الخميس، 5 مارس 2015

التمايز .. النزاع .. الفناء


الحمدلله الكريم العطيّ السخيّ .. والصلاة والسلام على النبي الكامل بوعوده وفيّ ، اللهم اشمل بصلاته الآل والأصحاب .. ومن تبعهم بإحسانٍ وكل وليّ ، اللهم أكرمني بنور الفهم ، وأخرجني من ظلمات الوهم ، وافتح عليّ من بركات العلم ، وحسنّ أخلاقي بالحلم .. و لهّني بعيوب نفسي عن عيوب غيري ، يا ستار العيوب .

كثيراً ما ينتشر ذلك السلوك الداعي إلى تصنيف البشر قبل أن نتعامل معهم ، لا نكاد نتقاسم همومنا مع بعضنا البعض إلا قبل ان تمر العلاقات بعملية تصنيف سريعة .. نعرف من خلالها ميول الأشخاص ، عقائدهم ، توجهاتهم .. قد يكون الامر من حيث الظاهر ليس ذا بال ولا يحمل أي إشكال .. لكن الواقع العملي يقول بأننا نصنف الناس إلى أصناف باستخدام المعايير السالفة الذكر ، ثم نتمايز على ذلك الأساس .. وهو ما يولد فيما بعد النزاع .. الذي بدوره سيتحول إلى صدام وصراع .. فإذا استمر فإن مصير الجميع سيؤول إلى الفناء .

مهما بدأت تلك الفرق وتلك التصنيفات بأهداف نبيلة .. فإن الوسائل التي تؤدي إلى تلك الأهداف ما تلبث إلا أن تحيد عن الطريق القويم ، فتجد أحدهم يتحدث عن الهدف السامي النبيل .. لكنه يكذب ، يخون العهد ، يمشي بالنميمة وينقل الإشاعات بين الناس من أجل الوصول إلى غايته .. حتماً ليس ذلك هو طريق الحق ، لأن طريق الحق لا يجبرك على الخوض في المعاصي والسلوكيات الخاطئة و الوسائل الملتوية للوصول إلى الأهداف .. إذا وجدت الإسلام يسير عكس أهوائك الشخصية و و نزواتك الحزبية و وجدت نفسك قد تعبت وارهقت .. فاعلم أنك تسير في الطريق الصحيح .

إن دخلت في انتخابات ما .. مرشحا او منتخبا .. و وجدت نفسك قد وقفت وقدمت صوتك بشكل متمايز و فئوي (هذي من جماعتنا .. من ربعنا .. من جمعيتنا )  فعليك مراجعة حساباتك .. فالأمر خطير جداً ، فقد أدخلت نفسك في نزاع لا تحمده عقباه .. في دائرة انتخابية في محافظة المحرق قام احدهم بالاتصال بأحد الناخبين وقال له : "من سترشح للمجلس " .. فقال الناخب : " فلانة " .. فقال المتصل : " اترشح وحدة ما اتصلي ؟! " .. لا شك في أن العهد مع الله أولاً هو طريق الوفاء بالعهد مع الناس ، لكن .. كيف يمكن اثبات أن المرأة لا تصلي ؟! ولا أجد الموضوع خرج بهذه الطريقة إلا لأهداف متمايزة القصد منها الوصول لأهداف معينة بأساليب ملتوية .. بهذه الطريقة أصبحت قلوبنا قاسية سوداء .

في بعض الفرق .. يقال للبنت : " ستكبرين .. وسيتزوجك أحدهم من ( الجمعية) " . سؤال يطرح نفسه : لماذا تؤسس البنت على أن الزوج من الجمعية هو الخيار الوحيد والأنسب لها ؟! هل الرجل من الجمعية من جنس البشر .. وغيره من جنس الجن او من جنس البقر !؟ .. إنه التمايز ، الذي يجعل تلك البنت تتخيل بأن الرجل ( من الجمعية ) سينقذ كيانها وحياتها .. يبقى الإختيار لها متروكاً بالطبع إن ارادت ذلك او لا .. يبقى السؤال : لماذا يتم تأسيس البنات على هذا المبدأ ؟! ماذا تريدون ؟

الفرقة الناجية .. مصطلح بسيط يحب البشر تعقيده ، يحب الناس جمع أنفسهم ومن يحبون في الجنة ، ومن يبغضون ومن هم ليسوا على اهوائهم في النار .. وكأن الجنة والنار ملك يمينهم يدخلون فيهما من يريدون .. بغير حق ولا برهان .. إذا كنت من الجماعة الفلانية .. فلك الحق في التوظيف في بعض الوزارات والهيئات ، أما إن لم تكن كذلك فلا رزق لك معهم ، وإذا دخلت معهم عنوة فإنك ستحارب !! إنه تعصب جاهلي بأسام ٍ أخرى .. نظهر أمام العيان بأننا نحب بعضنا .. لكننا في الحقيقة نحب التمايز أكثر ، نحب أحزابنا وأفكارنا أكثر ، نحب أن نكون دعاة على ابواب جهنم أكثر من كوننا دعاة على ابواب الجنة ... وإن نجوت بنفسك ولم تدخل في هذا التمايز قام الناس بتصنيفك كما يريدون، ونشر الشائعات عنك كما يشتهون ، صدق ( حمد الشمري ) عندما قال : " تره المجتمع ما يخلليك بحالك " .

محمد حسن  

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق