السبت، 7 نوفمبر 2015

إنما الدنيا كفاح

الحمدلله الخالق الجبار، والصلاة والسلام على سيِّد المصطفين الأخيار... وعلى الآل والأصحاب، ومن على نهجهم إلى الجنان أكمل المسار، اللهم أخرجني من ظلمات الوهم.. وأكرمني بنور الفهم.. وحسِّن أخلاقي بالحلم.. وزدني من بركات العلم.. واحشرني مع عبادك الأبرار.

المتفحِّص في أوقات هذا الجيل من الشباب قد يصل إلى نتيجة ذات منظور صحيح.. وهي أن معظم الشباب "يدَّعي" الإرهاق والتعب، في حقيقة الأمر فإن الواقع لا يترجم ذلك.. فنحن نستهلك كثيراً من مخيلتنا في الأحلام الكبيرة، لكننا لا نقوم بشيء مختلف.. لا نقوم بأفعال كبيرة تؤتي ثمارها في نهاية الطريق توزاي في مستواها تلك الأحلام، فنقع في السلسلة المظلمة (تسويف، تأجيل، تكاسل، استحالة وقوع الأحلام).

" كيف تخترق لك العوائد وأنت لم تخرق من نفسك العوائد"... كيف تطلب من الزمن أن يحقق لك أحلاماً تستوجب منك أفعالاً مختلفة، لكنك لم تشأ الا البقاء في "المنطقة المريحة"، تسير في روتين جامد وتتوقع أن يحقق لك نتائج مبهرة، كثيراً ما نفكر بخلق معطيات جديدة ونجعل ذلك شرطاً لبداية السعي نحو أحلامنا.. ولكننا لا نريد أن نستغل مواردنا وإمكانياتنا، قد لا نسعى إلى معرفتها أصلاً.. ولكننا "نخدع الضمير" بأن الظروف حولنا ليست مهيئة.. وننسى أن كل مافي الأمر أن نفكر نحن بطريقة مختلفة.. باستخدام نفس المعطيات ربما، فكِّر.

" وصحبة استاذ و طول زمان".. من الشروط التي وضعها الإمام الشافعي رحمه الله في كيفية طلب العلم بطريقة صحيحة، قد لا تتهيأ الفرصة لجميع الشباب أن يكونوا بصحبة اساتذة... لكن العيب كل العيب أن يخلق الشاب حوله بيئة تصفق له وتطبل وتبارك له أفعاله.. هنا يأتي دور الأستاذ في التوجيه والنص والإنتقاد انتقاداً موضوعياً، فإن لم يكن فصديقٌ مخلصٌ يوجه للخير... ابحث واسأل عن المتخصصين واطلب النصح والعون والتقييم.. ولا تعتمد على ذاتك في كل شي، فالمرأ " قليل بنفسه كثيرٌ بإخوانه".

" و طول زمان".. وما أدراك ما طول الزمان، إن ابرز ملامح المشاريع العظيمة هي أنها "تأخذ وقتاً" لتتحقق.. لتنضج، في هذا الوقت يسطر المرأ خلاله التضحيات تلو التضحيات على حساب نفسه وأهله.. تمر على "الفتى" فترات طويلة، لا ينام الا بعد منتصف الليل.. ويبدأ اليوم باكراً حتى تقول له والدته معاتبةً: "عطنا من وقتك خمس دقايق". يعتقد "الفتى" بأن العيش على هذا الرتم يجلب السعادة، ناهيك عن فترة الصيف التي تتحول فيها سيارة "الفتى" إلى خزانة للملابس.. ويتحول البيت فيها إلى مكان للنوم فقط (فندق).... ابحث عن كتاب "صبر العلماء" للشيخ عبدالفتاح بوغدة رحمه الله لكي ترى بأم عينك كيف صبر العظماء ليكونوا كذلك... وتستصغر انجازاتك (الكبيرة) في عينيك. 

لا تسعى إلى أن يلتفت البشر إلى حالك.. هلّا عملت بصمت؟! مالنا وقد احببنا أن نشارك البشر في كل شيء وفي كل إنجاز .. ؟! وكأننا صنعنا "قنبلةً ذريةً" بإنجاز ربما يكون بسيطاً ؟! حافظ على هدوئك.. وامضِ في طريقك، في هذا الزمن لم يعد الإعتداد بإنجاز واحد "غير فريد" من نوعه أمراً إيجابياً.. بل الدور هنا على الشباب تعزيز الإنجاز بآخر اكثر عمقاً وتأثيرا، ولكن الشاب لا يلتفت لذلك لرغبته الجامحة في الانتشار والتسويق للذات على حساب الإنجاز نفسه، "اصمت..ودَع انجازك يتكلم، فقد مللنا كلام الأشخاص".  


 محمد حسن يوسف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق