الخميس، 21 سبتمبر 2017

أمراض غير عضوية


نقف كثيرًا عند بعض الحواجز الحياتية متوهمين بأنه لا يمكننا العبور، ولا يمكننا التكيف والإنتاج والابداع.. انطلق في مقالي عبر حالة الكثير من الموظفين في دائرتي التي اعمل بها في يوم "السبت" تحديداً، فهو يوم خاص يتراكم فيه العمل بسبب إجازة نهاية الأسبوع "الجمعة"، فأجد الكثير من الزملاء يأتي ثقيلاً إلى الدائرة ويرغب في المساواة بينه وبين الموظفين الذي يأخذون اجازةً في يوم السبت، اسأل أحدهم سؤالاً مبطناً: "جم سنة صار لك على هالحال؟" فوجدت أن الإجابات تتصاعد ابتداءً من الرقم 10 إلى ال 30 سنة. أقول: بالرغم من كل تلك السنين.. ألم تتكيّف على هذا الوضع؟ إلى متى سيظل حالك التعيس؟ أم أن مواجهة العالم والرغبة في تغيير النظام من حولك اسهل من تغيير طباعك؟

إن الوصول إلى مستويات الحضارات المتقدمة كان بسبب خرق العوائد والخروج من منطقة الراحة، ذلك لأن الإنسان الحضاري يرغب في سلك مسلكٍ يمكنه من خلاله تحسين طرق العيش والبحث عن ظروفٍ وبيئةٍ تجعله انساناً منتجاً لا مجرد ثرثارٍ متزمت، فما المانع إن غيّر الفرد من عاداته واكتسب عاداتٍ جديدة نافعة؟ إن المرء في سبيله لوضع الخطة السليمة يجب عليه إن يخصص من وقته لتعويد النفس على فعل أشياء لم يكن يعملها.. وهو متيقنٌ بأن تلك العادات الجديدة أكثر نفعاً ونجاعةً وتأثيراً، اكتب أفعالك اليومية بشكل عام.. وحدد منها ما يقربك إلى أهدافك الفعلية من ناحية، ومن ناحية أخرى الأفعال التي تلقي بك إلى طريق الثرثرة والتقلبات النفسية المزاجية التي بحاجة إلى مراجعة وجودها والوقت الذي تستنزفه في كل ذلك.

أنا هنا لا ارسل الرسائل إلى ذلك الموظف التقليدي العادي، بل حتى إلى ذلك الطالب الجامعي المتذمر، والشاب الذي على أوضاعه متحسر، لأن الظروف وُجدت ليتم التغلب عليها لا لأن يتم تحييد النفس من خلالها.. قد يكون الكلام إيجابياً أكثر من اللازم، ولكنني أسعد أيما سعادةٍ عندما أكون تحت الضغط.. ويلهمني ربي جل جلاله المخرج من تلك الظروف، ولا أشعر بالخجل لأن الظروف جعلتني أقوم ببعض الأمور مجبراً، بل انا سعيدٌ لأنني استطعت تكييف نفسي وتجاوز الأمر.. ليس معنى ذلك بأنني لن اواجه لحظات الضغط والضعف والحيرة  مجدداً، ولكنها ظروف ستكون مختلفة لتصنع منك انساناً مختلفاً، ارقى وانفع لنفسك وأهلك وأمتك، فلك الخيار.. اختيارك إذا ما كان سلبياً فأرجو منك أن تعتزل العالم، فلسنا بحاجة إلى صانعي "النكد" و ضحايا "الكسل".

محمد حسن يوسف


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق