الجمعة، 11 يوليو 2014

قصص الأنبياء .. المعاصرة (1)


الحمدلله المجيد ، المبدأ والمعيد .. الفعال لما يريد ، والصلاة والسلام على خير الخلق من قريب وبعيد ، اللهم اكرمني بنور الفهم .. واخرجني من ظلمات الوهم .. وسهل اخلاقي بالحلم .. وافتح علي ابواب رحمتك .. و تب علي إنك انت التواب الرحيم .

قرون طويلة من عمر البشرية ، امتلأت كفرا وطغيانا وعنادا .. اختصرها ربي على هيئة خمسة وعشرين نبيا ورسولا دون غيرهم ، وضع فيها كل القوانين البشرية المزيفة في التعامل مع هذا الكون .. قوانين ، يتكرر صداها على مختلف الأزمنة والظروف .. عجيب هذا الإنسان ، فبالرغم من تلك السنون الطويلة ، فإن التاريخ لا يكاد يعيد نفسه مرارا وتكرارا ... ليجعل الماضي البعيد معاصرا في كل الأوقات و الأزمنة .

 

نوح عليه السلام – أول رسول :

على الرغم من الأساليب الكثيرة والمتنوعة التي قام بها النبي نوح عليه السلام كي يدعو قومه .. ليلا ونهارا ، سرا وجهارا ، جماعات وأفراد .. فإن قومه ردوا عليه بقولهم ( وما نراك اتبعك إلا الذين هم اراذلنا بادي الرأي ) ، فكانت النتيجة ( وما آمن معه إلا قليل ) .. لا ينظرون إلى الفكرة كفكرة بشكل مجرد من حظوظ النفس ، بل ونالوا من اصحابها سخرية وضحكا .. غطوا منافذ عقولهم قبل أن يغطوا آذانهم ( وأني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم) .

 كم من البشر في عصرنا الحاضر من يقوم بهذا الفعل مجازا ، يغطي عقله ولا يستمع إلى الأفكار الصحيحة والسلمية .. لأن عليه غشاوة من الشهوات ، وتجده مصرا بحجج واهية متعصبة .. مدعما حججه العصبية بالسخرية كما فعل قوم نوح عندما رأوه يبني سفينة على اليابسة ( يا نوح .. صرت نجارا بعد أن كنت نبيا !!) .. فيبدأ الصراع من صراع الأفكار إلى صراع الشخصنة والسخرية .. بل أحيانا يتعدى الأمر إلى أكثر من ذلك .. والله المستعان .

هود عليه السلام – أول رسول عربي :

كان على هود عليه السلام مجابهة اصحاب الحضارة في الاحقاف باليمن .. ليس ذلك فحسب ، بل هم العمالقة الضخام .. لكنهم أصروا وتعلقوا بالماديات على حساب صحة الرأي وسلامته بقولهم ( من أشد منا قوّة) ، كذلك الإنسان في عصرنا الحاضر ، ينسب القوة المادية التي حصل عليها من غير حول منه ولا قوة .. ينسبها إليه ، سواء كانت قوة بدينة .. موهبة .. مهنة .. رزق ، وينسى أن كل شيء جاء من العدم ، وسيعود إليه .. وهذا هو قانون البقاء على الأرض ، فكل شيء جاء من العدم مآله إلى الفناء .

نعرف هذا .. ولكننا ننسى ، فإذا مدحنا أحدهم نكاد لو أننا نطير بجناحين .. ولا ننسب النعمة إلى المنعم ، فنعرضها لزوالها .. فتكون نقمة علينا بعد أن كانت نعمة .. فانظر إلى قوم هود عليه السلام بعد أن كانوا عمالقة وأصحاب حضارة كيف تحولت أجسامهم إلى ( كأنهم أعجاز نخل خاوية .. فهل ترى لهم من باقية ؟! ) .

 

صالح عليه السلام – نبي عربي :

لم ينفع رصيد نبي الله صالح عليه السلام من السمعة الحسنة قبل حصوله على شرف دعوة قومه فردوا عليه ( قد كنت فينا مرجوا قبل هذا ) ، اوضح حججهم كانت رغبتهم الجامحة في "تقليد" آبائهم حتى في الديانة دون بذل أي جهد في الوصول إلى الحقيقة ، بالرغم من المعجزة التي جاءت على حسب وصفهم ورغبتهم .

إن التقليد في الديانة لهو أمر خطير فعلا .. صحيحا أننا نحمد الله بأنه جعلنا مسلمين ، لكن .. هل فكرنا لو أننا كنّا غير ذلك ، هل بإمكاننا الوصول إلى الحقيقة بدلا من التقليد الأعمى ؟ يقول الإمام اللقاني في منظومته : " اذ كل من قلد في التوحيد .. إيمانه لم يخل من ترديد " .

عندما جلست مع ذاك الشاب الملحد .. اقتنعت أنه لا يمكن لإيماني أن يكون قويا إلا إذا وصلت إليه بحجج عقلية غير نمطية .. مبتعدا عن التقليد والسطحية .. كي لا أكون كالطبل ، صوته عال و داخله أجوف .. كي لا أكون حاملا الإسلام بالإسم فقط لا بالجوارح والفكر معا .

 

لوط عليه السلام – المعصية المزلزلة :

كرم الله الإنسان وجعله أعلى درجة من الحيوان .. لكن ، عندما يجرد الإنسان نفسه من عقله يصبح أقل درجة من الحيوان نفسه ، عندها .. فإن هذا الإنسان لا يستحق الحياة التي أعطيت له كأمانة يؤديها ، وهي مهمة الخلافة في الأرض .. عقلك رأس مالك ، لا تفقده .. ولا تعطيه غيرك ليفكر عنك .

 

شعيب عليه السلام – نبي عربي :

( ولولا رهطك لرجمناك ) .. لماذا ؟! ماذا فعل شعيب لينال كل هذا التهديد والوعيد من هؤلاء البشر المستكبرين سوى انه أمرهم بالإلتزام ببعض القيم التي ستديم حياتهم وستعود على مجتمعهم بالمنفعة ، فواجهوه بقولهم ( أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في اموالنا ما نشاء ؟!!) ..

نعم ، هنا نوع آخر من البشر .. لا يمنعك أن تقوم بأداء صلاتك وصيامك وعباداتك ، لكنه لا يريد منك أن تفرض عليه الأوامر والتكاليف والقيم .. يريد أن يفعل ما يشاء كيفما شاء .. لهذا فهم لم يؤمنوا بالله ، لا لشيء .. هم فقط يريدون الإبتعاد عن التالكيف ، يريدون العيش في الحياة وراء شهواتهم و نزواتهم .

الغريب في الأمر .. أن تجد بعض الناس يصلي و يصوم ، فإذا جاءه تشريع من ربه واضح جليّ استكبر وادبر عنه ، يأخذ من التشريعات ما يناسب فكره و هواه وحالته و زمانه .. ويرمي بعرض الحائط ما يخالفه منها ، مصالح دنيوية كلها خلف ذلك ، إذا رأيت أحدهم يجري وراء قشور التشريعات ويتناقض فيها .. فتأكد أنه يلهث وراء مصلحته الشخصية الدنيوية .

يتبع ..
محمد حسن

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق