الحمدلله الكريم الودود..والصلاة والسلام على من سُمّي بأحمد ومحمود..وعلى
الآل والصحب الكرام ومن سار على نهجهم بالخير يجود..اللهم أخرجني من ظلمات الوهم ،
وأكرمني بنور الفهم ، وحسن أخلاقي بالحلم ، و زدني من بركات العلم ، واجعل مستقرّنا
في جناتك دار الخلود.
اعيش في هذه الأيام في دائرة العمل والدراسة اجواءً مفعمة بالتذمر ..
مما يدفعني للكتابة عن هذا السلوك وأحلله تحليلاً بسيطا ، فيمَ يفكر المتذمر ؟
ماذا يريد ؟ ما هي ردة الفعل التي يتوقعها إزاء تذمره..وماذا يجب عليه هو أن يقوم
به ؟ لنتكلم أولاً عن التذمر بشيء من
التفصيل .. فليس ذلك المتذمر الذي اعنيه هو الذي يقوم بوصف أحوالٍ سيئة يعيشها ،
بل هو الشخص الذي يريد أن يرى السييء من الأمور في كل شيء حوله ... ليرضي بذلك
نفسه الخداعة .
إن المتذمر يغفل عن أول حرب يجب على الإنسان أن يخوضها في هذه الدنيا
.. وهي حربه على ملذات ذاته ، في التذمر الإعلان عن عدة أمور .. أولها هو عدم
الرغبة في خوض ذلك التحدي مع الذات ، وثانيها هو الإقتناع بأن منطقة الراحة التي
يعيشها لا تستحمل أن تكون فيها بعض التحديات والمعكرات .. فبإمكانه التذمر والتشكي
من الأوضاع ، وليس بإمكانه تغييرها .. لأنه أراد ممارسة هذا الدور فقط في الحياة .
تحول هذا السلوك مع مرور الزمن إلى مرض ، فلا يمكننا اقناع البعض
بتقبل الوسط الذي يعيشون فيه ، ولا محاولة التغيير لما يدور حولهم .. فلا الظروف
تتغير ، ولا شيء يتغير ، والمتذمر على حاله ، يشتكي لمجرد الشكوى بغير هدف واضح،
ولا شيء يرضيه .. ينسى المتذمر بأن تحقيق المطالب الدنيوية يأتي بالتغلب على الذات
(وما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا) ، ألا ينظر هذا المتذمر إلى
من يحققون النجاحات في الدنيا .. عن ماذا يتخلون ، وبماذا يضحون ؟ إنهم يضعون
جهدهم ، وقتهم ، أجسادهم وتفكيرهم ، وكل ما يملكون على المحك .. يضعون ذواتهم رهن
التحدي ، أما أنت عزيزي المتذمر .. فأنت زائد ، لأنك ( إن لم تزِد شيئاً في الدنيا
فاعلم أنك زائد عليها) .
ولنا في السابقين أسوةٌ حسنة.. فعن كعب بن ربيعة الأسلمي عندما قال
للنبي صلى الله عليه وسلم : " إني أسألك مرافقتك في الجنة " . فكان
الجواب النبوي : " فأعنّي على نفسك بكثرة السجود" . إن كانت أهدافك
عالية رفيعة .. فعلى مجهوداتك أن تسير وفقاً للأهداف التي وضعتها ، وليس دون ذلك
.. طالباً من الله أن يزيد عملك بركة ً وأثراً ، فيعطيك الله سبحانه فوق ما تتصوره
.
أما إذا أردت عن تعيش زائداً في الحياة ، تحب أن تكون كالهامش المهمَل
في كتاب .. فلا تؤذي الشباب الطموح بأفكارك المعدية وبتذمرك الفارغ ، وبغيرتك من
الناجحين والاستنقاص من المكافحين، كم من الشباب من استطاع صناعة الظروف المناسبة
.. وركّز واستغل فرصته وذلك لحسن استعداده ، أما أنت عزيزي المتذمر فستبقى في نفس
المكان ، زائد .
محمد حسن