السبت، 12 نوفمبر 2016

البحريني كسووول


الحمدلله المنعم ذي الجلال، والصلاة والسلام على من حوى خير الخصال.. وعلى الآل والصحب الكرام ومن تبعهم بإحسانٍ ماستمرت الأجيال، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسِّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم.. وحقق لي كل ما اصبو إليه من أحلامٍ وآمال.

قد ننظر لواقعنا نظرة متشائمة تجعلنا نعيش في دوّامة سوداء، إعصار اسودٌ يموج بنا يمنة ويسرة، فما إن حدثت نفسك بالأحلام والآمال حتى يحدثك شيطانك بعوائق الطرق وسوء العواقب، فتبدأ تبحث عن "أعذار" للانسحاب.. وربما بحث عن أطرافٍ أخرى لِتُحملّها المسؤولية كالبيت أو الأصدقاء أو المجتمع، من خلال رؤيتي للمجتمع وما يفرزه لنا من هذه النوعية البشرية وقلت لنفسي: " هل البحريني فعلاً إنسان كسول ؟!" قمت بعمل تصويتٍ على تطبيق "تويتر" للتواصل الاجتماعي فكانت نسبة الذين أجابوا ب "نعم" هي 60% من مجمل الأصوات.

نحن أمام واقعٍ شبابي نحتاج تشخيصه لِنعرف من المتسبب فيه، ومن يقع على عاتقه رفع حالة الشباب المعنوية إلى مراتب عالية بالتفاؤل والعمل بدون كلل أو ملل، وهنا في البداية اتناول جانب الشاب نفسه فأقول: إن الشاب البحريني شاب بعيد الأمل قليل العمل، فالخطوات الحالية التي نتّخذها في حياتنا الآنية لا تتناسب مع الهدف البعيد – إن وُجِد -، لازلنا عاجزين إلى حد كبير من رسم خطط استراتيجية قصيرة المدى فضلاً عن تلك البعيدة، ليس ما ذكرته سابقاً من باب التعميم.. فالتعميم خطأٌ علمي، لكن واقع الحال في الغالب كذلك.. ويتحدد مصير الأقلية بالأكثرية وإن كنا نشعر بأن بصيصاً من النور يشُعّ من الأقلية ( قالوا:" أنهلك وفينا الصالحون؟!" قال صلى الله عليه وسلم: "نعم، إذا كثُر الخبث").  

نظرة الشاب نفسه للواقع نظرة تشاؤمية إلى حدٍ كبير، إننا عندما نحب أن نتكلم بصراحةٍ مع أنفسنا نعني فقط بأن ننتقدها ونجلِدها جلداً لإرضاء ضميرنا ولو بشكل مؤقت، لكنني اعتبر بأنه من الضرورة بمكان أن ينظر الإنسان لذاته ولنفسه بأنه ليس كسولاً، بأنه قادرٌ على الإنجاز والعطاء وبذل الغالي والنفيس لتحقيق الأهداف، رفع الشاب لروحه المعنوية عاملٌ مهم كي لا نبقى مستسلمين منتظرين للغيمة الممطرة حتى تأتي بالفرج، آن الأوان للاعتماد على الشاب البحريني كطاقة منتجة، ولكن ذلك يبدأ من الشاب نفسه.. ليس ذلك الشاب الذي يظن بأن (الهندي، الأجنبي) سيقفان حاجزاً أمامه في سبيل تحقيق ذاته، بل ذلك الشاب الذي إذا اكتشف عيباً فيه طوّر منه، لسنا كُسالى.. إلا إذا استسلمنا، وعند ذلك سنُقنِع أنفسنا بأن ذلك هو الواقع.

دعوني أعود قليلاً عند عبارة "بعيد الأمل قليل العمل"، يغلُب علينا الاندفاع والحماس والرغبة في الوصول إلى أهدافنا البعيدة، ولكن تلك الرغبة تفتقد فينا إلى العديد من الأمور منها: 1- عدم المحافظة على الوتيرة اللازمة في العمل لتحقيق الهدف، فنحن نبرُد ونكسُل مع قلة الصبر. 2- نجهل عاملاً مهماً في قيام الحضارات وتطورها وازدهارها وهو عامل "الزمن".. انظر إلى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى عندما يوصي طالبه فيقول:

أخي لن تنال العلم إلا بستة       سآتيك عنها مخبرا ببيان

ذكاء وحرص واصطبار وبلغة      وصحبة أستاذ وطول زمان

فكيف لك عزيزي الشاب أن تضع مشروع حياتك وآمالك، وتريد الوصول إليه في وقت وجيز؟! إن المشاريع العظيمة والأهداف الكبيرة تأخذ وقتاً، إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحمل مشروعاً عظيماً يضم الأرض كلها، فلما كان يحدّث أصحابه عن غزو الروم والفرس كانوا يتعجبون ويقولون:" أوَ كائنٌ ذلك يا رسول الله؟ فيقول صلى الله عليه وسلم:" نعم، ولكنكم قومٌ تستعجلون".

عندما ترسم عزيزي الشاب خارطة الطريق للوصول إلى اهدافك.. احرص على أن تكون خطتك علاوةً أنها تسير في وتيرة واحدة، أن تكون مرنة قدر الإمكان، والمرونة في الخطط تستوجب التواضع وكسر النفس للتعلم ونيل الخبرات، ليس ذلك فحسب، بل إن في تنويع مصادر المعرفة أثر كبير في تشكيل شخصية الفرد، فمن المهم أن يكون عندك شيءٌ من كل شيء، التعلم وتهذيب النفس من شأنه أن يفتح ذهنك على هذا العالم أكثر فأكثر، وجعلك شغوفاً توّاقاً للأفضل والأكمل، على أن تعي بأن اكتساب المعلومات بكثرة بدون منهجيّة وشخصية مرسومة الملامح لن ينفعك في شيء.. والمقصود هنا بالمنهجية أعني بها الطريقة التي تستفيد بها من تلك المعلومات بعد أن تكتسبها، وليس بأن تحجر عقلك عن بعض العلوم وتتجه لبعضها الآخر، إن المنهجية تحميك من الضلال والتشتت، والجهل يطوقك فلا تتحرك بحرية وكأنك مرتبط به لا تحيد عنه، أما المنهجية فتحرر من الطوق وتحميك من شتات اكتساب المعلومات.

عزيزي الشاب: الله تعالى يمنُّ عليك أن رزقك هذه المرحلة من عمرك (ثم جعل من بعد ضعفٍ قوة). سيأتيك يومٌ تُسأل عن هذه القوة (وعن شبابه فيما أبلاه). فاستعد الآن لما هو آت، وإن وعد الله حق، وما أنت بمُعجِزه سبحانه.

محمد حسن يوسف

هناك تعليق واحد:

  1. اذا هم كسالى خلهم يواظبون الصلاة يومياً .
    عنده ثقة في نفسه و لوالدين .
    ترك الاصدقاء السوء و الذهاب مع الاصدقاء الأخيار.

    🌹🌼أحسنت كاتبنا ما تقصرت كلامك عميق و جميل..... إلى الأمام 🌹🌼🚆

    ردحذف