الأحد، 14 يناير 2018

الزواج والشاب.. منظومة القيم


الاهتمام بتكوين الأسرة تكوينًا صحيحًا لا ينبغي أن يغيب عن ذهن كل عاقل، فكل أسرةٍ هي نواةٌ لمجتمعٍ زاهر، غير أن اندفاع الشاب للزواج يجب أن يكون مؤطرًا في منظومة من القيم الرفيعة، كثيرًا ما يردد الشاب عند وضعه العراقيل في طريق الزواج بقوله :"انا مو جاهز" ويعني بها الجاهزية المادية، فهل الشاب منّا يتجهز للزواج فكريًا؟!

أروقة المحاكم والنسب التي تخرج منها بحالات طلاق "مفزعة" تثبت غير ذلك، والأسباب المؤدية إلى ذلك الطلاق تصب في خانة عدم التهيئة الصحيحة.. علمًا بأن منظومة القيم لا يتجلى ظهورها وقت الراحة والأنس، بل يتجلي ظهورها وقت القلاقل والمشاكل، نوه بذلك الله عز وجل في سرده لأحكام الطلاق والانفصال في نهاية المطاف عندما قال تعالى:"ولا تنسوا الفضل بينكم". عندما تئن نفسك من الداخل وتحثك على أعمالٍ شيطانية تجد أنك مرتبطٌ بحبل وثيق يجرك ولا يطاوع ما بنفسك من شرورٍ وجهل، لذا وجب ضبط النفس بمنظومة من القيم تجعل من حياتك الزوجية حياةً مباركةً رغيدة.

الخوف من الله تعالى:

من أمِن العقوبة أساء الأدب، وهل تكون بمأمنٍ من الله سبحانه ومن عقوبته؟ إذًا فلا تظلم الطرف الآخر في ميثاقكما فإنه غليظ، ومن ورائه حسابٌ عسير، ولا تلتبس بظلمٍ أو قهر، وتذكر قدرة الله سبحانه عليك، وأنه مطّلع على ما يظهر من فعلك.. وما يخفى في قلبك، ستقف يومًا أمام المولى ليسألك عن صاحبتك، فإن ظلمتها أو قهرتها بدون وجه حق فماذا سيكون جوابك؟ اجعل خوفك من الله رادعًا يعيدك إلى حضن العمل الصحيح ، ولا يسلمك إلى هوى نفسك وتقلبات قلبك.

الحياء:

الحياء إيمان، فهو من الأخلاق الرفيعة التي تمنعك من الوقوع في المعيب من الأمور.. فهل سمعت الناس يقولون لأحدهم:" ماتستحي؟" لأنه قام بخطءٍ علني ظاهر فلم يردعه حياؤه، وهو يختلف بالكلية عن الخجل.. ذلك الشعور باستنقاص الذات وكأنك تظن بأنك أقل من أن تحقق انجازًا معينًا، أو نقصًا لا يمكّنك من القيام بمهمة معينة، لا تفضيل بذلك لجنس على آخر، فلا يكون الحياء جمالًا في المرأة ودون ذلك للرجل، يعجبني الرجل إذ يستحي، صحيحٌ أن حياة الرجل تقتضي في العديد من الأمور الشدة والشجاعة ، وذلك لا يتنافى كونه وقّافًا على حدود المعيب من الأقوال والأفعال.

معرفة الحقوق والواجبات:

يا من عزمت على الارتباط بعقدٍ ما، فهل جلست لتقرأ حقوقك وواجباتك؟ إن لم تكن كذلك فسيُقال عنك بأنك أحمق، وتكون بذلك عرضةً للسرقة والاحتيال، هذا من شأن الدنيا.. وشأن الارتباط بعقد الزواج يدفعك أولاً لتقرأ في فقهيات الزواج، الشروط والأحكام، ما يقتضيه هذا العقد من واجباتٍ تقع على كاهلك، ومن حقوقٍ كفلها لك الشرع، فهل تعتقد بأن حقوقك "الشرعية" هي ما تقوم به والدتك لوالدك بالكليّة أمام عينيك في المنزل؟ لا.. إذًا لماذا يقوم والداك بكل ذلك؟ لأنهما وصلا من التفاهم إلى درجةٍ اصبح احدهما يقوم بخدمات إضافية فوق الحقوق الشرعية تعبيرًا عن المحبة، فيقوم الطرق الآخر برد الجميل بالقيام بالمثل، فترى أنت أيها الإبن ذلك.. فتحدث الفجوة بين الماضي والحاضر.. وذلك من جهلك وضعف بصرك.

الأقفال والمفاتيح:

اعلم أن القلوب لها مفاتيح كما الأقفال، فإن استشعر الطرف الآخر بأنك تملك المفتاح أراح واستراح، والمفاتيح اعني بها بأن تعلم ما يريح الطرف الآخر فتفعله، وتعلم ما يضره فتتجنبه، وتجتهد في سبيل رضاه لتنعم بحياتك، ليس بالإجبار والقهر.. بل بالمحبة والذكاء والفطنة، ومعرفة أنماط الشخصيات المختلفة، والتقلبات "الفسيولوجية" المحتملة والمعروفة، كل ذلك في سبيل خلق حالة من التوافق التام بينك وبين الطرف الآخر.

الحب:

يتشكّل مما سبق من الأمور المذكورة تناسبٌ بين فطرتين وارتياح كبير، شيءٌ ما يُشعرك بالسلام الداخلي الذي لا يستطيع أن يعكّر صفوه ضجيج الخارج، فإن إلى محبوبك في اطمئنان وسلامٍ ينجلي عنك ما كانت الدنيا تضيق عليك به، ينجلي عنك هم عملٍ قد تقوم به في عكس رغبتك، ينجلي عنك هم أُناس تعاشرهم ولست ترغب في تحمّل  ذلك.. في مجتمع لا يخلو من أهل الكذب والنفاق والفتن، تجد نفسك صلبًا جلدًا في وجه ذلك، ولكنك لا تستطيع تحمل مشكلة بسيطة في البيت، لأن ذلك يعكر في الصميم صفو السلام في داخلك، ويدخلك في حالة اللاتوازن فيُربك حياتك.

تذكر حينها المروءة ومحاسن الأخلاق لتقوم بالسلوك الحسن.. وليس السلوك الحسن بالضرورة هو ما تشتهيه نفسك، بل منضبطًا بالمنظومة، بدون اخلال أو تفريط او انجرارٍ إلى هوى النفس.

محمد حسن يوسف






هناك تعليق واحد:

  1. تبارك الله خير طرح الله يزيد في شبابنا الواعي

    ردحذف