الثلاثاء، 2 مايو 2017

وقفة مع الفشل

الحمدلله العليم بخفايا عباده الخبير، والصلاة والسلام على البشير النذير، وعلى الآل والأصحاب ومن على نهجهم يسير، اللهم اخرجني من ظلمات الوهم، وأكرمني بنور الفهم، وحسّن أخلاقي بالحلم، وزدني من بركات العلم، واجعلني من ذوي الحظ الوفير.

من الأمور التي يحب معشر الشباب من الناجحين في بناء ذواتهم (كما يعتقدون) وتحقيق أهدافهم المرحلية والبعيدة أن يظهروه للملأ من أهل الإعلام الجديد هو سعادتهم عندما يحققون النجاح، أفكارهم التي ألهمتهم للوصول إلى ما هم عليه، فقد وجدوا طريقاً خصباً يجعل الشباب من خلفهم يسيرون إلى طريق النجاح.. فيظن الشاب أن طريقه كذلك سيكون مفروشاً بالورود إذا ما قلد ذلك الشخص المُلهم بالنسبة له، ولكن الحقيقة (قد) تكون مختلفة، فأين هي المعضلة؟

إن الاطلاع على تجارب الآخرين ونجاحاتهم قد يُلهم الشاب/ة إلى حد كبير، المشكلة تكمن في أن الشاب قد يرتقي بحلمه إلى أعلى عليّين، لكنه يصطدم بحقيقة أنه لا أحلام على أرض الواقع ما لم يتعدى الفرد منا منطقة الراحة التي وضع نفسه فيها، لا نجاحات بدون تعب، لا نجاحات بدون أن تصل إلى حقيقة أنه يجب عليك اكتساب مهاراتٍ ما لم تكن لتتوفر عندك (كيف تُخرق لك العوائد وانت لم تخرق من نفسك العوائد)، عندها فقط ستستطيع كسر القالب الذي وضعت نفسك فيه، ذلك القالب الذي أعدك بأنه لن ينكسر في يوم وليلة.. لن تكون نجاحاتك قائمة على الإلهام فقط، بل هي بالتعب والجهد.

من هنا انطلقت إلى حقيقة أن يطرح شباب "الإعلام الجديد" إلى جانب نجاحاتهم وانجازاتهم، تلك اللحظات الصعبة والاخفاقات المتكررة، والزوايا الضيقة التي حُشروا فيها، تلك التحديات التي غيرت من شخصيتهم وجعلتهم يكتسبون أشياء ومهاراتٍ جديدة لم يكونوا ليكتسبوها عندما جلسوا خلف شاشة هاتف ذكي ليكتفوا بالتلقي وبالاستمتاع بتجارب الآخرين دون عمل، استمع إلى مقولة "توماس أديسون" الذي لم نعرف عنه سوى المصباح الكهربائي عندما يقول:" أنا لم أفشل، بل وجدت 10,000 طريقة لا يمكن للمصباح العمل بها". بمعنى أنه حوصر بعدة محاولات فاشلة.. لكنه انطلق من تلك المحاولات الفاشلة لبناء شيءٍ ما، اسمع عن تلك السمفونية التي هزت الدنيا وقتها واسمها "سمفونية القدر" قام بعزفها رجلٌ أصمّ اسمه "بيتهوفن"، تخيل هنا ما هو حجم المحاولات الفاشلة التي من الممكن ان تنهي مشوار ذلك الأصمّ، ولماذا لم ييأس؟

كل ما عليك عزيزي الشاب أن تكتسب العلم والمعرفة، بعد ذلك سينطلق العرق من جسدك.. التعب والقلق والتفكير، التحديات تلوَ التحديات، الحدود التي ستتخطاها باكتساب المعرفة والمهارة "والفشل" سيجعلك تتغلب على نفسك، أما إن كنت ممن يحبون التغاضي عن أسباب فشلك، وعدم التطرق إلى النقاط السوداء فيك سيجعلك تعيش نفس التجربة، وإعادة التجربة مع توقع نتائج مختلفة هو ضرب من الجنون.. لا بأس من استعراض حقيقة اخفاقاتك لتتعلم وتتدارك ما فاتك، لا لتخدع ضميرك بأنك حاولت ولكنك لم تنجح، وبعد ذلك تقف على حافة الطريق والناجحون يمرون أمامك.. ولا تملك أن تلحق بهم، ارجِع إلى نفسك.. استعرض فشلك.. لتنهض بنفسك.


محمد حسن يوسف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق