أحد اهم الإجتماعات التي
حضرتها في حياتي .. ذلك الإجتماع الذي حضرته قبل شروعي في الذهاب إلى رحلة العمر ،
قال فيه الشيخ محمد بن عبدالوهاب المحمود : " الحج عبادة سهلة ، في الفهم و
التطبيق " . قام بعده الأستاذ الفاضل خليفة الشوملي حفظه الله بإلقاء كلمة فقال
مازحا : " لا يقص عليكم الشيخ يقول لكم الحج سهل .. تره لن تنالوه إلا بشق
الأنفس ". جملة رنة في اذني رنا ً ، وظللت ارددها في كل مشعر اكون فيه ..
عندما كنت في منى وفي عرفات صباحا كانت حجة مليئة بالراحة والرفاهية ، حتى انقطعت
الكهرباء عنا ونحن في عرفات ، والحر الشديد عم علينا جميعا ، فقلت في نفسي :
"لن تنالوه إلا بشق الأنفس"، واحسست بأن رحلة التعب قد بدأت .
خرجت من مزدلفة إلى منى ليلة
العيد في الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل لرمي جمرة العقبة الكبرى ، بقي طواف
الإفاضة والسعي والحلق لكي أتحلل من الإحرام التحلل الأكبر ، بالكلام .. الأمر
أسهل ما يكون ، هممنا بالخروج من منى .. وإذ بالحملة تبلغنا خبرا ً صاعقا ً .. ليس
هناك وسيلة مواصلات ، قامت السلطات السعودية بقطع الشوارع وسدها .. فتعذر على
الباص الوصول إلى منى ، ما العمل ؟ ما هي الحلول المطروحة ؟ أخذت الحملة برأي مرشد
الحملة الشيخ محمد بن عبدالوهاب القائل بالمشي قليلا خارج منى والبحث عن وسيلة
مواصلات تعيد الحجاج إلى مقر السكن ، كان هذا الحل هو الأنسب في ظل تلك الظروف
الصعبة .
مشيت مع الحملة خارج منى ..
يبحثون عن المواصلات ، كون الحملة تسير بشكل بطيء نوعا ً ما .. وأنا ذاهب إلى الحج
بمفردي ، كان ذلك يعيقني في الحركة فأسرع عنهم وانتظرهم في الأمام .. حتى حدث ما
لم يكن في الحسبان !! انتظرت وإذا بي افقدهم ، فصرت وحيداً .. اغراضي ونقودي في
الحافلة .. ولا أملك لنفسي إلا أنا و إحرامي.
احترت بين خيارين .. الأول
هو أن ابحث عن وسيلة مواصلات إلى مقر السكن ، والثاني هو أن اواصل المسير مشيا ً
على الأقدام إلى الحرم فأطوف طواف الإفاضة وأسعى سعي الحج ، ما هي إلا ثوانٍ قليلة
حتى قررت المسير إلى المسجد الحرام قائلا لنفسي : "لن تنالوه إلا بشق
الأنفس" .
استغرق المشي ساعتين وعشرين
دقيقة .. احتجت خلالها إلى دورة مياه ، فوجدت مسجدا ً صغيراً على الطريق .. لكنه
كان مقفلا ً لأن المؤذن لم يرفع أذان الفجر .. فقد كان نائما ً وقتها ، واصلت المسير راجيا ً من
الله الفرج .. وجدت بعدها دورة مياه ، تحتوي على ستة حمامات ( أعزكم الله ) ..
وخمسة طوابير أمامها ، تخيل معي حالة دورات المياه في السعودية بشكل عام .. وتخيل
بأن هناك حماما ً سادسا ً لا يرغب الناس في الدخول فيه وقضاء حاجتهم ... فما هي
حالة ذلك الحمام ؟! قمة ، في القرف والوسخ .. لكن ، ماذا بيد المحتاج ؟! دخلت فيه
واغتسلت ، وصليت الفجر على الطريق .. وواصلت المسير إلى المسجد الحرام ، فدخلته
بعد شروق الشمس بقليل قبيل صلاة العيد .
إعياء شديد ..عضلات مشدودة ،
تعب جسدي وارهاق ذهني ، ورغبة في انهاء المناسك في أسرع وقت .. كنت أسعى في بين
الصفا والمروة وكأنني أسير في الماراثون ، أشير إلى من على جانب الطريق فيعطيني
الماء فأشربه وأنا أمشي .. ثم أرمي الكأس
الفارغة في سلة المهملات ، انتهيت من الطواف والسعي في الساعة ال 8:30
صباحاً.
رحلة البحث عن سيارة للأجرة
.. توصلني إلى مقر السكن فأحلق رأسي وأتحلل ، فوجدت سيارة قديمة أمريكية .. ليس
بها مكيف !! جلست وجلس معي آخرون وكانوا يريدون الذهاب إلى منطقة العزيزية فقدمهم
السائق علي ، علقنا في الطريق لمدة ثلاث ساعات بسبب الزحام الشديد .. حر شديد ،
بدون مكيف ، الجو خارج السيارة ألطف من داخلها .. الركاب أصابهم الملل ، بعضهم
ينزل وغيرهم يركب ، وأنا جالس أقول لنفسي : " وين أروح ؟! " بلهجة
يملأها التعب واليأس ، كان العرق يتصبب مني بكثرة .. تذكرت أمي وابي ، تذكرت
عائلتي ، ماذا لو رأوا حالي !!؟ أحسست بعدها بأنني كنت أبكي ، جلب لي أحد الركاب
قارورتين من الماء البارد ، فشربت الأولى حتى ارتويت .. وشربت الثانية حتى امتلأت.
تشير الساعة إلى الحادية عشر
صباحاً ولا زلنا في الزحام ، حتى قال السائق: " الي يبي يروح العزيزية ينزل ،
أنا رايح حي النسيم" . إنه الحي الذي أسكن فيه ، فدبت فيٍ َ الحياة من جديد
.. وصلنا إلى هناك في الساعة الثانية عشر ظهرا ً ، فهرعت إلى حلاق الحملة فقال لي
متعجبا ً : "وينك أنت ، الناس من ثنتين في الليل يحلقون وانت توك جاي ؟!
" حلق رأسي فتحللت التحلل الأكبر .
بدأ يوم النحر بتعب وإعياء
.. ولكنه انتهى بابتسامة وسرور ، ونوم .. نوم عميييييق .
# شباب ، الي يقدر يروح الحج
في قوته خل يروح ويبدي الحج على أي شي ثاني (سفرة ثانية – زواج ) .
# البنات ، حننوا على
أهاليكم أن يودونكم الحج .. مو تكبرون واتصيرون عالة على الي بيوديكم .
# تقدر تشتري أي تذكرة
واتروح أي مكان .. بس الحج لازم دعوة من الله سبحانه .
# سمعت واحد يقول : "
الحجاج ينكتبون من رمضان ، إذا نويت الحج و ما استغليت رمضان الله ما يكتب لك
(يقولون) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق