الاثنين، 20 أكتوبر 2014

فلسفة "زغالو" للنجاح

الحمدلله الوهاب .. مسبب الأسباب .. مقلب الليل والنهار رب الأرباب ، والصلاة والسلام على من أنزل الله على يده أم الكتاب ، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم .. وأكرمني بنور الفهم .. و ارزقني من بركات العلم .. وحسن أخلاقي بالحلم .. وافتح علي أبواب الوصول إليك .

في أحد مشاهد المسرحية الكويتية الكوميدية " انتخبوا أم علي" قام بوحمد (داوود حسين) بالهجوم الشرس والضغط على زوجة أخيه أم علي (انتصار الشراح) لكي يثنيها عن الترشح للإنتخابات ولكنها رفضت ، فقال : "الخطة غلط ، يبيله خطة زغالو". ماهي تلك الخطة وفلسفة زغالو ؟! ذلك الرجل البرازيلي العجوز .. مالذي يميزه عن غيره ؟! فيما يلي من سطور متواضعة أحاول أن احلل ولو بشكل بسيط تلك الفلسفة .. اؤمن تماما ً بأن كرة القدم تحمل العديد من القواعد الفلسفية التي نستفيد منها في حياتنا بشكل عام .

"خطة زغالو" إذا أخذناها من منطلق كرة القدم فهي عبارة عن تأخير منطقة قطع الكرة إلى منتصف الملعب وعدم الضغط على الخصم بشكل مباشر .. كما نقول في لهجتنا الدارجة " انهدي اللعب " ، في هذه الفلسفة الكروية فلسفة مماثلة بالتأكيد في مجال التنمية البشرية أرى فيها كل المنفعة للشاب وكيفية إدارته لمبادراته .. تلك الفلسفة تعني بأن الفريق يجب عليه أن يبقى هادئا ً في مكانه .. وأن يحمي نفسه أولا ً من ارتكاب الأخطاء ، فلا يمكن أن تبادر عزيز الشاب وظهرك مكشوف .. وذاتك مليئة بالأخطاء التي لم تصحح بعد ،  إذا بادرت وانت على هذه الحال فمبادرتك ناقصة الطعم .. مبتذلة مفرغة من فحواها ، فكيف لإنسان مليئ بالأخطاء الظاهرة أن يعلم الناس ويقدم لهم تلك الرسائل الإيجابية ؟! من باب أولى أن يهتم الشاب بمبادراته لذاته .. وأن يبرمج عقله باستراتيجية تحميه من الوقوع في الأخطاء بدلا ً من التعذر بأن الإنسان بشر وأنه يخطئ في أي وقت .. بعض الأخطاء مكلفة ولا تغتفر ، خصوصا ً إذا تكررت وإن صغر تأثيرها ، فالنار من مستصغر الشرر .

 تقوم تلك الفلسفة كذلك على أن يركزالشاب في المعطيات الصغيرة جدا ً الموجودة حوله .. وأن يكون صبوراً جدا ً ، قد تكون تلك التفاصيل الصغيرة لو أعطيتها الإهتمام الكافي نقطة تحول في مسير مبادراتك ..  فإذا سنحت لك الفرصة في المبادرة انقضضت عليها .. سر نجاحك في الوصول إلى هدفك يعتمد بشكل رئيسي على مدى استعدادك لها ذهنياً و على أرض الواقع بتنوع الخطط البديلة .

"فلسفة زغالو" إذا طبقناها اليوم فإننا سنواجه مشكلة معقدة نوعاً ما .. وهي بأن هذا الجيل يحب أن يعبر عن نفسه بطريقة تفوق ما يقدمه على أرض الواقع من إنجازات ، ويتظاهر بأن تقديمه لنفسه واستعراضه لمواهبه بهذه الطريقة يعد إنجازا فريدا ً، متناسيا ً بأن الإبداع والإبتكار حاله كحال أي شيء .. يزيد وينقص ، وبأن تلك المواهب الربانية يجب عليه أن يسخرها للمنفعة و يحولها إلى إنجازات حقيقية على المجتمع ، ليس هذا فحسب .. بل أن التعبير عن الذات يتوجب على إثره دراسة مستوفية وتطبيق عملي لتزكية النفس والبحث عن دسائسها وعيوبها ، وهذا الموضوع لا يحبذ أبناء هذا الجيل الخوض فيه .. بشكل عام ، يحبون أن يذكر الناس حسناتهم و لا يحبون من يذكرهم بعيوبهم .. بعض العيوب قد تكون مهلكة .

قد تكون أفضل إعلامي .. أفضل طبيب .. أفضل مهندس ، لا يعني ذلك بأنك ستكون إضافة حقيقية للإنسانية ، فقد تكون تلك الوظائف التي شغرتها .. والمناصب التي توليتها ، والمراتب العليا التي حصلت عليها ماهي إلا تلبية لغرائز بداخلك ، قيمتك الحقيقية بما تضيفه إلى المجتمع .. وليس ما تتظاهر بأنك تقوم به ، انظر إلى "مارادونا" .. "بيليه" .. "رونالدو" و "ميسي" ، أفضل اللاعبين ربما على مر العصور كلها ، وانظر بلفتة صغيرة إلى "زغالو" بماذا تفوق على من سبقه .. إنه ينظر إلى إضافته الشخصية على مجال الرياضة ككل مهما كان المكان الذي يشغله ويعمل به .. وليس البحث عن المجد الشخصي ، فاز "زغالو" بكأس العالم مرتين (كلاعب) ومرة (كمدرب) ومرة (كمساعد مدرب ) .. درب الكويت والإمارات وساهم في تأهلمها إلى كأس العالم ، إنجازات كثيرة لم تشأ "فلسفة زغالو" أن تجعله يعبر عنها كما يفعل غيره ، قد تكون ناجحا ً في التسويق عن نفسك وعن قدراتك .. قد تصل إلى ما تريد ، ولكنك بمجرد خروجك من هذه الدنيا فلن تعني شيئا ً للإنسانية .  

محمد حسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق