الأحد، 7 يونيو 2015

الشباب بين انفلات العقل وحدود الشريعة

الحمدلله ربنا المنعم ، والصلاة والسلام على النبي الخاتم ، وعلى الآل والأصحاب أهل الملاحم، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم .. وأكرمني بنور الفهم .. وحسن أخلاقي بالحلم .. وزدني من بركات العلم .. وافتح علي ابواب الوصول إلى رحماتك .

يجري الشاب في كومة من الأفكار التي تسود عقله، مطالباً نفسه بإيجاد اجوبة سريعة لتساؤلاته، فينطلق بحثاً عنها في الكتب، أو من الرجال من حوله ممن يثق في آرائهم وتصورتهم .. تساؤلات تخص اعتقاده، من أين أتى؟ من أوجدني؟ إلى أين المصير؟ فيقع في انفلات العقل الذي يورد الأفكار دون ضابط .. فيقع الشاب في عدة محظورات . فما هو السبب في ذلك ؟ هل هو الشاب نفسه؟ ام الخطاب الديني السطحي ؟

كان المسلمون في بداية نشأة الكيان الإسلامي مطمئنّين نحو دينهم .. ولا يسألون عن نظريات فلسفية في الاعتقاد حتى خرج عليهم المعتزلة ، ومن هنا ظهرت ضرورة وضع نظريات توضح العقيدة الإسلامية وتجيب ولو بشكل فلسفي عن اسئلة الشباب المحيرة ، تلك الأسئلة التي لا تجيب عنها النصوص الدينية بشكل صريح .. ولا يوجد عالم يفهم نفسيات الشباب وما يفكرون فيه ليستطيع أن يوصل لهم المعلومة الصحيحة.

إن خطورة هذا الموضوع تكمن في ظهور مراهقة العصر ( الإلحاد ) بين الشباب من ناحية ، ومن ناحية أخرى عدم اقتناع الشاب المسلم بما يقوم به من عبادات بسبب تلك الفجوة بين رسل الشريعة في زمننا الحاضر وبين الشاب ، وليكن كلامنا مرتبطاً بالأمثلة لا الحصر لنستطيع رسم الطريق على ارض الواقع .. عندما يقول شيخ دين أو طالب علم متدين : " إن الله ينزل في الثلث الأخير من الليل إلى السماء الدنيا بذاته " . تُطرح اسئلة كثيرة في ذهن الشاب وهي .. إذا كان الله عز وجل ينزل من السماء بذاته .. فأيُ ثلث من الليل يقصد ، الثلث الأخير في البحرين..أم الهند..ام امريكا..ام اليابان ؟ هل هذا يعني أن الله عز وجل موجود طوال اليوم في السماء الدنيا ؟ فإذا كان الجواب ب "نعم" فمن الذي يجلس على العرش ؟ وهل يصبح العرش خالياً في هذه الحالة ؟ هل سيكون الجواب القائل:"اتق الله ولا تلقي الشبه" جواباً كافياً.

هل رأيتم سلسلة الأسئلة إلى أين ذهبت .. ؟ وهل نستطيع أن نقدر إلى أين ستذهب تلك الأسئلة و تودي بصاحبها ربما إلى الكفر والإلحاد، أو ربما كان التجنب عن الإلتزام بالتكاليف الشرعية في حالة عدم الإجابة عن تلك الأسئلة والتصدي لها بشكل فلسفي نظري مناسب لعقل الشاب .
ان انفلات العقل بدون ضابط سيؤدي إلى نتائج غير محمودة .. انتهى ذلك الزمن الذي يمنع الشاب من ان يفكر في اعتقاده وما يؤمن به ، حتى وإن سخر له القدر أن يولد بين ابوين مسلمين ، أصبحنا كالمسؤول الذي ينظف مكان إدارته ويرتبه إذا حان وقت زيارة مسؤول أكبر بهدف إخفاء العيوب ، فهل أصبح الخطاب الديني يحظر على الشاب الخوض في قضايا عقدية وعدم السماح له بالسؤال في ذلك ؟ اصبح الخطاب الديني لا يغطي بنوره بعض الزوايا المظلمة بفعل منع الشباب من طرح التساؤلات ، فما الحل؟ فيجد الشاب نفسه في مواجهة طريق قصير .. وهو عدم الإيمان بذلك الخطاب المتناقض للأحكام العقلية، بل وحتى عدم الإيمان بأن الخطاب الديني باستطاعته الإجابة عن كل ما سبق.

أما من ناحية حدود الشرعية الخاصة بالعبادات .. فالعامة من الناس وخاصة من الشباب بعيدون كل البعد عن معرفة الأحكام الفقهية بشكل عام ، فإذا صدمنا الواقع بحكم شرعي يخالف ما اعتدنا عليه نرفضه.. ونخرج لأنفسنا المبررات التي ترضي أهواءنا لنفعل ما نريد ، ليس ذلك فحسب ، بل نتعامل مع الإسلام كونه مجموعة من الأحكام التي نستطيع تفصيلها لتصبح على مقاس هوانا .. وكأن الأحكام الفقهية موجودة لتكون كما نشاء ، وهذا أول ما يجب أن يفهمه الشاب إذا تم تثبيت اعتقاده .. ما دمت قد آمنت بوجود الله، وتبين لك الحكم ثبوتاً و دلالة ، فالتزم ولا تحاول التلفيق واستخراج حكم شرعي يخولك لتفعل ما تريد وتخدع به ضميرك وتشبع به غريزة هواك .. نعم، نحتاج إلى الإيمانيات لترطيب قلوبنا و لزيادة ارتباطنا بديننا ، لكن بدون اعطاء قدسية للنصوص والتشديد على أن احكام الإسلام ليست قابلة للتلفيق والترجيح من قبل العامة كلٌ على مزاجه .. فذلك سيعطينا القوة وفق ثبات العقل على الاعتقاد دون تردد.

#ناقش #رأي #تعليق .. احتاج لذلك

محمد حسن يوسف 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق