الخميس، 11 يونيو 2015

إلى المتذمر..تعال

الحمدلله الكريم الودود..والصلاة والسلام على من سُمّي بأحمد ومحمود..وعلى الآل والصحب الكرام ومن سار على نهجهم بالخير يجود..اللهم أخرجني من ظلمات الوهم ، وأكرمني بنور الفهم ، وحسن أخلاقي بالحلم ، و زدني من بركات العلم ، واجعل مستقرّنا في جناتك دار الخلود.

اعيش في هذه الأيام في دائرة العمل والدراسة اجواءً مفعمة بالتذمر .. مما يدفعني للكتابة عن هذا السلوك وأحلله تحليلاً بسيطا ، فيمَ يفكر المتذمر ؟ ماذا يريد ؟ ما هي ردة الفعل التي يتوقعها إزاء تذمره..وماذا يجب عليه هو أن يقوم به ؟  لنتكلم أولاً عن التذمر بشيء من التفصيل .. فليس ذلك المتذمر الذي اعنيه هو الذي يقوم بوصف أحوالٍ سيئة يعيشها ، بل هو الشخص الذي يريد أن يرى السييء من الأمور في كل شيء حوله ... ليرضي بذلك نفسه الخداعة .

إن المتذمر يغفل عن أول حرب يجب على الإنسان أن يخوضها في هذه الدنيا .. وهي حربه على ملذات ذاته ، في التذمر الإعلان عن عدة أمور .. أولها هو عدم الرغبة في خوض ذلك التحدي مع الذات ، وثانيها هو الإقتناع بأن منطقة الراحة التي يعيشها لا تستحمل أن تكون فيها بعض التحديات والمعكرات .. فبإمكانه التذمر والتشكي من الأوضاع ، وليس بإمكانه تغييرها .. لأنه أراد ممارسة هذا الدور فقط في الحياة .

تحول هذا السلوك مع مرور الزمن إلى مرض ، فلا يمكننا اقناع البعض بتقبل الوسط الذي يعيشون فيه ، ولا محاولة التغيير لما يدور حولهم .. فلا الظروف تتغير ، ولا شيء يتغير ، والمتذمر على حاله ، يشتكي لمجرد الشكوى بغير هدف واضح، ولا شيء يرضيه .. ينسى المتذمر بأن تحقيق المطالب الدنيوية يأتي بالتغلب على الذات (وما نيل المطالب بالتمني، ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا) ، ألا ينظر هذا المتذمر إلى من يحققون النجاحات في الدنيا .. عن ماذا يتخلون ، وبماذا يضحون ؟ إنهم يضعون جهدهم ، وقتهم ، أجسادهم وتفكيرهم ، وكل ما يملكون على المحك .. يضعون ذواتهم رهن التحدي ، أما أنت عزيزي المتذمر .. فأنت زائد ، لأنك ( إن لم تزِد شيئاً في الدنيا فاعلم أنك زائد عليها) .

ولنا في السابقين أسوةٌ حسنة.. فعن كعب بن ربيعة الأسلمي عندما قال للنبي صلى الله عليه وسلم : " إني أسألك مرافقتك في الجنة " . فكان الجواب النبوي : " فأعنّي على نفسك بكثرة السجود" . إن كانت أهدافك عالية رفيعة .. فعلى مجهوداتك أن تسير وفقاً للأهداف التي وضعتها ، وليس دون ذلك .. طالباً من الله أن يزيد عملك بركة ً وأثراً ، فيعطيك الله سبحانه فوق ما تتصوره .

أما إذا أردت عن تعيش زائداً في الحياة ، تحب أن تكون كالهامش المهمَل في كتاب .. فلا تؤذي الشباب الطموح بأفكارك المعدية وبتذمرك الفارغ ، وبغيرتك من الناجحين والاستنقاص من المكافحين، كم من الشباب من استطاع صناعة الظروف المناسبة .. وركّز واستغل فرصته وذلك لحسن استعداده ، أما أنت عزيزي المتذمر فستبقى في نفس المكان ، زائد .

محمد حسن 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق