الأحد، 6 أبريل 2014

حرب المسميات


الحمدلله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ،الذي لم يلد ولم يولد .. والصلاة والسلام على نبيه الممجد ،صاحب لواء الحمد الأوحد ، الهي .. علمني من علمك المخزون ، وصني بسر اسمك المصون .. اللهم اغنني بتدبيرك عن تدبيري .. وباختيارك عن اختياري .. و اوقفني على مراكز اضطراري .

هي حرب ضروس نمر بها في عصرنا الحديث ، حرب اشبه ما تكون بالحرب الباردة .. لكنها لا تستمر كذلك الى امد طويل كما كان الحال بين الأمريكان والسوفييت .. بل تبنى على آثارها حرب ضروس ، نعم .. حروب ضروس تنتهك فيها كل القوانين ، نعيش على اثرها في زمن السنوات الخداعات ( يخون فيها الامين ، و يؤتمن فيها الخائن ) .. اسميتها "حرب المسميات" ، لأنها تعتمد ابتداءا على تصنيف من هو مخالف لك .. تمهيدا للأنقضاض عليه ، وهو سلوك يهودي قديم ( فبدل الذي ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) ... واستمر هذا السلوك في دمائهم حتى خلفهم المعاصرين ، فبدلوا اسم "التطبيع" الى "اتفاقية سلام" .. و "خارطة التقسيم" الى "خارطة الطريق" .

 لست هنا اناقش الفكر اليهودي في هذه المسألة بالذات .. بل ولأنني ارى ان مرض تغيير المسميات قد اجتاح عقول الكثير من عوام الناس قبل خاصتهم فوجب علي التنويه عنه ، لعلي اغير ما عساني ان اغيره ... ان وضع الناس في تصانيف معينة او بما اطلق عليه "مسميات" خاصة تمهيدا لاستباحة الاعراض والدماء لهو مرض فتاك اصبنا به ، فالشخص المسلم يطلق عليه "مبتدع،كافر،ضال،فاسق" تمهيدا لاطلاق كافة الالفاظ بل وحتى المخلة بالآداب العامة على هذا الشخص المسلم ، وكأن صاحبنا الذي يطلق التسميات على الغير قد اخذ عند الله عهدا بأن يموت على شهادة ان لا اله الا الله .

 يقوم مسؤول حكومي ما بعدة تخبطات ادارية واجتهادات شخصية .. فاذا وقع في الخطأ اطلق عليه اسم "متخبط اداريا" من اجل المواراة والحفاظ عليه ، لأنه يحمل الكثير من الاسرار .. ولو بحثنا عن اصل الاسم ستجد ان اسم "متخبط اداريا" هو نتيجة لشيء ما ونحن نحاول الهروب من هذا الشيء .. الذي من الممكن ان يكون "الكذب،السرقة،الاستغلال،المحسوبية" .

 عندما تنظر الى اثنين متخاصمين يروون نفس الحكاية ، يأتيك شعور بأن احدهما يكذب ... مع ان القصة هي ذاتها المروية من الطرفين ، انه فقط تغيير المسمى الذي يجعلك تميل لأحدهما دون الآخر ، يجد ويجتهد احدهم ويظهر للناس تعبه ولكنه يطلق على نفسه "مبادر" ، والاسم الحقيقي هو "حب الظهور" وما اكثرهم ...

 نحن كثيرا ما ننسى امرا خطيرا وبالغ الاهمية .. وانذارا شديد اللهجة من رب العالمين : ( الا يظن اولئك انهم مبعوثون،ليوم عظيم،يوم يقوم الناس لرب العالمين ) .. كلنا نعلم تلك الحقيقة قطعا ، لكننا ننسى .. ( الناس نيام ، فاذا ماتوا انتبهوا )  ، في ذلك اليوم .. سنعرض على محكمة الحق سبحانه ، وسننظر الى من استخدم المسميات لصالحه في فترة معينة من حياته وما هو بصانع اما محكمة العدل ، سننظر الى العالم يدخل النار ... لأنه استخدم المسمى في الحياة الدنيا فجزاه الله سبحانه في الدنيا ايضا بقوله ( وقد قيل ) .. اردت المسمى وقد نلته ،فليس لك جزاء اكثر من ذلك .. وسنرى بأن العالم المزيف سيلحق به قارئ القرآن .. ونتفاجأ بلحاق المجاهد بهم في النار، ذلك بأنهم لعبوا في المسميات واهدافها وجوهرها .. فاستحقوها في الدنيا حتما ، ولكن امام محكمة الاله العادل ليس ثمة لعب .. ليس ثمة مسميات مزيفة ، مسميات يقتل بعضنا بعضا من اجلها ... فقط كن صريحا مع نفسك ، وتكلم معها وقيم ذاتك ، احط نفسك بالاخيار من البشر .. تمسك بهم ، لا تصب بالغرور فليس هناك ادنى سبب لذلك .. من انت وماذا تمثل في هذا الكون الشاسع ؟! كم من حاكم على هذا الارض شرقا وغربا قتلته ذبابة ، وانت تبحث عن "مسميات" تزين بها نفسك ؟! تذكر .. بأنك ستتجرد من كل تلك الالقاب والمسميات فور مغادرة روحك الى باريها ، ودخولك في حفرة شبرين في مترين مقبورا وحيدا ، فاستعد لذلك اليوم الموعود ولا تعلق قلبك بما هو مآله الى الفناء.

محمد حسن يوسف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق