الجمعة، 10 فبراير 2017

متى بتتزوج ؟!


متى بتتزوج؟! هذا السؤال الذي عادةً ما يكون الغرض منه هو انكار حالة العزوبية التي كنت أعيشها، والتي لم تخلُ مناسبة من دون أن يُطرح هذا السؤال.. طُرح علي هذا السؤال للمرة الأولى عندما تزوج أخي الكبير "يوسف" وكان عمري حينها احدى وعشرون سنة، وكنت أفكر في إجابة مقتضبة أُسكت بها السائلين فكانت بقولي:" لست جاهزاً". كانت الجهوزية في نفسي تعني سد الاحتياجات المادية من مهرٍ وحفلة وسكن.. لكن وبعد أن منّ الله علي بالزواج، وبما رأيت من تجارب فاشلة لشباب في بداية حياتهم الزوجية تأكدت من أن مفهوم الجهوزية يجب أن يكون مختلفاً.. مختلفاً جداً.

لازلت أذكر ذلك اليوم عندما دخلت على "الباحثة الاجتماعية" من أجل تهيئة الزوجين لما سيأتي من أمور، وضعت في بالي حينها بعض التوقعات لم يحدث أيٌ منها.. واقتصر حديثها عن أحوالي المالية وعن ظروف عملي، وهل زوجتي تعلم بكل ذلك أم لا، التهيئة أمرها أكبر من ذلك.. وأنا هنا أميل في ضرورة التهيئة بالنسبة للرجل باعتباره هو من فكّر في الموضوع، فهو المؤسس الأول لمشروع الزواج، وهو من يختار الزوجة التي ستُنجح مشروعه.. فما هي محاور الجهوزية الحقيقية التي يجب أن يتمتع بها الشاب لنجاح حياته؟ وإن فقدها فإن حياته الزوجية على المحك.. فإن استمرت مع فقدانه للزوجية فمن المؤكد بأن هناك ضربة حظ عبر شابة تنازلت عن الكثير لتعيش مع هذا الإنسان.. قد يكون الثمن هو مستقبلها.


المسؤولية:

"كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته... " – حديث شريف،  الكثير من الشباب يعزف عن فكرة الزواج بقوله:" شلي عاد بعوار الراس". الكثير من الشباب يُقدم على الزواج ولكنه لا يتقبل ضرورة تغيير نمط حياته ولو بشكل جزئي على الأقل من أجل تلك المسكينة التي تزوجها، ولعل بعضهم قد اتخذها مفخرة أمام أصدقائه بأنه لازال يحضر المجالس ويخرج مع "الشلله" كما كان يفعل من قبل، لا يفهم بأن حياته أصبحت متعلقة بشكل كبير بتلك الزوجة.. فيهرب من مسؤولياته تجاه زوجته وبيته (إن كان له بيت)... ويعامل الزوجة على اعتبارها قطعة من اثاث البيت أو مخلوق سخره الله للفراش، نسي هذا أن المرأة مخلوق مليء بالمشاعر والأحاسيس .. عالم عميق في التفكير لا يصل إليه الرجل، تحب وتكره.. فعليك أن تبدي لها ما تُحب كي لا تبدي لك هي ما تكرهه انت.


الحقوق والواجبات:

كان بوُدّي عمل استطلاع بين الشباب المتزوجين حديثاً عن ما إذا كان قد عرف حقوقه وواجباته تجاه تلك الزوجة، أتوقع بأن تكون النتيجة صادمة.. فالصورة النمطية عن المرأة وعن حقوقها الزوجية لا زالت موجودة في ذهن العديد من الشباب.. فإذا سألت الشاب عن حقك في أن تطبخ لك زوجتك فسيقول:" نعم، هذا حق من حقوقي".. ثم تسأله من أين اتى بتلك الإجابة فيقول:" رأيت أمي تطبخ لأبي، والأمهات يطبخن لأزواجهن". ثم تأتي لتعلمه بحقوقه وواجباته فيتفاجأ بأن الزوجة تُعدّ له الطعام لأنها تحبه وترجو راحته وتسعى لخدمته، فليس واجباً عليها اعداد الطعام والغسل والتنظيف واعمال البيت المرهقة، بل إنه إذا ارهق الزوجة عملها المنزلي صار واجباً على الزوج احضار من يعينها (الخادمة)..أمر آخر، الكثير من الشباب يعتقد بأن على الزوجة مساعدته في رفع دخل الأسرة، فعندما تواجهه بأنك – كزوج- يجب عليك أن تنفق على زوجتك وإن كانت غنية.. وأنها إذ تساعدك في مصاريف البيت فإنها تفعل ذلك من نفسها بدون إجبار أو إكراه.

عندما تُزال الغمامة من العين لترى بوضوح الحقوق والواجبات ستتغير نظرة كل زوج تجاه زوجته، فيسود التآلف والتكافل في الأسرة.. وسينتقل ذلك إلى الأولاد ومن بعدهم على مر الأجيال، وسيتأسس جيلٌ واعٍ على أسس ثابتة لا تتزحزح.


اختلاف الأطباع-فترة الخطوبة:

في فترة الخطوبة يسعى الشاب إلى الظهور بصورة مثالية قدر الإمكان (وكذلك الشابة)، وبعد ذلك يظهر لها ما تكره.. وتُظهر له ما يكره، فلا يطيب لهم عيش بعد ذلك، إن الإنسان إذا دفعه سبب (كالخطوبة) إلى التغيير نحو الأفضل فلماذا لا يثبت على ذلك؟ هي كذلك سنة التغيير بحاجة إلى مجاهدة و مواصلة.. كما أن الزوجة خير معين ومتابع وسند للتغيير، كما أنه بتعدد الإيجابيات وكثرتها تُعمى عيون المحب عن الزلات والنقائص.. فإن ظهر منك ما تكره غفرت لك، وإن ظهر منها ما تكرهه غفرت لها.. يقول تعالى:" ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض". فالعلاقة بين البشر فيها من التدافع ما يجعلك تصل إلى أفضل إنسان على وجه البسيطة، أما ما يقوم به بعض الشباب من تمثيل أما مخطوباتهم من أجل كسب قلوبهن فلابد لوجه الحقيقة أن ينكشف، فلا تستطيع التمثيل على كل الناس في كل وقت.. ولكن للأسف فإن تلك النوعية المريضة لازالت موجودة.. والمريض يحتاج إلى علاج.

الخلاصة: الزواج مشروع حياة، فيه حسن التدبير والاختيار وحسن التصرف وحسن الخلق.. فإن لم تكن جاهزاً له فلا تقحم نفسك فيه.. فلا نريد لأرقام الطلاق أن تزيد، ولا نريد أن تتحطم حياة المزيد من الشابّات.

محمد حسن يوسف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق