الاثنين، 22 مايو 2017

اهزم خجلك.. وانتبه لحيائك


الحمدلله القاهر الظاهر، والصلاة والسلام على نبيه الأمين الطاهر، وعلى  الآل والأصحاب ومن على نهجهم سائر، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وزدني من بركات العلم.. وزيّن أخلاقي بالحلم.. واغفر لعبدٍ كثير الزلّات حائر.

عندما يأتي الشاب/ة إلى البرامج القيادية تتصدر اهتماماته كيفية مخاطبة الجمهور، يقف خلف هذه المهارة رغبته في كيفية التعبير عن نفسه وذاته أمام عدد معين بسيط ، بينما هو كذلك تجده يعبر عن هذا النقص الذي يحتويه بقوله:" استحي أتكلم جدام الناس" . هنا يقع خلط الشاب بين المفاهيم التي لو فرق بينها لعرف كيف يشق الطريق نحو رغبته في تحقيق امنيته واكتساب المهارات اللازمة لذلك.. فهل الحياء والخجل شيءٌ واحد؟ فإذا كانا شيئين مختلفين فكيف أفرّق بينهما؟

إذا وقعت في موقف المُساء له وصار دورك الآن أن تسامح وتغفر ولا تعجّل بالعقوبة وقت غضبك فأنت بحاجة إلى خلق الحِلم، وإذا كنت في حاجة إلى قيمة تجعلك تعطي الغير على حساب نفسك فذلك خُلُق الإيثار.. أما إذا حثّك إبليس متعاوناً مع شرور نفسك البشرية لفعل الخطأ والمعيب أوقفك خُلُق "الحياء"، فالحياء إذاً خُلُقٌ يمنعك من الوقوع في المعيب من الأمور.

 ألم تسمع قول والديك عندما يريانك تقع في العيب والخطأ بقولهم : "ما تستحي على ويهك؟!" ذلك الخوف من الوقوع في المعيب والخطأ شيءٌ محمود ومطلوب.. أورده الله سبحانه وتعالى في كتابه عن وصف المرأة التي أتت إلى موسى عليه السلام بقوله تعالى:" فجاءته احداهما تمشي على استحياء"، وكما ورد عن موسى عليه السلام بقوله لها عندما عزما على المغادرة إلى بيت أبيها بقوله:" سيري خلفي كي لا يصف الهواء جسدك". إنه ذلك الخلق الذي يجعلك تراقب الله سبحانه في خلواتك.. فإذا أخطأت فأنت تتوب بسرعة البرق لأن خوفك وحياءك من خالقك مازال يغمر جوانحك.

فما بال الخجل يقتحم حياتنا ليُزاحم الحياء؟ إنها تلك الصفة التي يُعبر عنها بأنها "شعور باستنقاص في الذات يمنعك من الوصول إلى أهدافك، يأتي الشاب ويحصل على فرصة للحديث أمام الجمهور فيتعثر لسانه، فيكره ذلك الموقف برمته ولا يكرر المحاولة، ويقارن نفسه بالمدربين المحترفين.. يخاف من الشعور بالتوتر في بادئ الأمر وينسب ذلك إلى الحياء، لا.. إنك لترى نفسك دون ما تصنع، وتشعر بدنو النفس نحو الهدف الذي رسمته في مخيلتك، انك تخاف من الخطأ.. ومن لحظات حرجةٍ تخشى نسيانها، وكأنك قد تأكدت من وقوعها، تناسيت ان الإنسان يتعلم من اخطائه اكثر من إنجازاته.

لكي تكتسب تلك المهارات اللازمة لحياتك فعليك كسر باب الخجل والانطلاق نحو ما تصبو إليه نفسك وتنال به مرادك دون أن تجرح حياءك، فالعيب يبقى عيباً سواءً كنت خجولاً أم لا.. ذلك يتجلى من خلال تعاملك مع غيرك خاصةً فيمن يخالفونك في الجنس، الكثير ممن يبدأ بخجل مبالغ.. فإذا به ينزع خجله مع حياءه.. وذلك أمرٌ امقته بشدة ويتعامل معه البعض بضحكات خفيفة، الحياء خُلُق رفيع لا يصله الا من ارتقى قلبه بالإيمان.. هو ليس خلقاً خاصاً بالمرأة، يعجبني الرجل إذ يستحي ولا يتكلم الا بقدر حاجته ، ولا يُطلق ناظره حيث ما وقع عليه بصره، فالخطاب الرباني الموجه لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى:" ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ"، اجد الرجال مطالبين به كذلك، كما أجدهم أولى من غيرهم بغض أبصارهم، نعيش عصرًا انتشرت فيه العلاقات غير الشرعية لانعدام الحياء، الغريب أن الأمر قد بدأ بخجل.. ثم لا حياء، و إذا لم تستحِ "فاصنع ماشئت".

محمد حسن

الأحد، 14 مايو 2017

رتب وقتك في رمضان

أيام معدودات، تهل علينا بالنفحات، فمن اغتنمها حاز الخيرات، ومن غفل عنها استحق الخيبات والحسرات ( شقِيَ عبدٌ أدرك رمضان ولم يُغفر له-حديث شريف).. تلك الأيام إن لم تقابلها بترتيب منضبط مناسب فإنك ستقع في وحل الكسل، وستعود سيرتك الأولى في عيش حياتك، وستكون لقمة سائغة في فم الملهيات من النفس  والناس والإعلام.. فما هي الملامح العامة لهذه الخطة؟

البحث عن مسائل عامة عن الصيام:
بإمكانك تهيئة نفسك بالاطلاع على مقاطع "فيديو" تتحدث عن الصيام وفضائله وأحكامه، قم بتهيأة نفسك علمياً وروحانياً للعبادة التي ستستقبلها.

زيادة الجهد:
في أيام النفحات والبركات من الطبيعي بمكان أن يضاعف المؤمن من الأعمال الصالحة، وحتى العاصي من عباد الله تجده يرجع شيئاً ما إلى ربه، فالأولى بمن أراد ترتيب رمضانه أن يكيّف وقته قبل كل شيء على زيادة الأعمال الصالحة مهما كان موقعه ومهما كانت ظروفه، كن مع القرآن (فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه).. وخصص له الوقت الوفير، خفف أكلك.. فإن الأكل مكسلة عن العبادة، لا تأكل بقدر حاجة الشبع.. بل بقدر ما يقوى به جسمك لتؤدي العبادة.


تطبيقات:
1-    قيّم الأفعال الروتينية التي تقوم بها كل يوم، إذا كانت ضعيفة  فاحذفها وضع مكانها قراءة القرآن سيكون لك نصيب كبير من الوقت، لماذا الأعمال الضعيفة بالذات؟ لأنها تأخذ جل وقتنا نحن الشباب خاصة في هذه الأوقات ( قبل صلاة العصر إلى الفطور، بعد صلاة المغرب، بعد صلاة التراويح، بعد تناول السحور).
2-    الأكل بما يقوي جسمك والاكتفاء به سيُساعدك في العبادة، وسيُقلل ساعات نومك (كلٌ بحسب طبيعة جسمه).
3-    لست مجبراً على عمل "هجومٍ كاسحٍ" على الأكل بعد صلاة المغرب.
4-    ضع مصحفاً "ورقياً" معك، لأن الهاتف فيه ملهيات.. فلا تقربه وقت القراءة الا إذا ضمنت من نفسك أنك تستطيع تجاهل كل شيء في الهاتف، كل شيء.
5-    حذفت الأوقات الضعيفة قبل سنتين، وتمكنت بفضل الله من عمل ختمة في خمسة أيام، وبعدها بسنة تمكنت بفضل الله من ختم القرآن في اربعة أيام.

خدمة الوالدين:
"خيركم خيركم لأهله"، لا تتكاسل في خدمة والديك.. واجعل النية الصالحة تغمر قلبك في كل وقت، جزاؤك عند رب العالمين مرتبط بالنية التي بين جنبيك، فإن كنت ترى نفسك خادماً لأهلك.. نلت الجزاء وخدمك المال والبنون، وإن ضجرت واعتبرت نفسك "مطراش" فستعيش في ضيق الصدر وما لك أجر (إنما الأعمال بالنيات).. إن الوالدين يُرهقان مادياً وجسدياً وذهنياً في رمضان، بالرغم من كل ذلك تجدهم يجتهدون في العبادة اكثر من الأبناء، فلنعتبر من ذلك.


الصلاة:
أما زلت تبحث عن المساجد التي تُصلّى فيها التراويح بعدد ركعاتٍ أقل، وتطمع بعد ذلك أن تدخل الجنة قبل الآخرين، وتنال الدرجات العُليا؟! راجع حساباتك، واجتهد في صلاتك.. هل الذي تنصرف له خيرٌ من الذي تنصرف عنه؟ فاعلم ان صلاتك صلة بينك وبين ربك.. ووسيلة لتخاطب بها ربك كما علمك وهداك (اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، ولا تنسَ وصية النبي صلى الله عليه وسلم لربيعة بن كعب رضي الله عنه عندما طلب من النبي صلى الله عليه وسلم مرافقته في الجنة فقال: "اعنّي على نفسك بكثرة السجود" – يعني كثرة الصلاة.

  
تطبيقات:
1-    صلِّ التراويح في عشرين ركعة كما السنة.
2-    لا تنسَ السنن الراتب قبل وبعد الصلاة.. فهي آكد من التراويح.
3-    قيام الليل، ولو بثلاث ركعات تتعود عليها وتزيد.

خدمة المسجد:
اسعَ للمسجد الذي في حيِّك وتفقده، انظر ماذا يحتاج.. كن مبادراً ولا تكن متكاسلاً.


تطبيق:
1-    غالبا ما تحتاج دورات مياه النساء لاهتمام خاص ( علّاقات للعبايات، أدوات تنظيف، تصليحات طفيفة إذا تطلب الأمر).
2-    تنظيف المسجد في رمضان يقع على عاتق شخص صائم، ان استطعت تكوين فريق عمل يساعدك فهذا افضل (مرة واحدة في الاسبوع).
3-    عند انتهائك من الصلاة تفقد قوارير المياه الفارغة، خذ المبادرة في هذا الشأن وجهّز كيساً للقمامة في سيارتك.

الإعلام:
قد يكون الاكتفاء بمتابعة البرامج الدينية على التلفاز او عبر "اليوتيوب" استنزافاً للطاقة، وتحويل الطاقة الذاتية من الفعل والمبادرة إلى التلقي، لاحظ قولي بال "البرامج الدينية".. فما بالك بالمسلسلات والبرامج؟ دور المسلسلات هو صرفك عن الهدف الرئيسي من الاستفادة من هذا الشهر.. والبرامج الدينية إن اسرفت في تتبعها ستستنزف طاقتك، واعلم أن كل شيء يُعرض في الإعلام الحديث يمكنك الرجوع إليه في وقتٍ ما، ستحتاج إلى التلوين والتنويع بين عباداتك.. فلا بأس حينها من الاطلاع على بعض البرامج التي من شأنها أن تطور من نفسك وتعلو بها همتك، لا أن تكرّس وقتك أو جُلّه في المتابعة، تلك هي الفكرة.

الظروف والوقت المتاح:
-        ما بين عملٍ ودراسة جامعية، لن يُتاح لكاتب هذه السطور التواجد في المنزل قبل الثالثة مساءً (على أقل تقدير)، هناك فجوات وفراغات في وقت العمل+ بعد صلاة المغرب+ بعد التراويح كفيلة بأن أُنهي  فيها وردي اليومي من قراءة القرآن الكريم، وإذا زدت فهو خير.
-        مع تقدم الدراسة سيكون الوقت المتاح لها بعد صلاة التراويح.
-        بعد صلاة العصر، راحة.
-        بعد صلاة المغرب، اذهب الى المنزل لعشرين دقيقة، ثم أعود إلى المسجد، او ربما مكثت وحدي مبتعداً عن التلفاز لقراءة وردي اليومي.
-        بعد صلاة التراويح، الوقت مخصص للدراسة، قراءة القرآن، الأكل.
-        قراءة جماعية (مع الزوجة) لكتاب.
-        توزيع وجبات سحور على العمّال.

ملاحظات:
-        راجع نيتك في كل عمل.
-        قلة الإلتزامات تزيد المسؤولية وضرورة استثمار الوقت.
-        خير الأعمال ادومها وإن قلَّت.
-        الخطة يجب ان تتسم بالانضباط، وبقليل من المرونة.


إن كانت لديك خطة أو فكرة، شاركني بها.. لعلني استفيد


محمد حسن

الثلاثاء، 2 مايو 2017

وقفة مع الفشل

الحمدلله العليم بخفايا عباده الخبير، والصلاة والسلام على البشير النذير، وعلى الآل والأصحاب ومن على نهجهم يسير، اللهم اخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم، وحسّن أخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، واجعلني من ذوي الحظ الوفير.

من الأمور التي يحب معشر الشباب من الناجحين في بناء ذواتهم (كما يعتقدون) وتحقيق أهدافهم المرحلية والبعيدة أن يظهروه للملأ من أهل الإعلام الجديد هو سعادتهم عندما يحققون النجاح، أفكارهم التي ألهمتهم للوصول إلى ما هم عليه، فقد وجدوا طريقاً خصباً يجعل الشباب من خلفهم يسيرون إلى طريق النجاح.. فيظن الشاب أن طريقه كذلك سيكون مفروشاً بالورود إذا ما قلد ذلك الشخص المُلهم بالنسبة له، ولكن الحقيقة (قد) تكون مختلفة، فأين هي المعضلة؟

إن الاطلاع على تجارب الآخرين ونجاحاتهم قد يُلهم الشاب/ة إلى حد كبير، المشكلة تكمن في أن الشاب قد يرتقي بحلمه إلى أعلى عليّين، لكنه يصطدم بحقيقة أنه لا أحلام على أرض الواقع ما لم يتعدى الفرد منا منطقة الراحة التي وضع نفسه فيها، لا نجاحات بدون تعب، لا نجاحات بدون أن تصل إلى حقيقة أنه يجب عليك اكتساب مهاراتٍ ما لم تكن لتتوفر عندك (كيف تُخرق لك العوائد وانت لم تخرق من نفسك العوائد)، عندها فقط ستستطيع كسر القالب الذي وضعت نفسك فيه، ذلك القالب الذي أعدك بأنه لن ينكسر في يوم وليلة.. لن تكون نجاحاتك قائمة على الإلهام فقط، بل هي بالتعب والجهد.

من هنا انطلقت إلى حقيقة أن يطرح شباب "الإعلام الجديد" إلى جانب نجاحاتهم وانجازاتهم، تلك اللحظات الصعبة والاخفاقات المتكررة، والزوايا الضيقة التي حُشروا فيها، تلك التحديات التي غيرت من شخصيتهم وجعلتهم يكتسبون أشياء ومهاراتٍ جديدة لم يكونوا ليكتسبوها عندما جلسوا خلف شاشة هاتف ذكي ليكتفوا بالتلقي وبالاستمتاع بتجارب الآخرين دون عمل، استمع إلى مقولة "توماس أديسون" الذي لم نعرف عنه سوى المصباح الكهربائي عندما يقول:" أنا لم أفشل، بل وجدت 10,000 طريقة لا يمكن للمصباح العمل بها". بمعنى أنه حوصر بعدة محاولات فاشلة.. لكنه انطلق من تلك المحاولات الفاشلة لبناء شيءٍ ما، اسمع عن تلك السمفونية التي هزت الدنيا وقتها واسمها "سمفونية القدر" قام بعزفها رجلٌ أصمّ اسمه "بيتهوفن"، تخيل هنا ما هو حجم المحاولات الفاشلة التي من الممكن ان تنهي مشوار ذلك الأصمّ، ولماذا لم ييأس؟

كل ما عليك عزيزي الشاب أن تكتسب العلم والمعرفة، بعد ذلك سينطلق العرق من جسدك.. التعب والقلق والتفكير، التحديات تلوَ التحديات، الحدود التي ستتخطاها باكتساب المعرفة والمهارة "والفشل" سيجعلك تتغلب على نفسك، أما إن كنت ممن يحبون التغاضي عن أسباب فشلك، وعدم التطرق إلى النقاط السوداء فيك سيجعلك تعيش نفس التجربة، وإعادة التجربة مع توقع نتائج مختلفة هو ضرب من الجنون.. لا بأس من استعراض حقيقة اخفاقاتك لتتعلم وتتدارك ما فاتك، لا لتخدع ضميرك بأنك حاولت ولكنك لم تنجح، وبعد ذلك تقف على حافة الطريق والناجحون يمرون أمامك.. ولا تملك أن تلحق بهم، ارجِع إلى نفسك.. استعرض فشلك.. لتنهض بنفسك.


محمد حسن يوسف