الخميس، 20 يونيو 2019

كيف تستعد البنت للزواج


الإنسان كائنٌ اجتماعيٌ بطبعه، لا يمكنه أن يعيش بمفرده إلا إذا فرضت عليه الحياة ذلك، فتجد أن الإنسان القديم سعى سعيًا حثيثًا لتكوين المجتمعات في مختلف اصقاع الأرض، فهذا دأب الفطرة البشرية.. وإلّا فلماذا نتكاثر؟، من هذه الفطرة أيضًا فطرة السعي لتكوين أسرة، وسواءٌ على البعض من الذين وضعوا رؤوسهم في التراب لكي لا يتعرضوا لهذا الموضوع أم اعترفوا بذلك.. أو تجدهم ينكرون أهميته في حياتهم، فإن الزواج كفكرة لا تنفك عن ذهن أي انسانٍ من ذكرٍ أو أنثى، فمن أنكر ذلك خالف فطرته، وقد يخفي احدهم ما الله مبديه في يومٍ ما.

ذلك الارتباط "المقدس" المتشكل في صورة الزواج لا بد من الاستعداد له الاستعداد الأمثل، في أوساط الشباب نسمع الكثير من العبارات في حق شبابٌ متزوجين نقول عنهم مستنكرين :" هذي مال زواج؟!" كناية على أننا لم نلحظ أي نوع من الاستعداد على هذا الشاب، ولكننا نغفل عن نوع مهم من الاستعداد الخاص بالزواج.. وهو استعداد "البنت"، قد يسأل بعضهم: " إذا كان الشاب هو الذي يوفر فرصة الزواج للشابة.. فكيف لها أن تستعد؟" أقول: إن التفكير في ضرورة استعداد البنت هو الطريق لخلق مجتمع قويٍ واعٍ، فالبنت اليوم هي العمود الذي ترتكز به خيمة الزواج، هي اساس تكوين الأسرة.. وهي التي تحفظ استمرارها بالدرجة الأولى، مسؤوليات جسام في انتظار البنت فور دخولها هذه العلاقة المقدسة.. فهل ينبغي اقحامها هكذا دون استعداد؟ وهل ينبغي اقتصار استعدادها على توفر "النصيب" من عدمه؟ لعلي هنا في هذه المقالة أحاول أن اوفّق بين كلام المختصين وأصحاب التجارب لأظهر الموضوع بشكل مفيد عمليٍ غير سطحيٍ ولا مبتذل.

وقت الاستعداد:

يختلف ذلك الوقت ويتنوع من فتاةٍ لأخرى كما يلي:
1- قبل الزواج: ويكون بالتربية الصالحة التي تدفع شخصية البنت فكريًا لتقبل هذا الموضوع، فمتى ما استلهمت البنت قيم الأمومة ومشاركة الطرف الآخر حياته لتأسيس أسرة سعيدة من خلال تفعيل بند "القدوة" فإنها ستكون جاهزة لهذا المشروع الضخم.

2- اثناء الزواج: قد يحدث التوافق الفكري والطبعي بين الرجل والمرأة قبل الزواج.. ولا يحدث الاستعداد الجيد له – وإن قرر الطرفان الارتباط - ، ومن هنا تبدأ عملية الاستعداد رويدًا رويدًا حتى تصل هذه الأسرة إلى مرحلة النضوج في مواجهة الطرفان لبعضهما البعض من جهة. وفي مواجهة الظروف الخارجية من جهة أخرى.

3- بعد الزواج: قد تضع المحاذير أمام الزوج و الزوجة لكي لا يقعا فيها وهما متزوجان.. فيأتي سيف القدر فينهي هذه العلاقة، وإن كتب الله عليك أن تعيش تجربة كهذه فستعيشها رغمًا عنك وإن حاولت وسعيت لغير ذلك، فإذا انتهت فهناك الاستعداد ما بعد الزواج والذي سيساعد على بدأ علاقة جديدة ولو بعد حين، فقد ينضج الإنسان تدريجيًا بمراحل عدة، أو بصدمة تجعله يعيد كل حساباته.

عوامل تساعد على استعداد "البنت":

1- جهوزية الرجل : 
قد تقلع البنت عن فكرة الزواج والاستعداد الذهني له بسبب عدم تقدم الرجل "الذي يستحقها" لخطبتها، فإذا كان الرجل غير جاهز فإن البنت بشكل تلقائي ستبحث عن مشاريع أخرى في هذه الحياة الدراسة والعمل وتكوين الذات بصورة فردية لا ترتبط بأسرة أو بطرف من أسرة.. أما إذا كان جاهزًا فإنها ستكون جاهزة إذا ما ساهمت تربيتها في ذلك، فإن لم يكن فإنها ستتفوق على نفسها لتكون جاهزة حتى أثناء الزواج.. ليس لشيء إنما لوجود رجلٍ كفؤ جاهز تستحق البنت الارتباط بمثله خُلقًا شخصيةً، وقدرةً على التواصل، وتقدير اختلاف الفكر وطريقة الوصول إلى النتيجة، وتحمّل تغير الأمزجة، والخوف من الله في هذه المسكينة التي أخرجها هذا من بيت أبيها. فإذا لمست وتوقعت البنت من الرجل ذلك، وأيقنت بأنه رجلٌ يستحقها فستكون مستعدة.

2- تحمل البنت للمسؤولية:

كثيرًا ما نكنّي بعبارات شعبية جميلة تأخذ أبعادًا مجتمعية .. من هذه العبارات ما نطلقه استنكارًا على حال البعض من الشباب عديمي المسؤولية بقولنا " ياكل ويمش يده في الطوفه"، فهل يليق بالبنت التي ستكون أساس الأسرة ولب تكوينها أن تعيش في بيت أبيها لا تحمل أي نوع من أنواع المسؤولية؟ ولكن دعونا نتوقف عند سؤال مهم جدًا، كيف تتجلى مسؤولية البنت وهي غير متزوجة؟ أقول: إن تنظيم البنت لأمور نفسها ودراستها والأنشطة التي تمارسها.. موازاةً مع خدمتها ومساعدة أمها في تدبير شؤون البيت دون اخلال باهتمامها بنفسها، سيجعل منها زوجة جاهزة متى ما أيقنت هي بأنها ستكون في ايدٍ أمينة، أما البنت المهملة المتقلبة.. فإنها ستحتاج إلى وقفة جادة مع النفس لتغيير الطباع وترتيب دماغها وحياتها الذاتية، فليس الزواجُ بالأمر السهل والفرح واللهو المؤقت.. بل هو حياةٌ ممتدةٌ طويلة، ليس قرارًا يؤخذ بعاطفة مجردة.. أو بتفرد دون مساعدة أحد، بل على البنت أن تسأل وتطلب مِن مَن حولها النظر في أمر شخصيتها معها سواءً من أبٍ أو أمٍ، أو اختٍ أو أخٍ (إلا في حالات محددة يكل هؤلاء ضغطًا سلبيًا على البنت فينبغي اعتزالهم في ذلك).

ملاحظة: قد تصل البنت المسؤولة لقرار بأنها ليست جاهزة للزواج، بينما هي جاهزة جدًا.. والعكس صحيح، ومن هنا تأتي عملية التقييم والمشاركة والعقلانية، لا للخوف واللهو والتسرع.

3- أسس الاختيار، وأساليب الخداع:

الشاب منّا بعد أن يتعرض لموضوع الزواج.. قد لا يكون متصورًا تمامًا لضخم هذا المشروع، ويظن أن بحرصه على الظهور بشكل أكمل امام البنت التي سيخطبها أمرٌ سيُنجح الزواج، فإذا جلس الشاب أمام البنت وتحدث عن نفسه.. فلا ينبغي للبنت أن تنظر إليه كما نقول بالدارجة العامية "مسبهة" بدون وعي وبدون توفر معلومات كافية لاتخاذ القرار الأصوب، هناك أمورٌ تمس استعداده الشخصي للزواج.. فإن لمستي بأنه غير مستعد فلا تخاطري بنفسك، لأن الأطباع من الصعوبة بمكان أن تتغير، بل يجب وضع أسس صحيحة للاختيار المناسب.. واسألي نفسك: " هل أطباعه مناسبة لأطباعي؟ هل سينهض بحالي أم سيحطم مستقبلي؟ هل سيقربني من ربي ام أنه أبعد ما يكون من ذلك؟ هل هو شخص مسؤول يستطيع تدبير شؤون البيت الخارجية أم أنه "ياكل ويمش يده في الطوفه"؟ هل هو راغب جاد ام "مغصوب"؟ والكثير من الأمور التي يجب استخلاصها بتمعن – بدون الاعتماد على العاطفة فقط - .

4- أهلاً بالقدوة ..  لا للمقارنات:

من الجميل أن يحصل الإنسان على نماذج يعرف من خلالها من أين ترد المشاكل الزوجية، وكيف يستطيع الطرفان حل تلك المشاكل بحكمه وخبرة، وهنا أذكر الحكمة والخبرة لغرض مهم وهو:  "رجاءً .. لا تستنسخوا تجارب غيركم" ، فقد يكون من تلك المشاكل ما هو مكرر .. ولكن الأطباع من حالة إلى حالة مختلفة بشكل كلّي.. فلا بنفع نفس الدواء لكل مريض خاصةً إذا استفحل المرض، لا تقارني نفسك بأي بنت أخرى، ليست المعيارية بأن البنت الأخرى افضل منك أم لا.. بل المعيارية بأنكِ بنتٌ مختلفة، خذي من التجارب ما يتلاءم معكما، وليس معكِ لوحدك، التجارب للاستفادة وليست للمطابقة.

5- القدرة على فهم الطرف الآخر:

الطرف الآخر.. شخصٌ مسؤول عن بيته وهو "أنتي"، يتقلب مزاجه بتقلب الضغوط النفسية التي يعانيها خارج المنزل، فليس منا من يذهب إلى عمله سعيدًا الا القليل، فإذا ما وثق الرجل بأنكِ متفهمة لما يجول في خاطره سّلم نفسه لكي، لكل انسان مفاتيح، فإذا ما كانت البنت مستعدة لاكتشاف هذه المفاتيح عاشت سعيدة.. في المقابل سيجتهد الرجل لاكتشاف مفاتيح المرأة والظروف التي تحكم تغير أمزجتها والمتغيرات التي تطرأ عليها، فإذا ما شاهدت المرأة هذا التقبل والتفهم سيقبل الطرفان على بعضهما بشكل أكثر.. الزواج علاقة ثنائية، لا يكفينا منها معرفة ما نشعر به فقط، بل علينا التفكير مليًا فيما يشعر به الطرف الآخر.. وهل بإمكاني كبنت معايشة ذلك أم لا.

هذا غيض من فيض، تذكري أيتها البنت.. أنتِ أساس نجاح أي علاقة او فشلها، فأنتِ الأصل والجذور .. تظهر قوتها في ثباتها، وتساهم في نظارة الشجرة وجمالها، وتنعكس منها خضرة أوراقها وتعدد فروعها، فاختاري لنفسك الدور الذي تريدين في هذه الحياة.

ملاحظة: من أراد تنظيم ندوة معي في هذا الشأن، لندعو الشباب والشابات والمختصين لنقاش مفتوح فليبادر ويساعدني، فالمرأ قليل بنفسه.

محمد حسن يوسف




الجمعة، 14 يونيو 2019

الصراع الزائف بين الرجل والمرأة


تحفظت قبل الخوض في غمار هذا الموضوع، لا لصعوبته بل لقناعتي بأن وسط النخب الاجتماعية والصحفية، بل ومن يقلدونهم ويقتفون اثرهم محبين لعقد المقارنات بين الرجل والمرأة بالعموم.. وبالتحديد تلك المقارنات بينهما فكريًا وجسديًا واجتماعيًا، لا لغاية تنهض بالمجتمع وتحسن من سلوك ما، بل هو لعرض أفضلية جنس على آخر، وكأن حظوظ النفس اللئيمة أخذت تسلك طريقها، فدخلنا في نفق مظلم لا تُرجى له نهاية قريبة، ولكن لنتناول الموضوع من جهة أخرى علّنا نقدم طرحًا يفيد قارئه، ويبعده عن نزاعات الجاهلية المفرقة والمحزّبة.

الضلع الأعوج:

لنعد لبداية الخليقة، ذلك الكائن الطيني الذي خُلق وحيدًا.. عُّلم الأسماء كلها وأسجد ربه تعالى له الملائكة لعظمة خلقه، لم يكتفِ ربه جل في علاه بذلك الأمر فحسب.. بل خلق له زوجًا من أضلُعه وهو نائمٌ لكي لا ينفر منها، فكانت اجمل النساء، فكان لها زوجًا وأنسًا.. وكانت له صاحبةً وسكنًا، فما السر في ذلك الضلع؟ إنه ضلع أعوج في آخره، يحمي صدر آدم عند قلبه تحديدًا، فما على آدم إلا أن يتعامل معه بحذر.. فإن أراد تقويم ذلك الضلع بشدة انكسر بين يديه، فصفته بأنه أعوج ليس عيبًا، بل ميزة .. ولكن الرجال سرعان ما يلقون الألواح.

تقسيم المهام:

اعلم يا من تقرأ هذه الحروف بأن حرص الله سبحانه وتعالى على خلقه ليعيشوا في ارضه بالشكل الصحيح اكثر من حرص الإنسان نفسه، ألم ترَ ذلك الإنسان عند صنعه لشيء ما فإنه يترك أثرًا للتعليمات بداخله؟ كذلك الرب تعالى.. لم يترك آدم وزوجه في هذه الأرض بلا تعليمات وبلا مهام.. تجلّى ذلك واضحًا بتحديد المصير النهائي "الجنة"، ومكان الامتحان الوقتي وهو " الأرض"، وأوضح لهما العدو اللدود المترصد لهما ولذريتهما "إبليس"، وقصّ للبشرية جمعاء قصة التفاحة وأثرها على آدم وحواء.. وتحميل آدم للمسؤولية بشأن ما حدث "وعصى آدمُ ربَّه فغوى" باعتباره رجلًا، والرجل لا يتملص من مسؤولياته.

التفضيل:

تناول الله سبحانه وتعالى قضية تفضيل الرجل على المرأة بعدة اشكال، وليس للتفضيل هنا معنىً إلا المعنى الذي يقترن بالمسؤولية، فلست أيها الرجل أفضل من المرأة بمجرد أنك رجلٌ أو أنها امرأة، فتجد أن الله تعالى قال عن الرجال لقوامتهم ولإنفاقهم: " وللرجال عليهن درجة". فبمسؤولية القوامة يصبح للرجل الأفضلية، ففي مقام القوامة يفعل الرجل ما لا يطيقه ليعيل عياله، وقد يصبر على أمرار الدهر نفسيًا حتى يكاد يحترق قلبه، ويفنجر رأسه، فإن عاد إلى البيت بهموم عمله قالت زوجته:" لا ترجع بهموم العمل إلى البيت". وإن ذهب إلى عمله مطرقًا رأسه بسبب هموم البيت قال له رب العمل:" لا تدخل مشاكل البيت الخاصة في العمل." فماذا يصنع؟!

من الناحية النظرية فإدخال الشأنين معًا ليس بأمرٍ رشيد، ولكن قلة من الرجال من يستطيع فعل ذلك.. ولست منهم. إذ يعسر فعلًا على الرجل أن ينافح ويكافح ليعيش ويعيل غيره، وأن يبقى ذهنه صافيًا من أي كدر، بل إن الرجل عند تعرضه للضيق الذي لا يمكنه أن يردّه بسبب مرتبة عمله.. فإن النار تستعر في قلبه، والصداع يأخذه يمنة ويسرة، ولكن وإن تكالبت عليه الهموم خارج المنزل كالجبل.. وكاد الجبل أن يسقط عليه لأوقفه، نعم.. بإمكان الرجل إيقاف جبل من الهموم القادمة من خارج المنزل، ولكنه يهتز ولا يتماسك عندما يكون الهم من داخل بيته.

 وفي مقام الأمومة يجيب النبي صلى الله عليه سلم الرجل الذي سأله: " من أحق الناس بحسن صحبتي؟" فقال صلى الله عليه وسلم: " أمك .. ثم أمك .. ثم أمك ". ولقد نعلم مقام الأمومة وما يحتويه من نصب وتعب على الأم مدى حياتها، فمسؤوليتها لا تنتهي بالحمل والولادة والرضاعة، بل بالتربية والمتابعة، بل ولا يمكنني وصف القلق الذي تشعر به الأم حين احساسها بالخطر يحدق حول أبنائها، ذلك القلق الذي يكاد يفتك بها هي الأخرى إذا زاد عن حده، ولكن لم يكلّف الله سبحانه وتعالى البشر الا ورزقهم الاستطاعة على التحمل، فجزاء والدينا الجنة يارب على ما بذلوه لنا، ما علمناه وما جهلناه.

بذلك قد علّم ربنا جل جلاله الإنسان مبدأً غايةً في الأهمية، وهو أنه " ليس لديك أسبقية لا لجنسك، أو عرقك، أو بلدك.. بل بما تحتويه نفسك من مسؤوليات تجاه مجتمعك". ولا ينزاعك في ذلك أحدٌ إلا نفسك الأمّارة بالسوء، فليست المرأة خصم للرجل والعكس صحيح، كم من أمٍّ فشلت في تربيتها لأبنائها، وانحازت إلى نفسها وحياتها الخاصة حتى قيل عنها: " إنها والله لبئس الأم". هل ذلك يعني أن نقتصر مقام الأمومة في حمل وولادة ونقول بأن الرجل يهتم بأبناءه أكثر من المرأة على وجه العموم؟! هناك من الرجال من يعود إلى بيته صارخًا: "أين الغداء؟".. يأكل كما تأكل الأنعام ويذهب ليغط في قيلولته – غيبوبته إن صح التعبير – فهل نعمم حالته على كل الرجال؟ للقواعد شواذ.

المرأة والجاهلية:

على الرغم من الزخم اللغوي التي كانت تمر به الفترة ما قبل الإسلام متجليًا في المعلقات الضخمة، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم سمّى تلك الفترة "بالجاهلية" لسببين، الأول: بسبب الفساد العقائدي، فالناس يعبدون صنمًا لا حول له ولا قوة، قد يصنع أحدهم ربه بيده من تمرٍ.. حتى إذا جاع أكله، ولا يغيّر عقيدة عجفاء ورثها من آباءه، الثاني: هو الفساد الأخلاقي، والمرأة كانت من ضمن ذلك الفساد، ففي الجاهلية تدفن الرضيعة وهي حية لجنسها، فإذا كبُرت قد تكون سلعةً بيد الرجال – كما هو في زماننا-، فجاء الإسلام ووضع الأُطر الأخلاقية التي كانت موجود قبل ذلك، ألم تسمع بهند بنت عتبة؟ نعم إنها تلك السيدة التي مثّلت بحمزة بن عبدالمطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخوه بالرضاعة.. ولاكت كبده، عندما مثلت أمام النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة تبايعه على الإسلام.. توقفت عند كلمة "ولا تزنين" فقالت مستنكرة هذا التجاوز الأخلاقي والمجتمعي :" أوَ تزني الحرة؟!"  أكّد عليها ووضعها كمعيار نتحاكم به مع الجنس الآخر، ليس من هوى النفس ولا من منطلق الجنسية.. من منطلق المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية، لا بشكلٍ متساوٍ.. فإن تساوى الناس استغنى احدهم عن الآخر، ونشأ مجتمع مفكك وإن بان تحضره وتمدنه،  بل بشكل فيه مساواة ومراعاة للجميع.

إن الحالة التي يريد أن يصورها لنا البعض بأن الرجل والمرأة سيكونون في صراعٍ مادامت السماوات والأرض، وأن المرأة ستظل في رحلتها للدفاع عن حقوقها حتى تنال حريتها هو كلامٌ ليس فيه شيء من الرشد والتعقّل، هل توجد اليوم حالات تُظلم فيها المرأة لأنها امرأة؟ نعم ولا يمكن لأحد أن يُنكر ذلك.. فلا يخلو زمان من رجال ظُلّام طغوا واستكبروا ونسوا قدرة الله عليهم، ولكن لا يتم تعميم ذلك على كل الرجال كقاعدة، وإلا قوبلت بالمثل من قِبل الرجل، ولن ننتهي من هذا النقاش "البيزنطي" الذي لا فائدة منه، فلا احد يشكك في قدرات المرأة إلا قاصر نظر لتقوم هي بإثباتها، ولا تبخس حق الرجل منهن إلا جاحدة، فاحفظوا لكل ذي حقٍ حقه، وانصفوا بعضكم من بعض.. لعلنا نصل إلى طريق الرشاد والفلاح.

محمد حسن يوسف