الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016

هل أنا مجنون ؟!


اسأل نفسي أحياناً.. هل أنا مجنون؟! اراجع نفسي إذ أراني قد بدت مني بعض الأفعال التي تُبدي للناس غير الذي أعنيه وأقصده، ولكن الناس لا تتفهم في الغالب في ما يقوم به الشخص لإرضاء ذاته، خاصةً تلك التصرفات التي لا تنعكس عليهم لا بالضرر ولا بالنفع.. ولكن تلك هي عادة البشر، لا يتركونك وشأنك.. ويريدون ان ينصّبوا أنفسهم قضاةً عليك، ويتدخلون في ما هو شأنك بينك وبين نفسك.

قد يضع الله سبحانه وتعالى الطاقة في شخصٍ ما دون بغيره.. فتجده قليل النوم، كثير النشاط والحركة حتى في حال خلوته.. تجده إذا سكن الناس لا يفتر أن يسكت بالكلام أو بالفعل والحركة، تلك هبات ربانية.. والناس في ذلك أشكال وأحوال، تجدني أسهر الليالي واتوعّد النوم في اليوم التالي.. ولا أنال منه الا القدر اليسير، إني لأعمل طوال أيّام الأسبوع عدا الجمعة.. فإذا جاء يوم الجمعة وكنت قد توعدته بالنوم لا أنام.

كاتب هذه السطور يراه الكثير مجنوناً، بل وحتى هو نفسه قد يرى في نفسه ذلك في بعض المواقف، رأيت نفسي ذات يومٍ قد التوى كاحل قدمي وانتفخ... وقد دُعيت للعب الكرة بعد يومين، وقد علمت أن قدمي لن تبرأ قبل ذلك، ولم يكن من السهل بمكان المشي على كاحل منتفخ.. ولكنني لبست جورباً من شأنه أن يشد قدمي شداً لا يجعلني أتألم، كل ذلك من أجل كرة.. فلما رجعت إلى البيت قلت لنفسي:" يالي من مجنون؟!"

عندما كان الفتى يعمل في مستشفى السلمانية.. أظهر قدراتٍ ليست بالهينة في ادخال البيانات، كان يحاول أن يجد طرقاً مختلفة تجعله ينهي عمله بأسرع وقت.. وكانت تلك الطاقة الدفينة فيه عاملاً مساعداً حاسماً، وقد كان الموظفون يطلقون عليه لقب "السريع" فقد كانت سرعته توازي سرعة ثلاثة من الموظفين، حتى مرت به زميلته في العمل وهو يكتب بسرعة وقوة قائلةً:" بالعدال على الكيبورد لا تكسره". أعود إلى المنزل فأسأل نفسي:" هل أنا مجنون؟!"

إذ جلس الفتى في عمله منهمكاً فإنه لا يجلس في هدوء وسكون.. هو دائم الحديث والغناء أحياناً، تجده يؤلف بعض الكلمات والألحان من كيسه، حتى أنه أُصيب بالتهاب في الركبة (نتيجة كثرة الحركة وضعف العضلات وثقل الوزن)..إنه بشكل أو بآخر يحاول الخروج من حالة الهدوء والسكون.. فإذا مكث فيها خمُل وكسل، لكن الناس لا تفهم ذلك.. وتحب أن تصنف نفسها إلى مجانين وعقلاء، إن الفتى لا يكتفي بمتابعة رياضةٍ واحدة.. بل يتابع مختلف الرياضات الجماعية والفردية من أجل تحليلها واستخلاص ما ينمي بها ذاته.

عزيزي القارئ، السعادة مسؤوليتك وحدك.. فلكي تحققها في ذاتك وفي حياتك فعليك أولاً أن لا تربطها بحدثٍ او بشيءٍ خارجٍ عن ارادتك، لكننا في زمنٍ ألقينا فيه مسؤولية الوصول إلى السعادة على غيرنا.. وتحقيق ذواتنا إلى من هم مختلفون عنا، علينا أن نفعل الأشياء التي تزرع في أنفسنا السعادة والطمأنينة.. فإذا فعلناها سنندفع إلى الحياة بالرغبة في العطاء أكثر فأكثر، عبّر أن الأشياء التي تجعلك سعيداً مادامت تلك الأشياء داخل منظومتك الدينية والأخلاقية والمجتمعية، لست مجنوناً.. لكنني سعيد، ومن رماني بالجنون قلت له:" وما لذة العيش الا للمجانين".



محمد حسن يوسف


هناك تعليق واحد: