الثلاثاء، 15 سبتمبر 2015

الدورات التدريبية .. و "خللك إيجابي " !!!

الحمدلله الكريم الغفور، والصلاة والسلام على خير عبدٍ شكور .. وعلى الآل والأصحاب، ومن سار على نهجهم إلى يوم النشور .. اللهم اخرجني من ظلمات الوهم، واكرمني بنور الفهم، وحسِّن اخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، وافتح علي ابواب لطفك ورحمتك.

ازداد الحديث حول البرامج والدورات التدريبية المختصة بتطوير الذات وتحسين الأداء البشري بصفة عامة من عدة زوايا مختلفة، احدى تلك الزوايا هي السخرية والإزدراء من كلمة "خلك إيجابي" .. زاد الأمر عن حدّه، كثرة التنظير في تلك البرامج والدورات وعدم ملامستها للواقع بصفة مباشرة اسباب يراها المستصغرين من شأن تلك الدورات ليبرروا كلامهم وهجومهم ... فمن يتحمل مسؤولية ذلك ؟! الدورة .. الحضور .. مبدأ التنظير بشكل عام ؟!

إن التنظير مهما استخدمناه بشكل سيء فنحن بحاجته، فهو يعتبر انطلاقة لكل عمل ونجاح لكل خطة .. فكيف توضع الخطط والاستراتيجيات بدون كلام وتنظير قائم على معلومات ؟! لنأخذ جولة سريعة تبين لنا كيفية تطبيق مبدأ التنظير في دولنا بدون تعيين .. اذا طرأ أمر ما يتم تشكيل لجنة ( بحث، مناقشة، طرح حلول، الخ ) وكل ذلك تنظير في تنظير ... فإذا جئنا على ارض الواقع نجد بأنه لا شيء قد تم فعلاً، على مستوى الأفراد ... كم من الأفكار كتبناها وناقشناها وتحمسنا لها، ولم يمنع من وقوعها على ارض الواقع إلا الكسل والتقاعس ؟!!! سلوكياتنا كأفراد ستنعكس بشكل طبيعي على اداء دولنا، الخلل في تطبيق المبدأ وليس المبدأ نفسه.

يا من تزدري الدورات التدريبية وتحرض الناس على عدم الذهاب لها .. اعلم، بأن تطبيق اي قواعد نظرية طُرحت في تلك الدورات هو من شأنك أنت، إذا اردت أن تغير من حالك وتحقق احلامك فلن يقوم أحد بذلك عنك ..ليس لمجرد أن قال احدهم " خللك إيجابي " أو اقام دورة تدريبية اعجبتك اي أنه سوف يغير حياتك حاضرا ومستقبلا ... من الطبيعي أن يكون التأثر بالدورات التدريبية متفاوتاً بين مشارك وآخر، لكن انتبه .. انت من يحدد في أي دورة تشارك، انت من يحدد مدى الاستفادة المسبقة من الدورة، انت من يحدد ما إذا كان مستقبلك سيتغير بعد هذه الدورة ام لا وكيف سيكون ذلك .. الخلل ليس في الدورة، بل هو في اختياراتك .. آرائك .. شخصيتك، لكننا في عصر لا نحب فيه اتهام انفسنا، وما اسهل اتهام الآخرين و وضع الشماعات لأسباب فشلنا.

جزء ليس بيسير من التغيير يكون بهداية الله سبحانه للعبد، مما يجعلنا نطلب الهداية منه على الدوام ... ولكننا باستمرار نختار تطوير ذاتنا وصقل شخصيتنا بين فترة واخرى .. ولا نترك التنظير والتدريب لخلل في التطبيق، يقول الله سبحانه :" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر". قد يكون التطبيق هو عكس المبدأ ... لكن هل لأحدهم أن يترك الصلاة لأنه لا يطبق بالشكل السليم المبدأ الرباني؟؟! لا بالطبع، " خلك إيجابي" .. تعني أنك تنتقد ذاتك، وتغير عيوبك، وتحاول قلب المعطيات والظروف من حولك إلى الأفضل .. بشعور داخلي يجعلك تؤمن بالإيجابية وأن الأوضاع ستتغير، وليس مجرد كلام وابتسامة تظهر على الوجه ... انت من يختار إذا كانت " خللك إيجابي " سلوك وثقافة .. او مجرد كلام .

محمد حسن  يوسف 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق