الاثنين، 28 سبتمبر 2015

لماذا انت ؟!! افهمها

الحمدلله العظيم الستّير.. والصلاة والسلام على السراج المنير، وعلى الآل والصحب الكرام.. ومن سار على درب الجنان ونعم المصير، اللهم اخرجني من ظلمات الوهم.. واكرمني بنور الفهم.. وحسٍّن اخلاقي بالحلم.. وافتح علي من بركات العلم.. واقمني على طريق الوصول إليك.

رحلة الفكرة في ذهن الإنسان تنتقل من مرحلة إلى اخرى حتى تخرج على شكل سلوك ظاهر امام العيان.. تبدأ بالخاطرة تأتي في ذهنه واردة، تدخل بدون استئذان، قد تكون خيّرة.. وقد تكون غير ذلك، لا يمكن للإنسان ان يختار من تلك الخواطر ما يريد ان يتعرض له.. وما يريد ان يتجنبه، لذلك كانت هذه الآية: ( وإن تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله) ثقيلة على انفس الصحابة حتى جاءهم الفرج ( لا يكلف الله نفساً الا وسعها) ، بعدها تتحول الخاطرة إلى نية.. وهي اختيار الفرد وعزمه على القيام بأمر ما من تلك الخواطر التي تعرض لها، يقوم بعدها بتهيأة الظروف قدر الإمكان .. مع وجود العزم تتحول النية إلى سلوك ظاهر.

كل المراحل عدا السلوك هي مراحل مخفية بستر الله ورحمته على عبيده .. ولضمان بقاء الود بينهم، فلو انكشف حجاب الستر عن خواطرنا و نوايانا لم يبقَ معنا حبيب ولا صديق.. لكنها قاعدة من طرف واحد، بمعنى ان الله سبحانه وتعالى هو الذي وضع هذا النظام.. وقد يخرقه في اي لحظة ( لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون)، فيقوم جل جلاله بكشف ستر العبد لِأُناس مخصوصين .. لهدف ما، قد يظهر الله لك اخطاء بعض البشر.. تناقضهم.. (مراكز ضعفهم).. حقيقة شخصياتهم.. ولكن فكّر وأمعن في التفكير، لماذا أنت بالذات انكشف لك الغطاء ؟!!!

اول شعور يتوجب عليك ان تتحلى به هو شعورك بالرحمة تجاه هذا المسكين الذي تبيَّن لك ضعفه في جانب معين ولا تفشي سره.. فإذا فعلت كنت قد اطعت خواطرك الشيطانية، وظهرت في شخصيتك نقاط ضعف ربما لم تكن موجودة.. وقد يعافي الله المبتلى بكشف الستر عنه ويزيل ضعفه ويصحح خطأه.. وتبقى انت على عيبك، بعض العيوب مهلكة، وقد تكون مزمنة.

لا يجب عليك ان توجد شعور الكراهية في نفسك تجاه أي إنسان بقولك " ما اشتهي فلان" .. نعلم بأن الأرواح جنود مجندة فتتفق احيانا وتختلف احيانا اخرى ، لكن علينا ان لا ننفلت في استجابتنا لخواطر السوء.. ونتذكر بأنه قد يكون هناك أُناس في مكان ما يكرهوننا بدون سبب فكيف ستكون ردة فعلك تجاه من يكرهونك؟! هل سترضى بنفس الكلام المسيء الذي توجهه انت علناً؟! مالذي يضمن لك ثبات شعورك على هذا النحو؟! فمادامت الأفكار تتقلب.. كذا المشارع تتغير (وابغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما)، يأتي هنا الشعور بالإحترام الذي يجب ان تعطيه لكل شخص.. احترامك لذوات الآخرين علامة على احترامك لذاتك.

نتيجة للتفاعل بين جنود إبليس والنفس البشرية الأمّارة بالسوء يظهر ضعف الإنسان اذا تجرّد من معيَّة الله سبحانه.. فيُخطئ، مهما قام الإنسان بتصرفاتٍ مثالية امام العيان سيُخطئ، لا اعتبر ذلك تناقضاً.. بل هو ضعف في جانب ما في شخصية الإنسان، فإذا تكشف لك امر أحدهم وضعفه فانتبه.. اجلس مع نفسك جلسة المنتقد المتفحص في ذات نفسك بشكل متجرد من العاطفة، ولا تجلس على كرسي قاضي القضاة فتحكم على البشر كما تريد.. وبما تمليه عليك خواطرك السيئة ، فقد يبتليك الله بمواقف ضعفك .. فلا تجد من يعينك، بل هناك من يتفرغ للحكم عليك.

طردك لخواطر السوء.. وامتناعك عن الاستسلام لنوايا النفس الخبيثة لك به اجر و ثواب ( من هم بسيئة ولم يفعلها كتب الله له بها حسنة )، كلنا نسعى لنكون الأفضل على مستوى تحقيق الذات او على مستوى الشخصية.. لكن لنتذكر ، اخطاؤنا ليست تناقضاً.. بل هي ظواهر ضعف، فإذا ظهر لك ضعف إنسان .. اجلس مراراً وتكراراً مع ذاتك، قيمها .. حذرها .. إذا حصنت نفسك من تلك الأخطاء عندها فقط ستفهم الرسالة الإلهية الموجهة إليك مفادها " كل شيء يحدث لسبب ما، فلن تتعرض لرؤية اسرار الغير بدون هدف ، فكر ... لماذا انت ؟! " فإذا وجدت عيب نفسك فلن تكره أحداً، وستجد العذر لأخطاء البشر وزلاتهم .. وسترحمهم إذا انتفى العذر، ولك الاختيار.

من الحكم العطائية :

# ربما اطلعك (الله) على غيب ملكوته .. وحجب عنك الاستشراف على اسرار العباد.
# من اطلع على اسرار العباد لم يتخلق بالرحمة الإلهية .. كان اطلاعه فتنة عليه، وسببا في جر الوبال إليه.
# تشوفك إلى ما بطن فيك من العيوب خيرٌ من تشوفك إلى ما حجب عنك من العيوب.

محمد حسن يوسف



  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق