الجمعة، 30 سبتمبر 2016

أول سنة جامعة؟ ... حياك (2)


الحمدلله الكريم الوهاب، والصلاة والسلام على خير خلق الله الأوّاب، وعلى الآل والأصحاب الأحباب، ومن سار على نهجهم من ذوي الألباب، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم، واحشرنا يارب في جناتك مع احبابنا والملائكة يدخلون علينا من كل باب.

كنت قد كتبت مقالاً بعنوان "أول سنة جامعة؟..حياك" كان الغرض منه تنبيه إخواننا واخواتنا الذي سيدخلون معترك الدراسة الجامعية فيما ينبغي عليهم أن يفكروا فيه ويفعلوه، وهذا رابط المقال:


إنني وقد خصصت مقالاً لتلك الفئة من الطلبة لما وجدته من الأهمية بكان أن يتم توجيه تلك الفئة، اطلق علينا العالم المتقدم في الغرب اسم "العالم النامي"، ولكننا في الحقيقة "عالم نايم".. ذلك لأن شبابنا اصبح مكتفياً بدور المتلقي الغير صانع للواقع الذي يريده، نريد أن ندرس في أي تخصص ترمينا الجامعة به.. نريد أن ننجح بأي طريقة.. نعمل في أي وظيفة.. تمضي حياتنا بأي إنجازات تُذكر حتى نموت، ليس هذا تعميماً.. ولكن الأُمم لا تنتصر بالقلة من الناس ("قالوا: أنهلك وفينا الصالحون؟! قال صلى الله عليه وسلم :"نعم، إذا كثُر الخبث").

من هنا، أحببت أن يكون مقالي هذا عملياً أكثر، وتحليلياً بشكلٍ يجعل الطالب/ة على بصيرة فيما يريد أن يفعله وينجزه خلال فترة دراسته الجامعية، تذكر أنك قبل كل شيء عماد هذا الوطن وصانع التأثير وإن تأخّر وقتك.. وأفضل ما تقوي به نفسك ووطنك بعد توطيد علاقتك بالله سبحانه وتعالى هو تفوقك العلمي، هناك أُناس يتخرجون من الدراسة الجامعية فارغي المحتوى.. قد أُجبروا على دراسة تخصص لا يحبونه، أو ربما كان مستوى أهدافهم بسيطاً ولا يريدون رفع مستوى انجازهم بما لا يتناسب مع الهدف وهو (اهم شيء أنجح)، نريد خريجاً جامعياً معتبراً وليس كما نقول في لهجتنا العامية " خربوطة".

الخطة وما أدراك ما الخطة، عامل مهم في توزيع الجهد والطاقة الذهنية في عقل الطالب/ة، خاصةً أولئك الطلبة العارفين بطبيعة المواد التي يدرسونها والأساتذة الذين يُشرفون على تدريسهم، الخطة تقيّد الرتم الذي يجب عليه أن تسير وفق نظامه بدون افراط ولا تفريط، الخطة تجعلك تصل إلى مرحلة الامتحانات النهائية وانت تفكر في الحصول على درجة الامتياز لا درجة النجاح والمرور من المادة، ليست مادة واحدة فحسب.. بل أن الخطة تجعلك تدير جهودك بالنسبة لجميع المواد، تقوم هذه الخطة على اجابتك على هذه الأسئلة:

1- ماهي المتطلبات العامة التي يجب أن اتحلى بها في مجال تخصصي؟

2- ماهي طريقة الامتحانات وطريقة وضع مواعيدها؟

3- ماهي طاقتي الذاتية في الإنتاج؟ ماهي عيوبي الذاتية الشخصية التي يجب علي أن اتغلب عليها؟

إن الجامعة هي مكان لتقويم الذات سواءً على المستوى العلمي أو على المستوى الشخصي، بادر بتقويم خطتك وذاتك باستمرار، هناك – دائماً – مجالٌ مفتوح لترتيب الأوراق الشخصية والتطور والتحسن خاصةً في الجوانب الشخصية.

وجود الجهد والتعب المضني في سبيل الوصول إلى الهدف أمرٌ لا مفر منه، لا أريد أن اجعل الطريق مفروشاً أمامك بالورود، ولكنه في ذات الوقت ليس مملوءً بالأشواك.. اعتبر دراستك الجامعية مشروعاً ذاتياً تريد أن تصل به إلى مراحل متقدمة في المستقبل.. لذلك أريد أن أقول لك بأن المشاريع الكبيرة تأخذ وقتاً لتظهر على أرض الواقع، فلا تقلق من عملية تعبك أثناء الدراسة ومتى تظهر نتيجة ذلك التعب.. فسوف تتعب على أي حال، بناءُ الذات أمرٌ متعب سواءً كان ذلك على المستوى الدراسي أو العلمي وحتى على مستوى الذات بالتخلص من العيوب واكتساب المهارات حتى تصل إلى طريقك البعيد.. إنه بعيد، ولكنك إذا تحديت نفسك ثم وصلت إلى هدف ستشعر بالسعادة في تحقيق ذاتك.

تجربة شخصية:

أدرس حالياً في الجامعة الأهلية (تخصص علاقات عامة واعلام)، وسألت نفسي تلك الأسئلة لبناء خطة دراسية كفيلة لإيصالي لهدفي، والبقاء على وتيرة ثابتة طوال الفصل الدراسي.. وكانت اجاباتي كالتالي:



1- ماهي المتطلبات العامة التي يجب أن اتحلى بها في مجال تخصصي؟

طالب الإعلام عليه أن يكون طالباً موسوعي القراءة، عليه أن يتعرف على مختلف التخصصات ومختلف الأسماء العلمية البارزة لتشكيل مخزون معرفي لبناء رجل علاقات عامة واعلامي ناجح.

2- ماهي طريقة الامتحانات وطريقة وضع مواعيدها؟

في نهاية كل شهر يتم الاتفاق مع دكتور المادة حول موعد الامتحان، وتكون الأسئلة مقالية عن المنهج الدراسي، وبعض الدكاترة يفضلون أسئلة الفهم.. والاجابة بالمجمل مقالية.

3- ماهي طاقتي الذاتية في الإنتاج؟ ماهي عيوبي الذاتية الشخصية التي يجب علي أن اتغلب عليها؟

املك من الصبر الذي يدفعني للجلوس طويلاً أمام الجهاز المحمول (اللابتوب) لأنجز ما أريد إنجازه، غير أنني لا أجيد لبقاء على وتيرة واحدة لفترة طويلة في الدراسة.. فأنا أحب تغير الجو العام بين الفترة والأخرى.. كما أنني بحاجة للتدرب على كتابة الأجوبة المقالية الطويلة في البيت قبل الوصول إلى موعد الامتحان.

النتيجة: خطتي الدراسية جعلتني متوازن القوة بين جميع المواد، واحرص على أن انال الدرجات العليا في جميع الاختبارات، كما أنني اصل في نهاية الفصل الدراسي إلى مرحلة من الرضى النفسي تجعلني أنال قسطاً من الراحة قبل الامتحانات النهائية بدون أن اشعر بضغوطها، لعلمي أن الضغوط النفسية تحجب العقل من استحضار المعلومات.. واستحضار المعلومات مهمٌ جداً ثناء الإجابة على الأسئلة المقالية.. كما أن المخزون المعرفي هو عاملٌ حاسمٌ في مساعدة الطالب عندما تغيب المعلومة الرئيسية عن ذهنه.

النتيجة بالدرجات: اعمل لتكون خريجاً معتبراً لا لتنال الدرجات الجامعية بالأرقام فقط.. اجعلها في علم الغيب وافعل ما يجب عليك فعله... حظاً موفقاً.

محمد حسن يوسف


الخميس، 29 سبتمبر 2016

تمللنا من "خللك إيجابي" !!!

الحمدلله الكريم المنعم، والصلاة والسلام على النبي الخاتم، وعلى الآل والصحب ذوي الأخلاق والمكارم.. اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم.. وافتح علي أبواب الرحمة والمغفرة.

كنت قد رأيت قبل سنتين في مدينة شباب 2030 شاباً يطوف الأنحاء بكرة اسفنجية صغيرة.. رُسمت عليها ابتسامة، يطوف بها ذلك الشاب قائلاً: "خللك إيجابي". قلت لنفسي: هل هذا ما نريده فعلاً من تلك الكلمة؟! هل الابتسامة وحدها تعطينا دافعاً إيجابياً نُجابه به هموم الدنيا العظيمة ونهزِم بها الصراعات من حولنا؟! لا أُنكر بأن الابتسامة لها دور ليس بالهيّن في خلق جو من الإيجابية.. فذاك رجل الأمن الذي يعمل في المجمع التجاري "ستي سنتر" ميّزه الناس عن غيره بابتسامته التي لا تكاد تفارقه، ولكن هل هي كافية؟

إن العرض السطحي لكلمة "خللك إيجابي" دون تناول حيثيّاتها وما هو المطلوب من الإنسان أن يقوم به لكي يصل إلى مستوى الإيجابية عرّض المفهوم للكثير من التقليل والبعد عن الواقعية، كما أن الوسط التدريبي في مجال تنمية الذات وإدارتها ابتُليَ بمجموعة من المدربين الذي يقدمون السلع التدريبية الضحلة ليُشعروا الناس بأنهم قد تطوروا واصبحوا في حالٍ أفضل.. وهم في الحقيقة يتاجرون بالكلام ويبيعون الوهم، مما جعل فئة كبيرة من الشباب يشعرون بالسلبية لمجرد أنهم يرون احداً يتحدث بإيجابية.. أو يأمرهم بالنظر إلى الأمور نظرة خير لا تلك النظرة المتطيرة المتشائمة، كم أصبحنا نتعامل مع أي حدث بسخرية سوداء ظاهرها الضحك وباطنها التشاؤم والانزعاج.

إن الإيجابية طبعٌ نحتاجه في زماننا.. ففي خضم هذه الصراعات داخل النفس البشرية وحولها، ووسط احداث ليس بيدنا تغييرها وتحديد مصيرنا، يبدو لنا تعلقنا بالله سبحانه وتعالى عاملاً ضروريا لينتشلنا من وحل الحيرة والحزن، وأن الامور المقدرة في تدبير الخالق جل في علاه فوق تصور العبد الذليل.. ومن هنا تأتي الدافعية للعمل وبذل الاسباب التي خلقنا الله سبحانه وتعالى للقيام بها (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم)، وغيرها من الأحاديث التي تحثنا على العمل وبذل المزيد من الجهد.. ولا يمكن أن تندفع للعمل الا لأنك شخصٌ إيجابي، فهذا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل ..... ". وقوله صلى الله عليه وسلم:" المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ... ". في المقابل نجد أن الإسلام قد نهى عن الطيرة والتشاؤم، فما بال المتشائمين قد جعلوا هذا السلوك طبعاً وأصلاً في مجتمعنا؟!

هذه نقطة الفصل.. فالنظرة الإيجابية طبعٌ من الأطباعٌ النبيلة، الذي يكون فيه صاحبه هادئ النفس والعقل، مبتعداً عن مكدرات الحياة، مقبلاً على الأسباب اقبالاً يجعله يعمر الدنيا بأمر ربه سبحانه، أما المتشائم فإن عقله لضيق.. وحياته لقصيرة وإن طالت، فالنظر إلى الأمور بنظرة المتشائم العاجز عن تغيير واقعه وصراعاته مع ذاته أمرٌ لا ينبغي على الشاب الطموح ان يتحلى به، وقد نجد بعضهم يتشاءم من كل شيء حوله.. ولا يرغب في أن تنتقد ذاته بواقعية وصراحة وتجرّد، لأنه يحب لعب دور الضحية والوصول إلى أهدافٍ عظيمة بدون جهد وتعب.. الإيجابية لا تعني أنك ستصل إلى أهدافك بشكل أسهل، بل ستساعدك على الاستمتاع والرضا النفسي في طريقك للوصول إلى أهدافك، ستُلقي لك الحياة المصاعب والمتاعب في طريقك.. فتلك سُنّة كونية (لا تحسب المجد تمرٌ أنت آكله، لن تبلُغ المجد حتى تلعق الصبر)، اغلب الصعاب والمتاعب بالإيجابية.. ولا تثقل كاهلك بالسلبية، فتلك حيلة العاجز.


محمد حسن يوسف

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2016

أول سنة جامعة؟ .. حياك


السلام عليكم... هذي موضوع مخصص حق الي توهم داششين الجامعة، حاب اعطيهم بعض النصايح الي ارجو منهم ان يطبقونها علشان دراستهم وعلشان حياتهم بشكل عام عقب ما يتخرجون، هذي الوقت بيمشي بتقزر الدراسة.. لكن في فرق بين ان يكون الواحد "خريج" وان يكون "خربوطة"، الفرق بينهم ان في واحد استغل وقته صح في الأشياء الي اتفيده.. فيوم تخرج صارت شخصيته قوية وثقته في نفسه عالية، وانسان قبل كل شيء قوي علمياً.

أولاً: الحضور على الوقت.

- في المدرسة بيصيح الجرس وبتدش الصف، بمعنى في احد يراقب لك الوقت.. لكن في الجامعة لازم اتراقب نفسك بنفسك، اذا المحاضرة تبتدي الساعة وحدة الظهر مثلاً.. فالمفترض (وبغض النظر عن السلوك العام) انك اتكون في السكشن قبل ذي الوقت، واتقيم روحك وتتقيد وتنضبط، اذا علمت روحك على هالنظام في الوقت بتنضبط باقي الأمور في حياتك بهالخصوص.

ثانياً: التواضع.

- والي يسلمك/ج، تعال الجامعة علشان تتعلم وتكسر نفسك واتهذبها، مو علشان اتراوينا انك احسن واحد في الدنيا، لا تيلس اتطالع الجامعة واتقيم كل شيء فيها من دكاترة وطلاب ومواد وتنسى نفسك.

ثالثاً: المكتبة.

- المكتبة مو مكان مسوينه علشان اتراجع فيه حق الامتحانات واتسوي  الاسايمنتات او اذا الدكتور طلب منك مرجع، او ترقد فيها بس... عود نفسك على سلوك انك اتروح المكتبة وتقره وتتثقف، كسلوك.. عود روحك في وقت البريك ان اتروح وتاخذ كتاب وتقره وتطلع.

رابعاً: الخطة.

- يفرق وايد بين طالب وطالب وجود خطة يحطها للدراسة.. واتكون هالخطة مناسبة لشخصية الطالب.. يعني مو الخطة "المثالية"، كل الي عليك ان اتسويه اهو تقييم ذاتي لشخصيتك.. واتسوي خطة دراسية ذاتية اتناسب شخصيتك وظروفك، المقياس بيكون في درجاتك.. قيّم درجاتك وعدل من نفسك.

خامساً: شغل ووناسة.

- في ناس في الجامعة بس اتحب تدرس وتدرس وتدرس، وفي ناس اتحب اتشارك في الفعاليات واتسوي الأنشطة حتى لو اثر على دراستها، حاول تجمع بين الاثنين وعط افضلية للدراسة.. الأنشطة بتقوي من مهاراتك وشخصيتك وبتخليك ذكي اجتماعياً الى حد ما، والدراسة اهي الهدف الأساسي من وجودك في الجامعة.. لا اتفرط في الأنشطة، بس قدّم الدراسة عليها.

سادساً: مافي شي بدون تعب.

- لا تتشكى وتتحلطم من التعب ومن الضغط.. خاصة انت/ي بو سنة ثالثة ورابعة الي المفروض تعودتوا على الضغط، اذا مضغوط عدل في خطتك الدراسية.. وعدّل في شخصيتك.. واترك عنك/ج التنهوص والتحلطم الي ما بيغيير شيء، مافي مشروع في الحياة بيصير بدون تعب.. مافي هدف عود في الحياة بيصير بمجهودات بسيطة.

سابعاً: الناس المشجعة.

- ابتعد عن الناس المثبطة للهمم.. ودور ناس اتشجعك، ولا تنسه اتشجع نفسك واتكافأها من وقت لي وقت علشان اتجدد نفسيتك.. احذر الناس الي تتحلطم بكثرة وماعندها لا شغلة ولا مشغلة الا الحجي.

هاي النقاط الي عندي، تقدر اتضيف انت وانتي نقاط نستفيد منها كلنا كطلاب جامعيين ناجحين على المستوى الدراسي والشخصي، علشان انكون "خريجين" مو "خربوطيين".. وعذراً على الاطالة.

محمد حسن يوسف

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016

هل أنا مجنون ؟!


اسأل نفسي أحياناً.. هل أنا مجنون؟! اراجع نفسي إذ أراني قد بدت مني بعض الأفعال التي تُبدي للناس غير الذي أعنيه وأقصده، ولكن الناس لا تتفهم في الغالب في ما يقوم به الشخص لإرضاء ذاته، خاصةً تلك التصرفات التي لا تنعكس عليهم لا بالضرر ولا بالنفع.. ولكن تلك هي عادة البشر، لا يتركونك وشأنك.. ويريدون ان ينصّبوا أنفسهم قضاةً عليك، ويتدخلون في ما هو شأنك بينك وبين نفسك.

قد يضع الله سبحانه وتعالى الطاقة في شخصٍ ما دون بغيره.. فتجده قليل النوم، كثير النشاط والحركة حتى في حال خلوته.. تجده إذا سكن الناس لا يفتر أن يسكت بالكلام أو بالفعل والحركة، تلك هبات ربانية.. والناس في ذلك أشكال وأحوال، تجدني أسهر الليالي واتوعّد النوم في اليوم التالي.. ولا أنال منه الا القدر اليسير، إني لأعمل طوال أيّام الأسبوع عدا الجمعة.. فإذا جاء يوم الجمعة وكنت قد توعدته بالنوم لا أنام.

كاتب هذه السطور يراه الكثير مجنوناً، بل وحتى هو نفسه قد يرى في نفسه ذلك في بعض المواقف، رأيت نفسي ذات يومٍ قد التوى كاحل قدمي وانتفخ... وقد دُعيت للعب الكرة بعد يومين، وقد علمت أن قدمي لن تبرأ قبل ذلك، ولم يكن من السهل بمكان المشي على كاحل منتفخ.. ولكنني لبست جورباً من شأنه أن يشد قدمي شداً لا يجعلني أتألم، كل ذلك من أجل كرة.. فلما رجعت إلى البيت قلت لنفسي:" يالي من مجنون؟!"

عندما كان الفتى يعمل في مستشفى السلمانية.. أظهر قدراتٍ ليست بالهينة في ادخال البيانات، كان يحاول أن يجد طرقاً مختلفة تجعله ينهي عمله بأسرع وقت.. وكانت تلك الطاقة الدفينة فيه عاملاً مساعداً حاسماً، وقد كان الموظفون يطلقون عليه لقب "السريع" فقد كانت سرعته توازي سرعة ثلاثة من الموظفين، حتى مرت به زميلته في العمل وهو يكتب بسرعة وقوة قائلةً:" بالعدال على الكيبورد لا تكسره". أعود إلى المنزل فأسأل نفسي:" هل أنا مجنون؟!"

إذ جلس الفتى في عمله منهمكاً فإنه لا يجلس في هدوء وسكون.. هو دائم الحديث والغناء أحياناً، تجده يؤلف بعض الكلمات والألحان من كيسه، حتى أنه أُصيب بالتهاب في الركبة (نتيجة كثرة الحركة وضعف العضلات وثقل الوزن)..إنه بشكل أو بآخر يحاول الخروج من حالة الهدوء والسكون.. فإذا مكث فيها خمُل وكسل، لكن الناس لا تفهم ذلك.. وتحب أن تصنف نفسها إلى مجانين وعقلاء، إن الفتى لا يكتفي بمتابعة رياضةٍ واحدة.. بل يتابع مختلف الرياضات الجماعية والفردية من أجل تحليلها واستخلاص ما ينمي بها ذاته.

عزيزي القارئ، السعادة مسؤوليتك وحدك.. فلكي تحققها في ذاتك وفي حياتك فعليك أولاً أن لا تربطها بحدثٍ او بشيءٍ خارجٍ عن ارادتك، لكننا في زمنٍ ألقينا فيه مسؤولية الوصول إلى السعادة على غيرنا.. وتحقيق ذواتنا إلى من هم مختلفون عنا، علينا أن نفعل الأشياء التي تزرع في أنفسنا السعادة والطمأنينة.. فإذا فعلناها سنندفع إلى الحياة بالرغبة في العطاء أكثر فأكثر، عبّر أن الأشياء التي تجعلك سعيداً مادامت تلك الأشياء داخل منظومتك الدينية والأخلاقية والمجتمعية، لست مجنوناً.. لكنني سعيد، ومن رماني بالجنون قلت له:" وما لذة العيش الا للمجانين".



محمد حسن يوسف