الجمعة، 17 يناير 2014

الشيخ محمد عبدالوهاب المحمود ( الخوف من الله ، جامع الزامل)


الحمدلله الذي خلق فسوى .. وقدر فهدى .. سبحانه وتعالى،اعد جنات الخلد لمن آمن واتقى ..واعد النار للعاصين تتلظى ..(واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى) ، واشهد ان اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان سيدنا محمدا عبد الله ورسوله...اللهم صل وسلم وزد وسلم وزد وبارك عليه وعلى الانبياء .. وعلى الآل والتابعين ومن تبعهم باحسان الى  يوم الدين ، اما بعد فيا عباد الله .. (يا ايها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ، ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ان وعد الله حق..فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ) .. اللهم ارحمنا يوم الوعيد ،واجعلنا من المتقين في ذلك اليوم يارب العبيد ..

امة الاسلام ..الدنيا فتانة ،والشيطان خداع وغرور ..والنفس تشتهي،واهل السوء يزينون الحرام ..وكلهم اجتمعوا عليك ايها الضعيف .. الدنيا،والنفس التي بين جنبيك والشيطان الذي يجري في دمائك كمجرى الدم في العروق ،واهل السوء .. من قريب ومن بعيد،كلهم اجتمعوا عليك ليفتنوك ويضلوك .. ويدخلوك جهنم ، ثم يلعنوك .. فكيف النجاة من شرهم و غوايتهم ؟! ان هذه فتن خلقها الله تعالى وسمح بها..امتحانا للعباد ، فلولا حكمته سبحانه وتعالى و امره ما خلق الشيطان اصلا ... لكن شاءت حكمته ان يخلق الشيطان والنفس القابلة للفتنة .. واهل سوء يتحركون من انس وجان ، فتن خلقها الله امتحانا لنا ... وامرنا الله بالجهاد والمجاهدة ( وجاهدوا في الله حق جهاده ) ، فمن اجل الله سبحانه وتعالى نبذل كل جهد ليرضى عنا سبحانه وتعالى بعد ذلك (ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ، وان اعظم ما يدفع عنك ويدفعك انت عن المعاصي والآثام الخوف من الله سبحانه وتعالى .. هو صمام الامان..هو النجاة ..هو الذي يبعدك عن الحرام والمعاصي ، ما عصى من عصى الا لقلة الخوف من الله .. ما ترك الطاعة من ترك الا لقلة الخوف من الله .. فالخوف من الله حياة القلوب، فأي قلب غادره الخوف من الله الا خرب !! ( وضل سعيهم في الحياة الدنيا) .. لا يكون الخوف من الله سبحانه وتعالى الا بالايمان والمعرفة ، اتعرف من الله ؟! اتعرف ما صفاته ؟ اتعرف اذا غضب ماذا يكون ؟! المعرفة بالله سبحانه وبصفاته ..هي التي تنمي عندك شجرة الخوف من الله عز وجل..فتعرف انه العزيز ، القهار ، الجبار، المنتقم ، ذو البطش الشديد .. وتعرف انه هذه الدنيا بما فيها من اعاصير وبراكين و زلازل ... وفيضانات انما هذا شيء من غضبه ،والآخرة..وعذاب القبر ، واهوال الحشر .. والنار ومافيها  ،كل ذلك من غضبه ..نعم، فالله سبحانه وتعالى يحذر عباده منه جل جلاله ... اسمعوا الآيات ،والقوا لها السمع وافتحوا لها القلوب .. يقول سبحانه : ( واعلموا ان الله يعلم مافي انفسكم فاحذروه ) .. اياك ان تبيت في نفسك السوء وتصر على النيات الآثمة ، ويقول في سورة آل عمران في آيتين : ( ويحذركم الله نفسه .. والى الله المصير ) .. آية والله تكفي لمن القى لها القلب .. (ويحذركم الله نفسه والى الله المصير ) ، وين بتروح؟! .. اين ستذهب ؟! الى الله المصير ، فلذلك يقول الرسول عليه الصلاة  والسلام في حديث رهيب : ما منكم من احد الا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر ايمن منه فلا يرى الا ما قدم .. وينظر اشمل منه فلا يرى الا ما قدم ..وينظر بين يديه فلا يرى الا النار ، فاتقوا النار ولو بشق تمرة . هذا الموقف الرهيب (ويحذركم الله نفسه والى الله المصير) ... وبعدها  : ( ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد ) اي من رأفته بالعباد حذركم ،وايضا يحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد حتى لا يصل الانسان الى القنوط .. ويلطف الله عليه الله ايضا رؤوف بالعباد ، ويقول سبحانه : ( و اياي فارهبون) .. تحذيرات عظيمة ، الله العزيز ذو البطش المنتقم الجبار .. مالك الملك،الذي اذا غضب لا يقوم لغضبه شيء، ان الخوف من الله تعالى امان من عقابه وعصمة من عقابه ، فمن خاف الله تعالى سلم .. اما سمعتم الله يقول:( انا نخاف من ربنا يوم عبوسا قمطريرا) .. هذا كان حال المؤمنين ، فماذا كانت النتيجة ؟! ماذا كانت نتيجة خوفهم الحقيقي في الدنيا  ؟! ( فوقاهم الله شر ذلك اليوم ، ولقاهم نضرة وسرورا ، وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) .. ما شاء الله ، لا اجمع على عبدي خوفين ولا امنين ، ان امنني في الدنيا اخفته في الآخرة .. وان خافني في الدنيا امنته في الآخرة (حديث قدسي) .. فلذلك خافوا من الله فتركوا المعاصي ، تركوا الشرك..تركوا السحر ..تركوا القتل ..تركوا الربا .. تركوا الزنا .. ان الزناة لتشتعل وجوههم نارا يوم القيامة .. تركوا الخمر،فشارب الخمر ملعون..ولن يشربها في الجنة اذا ما تاب ، تركوا العقوق .. تركوا المعاصي خوفا من الله سبحانه وتعالى ،( يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء،لمن الملك اليوم .. لله الواحد القهار ) .. ينفعك جاهك؟! .. ينفعك مالك ؟ّ! .. ينفعك اصحابك ؟! كلن يقول : نفسي نفسي .. انت وعملك يابن آدم ، نفعتك شهواتك ؟! .. اين الشهوات ، لحظة وتذهب ويبقى عارها وذلها .. يقول سبحانه عن اهل الجنة : ( قالوا انا كنا في اهلنا مشفقين ، فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم) .. الله اكبر ، اهل الجنة يقولون كنا في الدنيا نخاف .. انخاف انقول هالكلمة ، نأكل هالدرهم ، نخاف نفعل هذا الفعل .. لأنه يغضب الله  ..  ويمكن ناس اتقول لك: سو ما عليه ، ان الله غفور رحيم ..( يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريم ) .. في ناس يغرونك بالله ،  يقول لك ان الله غفور رحيم ..سو و افعل ، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول لعائشة رضي الله عنها : يا عائشة ..اياكي ومحقرات الذنوب ، فان لها من الله طالبا. ان محقرات الذنوب تجتمع عليك يا عبد الله فتهلكك .. لا تستهين ،بعض الناس يهونون المعاصي ... هؤلاء صحبتهم سم ، قد تصاحب الانسان يقول لك: معليه سو .. شدعوة الله بيعذبك على هالشيء ،ان الله غفور رحيم !! ويسهل ويفتح لك ابواب الحرام .. احذر منه فانه اشد من السم  ، انما عليك بالصادقين الذين يحذرونك ويخوفونك وينبهونك .. حتى تنال الامن يوم القيامة ، (ان الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة واجر كبير ) ...تنتظرك ايها الخائف من الله مغفرة واجر كبير ، فلذلك عينان لا تمسهما النار ... عين بكت من خشية الله ، اسأل نفسك .. يا عبد الله ، يا اخي ..واسأل نفسي قبلكم ،متى بكيتم من خشية الله؟! رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ..في اي ليلة؟! في اي نهار؟! في اي موقف .. ذكرت الله مخلصا،خائفا،او محبا مشتاقا فبكت عيناك؟! ابشر فانك في ظل عرش الرحمن .. ان النار تقول يا مؤمن جز – مر بسرعة – فان نورك اطفأ ناري .. من نور المؤمن ،الله اكبر .. اللهم اجعلنا من المشرقين .. الخاضعين لجلالك يارب العالمين .. توبوا الى الله واستغفروه ، فانه غفور رحيم ويا فوز المستغفرين ..

 

الخطبة الثانية :

الحمدلله حمدا عظيما .. والشكر له شكرا كثيرا ، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له .. واشهد ان نبينا محمدا عبدالله ورسوله ، ارسله الله للعالمين بشيرا ونذيرا .. اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله واصحابه واتباعه الى يوم الدين..وسلام الله على المرسلين ، امة الاسلام ، اذا كننا نشتكي من الذنوب والمعاصي ..ونقول مالذي يردع انفسنا عنها ..فان المعاصي لذيذة ، وتشتهيها النفس لأنها ذلة عاجلة ومغرية ، والدنيا حلوة خضرة ... مالذي يردعك ؟ الخوف من الله ، فأحيي الخوف في قلبك .. وازرعه في قلوب عيالك واهلك ..وذكر به اخوانك ،ذكرهم بلقاء الله ..ذكرهم بما اعد الله للخائفين ، (ولمن خاف مقام ربه جنتان ) .. ( واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المئوى ) .. وعد الله لا يتخلف ، يقال له : ادخل يا ولي الله ... الجنة وهالجنة لك ..لماذا؟ لأنك خفت الله ولم تأكل حراما ، اذا  دعتك امرأة ذات منصب وجمال فقل اني اخاف الله .. لأنك خفت الله وما تركت الصلاة ، خفت الله وزكيت اديت الذي عليك ... فالخوف من الله نجاة ، والخوف من الله يعينك على الصراط المستقيم ، يقول عليه الصلاة والسلام : من خاف ادلج ،ومن ادلج بلغ المنزل .. الا ان سلعة الله غالية ، الا ان سلعة الله هي الجنة . وفي آية في سورة الرحمن هذه السورة عروس القرآن ، هذه الآية هزت قلوب المؤمنين .. وهي قول الله :_سنفرغ لكم ايها الثقلان)  وجدوا فيها خوفا عظيما .. وتهديدا بليغا ، سنفرغ لكما ايها الثقلان ايها الانس والجن ..سنفرغ لحسابكم ، الله اكبر .. يا قوم ، اين خوف الله من قلوبنا ، اين خوف الله في قلوبنا ، يوم يتلون لنا الحرام والمعاصي فيزجرنا الخوف ، يوم ان تثقل علينا الطاعات والصلوات والعبادات  .. فيأتي الخوف ليدفعك لتفعلها ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما امره الله ،يعلم الله نبيه ان يقول : (قل اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم ) .. (من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه ، وذلك الفوز المبين ) .. يرضىى الله عن ام المؤمنين عائشة تقول:تفقدت رسول الله ليلة ، تقول..اين رسول الله  .. (ظلام،ماعندهم مصابيح ولا شيء) .. فأخذت اتلمس اين رسول الله ؟! فوقعت يدي على بطن رجله وهو ساجد ، واسمعه يقول في دعائه .. ( يناجي ربه في هالسجود) : اعوذ برضاك من سخطك .. وبمعافاتك من عقوبتك.. واعوذ بك منك،لا احصي ثناءا عليك انت كما اثنيت على نفسك .هكذا يناجي ربه ... الذي يقول:انا اخشاكم لله واتقاكم له ، ما ارق قلبه صلى الله عليه وسلم لأنه اعرف الناس بالله .. انما يخشى الله من عباده العلماء، فالعلماء اشد الناس خشية .. اذا رأيتم رجلا لا يخشى الله فهو جاهل لا يعرف ، لا يعرف العزيز .. المنتقم،الجبار،فلذلك يفعل ما يفعل .. اما اذا تعرف على الله ، يخاف .. يخاف من الله سبحانه وتعالى فلا ستسهل الذنوب ..وان وقع فانه عجل واستعجل بالتوبة،وبادر الى الانابة..يخاف المؤمن،من الذنوب والمعاصي .. يخاف المؤمن من موقفه بين يدي الله يوم القيامة ، اذا سأله ..وكل واحد سيسأله الله ، يخاف المؤمن من مروره على الصراط ، من ينجو ومن يسقط؟! يخاف لا المؤمن يوم تطير الكتب .. فمن يأخذ باليمين ومن يأخذ بالشمال .. يخاف المؤمن ،ان لا تقبل اعماله .. لأنه قد راءا فيها .. او داخله العجب ، يخاف المؤمن من محقرات الذنوب ،ان تجتمع عليه وتهلكه ... يخاف المؤمن من ان يزيغ قلبه ، من يملك قلبه يا اخوان ؟! يخاف المؤمن من سوء الختام .. هل عندك شهادة من الله ان تموت على لا اله الا الله ... كم من اناس ضلوا في آخر اللحظات ، يخاف المؤمن سوء الختام .. يخاف المؤمن اشياء كثيرة ..واذا خاف الله جمع كل هذا الخوف وامنه الله مما يخاف .. اللهم انا نسألك الامان يوم القيامة..وان ترزقنا الخوف منك في الدنيا .. خوفا لا يقنطنا ..وارزقنا رجاءا عظيما يا رب العالمين ، اللهم انا نسألك قلوبا يقظة .. محبة مشفقة ..خاشعة منيبة اليك يارب العالمين..اللهم ابعد عنا الحرام والآثام ..والمعاصي والعصيان ، اللهم انا نسألك رضاك والجنة .. ونعوذ من غضبك وسخطك والنار..اللهم انصر امة الاسلام وارفع رايتها .. واكشف كروب المسلمين ،واعز اخواننا المؤمنين في كل مكان .. وارفع راية المجاهدين .. اللهم اجعل هذا البلد سخاءا رخاءا وسائر بلاد المسلمين .. اللهم اصلحنا وعيالنا .. واصلح شباب المسلمين واهدهم ، اللهم ابعدهم عن الحرام والمعاصي .. اللهم ارزق عيالنا الصلاح والنجاح .. نجحهم في الدنيا بطاعتك ودراستهم ..ونجحهم في الآخرة في النجاة من النار ، يارب العالمين .. تكملة الدعاء ..  

قال تعالى : ( والعصر ان الانسان لفي خسر .. الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) ..

 

الشيخ محمد عبدالوهاب المحمود

خطبة الجمعة ، تاريخ 17 يناير 2014

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق