الاثنين، 24 أغسطس 2015

ولا يزالون مختلفين (2)

الحمدلله هو أهل الحمد والشكر ، والصلاة والسلام على النبي الخاتم كثير الذِكر .. وعلى الآل والأصحاب ، ومن تبعهم إلى طريق الجنان عند المليك المُتقدر .. اللهم أخرجني من ظلمات الوهم ، وأكرمني بنور الفهم ، وحسِّن أخلاقي بالحلم .. وسدد وبارك في افعالي واقوالي.

من الاختلاف ما يؤدي إلى الشقاق والفرقة كما أنه يؤدي إلى حالة من التناغم والإنسجام إذا ما وُجد التفاهم و وُجدت الوحدة، تكون الوحدة بالإلتفاف حول الشعارات العامة لتعمير الأرض والحق والعدل والعيش بسلام لجميع أفراد و طوائف المجتمع .. لكننا لا نعيش في عالم مثالي بشكل او بآخر، فأسأل نفسي: هل نعيش في عصر التمثيليات القومية المذهبية؟! ام أننا لا نريد اقتحام زوايا مظلمة و مواضيع محرمةً الخوض في تفاصيلها؟! فصرنا نناقش مسألة الاختلاف بين المذاهب والعقائد بشكل سطحي .. فندعو ل "صلاة موحدة" وكأن المشكلة في الصلاة وفيها يكمن الحل.

للنناقش بعض ابعاد المشكلة بشكل اعمق بقليل مما يمارسه السطحيون في بلادي، فهيا بنا لِنمر على شركة الإتصالات الكبيرة في البحرين فتصلنا معلومة مفادها "بأن 100% من موظفيها من "طائفة واحدة" في فترة التسعينات"، تعالوا إلى بعض وزارات الدولة التي صارت تعرف بوجود تيارات معينة بفضل وجود مسؤولين طائفيين متحيّزين، عندما كنت طالباً في جامعة البحرين سمعت أحد النشطاء الطلابيين يقول:" انا إذا اجوف اسم (مب عدل) بيدش الجمعية –الطلابية- ما اقبل". لنعترف أن هناك عقليات متفشية في مجتمعنا بهذه النوعية "الجاهلية" .

اعترافنا بوجود الاختلاف سبيلنا لحل الموضوع، لنعترف بأن مذاهبنا وإن اشتركت في خطوط عريضة إلّا أنها تسير في خطوط متوازية لا تلتقي مع امتدادها، مجرد وجود الاختلاف ليس جريمة تعاقَب عليها البشرية جمعاء، لن يكون بإمكانك أن تجعل الناس قائمين على مذهب واحد .. كل ما عليك أن تُقرَّ بوجود كل المذاهب والثقافات، وان تتعامل معها بعيداً عن الحقد والحسد والبغض .. بل وحتى بدون حساسية زائدة، بل باحترام وتآخٍ وحفظ لكل ذي حقٍ حقه. 

إن الإنسجام والتناغم يحدث بين الطوائف على اسس من توحد الاحتياجات، فالكل يرغب في تحصيل العلم .. وإيجاد الوظيفة وسبيل العيش .. والتأثير في المجتمع ببصمة إيجابية في كل الميادين، والحق في ذلك للجميع .. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، فالله سبحانه لا يحابي الكسالى .. المتذمرين .. الجُهّال .. المتقاعسين، ويكافئ المجتهدين المثابرين على ما يبذلونه، هذا هو ميدان التفاضل، امّا بالتحيز الأعمى -"خل ربعنا يستفيدون"- وبقاء هاجس من الخوف في التعامل مع اشخاص من طوائف اخرى والتصرف في المناصب والمراكز القيادية مهما كان مستواها وكأنها حِكر على طائفتي فلن نبني بذلك أي وطن ... بل وكأننا نسير في طريق "الجاهلية الحديثة" ، ولن تنفعنا لا "صلاة موحدة" ولا غيرها من "التمثيليات" التي يعرف الناس بأنها ليست طريق الوحدة الحقيقية .. الوحدة تطبيق عملي في واقع الحياة قبل كل شيء.  

محمد حسن يوسف


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق