخرين.

تنوعت الطرق للتحضير لهذا الهدف، ففي بعض الدول يتم تحضير اهداف البشر في سنٍّ صغيرة، وفي دول العالم الثالث يعتقد البعض بأنه فاشل في تحديد الهدف حتى يصل إلى سن الثلاثين، فيتحسر على ذلك الوقت الطويل، أقول بأن الهدف كالثمرة.. في حاجة إلى النضوج (الكافي)، كل ما عليك فعله هو أن تسير وراء حلمك وما تحب.. وأن تزداد معرفةً وتعلّقاً بحلمك، وأن لا تربط حلمك بعمر معين.. فكم من العباقرة اعمارهم صغيرة، وهنا علي أن أعيب مجتمعنا في هذه النقطة، فمن اصحاب الأعمار الصغيرة من أهدافهم متبلورة.. وحدود شخصياتهم مرسومة وواضحة، وعقولهم راجحة وواعية، لكنهم لازالوا صغاراً في رقم العمر.

خلاصة الهدف: كل مجهوداتك وأفكارك، ضعها ضمن اطار الهدف، والا.. سيتناثر جهدك كما يتناثر الدخان، يطير في السماء.. ولا أثر بعد ذلك.

 

الإرادة:

إنه جدال بينك وبين ذاتك، تترجمه أفعالك.. يبدأ ذلك الجدال في داخل نفسك بتلك الأسئلة: هل أنا فعلاً أريد ان اسير في هذا الطريق؟ هل أنا من أردت السير في هذا الطريق.. أم هو المجتمع الذي أملى علي رغباتي وآمالي؟ هل هذا الطريق سيوصلني إلى الغاية الصحيحة والرسالة الربانية بمضمونها "إني جاعلٌ في الأرض خليفة"، أم أن نهاية الطريق راتبٌ مرموق و"برستيج" محدد أرغب ان أُحدد نفسي فيه؟ قد تكون هذه الأسئلة صعبة من حيث الظاهر.. قد تجعلك الاجابات المبدأية على تلك الأسئلة تغلي من داخلك ربما نتيجةً لبعض التحديات المجتمعية، فاعلم ان تحقيق الذات وترك البصمة طريقٌ وعرٌ نحو الوصول إلى القمة، فإذا وصلت إلى القمة ستجد أنك إنسانٌ متفرد مميز.. فالقليل من يصل إليها، أما القاع فهو مزدحم بالمتخبطين، التائهين، الماديين، من يحققون رغبات مجتمعاتهم لا رغبات ذواتهم.. ولا موجه لهم ولا معين.

 

الصبر:

بعد أن تتأكد من ارادتك وتتيقن من طريقك، فاعلم أن الطريق فيه صعودٌ ونزول، فيه جدٌ وقهرٌ وتعب، كل المشاريع الكبير في الحياة تأخذ وقتاً، وكذلك مشروع بناء اهداف الإنسان، الصبر مفتاح المغاليق، ومن يقنعك بأنك ستصل إلى أهدافك بدون تعب أو سهر أو ربما دموع فهو يلعب بك ويتاجر بعقلك، ويستهلك وقتك.. (لا تحسبن المجد تمرٌ انت آكله، لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرَ)، لذلك فجهّز عدتك الذهنية لطريق يلزمك فيه الصبر والتحمل.. إنه طريقك وحلمك، وأول ما يستحقه منك ذلك الطريق أن تصبر وتقاتل من أجله.

 

سؤال أهل العلم والخبرة:

لا تجتهد بدون علم، وألزم نفسك التواضع عند السؤال.. ولا تمل من اكتساب المعرفة، معرفة القواعد العلمية لطريقك أمرٌ مهم، والأهم هو ربط العلم والمعرفة بالله (وما اوتيتم من العلم الا قليلاً)، واعلم أن التقيد بالعلم والمعرفة لن يكون حاجزاً أمام جنون الابداع والإبتكار بل محفّزاً له، واقرأ عن "محمد الفاتح" الذي جعل السفن تجري على اليابسة ليُحاصر القسطنطينية ويفتحها، تأسيسٌ علمي.. ومن بعد ذلك فكرةٌ مجنونةٌ من حيث الظاهر، لكنها قلبت وجه التاريخ.

اقرأ، ولا تتكبر على القراءة.. واختر كتبك بعناية، شبه عقلك بإناء، وكل إناءٍ ينضح بما فيه، فإن وضعت العلم والمعرفة، والتواضع وحسن الخلق، واهتمامك بتغذية عقلك كما تهتم بتغذية بطنك على الأقل، فتكون قد هذبت عقلك.. والحرقة في قلبك على هدفك ستدفعك إلى الابداع والاقدام والجنون بعقلٍ مهذّب.

 

احرص على وجود الأربع لتكون إيجابياً حقيقياً، لا ضحية دورات برّاقة تجعلك تفتح فمك إعجاباً بما تسمع، بدون منهجية حقيقية توصلك إلى طريق الإيجابية بشكل مؤثر.. لا تقبل برحيلك عن عالمك بدون أثر.

 

محمد حسن يوسف

 

الثلاثاء، 28 مارس 2017

التسلط العائلي (سؤال في صراحة)


سؤالٌ وردني على موقع "صراحة" وهذا نصه:

-      اذا في حياتنا في ناس سلبين جدا وعصبيين بطريقة تمتص كل طاقتنا وفي نفس الوقت ما نقدر نقطع علاقتنا فيهم لأن جزء من الأسرة ولهم سلطة علينا...شنو الحل؟

أقول وبالله التوفيق، سبحان الذي جعل الناس بحاجة للناس.. فيتنازلون بقدرٍ ما عن حريتهم الشخصية تجاه غيرهم، فاعتبار وجود أُناس ذو سلطةٍ عليك فهذا أمرٌ طبيعي، فالحاكم ذو سلطة على الناس.. فيسلبهم جزءً من حريتهم الشخصية لتحقيق مصلحتهم العامة، والوالدَين لهما سلطةٌ على أولادهم، فيسلبونهم بعض حريتهم في اتخاذ القرارات لأنهم يرون من تراكم خبراتهم أن الإبن إذا سار على هذا الخط سيقع، وإذا سار على آخر فإنه سيقف، كما أن للوالدَين قوة على أبنائهم لا تجعلهم يبررون تصرفاتهم تجاه تسلطهم.. وقد تجعلهم يبررون بأشياء غير مقنعة لأنهم أخذوا تلك القرارات عن أبنائهم بسبب الاعتماد الصرف على رصيد خبراتهم فقط، يغضون النظر عن كون زماننا هذا يشهد متغيرات عديدة تجعل الشباب يأخذون قراراتٍ مختلفة.

هنا اضرب المثل على نفسي، فأنا كنت قد درست في التخصص "العلمي" في المرحلة الثانوية ولم أكن راغباً في ذلك، ولكن الأسباب التي أجبرني بسببها والدي على الدخول في هذا التخصص أسبابٌ وجيهةٌ جداً ومعتبرة، وكنت قد اقتنعت بأسبابه بعد خمس سنين من تخرجي المدرسي.. استطيع القول بأنني خسرت السنوات التي درستها في المرحلة الثانوية لأنني لم استفد منها الآن، ولكن بسبب والدي اصبحت الرجل الذي أنا عليه وله الفضل الكبير في صنع البيئة الطيبة التي تعينني على الخير.

"كيف اعبر عن قناعتي تجاه عائلتي؟" يشغل هذا السؤال عقل من يعاني تسلط العائلة فيفكر في الصدام والمعارضة، فيقع في قلة الأدب وقلة الاحترام لأنه يظن أنه إذا احترم والديه فلن يستطيع التعبير عن قناعاته بشكل يجعل من أصحاب السلطة يرضخون له، لا .. ابتغِ رضى والديك باحترامهم واحترام قراراتهم والتأدب معهم، وعبّر عن قناعاتك براحة وبدون تشنج أو ضغط أو خوف من عدم اقتناعهم، فإن في التشنج والعصبية يكمن رد الفعل المضاد، فإما أن يجعل منك ذلك متمرداً طوال حياتك، أو ربما قد تعرضت للكسر من اصحاب السلطة (لا تكن ليناً فتُعصر، ولا تكن قاسياً فتُكسر)، فلا تضحية تساوي خسرانك لوالديك .. الكثير من المشاركين في برنامجنا BELIEVE يعانون من رغبات آبائهم والتي تتعارض مع ميولهم، ولكننا نقنعهم بأن يسيروا خلف ميولهم ونشجعهم.. ولكن لم نشجعهم على قلة الأدب والصدام، ولكن بالحوار، والتكرار، والبحث، والصبر، كل ذلك سيجعلك تصل إلى قرارك الذي أردته.. بدون أن تخرج على طوع أبيك، واعلم أنه لو ضاق صدر والديك قليلاً فإنهم أول من سيفتخر بك عندما تنجح .. هذا في الدراسة على سبيل المثال، والذي يجري في الدراسة يجري على غيرها:

الابتعاد عن التصادم الغاضب+الحوار مع التكرار+الصبر+الدعاء

الأمر الأهم من كل ذلك.. إذا أعطاك الله سبحانه تلك السلطة، فما انت بفاعل؟ قد ننتقد.. فإذا وُضِعنا في نفس الموقف فعلنا نفس الفعل، كل تلك المواقف والدروس خزنها في رصيد خبراتك، واستفد من موقفٍ أخرى جيدة، كموقف يعقوب عليه السلام مع أبنائه عندما جاؤوه بخبر مقتل يوسف عليه السلام على يد الذئب المكذوب.. قالوا له كما نقل لنا القرآن الكريم:"وما أنت بمؤمنٍ لنا ولو كنّا صادقين". الطبيعي  أن يقول لهم:" انتم كاذبون قتلة!!!" لكنه إن فعل ذلك خسر أبناءه من حوله، فقال لهم:"ما أرحم هذا الذئب.. أكل ابني ولم يمزق قميصه!!". وقال تعالى على لسان يعقوب عليه السلام:"بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبرٌ جميل". فضّل الأب امتصاص الصدمة على خسارة ابناءه، أما ذلك الأب الآخر الذي بطش بولده فأساء معاملته.. ودفعه ذلك إلى الهجرة لدولة خليجية، وبقي فيها حتى توفى والده ثم عاد بعد ذلك إلى الوطن.

اصحاب السلطة في العائلة لن يكونوا عوائق لتحقيق النجاح إن قابلتهم بتعقّل وبصبر.. ستصل إلى ما تريد دون ان تستنزف طاقتك، فإن كنت مكانهم ورزقك الله سبحانه فصرت أباً أو صرتي أماً فعليك الاستفاد من رصيد المواقف السابقة، اما إن كان صاحب السلطة ليس من الوالدين فليس له الحق في التسلط إن لم تكن انت من سمح له، واعلم أن قرارتك لن تكون مضبوطة بالدرجة الكاملة..هي خيارات تتحمل مغانمها ومغارمها، وفقكم الله.

رأيي صواب يحتمل الخطأ.

محمد حسن

الأربعاء، 22 مارس 2017

لحظات ضعف

مر الفتى مهموماً حزيناً، يشكو ظلام الدنيا ويرفع رأسه إلى السماء، يقول:" هل لي من نور يُبدد هذه العتمة؟ مالي أرى الدنيا تميل إلى من يتبعون رغباتهم وأهواءهم؟ مالي ارى الضيق يسكن وجداني ويخنقني؟ أتراني أصمد بمُثُلي ومبادئي؟ أم أن الفتى مقدرٌ عليه السقوط؟ يا عزيزي.. سيضيق بابُ الدنيا عليك حتى ترى بوضوح باب السماء، وحتى تتيقن بأن الجنان قد حُفّت بالمكاره، وأنك لن تصل إلى المولى حتى تعطيه من نفسك الغالي والنفيس (لن تنالوا البر حتى تُنفقوا مما تحبون).

وقف الفتى أمام ظلامه قائلاً:" يا رب.. أرني الطريق فإنك تعلم ولا أعلم، وارزقني تدبير أموري فإني لا أُحسن ذلك.. وأنت عودتني حسن الاختيار، اعصمني من هوى نفسي.. اعوذ بالله من موضع تراني فيه وأنا أعصيك.. أعوذ بالله من موضع تكون فيه أهون الناظرين إلي". ثم ذهب يبحث عن النور بمُثُله وقيمه.. حتى أيقن أن أصحاب الأخلاق باتوا في تعب، فإن أهل الدنيا قد أوغلوا أنفسهم في وحل البذاءة، وشهادة الزور، وظلم العباد بالتسلّق، لا إخلاص في علمٍ ولا عمل.

تأمل الفتى في حاله، وتخيل المستقبل.. في دار القرار التي لها سينتقل، ثم سأل:" هل هناك جزاءٌ لصبري؟ جاءه صوت الخاطر من السماء يقول:" وهل هناك في الدنيا جزاءٌ تستحقه؟ إن ظهر الناسُ عليك فاصبر، وإن ظلمك أحدهم فانظر إلى السماء.. وارمِ شكواك عند من هو عليم خبير بك وبحالك، تذلل عنده، ارمِ الدموع في حضرته، واسأله مسألة المستغيث وقل:" اللهم اعصمني من كل ذنبٍ يحجب عني رحمتك وتوفيقك، بارك لي في عملي القليل، ووفقني لعمل الكثير.

صال الفتى وجال، فوجد الدنيا مغلقةً بالأقفال.. باباً خلف باب، إلى متى؟ إلى متى وأنا الفتى أصارع أمواجاً تتلاحق؟ إلى متى وهوى نفسي يبعث بالنار المُحرقة في صدري؟ إلى متى وشيطاني يلاحقني؟  تأملت السماء فوجدتها قد اطبقت علي، ارجو ربها فرجاً ونوراً.. هدىً وعصمةً وجهاداً.. وجهاد المرء اجتناب المحارم، اللهم ارزق الفتى مرتبة المجاهدين، وارزقه ذريةً  صالحة، واكتب له الجهاد على اسوار القدس، فإن لم يكن فموتاً في دار نبيك صلى الله عليه وسلم، فإن لم يكن فموتاً بغير ريبٍ في إيمان، وبنجاة من فتنة، غير مقصِّر ولا مفرّط..
وماذا عن الدنيا يا فتى؟ اجاب رافعاً رأسه: تأتيني صاغرة، إن لم تُفتح أبوابها فلن انكسر.. والله جاعل لي منفذاً بنوره إلى صدري، وكفى به معيناً.. يا معين.

محمد حسن

الأحد، 12 مارس 2017

الشباب.. ومرحلة النضج


الحمدلله الخبير بذنوب عباده، والصلاة والسلام على خير أصفيائه وأوليائه، وعلى الآل والأصحاب ومن سار على الطريق وتفكر في آلائه، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسّن أخلاقي بالحلم..  وزدني من بركات العلم، وبارك لي في وقتي وبلغني مرادي.


إن الشاب لينطلق من عمر العشرين (أو قبل ذلك) إلى حياته مفعماً بالرغبة في تحقيق الأهداف.. العديد من الأفكار والخواطر التي ترِد على ذهنه وخياله.. ويتمنى أن لو كان من الواقع نصيبٌ من كل ذلك، ولكن.. ما هو الرصيد الذي يملكه الشاب حينما ينطلق إلى تحقيق أهدافه؟ في تصوري القاصر حصرتها في هذه الأشياء وأبدأ من أهدافه (إن كانت له أهداف واضحة)، ذكاؤه ودقة ملاحظته لذاته، حماسه الذي لا يوقفه عن بلوغ غايته، اطلاعه على تجارب الآخرين.


أهدافه (إن كانت له أهداف واضحة) .. تعمدت ذكر هذه الجملة بهذه الطريقة، معظم الشباب الذين أصادفهم ويعملون في سلك العمل التطوعي عندما تسأله عن هدفه فإنه يعجز عن صياغته في جملة مفيدة واضحة، ليس لأنه لا يملك الهدف.. بل لأنه لا يتمتع (بالنضج) الذي يجعله يحدد طريقه ومنهجه، فتجد أن له يداً في كل تخصص بدون ترتيب للأولويات.. فإذا كبُر في العمر قليلاً وتكونت لديه الخبرة اللازمة كان من المفوض عليه أن يضاعف الطاقة المبذولة في السابق، ليس عيباً أن تجري وراء هدفٍ مُبهم.. بل العيب أن تمضي حياتك خلف ذلك الهدف بدون مراجعة للمسار، وبدون استفادة حقيقية من الخبرات والمواقف التي مررت بها، وكأنك وضعت لك رصيداً للتوفير في المصرف... ولا تستخدمه.


هنا اضربٌ مثالاً على النضج المطلوب.. كان هناك ممثلٌ مُبتدئ، يحب المسرح بشكل كبير، كانت بداياته عبارة عن مجرد مسح لأرضية المسرح من الغبار، وتجفيف عرق الممثلين وجلب المشروبات والأطعمة لهم.. ظهر حبه للمسرح، ولكن الهدف لم يتبلور بعد، فلما درس واجتهد وتدرب وتعلم وصل إلى النجومية.. إنه الفنان "سعد الفرج"، شكّل ثنائياً مع الفنان "عبدالحسين عبدالرضا"، النجاح تلو النجاح.. ولكن هذا الأمر لا يعني عدم التفكير بشكلٍ ناضجٍ ومراجعة تحقيق الأهداف الشخصية، فضّل "سعد" الانفصال نتيجة وصوله إلى مرحلة النضج، وذلك يعني تحديد المنهج والطريق لتحقيق الهدف، كان "عبدالحسين" يميل إلى أعماله الكوميدية المعروفة بكوميديا الموقف، أما "سعد" فهو يميل إلى المسرحيات الكوميدية التي تطرح مواضيع جادّة، فأبدع وانتج أعمالاً جادة ك "حرم سعادة الوزير" و "دقت الساعة" و "حامي الديار".


لا عيب إن بدأت في مسح الغبار، المآل هنا إلى أين تريد أن تصل.. انظر إلى نفسك واسألها: "ماذا تريد أن تكون بعد عشر سنين؟" نحن متأخرون (في العالم النامي) في صياغة أهدافنا وتحديد مناهجنا في الحياة.. فنسير ونتخبط ونجرب، بينما نحن نستطيع رسم حياتنا في ومنهجنا بشكل أفضل، يقولون لي:" لماذا تدرس في تخصص العلاقات العامة والإعلام وقد بدأت دراستك في تخصص نظم المعلومات؟! ستكون المسافة بينك وبين الشهادة أقصر" الأمر كله يتعلق بنضج الهدف ووضوحه أكثر، ما دمت عزيزي الشاب تملك التصور عن مراحل حياتك.. وأنك ستصل إلى مرحلة نضوج الهدف يوماً ما.. احرص على أن تفعل ذلك مبكراً، سيكون لطاقاتك حماسك معنىً اعمق مما كنت تتخيله.. ستتبلور تلك الطاقة في طريق واضح المعالم.. وبإمكانك بعدها قياس الأثر من حولك.

نصيحة: إذا التَبسَ عليكَ أمرانِ .. فَانظُر أثقلهما على النفس فاتّبِعهُ؛ فإنهُ لا يَثَقلُ عليها إلا ما كان حقًا – ابن عطاء الله السكندري.

محمد حسن يوسف

السبت، 11 مارس 2017

همسة شبابية


الحمدلله الكريم الحليم، والصلاة والسلام على خير الأنام بالمؤمنين رؤوف رحيم، وعلى الآل والأصحاب ذوي الفضل العميم، اللهم أخرجنا من ظلمات الوهم..وأكرمنا بنور الفهم..وحسّن أخلاقنا بالحلم..وزدنا من بركات العلم..وافتح علينا أبواب رحمتك يا كريم.

قبل يومين.. وبعد أن عدت من مخيمٍ أقامته الجامعة كنشاط للطلبة والموظفين وعائلاتهم، تأملت قليلا في صوتي المبحوح، فتذكرت سنواتٍ خلت من عمري.. أصول وأجول في تلك المخيمات التي أعتبرها أفضل برنامجٍ تدريبي في التدريب  وتنمية الذات.. ذلك لأنك تتجرد فيه من كل الملهيات ومظاهر الحياة الحالية.. فلا تلفاز ولا (سوشيال ميديا)، أعود إلى المنزل بعد ثلاثةِ أيامٍ أقضيها.. من نشاطٍ إلى نشاطٍ، ومن محاضرةٍ إلى أخرى، أعود إلى المنزل بوجهٍ مُغبر، وجسدٍ مُنهَك، وقلبٍ لا يحمل سوى أجمل الذكريات.

في المخيم.. أُتيحت لي فرصة قيادة مجموعة من الطلبة لأول مرة، لم أكُن قائداً جيداً بما يكفي، وكان يوجه إلي اللوم كثيراً نتيجة تركيزي على الطلبة الذين اعتبرهم افضل من غيرهم، بعد ذلك فهمت أن المعادلة يجب أن لا تكون بهذه الصورة، تعلمت كيفية التعامل مع الفريق بشكل عام.. اتعلم من الطلبة ويتعلمون مني، كانت الأجواء فعلاً مهيئة لتعلُّم واكتساب الكثير من المهارات، كنت اتصور بأن الوصول إلى الإشراف الطلابي خطأٌ كبير.. لأن ذلك سيمنعني من التعلم، لكنني وجدت غير ذلك.. فمادمتَ ترغب في التعلم فلن تُعدم الحيلة. 

نحن الآن في زمنٍ مختلفٍ تماماً.. اصبح بعض الشباب يتقلدون المسؤوليات وهم لا يتمتعون بالمهارات القيادية والإدارية الفنية اللازمة لتلك المسؤوليات، أو ربما ليسوا بالوعي الكافي بالذي تتطلبه تلك المسؤولية يُقال:" اعطوا الشباب فرصة لإثبات الكفاءة".فيضعون الشاب تحت ضغط اثبات الوجود، إذا اخفق احدهم قالوا "هؤلاء شبابكم، قليلو الخبرة وذات اليد". ينسون وينسى الشاب أن المسؤولية فرصة للتعلم واكتساب المهارات والخبرات.. وليست لأداء بعض المهام الإدارية والفنية فحسب، نسينا أن الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في الإنسان.. وينسى أحدهم أن الاستثمار في المال مكلفٌ في بدايته، هناك الربح وهناك الخسارة، وبعد ثبات الوضع يتم التوسع في التجربة والعمل.. كذلك الشباب، سيتم الاستثمار من خلاله، سينجح أحياناً ويتخبط أحياناً أخرى.. لن يكون الشاب سلاحاً ذو رصاصة واحدة إما أن تصيب وإما أن تخطئ، إذا أخطأت الهدف كان العيب في السلاح!!

نعم.. نحن بحاجة إلى الفرص لإثبات الوجود، بحاجة إلى شيءٍ نستند عليه كعلم وخبرة ومهارة.. نحتاج إلى ذلك الإسناد عن حدوث الزلل والإخفاق، فلن تكون كل التجارب ناجحة منذ بدايتها، على الجانب الآخر فهناك جانبٌ يتحمله الشاب نفسه.. وهو عدم قدرته على الربط بين التعلم والمسؤولية، تجد الكثير يتعلم ويكتسب الخبرة، حتى إذا ما اصبح عنده مسمىً (رئيس لجنة، عضو. إلخ) ارتفع أنفه، وانتفخ صدره.. إن المسؤولية يا عزيزي تعني أنك مساءل، محاسب، فإن لم تكن بحجم هذه المسؤولية فلا تتصدى لها حتى تتعلم، وإذا قبلت بها فلا تقطع حبل التعلم وسؤال من هم أكثر خبرةٍ منك.. إن توفرت فيك خامةُ النجاح فعليك السعي لصقل تلك الخامة، وإلا سيُطبع الفشل على جبينك.. وستحتاج إلى سنين لتمحو أثر الطباعة، إنني على مشارف الثلاثين من عمري وأقول:"أضعت الكثير من الوقت، سأحاول أن استدرك ما فاتني للتعلم أكثر، ولو رجع بي الزمان إلى الوراء لراجعت الكثير من قراراتي."

إن اتاحة الفرص أمرٌ قديمٌ في ثقافتنا كعرب ومسلمين، فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أول فدائي في الإسلام، حصل على ذلك الشرف وهو ابن الأربعة وعشرين عاماً، وذاك أسامة بن زيد رضي الله عنه ذهب بجيش إلى ارض المعركة وعاد منتصراً مظفراً ولم يبلغ بعد العشرين من عمره، معاذ بن عمرو بن الجموح وغيرهم وغيرهم، فمن في زمننا كهؤلاء؟! النجاح أمرٌ تناله بالمغالبة والتعب.. فإن كان نجاحاً دنيوياً بدون تعب فهو فتنة واستدراج، ركّز على تطورك الذاتي من الآن، وما ترغب أن تكون عليه في المستقبل.. ادعو الله أن يوفقك ويسدد طريقك، فإنك مهما رسمت من الخطط والأهداف فسيُشعرك سبحانه بافتقارك إليه عن الطريق الصعوبات التي ستواجهك، علّق قلبك بالله العليم قبل كل شيء.

 

محمد حسن يوسف

الأربعاء، 8 مارس 2017

تعليقات على "كلمات"في صفحتي #صراحة

كجزءٍ من تقويمي لذاتي.. ألجأ إلى بعض التطبيقات التي تتيح لي معرفة ربما بعض الجوانب عن نفسي، قد تخفى علي وقد تظهر لغيري، لذلك لجأت إلى تطبيق ال ASK  وأخيراً إلى إنشاء صفحة على موقع "صراحة".. أضع بين أيديكم بعض الكلمات الصريحة التي وردتني وتعليقي عليها من باب رد الفعل.
1-  جدية أكثر في أوقات التركيز.
February 20th 2017, 2:31 AM
التعليق: ربما كان/ت مشاركاً/مشاركة في برنامج "بليف" والذي نقدمه نحن مجموعةً من الشباب والشابات في فترة الصيف تحت مظلة وزارة شؤون الشباب والرياضة.. أريد أن أوضح بأنني احب المزاح بشكل عام، ولا سيما في أوقات الضغط.. فعلى سبيل المثال أنا كثير المزاح قُبيل استلام ورقة الامتحان النهائي في الجامعة، واعلم/ي أنني أُخفي خلف هذا المزاح إنساناً حسّاساً يتأثر بالكلمة السلبية بسرعة، إضافة إلى ذلك فأنا سريع الغضب.. وإن حاولت إبداء عكس ذلك، انطلاقاً من معرفتي بشخصيتي (جيداّ) فأنا أُدير نفسي بشكل جيدٍ إلى حدٍ ما... امزح واضحك مع الكثير، ولا أسمع منهم ما أكره أو ارى منهم معاملةً أبغضها الا من وراء ظهري غالباً، إن لم يعجبك/كِ مزاحي.. فلا أفضل أن تراني غضباناً.

2-  حاول ان اركب كلامك واسلوبك وتعاملك وتفكيرك حتى، مع تمثيلك. بس ما يركبون ماعرف ليش، انت انسان مافي منك، بس أفضل اشوفك بعيد عن التمثل ( رأيي اتمنى ان لا يفسد للود قضية) أراك أجممللل كثيراً ببعدك عن التمثيل.
February 25th 2017, 7:05 pm 
التعليق: أتفق مع شكل الكلام ومضمونه، أرفض الكثير من الأشياء التي تُعرض علي في التمثيل لأنها تخالف مروءتي ومبادئي.. في صدري حاجة من التمثيل أقضيها على تحفُّظ، وليست لدي خطط بعيدة في هذا المجال.


3-  هناك تقلبات مزاجية في شخصيتك ولكنها غير مضرة لأحد ، لكن لا شيئ يقف امام الشمس المكنونة بداخلك ، احبك في الله
March 4th 2017, 4:04 am

التعليق: أُرجح أنك إنسان قريب مني، خجل من مصارحتي خشية تأثري سلبياً.. لا أظنها مزاجية، لكنني تأخرت في اكتشاف ذاتي، واحسست أن المسؤوليات تحيط بي من كل جانب.. فمتى سأحقق أهدافي؟! تجدني انتقل من مجال إلى مجال.. فمن الكتابة إلى التمثيل إلى العمل التطوعي وإلى وإلى وإلى، قد أُوفّق في أشياء وقد لا أُوفق.. سأصل إلى مستوىً من النضج يجعلني أخصص نفسي أكثر في مجالٍ ما، إن شاء الله.

4-  محمد حسن.. لا اعرفك حق المعرفة ولكن من خلال تعاملي معك أثناء دراستنا بالجامعة أنت انسان بمعنى كلمة انسان .. محترم جدا جدا جدا و أخلاقك رفيعة .. متواضع جدا .. عقلك عقل رجل واعي حكيم دبلوماسي.. اتمنى لك التوفيق من اعماق قلبي .. اريد ان اطلب منك طلب اعتبرها نصيحة من أخت تتمنى لك الخير في حياتك .. كن أنت كما أنت الآن .. لا تتغير أبدا ولا تتكبر مهما ارتفع شأنك ومقامك .. كلما كنت بنفس ما انت عليه الان بأخلاق وتواضع وحكمة ستكون بإذن الله في أعلى المراتب دائما .. فالتكبر يصنع اللاشيء .. وانت شيء الآن فلا تخسر كل شيء .. موفق عزيزي.

February 26th 2017, 12:29 am 

التعليق: ومن يضمن من نفسه عدم التغير وانقلاب الحال ؟! أدعي لي بالتثبيت..

5-  ماذا ستفعل حينما يكون الشخص الوحيد القادر على مسح دموعك ، هو من جعلك تبكي؟
February 25th 2017, 11:53 pm 

التعليق: الحياة لا ترتبط بالأشياء والأحداث، فهي تمضي بالرغم من كل شيء.



6-  لين تقره كتاب كريه لازم اتكمله او عادي تقطه ولا تفتكر ؟
March 2nd 2017, 9:36 am 

التعليق: اختار كتبي بعناية، لا أبدأ الكتاب حتى أنهيه.. ولا أجرب كتاب أو أقرؤه بتردد.

7-  وينه رينيون بليڤ؟
March 6th 2017, 11:51 am 

التعليق: جريب، بس تعالوا مو تتدلعون.

8-  مضامين متشابهة : شكرا على كلماتكم، انا أقل شأناً مما تظنون.
-      واحد من احسن المشرفين في believe كلامك و توجيهاتك كانت دايماً تأثر فينا و للحين نستفيد منك.

-      من أفضل الشخصيات اللي قابلتها في ٢٠١٧ ..تعتبر قدوة على الصعيد المحلي وفقك الله لما فيه خير.

-      إلى معلمي الغالي جزاك الله خيرا على كل صغيرة و كبيرة و التي فتحت لي أبواب تطوير الذات ، لم أعتقد أن برنامجا صيفيا قد يكون له هذا الأثر الطيب. اتمنى لك الخير دوما.

-      إنسان بكل معنى الكلمة ...تعجبني نظرتك الحيادية للمواضيع .. القبول و الكريزما نعمة من الله اعطاك اياها ... نعم الفاسيليتيتر.

-      شكراً فسلتيتر.

-      I'm very happy cause I became a part of Believe's family and got to know you facilitator! I've learned a lot from you within the two weeks I spent in the program. I love how you enjoy doing your job everywhere in facilitating/acting! & I'm sure you're a great student council representative. Wish you all the best in life.

-      تعلمت منك الكثير .. انت من تضع البصمة في النفوس ، لذلك اشكرك.

محمد حسن يوسف