السبت، 23 نوفمبر 2013

مؤتمر "نمو وارتقاء" في الميزان

الحمد لله رب الأرباب،العظيم الوهاب..والصلاة والسلام على رسوله الأواب ،وعلى الآل والأصحاب ... اللهم استرنا بسترك،وأشملنا بعفوك، وألحقنا بالصالحين من عبادك يا عظيم يا تواب ...

أما بعد، تشرفت قبل أيام بتمثيل مملكة البحرين في المؤتمر الذي عقدته الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي تحت عنوان "نمو وارتقاء" ، كنت فردا من اثنين وعشرين شابا و شابة مثلنا بلادنا في هذا الحدث،كغيره من المؤتمرات فإنه خاضع إلى محاور معينة كننا على علم بها قبل سفرنا إلى مقر إقامة المؤتمر في العاصمة السعودية الرياض حفظ الله أهلها من الكرب والمحن ،أحببت في هذه السطور أن أضع هذا المؤتمر بما حصلت فيه من أمور جيدة و أمور أخرى لم تكن كذلك على الميزان،فإذا أقول الميزان فأعني به أنني أريد تقييم ما حدث بالمجمل العام بدون الدخول في تفاصيل التفاصيل أو نقد أوراق العمل بشكل منفصل،بل سيكون نقدي للمؤتمر بشكل عام،نقدا لا يميل إلى طرف دون آخر ولا يكون من اجل الاستنقاص من قدر الآخرين بل بغرض وضع اليد على الجرح ... فالمؤتمرات في البحرين وحتى مؤتمر "نمو وارتقاء" لهم سمات مشتركة في العيوب...دلالة على عقلية من يدير ويقدم ويحضر هذه الملتقيات والمؤتمرات،ابدأ وبالله التوفيق...

قبل المغادرة...كان هناك اجتماعا تحضيريا بين أعضاء الوفد المغادر إلى الرياض،أبلغنا رئيس الوفد الأخ عبدالكريم المير بالمحاور التي سيدور حولها النقاش في المؤتمر وهي كما يلي:
الأمن في عيون الشباب،التدريب والابتكار،التوظيف،المبادرات الشبابية،الرياضة والصحة....
مدة السفرة كانت ثلاثة أيام، بمعنى....أن المؤتمر سيقام في يوم واحد  وقدومنا إلى الرياض في يوم سبق المؤتمر وعودتنا إلى البحرين في اليوم التالي للمؤتمر،السؤال المطروح هنا:كيف سيتم مناقشة كافة هذه المحاور في يوم واحد؟ هل بإمكان الأمانة العامة تقديم ضمانات لتنفيذ توصيات المؤتمر أم هي فقط أداة لتوصيل الأفكار والتوصيات إلى من هم أعلى منها؟ وغيرها من الأسئلة كأننا ننتظر بداية المؤتمر لكي نجد الإجابات الوافية عليها....

بداية،اود أن اشكر الأمانة العامة خاصة والشعب السعودي عامة على حسن الضيافة والاستقبال....فلم يخلو هذا المؤتمر من مصادر الراحة والرخاء التي قد وصلت فعلا إلى حد الترف،فلم يسبق لي حقيقة دخول فندق ال  Ritzcarlton في البحرين،لكنني أقيم فيه في الرياض بغرفة فيها كل وسائل الراحة عدا خدمة الإنترنت ،بالإضافة أنني كنت منفردا.... فضلا عن بعض المميزات والهدايا مثل هذا ال Mini IPad لكل أعضاء الوفد وهو الذي اكتب منه هذه السطور،لكن الخوف كل الخوف أن يتحول المؤتمر إلى طبل..له صوت وداخله أجوف ليس بشيء ، كلنا نحب الإقامة ولو لفترة وجيزة تحت مستوى معين من الرفاهية،لكن...مع تحقيق الهدف الذي جئنا من اجله وليس دون ذلك .

بدأ المؤتمر بكلمة من الأمين العام السيد عبد اللطيف الزياني موجها كلامه إلى الشباب مباشرة،موضحا بأن قادة المنطقة مهتمون جداً بالشباب و بدعمهم،من افضل من تحدث في هذا المؤتمر...كلمة مباشرة مفعمة بالأمل والتفاؤل بالمستقبل المشرق،بعد ذلك....دخل المؤتمر في جو غريب سأصنفه لكم كما يلي :

الصنف الأول:متحدثون بأوراق عمل علمية بحتة،لا يكاد يخلو سطر منها من معلومات،إحصائيات ، أرقام ، أشياء علمية بحتة وكأن السادة المتحدثين قد أبلغوا من قبل إدارة المؤتمر بأن الحضور سيكون عليهم تقديم امتحان ما في نهاية المؤتمر ...أعزائي المتحدثين،لا اشك في إمكانياتكم العلمية،ولكننا كجمهور نريد عصارة تلك الخبرة والتجربة لنأخذ بها ونسير بها حياتنا،ليس بالشكل العلمي البحت،وكأنني أرى دكتورا نحريرا في جامعة البحرين "يتفلسف" على طلبته بشكل ينفر ويجعل الحضور في حالة ملل لفترة طويلة...فقط في محور واحد وهو محور المبادرات الشبابية الذي كان فيه المتحدثون ينقلون فقط خلاصة ما مروا به من تجربة حتى أنه لوحظ أن في غيره من المحاور خلو القاعة من اغلب الوفود ، هذا لم يحدث عندما ارتقت ثلاث فتيات المسرح اثنتان منهن سعوديتان وأختهما إماراتية  ،قدمن أطروحاتهن  بشكل بسيط وجذاب مع التزامهن بالوقت الذي حدد لهن....خلاف ما حدث في المحاور الأخرى بحيث لم يكن للمتحدثين بشكل علمي دقيق سعة من الوقت لإنهاء أطروحاتهم العميقة و العلمية...

الصنف الثاني :صنف الشباب ،شباب واعد ومتحمس،يرغب فعلا في تطوير مجتمعه بما يتناسب مع المحاور المطروحة أمامه، هذا قد يوقع الشاب في بعض الأمور الخاطئة أثناء مداخلاته في المؤتمر بحيث يمكنه صياغة أفكاره بطريقة يستطيع المسؤول استحسانها وتقبلها من الشاب المتحمس غالبا،يقال:أن جسم الأنسان يتعامل مع الأجسام الغريبة كما يتعامل مع الأفكار الغريبة...انه يرفضها.نعم، فأنت في البيت توبخ اخاك في البيت فيضيق صدره...فكيف ستقنع مسؤولا رفيعا بأن ما كان يفعله لفترة زمنية تصل الى عدة سنوات كان خطأً؟  من جانب الشباب ايضا من كان يتداخل في قضية بشكل مبالغ فلا يخفى على الجميع بأن الشاب كان "يتفلسف" بشكل او بآخر، قام احدهم يسأل الامين العام:هل فعلا كان اهتمامكم بالشباب قديما ام كان نتيجة للتغييرات التي طرأت في الساحة العربية ؟ فرد عليه:اتجنب تسمية هذه الاحداث والتغييرات بالربيع العربي، لان رائحة الربيع هي رائحة ورود وليست رائحة دماء  . اقول :انا مع الامين العام من هذه الناحية. ..واعتقد ان الشاب لم يكن "متفلسفا" قي طرحه بل كان غبيا حقا وضيع وقت الحاضرين وسرق من احد الشباب مداخلة ربما كانت اهم من طرحه الذي لم يرد به  حاجة للمؤتمر وللشباب بل حاجة في نفس "يعقوب"... مثال آخر:في محور "الامن في عيون الشباب" سأل مدير الجلسة الشباب...ماذا يعني لكم الامن؟ منهم من قال حرية الرأي، ومنهم من قال الحماية ضد التحرش والجرائم الإلكترونية ومنهم من اعطاه بعدا عاطفياً. ..فقام احدهم وقال:يعني لي الامن "درع الجزيرة" !! بصراحة. ..لقد نلت من هذا الشاب سخرية فور جلوسه على الكرسي، فقد ضيع على الجميع وقتا ثمينا قال بعدها:ان مداخلتي كانت ذات اهمية!! اي اهمية؟ بل هي اهمية شخصية ... لو تركنا كل شاب ينفس عن ما يجول بخاطره لما وصلنا
الى شيء نتلمسه..بل الى اهواء، ولا تسير الامم وتتقدم بأهواء من فيها وحسب ... بل بطرح وجهات النظر الواقعية التي يستوعبها صاحب القرار لنصل الى نتيجة وتنفيذ ... 
لا يفوتتي ايضا ان اذكر المشاركة اللافتة للفتاة السعودية وللشباب السعودي بشكل عام..اندفاع .وجهات نظر متزنة وعقلانية. 

افكار خرجت بها من المؤتمر:

تقنين العمل التطوعي، ليس من اجل وضع حدود للشاب المتطوع بل لتنظيم عمله وحمايته... قد يدخل الشاب مراكز الشرطة وترفع عليه القضايا، فمن يحميه !!

زيادة التوعية بخطر الجرائم الإلكترونية ومحاربتها.

فتح قنوات للتواصل بين الفرق التطوعية في الخليج، لان الامانة العامة من وجهة نظري لن تقوم بهذا الدور ما لم يقم به الشباب بأنفسهم . 


ملاحظات :

كانت فرصة الشباب للحوار العام في كل محور خمسة عشر دقيقة فقط!!
توصيات المؤتمر لم تعلن !!
جلسنا نستمع...ولم يسمعنا احد!!
الامانة العامة لمجلس التعاون الخليجي جهة لا تضمن تحقيق توصيات المؤتمر! 
باختصار...كان المؤتمر ك "الطبل" .. صوته عال، وداخله اجوف خال.

محمد حسن يوسف 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق